السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على حبيبنا محمد خير الخلق أجمعين، وخاتم النبيين وسيد الأولين والآخرين.
أولا أشكركم على موقعكم الرائع أحبائي في الله، وأسأل الله أن يضع مجهودكم الرائع في ميزان حسناتكم يوم القيامة، أنا بنت عندي 18 سنة، أحب شابا كثيرا قد تعرفت عليه عن طريق الإنترنت، وتحدثنا هاتفيا، ونتحدث في كل شيء، وأكثر شيء في السياسة، هو من العراق أرض الحب والسلام -أسأل الله أن يرفع عنهم البلاء-، وهو أيضا يحبني كثيرا.
تتلخص المشكلة في أننا لم نلتق يوما، وليس من المحتمل؛ لأنه يعيش في العراق وأنا أعيش في مصر، ولكنني وضعت خطة وأهدافا أمام عيني لأحققها حتى أستطيع أن أراه، وهي أنني -الحمد لله- أحب دراستي كثيرا، وأحب القراءة بنهم، وعلى قدر من الثقافة، ونويت أن أحصل على الماجستير والدكتوراة، وأعمل بالتدريس في الجامعة، وحلمي أن أنشئ شركة سياحية إسلامية للتعرف على العالم، وعلى الآثار الإسلامية الزاخرة بلادنا بها، والتي هي تخصصي بالجامعة، وعندها أكون قادرة على تحمل المسؤولية، وأكون إنسانة ناضجة يمكن أن آخذ خطوة الارتباط، والتي تحدثت فيها مع أمي، وقلت لها لن أرتبط لأن لي طموحات يجب أن أحققها، وأعمل من أجلها.
ولكن لم أقل لأمي إنني أحب هذا الشاب، ولكن أهلي لن يجبروني على الزواج، إذا أنا رفضت، وأنا والحمد لله أعيش حياة أسرية مستقرة، وأدعو الله دائما أن يتحقق حلمي، هذا كما أدعو أن يقدر لي الخير في هذا الشاب، ويجعله من نصيبي ويجمعنا في الخير، إنه على كل شيء قدير، وأدعو الله إذا قدر لنا واجتمعنا أن يجعلنا أنا وهو وأولادنا الذين سيرزقنا بهم إن شاء الله أساسا طيبا وبذرة صالحة لبناء المجتمع الإسلامي القويم.
كما أنني قبل أن أعرفه لم أكن أواظب على الصلاة، ولكن في بداية تعارفي به وحبي له حافظت على صلاتي، وأيضا فعلت أشياء لم أكن أتوقعها، مثل مواظبتي على الصلاة، والآن بحمد الله أصلي النوافل، كلها وأصلي الفجر وقيام الليل وأقرأ القرآن يوميا، أنا أحبه حبًّا لا يوصف وهو أيضا يحبني كثيرا، وأنا عزمت ألا أتزوج غيره، وأسأل الله أن يعينني على أن أحقق حلمي، لكي ألتقي به، ونساعد بعضنا البعض على الطاعة ودخول الجنة.
كما أنني تمنيت أن أتزوجه، وإن لم أتزوجه فأنا غصبا عني لا أقدر أن أحب غيره؛ فأسأل الله الفردوس الأعلى لي وله ولأمي وأبي، وكل المسلمين والمسلمات وأدعو الله أن يكون زوجي في الجنة إن لم أتزوجه في الدنيا، لا أعرف إذا كنت شخصية حالمة أم أنا واقعية؟ هل أنا على صواب أم خطأ؟ ماذا أفعل مع حبي؟ وهل ما خططت له خير أم لا؟ وهل خطأ أنني أتحدث معه عبر الإنترنت؟ ولكن كلامنا عام ومرة هي التي صارحنا بعضنا بحبنا وعندما نتحدث هاتفيا يكون كلامنا عاديا جدا يطمئن على وأطمئن عليه فقط.
وهناك سؤال آخر.. وهو أنه على مذهب الإمام جعفر الصادق، المذهب الجعفري الشيعي، وأنا من أهل السنة، وقرأت فتوى عن حكم الشيعة في هذا الموقع الكريم وتبين أن الشيعة مسلمون ما عدا الغلاة منهم، وأن نظرية الإمامة التي هي عندهم من أمهات العقائد، وعند أهل السنة من الفروع لا يستوجب معتنقها اللعن أو التكفير، كما أجاز شيخ الأزهر الشيخ شلتوت رحمه الله التعبد بالمذهب الشيعي، ولكن أنا أريد أن أعرف رأيكم في هذا الأمر.
