ابنتي والوسواس القهري
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته........ أبعث إليكم بمشكلتي بعد ما احترت كيف أعامل أبنتي البالغة سبع سنوات ونصف حيث أنها بدأت مشكلتها منذ أكثر من سنه ونص على وجه التحديد وللأسف كيف أصف المشكلة لا أدري هي وبصراحة لا تريد مشاهدة مؤخرة أخيها الذي يصغرها بثلاث سنوات حتى ومن وراء الملابس
فمنذ سنة ونصف إذا شاهدته من الخلف تمسح يديها بالجدار وكنت لا أبالي بهذا أحيانا وأحيانا أخرى نضحك عليها أنا وإخوانها فلاحظ أخوها هذا الشيء فبدأ بملاحقتها ويزيد عليها مع أنها تحبه كثيرا وتسميه خوختي الصغير ولا تغير منه إطلاقا وليس بينهم مشاكل ولله الحمد
ولاحظت هذه الحالة تزيد وتخف حتى قبل أكثر من شهر تقريبا زادت وبشكل ملاحظ من الأسرة كلها فتذهب وتغسل يديها أو تهرب لغرفتها أو تعمل حركات بيديها كأن تضمها مع بعض وإذا أجبرتها على الجلوس معه في السيارة أو على طاولة الطعام تجلس جلسه غريبة مثل شكل الربيانة أو مقرفصة
وزادت شيئا فشيئا حتى أصبحت لا تجلس معنا وإذا ناديتها تتعذر بأي شي تعمله وحتى المشية تغيرت فلاحظتها ترفع يديها وتضعها خلفها فكيف أتصرف معها أرجوكم
مع العلم أنها ابنتي الوحيدة من ثلاث أولاد
فأرشدوني على الحل والتصرف السليم معها لأني سأفقد أعصابي معها وهذا لا أريده لأنها حساسة وعاطفية جدا
29/04/2005
رد المستشار
الأخت الفاضلة...... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ما تقوم به ابنتك هو أفعال قهرية تحاول بها تخفيف فكرة وسواسية تقتحم وعيها, وهذه الفكرة الوسواسية مرتبطة برؤية مؤخرة أخيها الأصغر, ولسنا نعرف على وجه التحديد ماذا تثيره مؤخرة أخيها من أفكار وسواسية لديها تجعلها تحاول تخفيفها بحركات يديها أو جسمها أو حتى بالهرب من المكان الذي يتواجد فيه أخيها رغم حبها له.
والفكرة الوسواسية هي فكرة غير منطقية تقتحم الوعي رغما عنها وتلح عليها وتجعلها في حالة توتر, وهذا التوتر يخف نسبيا بممارسة بعض أفعال التفادي أو التخفيف، والمناقشة المنطقية لها في هذه الحالة لا تجدي لأن الوسواس يعمل خارج إطار المنطق العادي, وهى نفسها ربما تكون مدركة لعدم منطقية الفكرة ولكنها لا تستطيع التحكم فيها.
والوسواس القهري حالة مرضية يكمن وراءها أسباب بيولوجية وأخرى نفسية . فمن الأسباب البيولوجية اضطراب مستوى بعض الناقلات العصبية في المخ وخاصة السيروتونين, وأحيانا يكون هناك (أو لا يكون) عاملا وراثيا كأن يكون هناك بعض أفراد العائلة يعانى من أعراض وسواسية.
أما الجانب النفسي فهو يرتبط (كما جاء في نظرية التحليل النفسي) بالمرحلة الشرجية في النمو النفسي حيث يحدث تثبيت عند هذه المرحلة وهذا ربما يفسر بشكل رمزي اشمئزازها من المؤخرة بالذات, والمؤخرة هنا تحوى فتحة الشرج بما تحمله من ارتباطات بعملية التبرز.
وقد يكون في مسألة المؤخرة إشارة رمزية لأن هذا الطفل جاء بعدها وهى تغار منه وتحبه في نفس الوقت, تغار منه لأنه ولد ولأنه جاء "متأخرا" عنها فأخذ جزءا من اهتمام الأسرة, وتحبه لأنه أخيها الأصغر وتشعر نحوه بمشاعر العطف والحنان لذلك تدلـله بكلمة "خوختي" , فهي تحبه كأخ ولكن تكره مؤخرته بما ترمز إليه من معاني سواء كانت معاني متصلة بعملية الإخراج أو متصلة بالترتيب وما يتبعه من الغيرة.
وقد يكون العامل النفسي مكتسبا من نظرة اشمئزاز رأتها في عين أحد الكبار حين تعامل مع أخيها الأصغر في حالة تبرزه فانطبع هذا الشعور بالاشمئزاز لديها وأخذ هذا النمط الوسواسي.
والتعامل مع هذه الحالة يأخذ مسارين:
1- المسار الدوائي: حيث يلزم تعاطي جرعات مناسبة من مضادات الوسواس خاصة من مجموعة مانعات استرداد السيروتونين النوعية (ماسا), وهذه الأدوية يمكن أن تؤخذ في هذا السن بأمان ولا خوف منها, وغالبا نبدأ بجرعة صغيرة ثم نزيدها تدريجيا حتى نجد علامات التحسن. وهناك أدوية مساعدة أخرى مثل مضادات القلق . وعموما تستخدم الأدوية الموصوفة لمدة تتراوح من ستة شهور إلى سنة وربما أكثر حسب استجابة الحالة
2- العلاج السلوكي: ويقوم به معالج متخصص ويهدف إلى تقليل حساسية الطفلة للمثير الذي ينشط الأفكار الوسواسية والأفعال القهرية المترتبة عليها. وتشارك الأسرة بعد ذلك في إكمال هذا العلاج السلوكي بتوجيه من المعالج.
ومن المهم أن نتعامل مع الحالة بتفهم وهدوء فلا نضغط على الطفلة لتغيير سلوكها ولا نوجه إليها أي لوم أو اتهام لأن ما يحدث خارج عن إرادتها, واللوم والضغط يزيدان من حالة القلق وبالتالي يزيدان من الأعراض الوسواسية . ومن الأشياء التي يمكن أن تساهم بها الأسرة تهيئة أنشطة مفيدة ومحببة تندمج فيها الطفلة حتى لا تصبح فريسة طول الوقت لأفكارها الوسواسية, وهذا يتضمن ألوانا مختلفة من الألعاب المسلية والرحلات اللطيفة والعلاقات الاجتماعية المرغوبة . ويمكن أن نجعلها تشارك في المسئولية عن أخيها كأن تشاركه بعض ألعابه أو تحضر له الطعام أو تشارك فى تنظيف ملابسه , ودائما نكافئها على كل شيء إيجابي تفعله.
أما نفورها من أخيها فيجب أن يقابل بعدم اكتراث فلا ننزعج منه كثيرا ولا نواجهه بالضحك أو المزاح ولا نلومها أو نعنفها عليه.
وأخيرا نسأل الله لها الشفاء
ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الأخت العزيزة أهلا وسهلا بك وشكرا على ثقتك، ليست لدي إضافة بعد ما تفضل به مجيبك الدكتور المهدي غير إحالتك إلى مقال على باب نطاق الوسواس القهري ستعرفين منه كثيرا من علامات الوسواس القهري في الأطفال، خاصة وأنني أشعر أنك ركزت على عرض تجنب رؤية مؤخرة أخيها وكأنه العرض الوحيد، فهل هو كذلك؟ أهلا بك دائما على مجانين.