اللعنة المشتهاة: المحب أعمى متابعة
كدت أرصد التاريخ في مسودتي للعام 2004... أريد العودة للوراء فالآن يشقيني. أي شيطان يلقي بالكلمات إليك؟
نافذة كلماتك يا أخي وتصيب في مقتل، ترفع حرارتي حتى تبدو كل الأشياء معها باردة، وتنبش هناك قريباً من السطح فتخرج ما لا أفلح في إحكام دفنه.
إن الحمّى للطبيب رقم يسجله مقياس الحرارة، لا يدري معناه سوى المحموم، وأنا والعصفورة أدرى من "الأحمدين" بفتكها فينا. ليس إلا سكرات الموت تعدل ألم المرأة تحت أي رجل عدا من تحب، تختنق كمن غلبه الماء لخيال التجربة فما بالك لخوضها. والألم يخيف المرأة، والخوف يطردها في إثر من تحب... ماذا لو ضاعت الطريق إليه؟ ألم مضاعف، حيرة، وروح مقهورة... أي خليط رهيب هذا الذي يسكنها نفسها، وأي ثقل عظيم يرتاح ببلاده على صدرها الفارغ!!
في حضرته يبدو العالم مكاناً أليفاً، والواقع أقل قسوة، وأنا آمنة، تغمرني الراحة فترتخي أعضائي وتلين حواسي وأحس أني أخصب النساء على الأرض. لا تنكر عليها إلحاحها في الاقتراب أكثر، في رغبتها العصبية في التأكد من أنه اقتراب لا تنائي بعده وأنه اتحاد تحرسه عين الله وتباركه مشيئته.
تكره المرأة كونها متاحة للجميع وقبلة للطلاب، بقدر ما تطمئن لاختصاصه بها وتقدّس احتماءها به. لا أنوي النصيحة ولا تلبسني مسوح الحكمة الليلة، لا أشجع رأياً ولا أثبط همّة، لا أدرس مشكلة ولا أناقش حلاً، غير أن المرأة داخلي تستأذن الحديث لتضيء زاوية صغيرة وبائسة في مستودع مشاعرها، علّ الرجل يجد لتفسير انفعالات النساء سبيلاً، ويقترب من كنه العاطفة في نفوسهنّ، ويدرك دوافعهن في الحب والكراهية والانجذاب والنفور.
أدري يا سيدي عندما هربت الألوان ونفدت الروائح وزالت النكهات ساعة قرر الذهاب، أقول أدري أنّ في صدره قلباً صالحاً وأن روحه لا تصنع إلا النوايا الحسنة، وأني وقتئذ وحدي هناك لا تنازعني على فؤاده إلا نفسي.
إلا أنني امرأة، وتغلبني وساوس الخذلان ويسيطر الأسى واليأس عليّ فأغص بالسؤال: أحقاً كانت موانع قاطعة تلك التي فتقت رتق إتلافنا؟؟!! أم الرجال أوهن صبراً أو هي جَلداً منّا معشر النساء؟! الأموات لا يعودون! بلى والله يفعلون ومعهم كل التفاصيل... أغنانا المولى وإياكم بفضله عمن سواه، وجعل حبه وحب من ينفعنا عنده تعالى حبه ملأ قلوبنا وشفاء صدورنا.
22/4/2005
رد المستشار
لولا إلحاح أخي وائل لما كتبت تعليق على هذه القطعة المستلة من قلب عزيز علينا جميعا.
ماذا أكتب عن كل هذا التركيب واللوعة والغموض والزخم الذي يزيده الرمز والرمزية، وهما لون كتابة هذه الرسالة؟!!
هل توجد مشاعر تسمى مشاعر أنثوية هكذا بالجملة؟!، هل كل النساء يشتركن في خصال فعلا؟!!
ما هي تفاصيل مسار الحب وسط ما نعيشه من ضغوط وتحفظات ومناخ معاد للعقل والنضج والصدق؟!
هل جمع المعارك كلها في سلة واحدة كما يفعل "الكناني" في غربته المزدوجة هو الأصوب؟!
أم أن فصل المعارك ممكن، والتحايل على خيبات الأمل هو الحل الوحيد للمزيد من المواصلة؟!
إذا كان الفشل شيئا إنسانيا لا نحترمه ولا نستفيد منه، فهل قدرتنا على تهميشه، والاستكمال بناءا على دروسه، والقدرة على إحداث بدايات جديدة ممكن؟!
هل يمكن تقرير قاعدة ومنهاج من طريقة "إبراهيم" في بحثه الذي يثبتها القرآن، وهو يستقر على شيء ثم يعود ويعدل عنه: (فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لا أُحِبُّ الْآفِلِينَ* فَلَمَّا رَأى الْقَمَرَ بَازِغاً قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ* فَلَمَّا رَأى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) صدق الله العظيم (الأنعام:76-78).
هل التماس العذر لمن يخيب الظن فيه أو يهبط بنفسه من حيث وضعناه ليسير ببين الناس يأكل الطعام ويمشي في الأسواق، ونرى عجزه وعوراته، هل التماس العذر يريحنا؟!
وهل مطالعة ضعفه تعلمنا؟! وهل نحن مستعدون في اللحظة المناسبة أن نلف ونعود من حيث أتينا، ونقول ببساطة أخطأنا الطريق، أو أخطأنا الاختيار إذا كان الخطأ جزء من التجربة الإنسانية فهل نمتلك من المرونة النفسية ما يجعلنا نتعافى سريعا سريعا، ونكمل الطريق؟! وننفع أنفسنا والناس، ونستمتع ببقية الحياة، وخلق الله؟!
أين نقف لنخوض معركة؟! وأين نشيح بوجودنا إعراضا عن خيبة؟! وأين نصبر على صدقة بوصفها بلاءا؟! المؤكد أن المشاركة بيننا أفضل من الانقطاع، وأن حمول الهموم حين تتوزع على الأكتاف تخف أثقالها فنستطيع السير أفضل، إذا أردنا.
شكرا على مشاركتك.
ويتبع:>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>اللعنة المشتهاة: المحب أعمى مشارك2