وقد سألته عن كيف يصلي، حيث إنني قرأت مقالا على الإنترنت قال إنهم يصلون على قرص من طين، وشاهدت صورة لذلك فقال لي إنه يصلي كما نصلي واستغرب من سؤالي، وقال لي إنه يصلي في كل المساجد سواء سنية أو شيعية؛ فلا فرق عنده، وهو يستفتي قلبه دائما، ويستخير الله في أعماله، كما أنه يتيم الأبوين وقد رباه عمه وهو مدرس بالجامعة حاصل على الماجستير ويحضر دكتوراة.
عفوا نسيت سؤالا مهما جدا، سامحوني أنا عندما أدعو الله يستجيب سبحانه وتعالى لدعائي في أغلب الأحيان.. فهل يكرهني الله لذلك؟ هل لا يريد أن يسمع صوتي في الدعاء؟ وماذا أفعل حتى يحبني الله عز وجل؟ آسفة ثانية على الإطالة، وختامًا أسأل الله أن يقدر لي الخير في الدنيا والآخرة، وأن يرزقني الهدى والتقى والعفاف والغنى وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته والسلام عليكم.
أنا آسفة جدا على الإطالة سامحوني وارشدوني للخير،
وسأتقبل نصائحكم إن شاء الله، وأدعو لي بالهداية.
25/8/2024
رد المستشار
أختي الكريمة، يبدو من سؤالك شكلا وموضوعا أنك قارئة جديدة لصفحتنا، أهلا بك، وأرجو أن تكون الفرصة متاحة أمامك لقراءة أوسع وأشمل للأرشيف العام لأنه يضم الكثير مما يفيدك، ولكي تكتمل الصورة أمام عينيك. وكثيرا ما أقول إن الفكر الذي نقدمه يبدو مبثوثا في ثنايا الإجابات، منثورا عبر السنوات الماضية كلها، ولا تتضح المعاني إلا بالقراءة في القديم والجديد.
كم أجبنا على رسائل تبدأ بجملة: "تعرفت على شاب عن طريق النت"، وكررنا أن النت والهاتف هما وسائل اتصال لا تواصل وتعارف واختبار انطباعات، وبناء معرفة وعلاقة سليمة، أو حقيقية بين اثنين!! وستظل انطباعاتك ناقصة، وأحكامك غير دقيقة فيما يخص هذا الشاب الذي تعرفت عليه وتحادثينه، وليس من رأى وعاين وعايش كمن سمع أو دردش بالشات!
وقلنا أيضا إن المشاعر الفياضة التي تنطلق نتيجة العلاقات الإليكترونية إنما تحتاج إلى بصيرة، وإلى حزم وحسن إدارة وتصعيد، وبخاصة أنك لم تخبري أسرتك، فما هو المستقبل الذي تتوقعينه لهذه العلاقة في المدى القريب والبعيد؟! أم أنك تخططين للماجستير والدكتوراة، وتغفلين عن التخطيط لهذه العلاقة التي يبدو أنها هامة في حياتك؟! وقلنا مرارا وتكرارا إن العلاقات الإليكترونية تكون مفتوحة على الاحتمالات والمفاجآت، فهي هادئة ومحدودة في حالتك، كما فهمت من رسالتك، ولكنها مرشحة للاتساع والالتهاب أو الانقلاب مثل ما تفعل الشبكة بمن يركبون الأثير، يحسبونه نهرا عذبا هادئ التيار فإذا به بحر متلاطم الأمواج لا كبير له، وكم أغرق من سباحين مهرة!
وقولك بأنك عزمت على ألا تتزوجي غيره هو اندفاع غير محسوب، وموقف متسرع تتخذينه على أساس معرفة ناقصة، ومشكوك في سلامتها، مثل كل معرفة إليكترونية، وأنت في ذلك تسقطين على هذا الشاب الذي هو في حالتك، وحتى الآن، مجرد شبح إليكتروني، أو قصة ديجيتال، تسقطين عليه كل زخم مشاعر المرحلة التي تمرين بها، والأغاني العاطفية، والروايات الرومانسية، وأحاديث العشق والغرام، وطاقة الأحاسيس المتأججة في صدرك، وكم تحدثنا عن "الحب الأول" وأحكامه المتسرعة في ضوء ضعف الخبرة والتجربة لمن يمر به.
ثم ألم تسألي نفسك عن الحكم الشرعي لهذا الاتصال؟! هل هو تعارف الاعتبار بغرض الزواج مثلا؟! هل هو أيضا يعتبره هكذا؟! وهل ستظلين وسيظل على هذا؟! كتبنا أيضا مرارا وتكرارا أن العلاقات غامضة المعالم والأهداف يمكن أن تكون مقدمة لمفارقات ومنازعات على عكس العلاقات الواضحة منذ البداية.
كما تناولنا مسألة الزواج مع اختلاف المذهب، وتكلمنا عن الشريعة والسنة، والعلاقات بينهما، وستجدين كلاما كثيرا على مواقع الشبكة يتعلق بهذا، بعضه هادئ يحاول التقريب، وأغلبه يؤجج الصراع، ويشعل النار لتحرق الجميع، وما يحدث في العراق حاليا فيه مما يدمي القلب والعين ما تعرفين، ويراه كل متابع بشأن العلاقات بين السنة والشيعة، وليست المشكلة أبدا متعلقة بعقل العقلاء، ولكنها متعلقة بالاستخدام السياسي، والصراع على القوة والنفوذ والمال، ومتعلقة بالتعصب النفسي والاجتماعي والديني، ومتعلقة بنوع من الإجرام السافر الذي يرتدي عباءة المذهبية، بينما الدين والعقل والشرف منه براء. فأين ستضعين نفسك يا ابنتي وسط هذا المشهد الكئيب؟! هل ستطيرين معه خارج الزمان والمكان والأحزان بعيدا عن العراق النازف، وإلى أين ستذهبان؟!
هل سيترك هو جامعته أم تسافرين أنت إلى هناك لتعيشي وسط اللهيب؟! لاحظي أن ذهابك سيضعك وسط أهله وجيرانه وعشيرته وطائفته بما فيها ومن فيها، وفي كل تجمع إنساني سيكون هناك عقلاء ومختلون، متسامحون ومتعصبون، فهل ستصبرين على هذا؟! وهل سيقبلونك هم بسهولة، وأنت الغريبة المزدوجة فلست من بلدهم، ولا على مذهبهم؟! وهل ستكتفين به، وتغلقان أبواب بيتكما دون العالمين؟! الكلام عن التقارب المذهبي جميل، والزواج "غير المذهبي" مثل أي زواج يمكن أن ينجح ويمكن أن يفشل، فهل مقومات النجاح لزواج مثل هذا أكبر أم ماذا؟! أنا أقلب الأمور معك لتعرفي في أي أرض تسيرين، وبأي مستقبل تأملين؟! كثيرا ما رأيت فتيات -وشبابا طبعا- يتصورون أنفسهم سائرات في أرض الأحلام، بينما هن يتوغلن في محض "حقل ألغام"، فلا تفيق إحداهن إلا بعد الانفجار!!
أما قولك إن الله يستجيب دعائك، وإن هذا قد يكون علامة على أنه يكرهك، ولا يريد سماع صوتك، فهذا قول غريب، وتفكير عجيب سأكون ممتنا لو أنك تدلين على مصدره! ولن أستطرد في هذا الشأن على أهميته بالنسبة لي حتى أعثر عبرك على مصدره وسياقه.
وأما سؤالك: ماذا أفعل حتى يحبني الله؟! فهو نوعية من السهل الممتنع، فيمكن القول بأن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم هو الطريق إلى محبة الله، ويمكن القول من قبل ذلك، ومن بعده بأن حبك لله، وتقديمك له على كل شيء أو أحد سواه هو السبيل، ويمكن الاستطراد والتفصيل في هذا الأمر بما يمكن التصنيف فيه لصفحات وصفحات، لأن سؤالك هذا عام وواسع. ولتطلعي على الرابط أدناه لاستشارة تتماس مع مشكلتك عساها توسع من زاوية الرؤية لديك.
اقرئي أيضًا:
زواج المختلفين مذهبيا.. اختبار قبولنا للآخر