السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أشكركم على المجهود الرائع.. وفقكم الله لخدمة المتصفحين.. بداية أحب أن أطرح مشكلتي وباختصار:
مشكلتي والدي، وفقط والدي.. نشأت في أسرة مفككة يشوبها عدم الوفاق بين الوالدين مما انعكس سلبا علينا، فأبي يعتبر رجلا مزواجا، غير متحمل للمسؤولية، أناني الطباع، لا يهتم إلا بنفسه، متغطرسا، ينظر للناس بفوقية، لم ينجز لنا أي شيء بالحياة، حتى البيت للسكن حرمنا منه، فنحن نسكن بالإيجارات وغير مستعد حتى للسعي على الرغم من وضعه المادي الممتاز.
نعيش بوضع سيئ جراء بخله، وحب سيطرته، رأيه هو الصحيح وما عداه مخطئ، على الرغم من كوننا جميعا في البيت متعلمين ومثقفين.
هناك ثلاثة إخوة غيري ويصغرونني، ولكنه لا يسمع إلا صوته فقط، علاقتي به سطحية وأقل من السطحية، تقتصر على صباح الخير والمساء والسلام عليكم ولا تتعداهم بالأشهر، لست أنا وحدي بل جميعنا على هذا الحال.
فاض بأمي المسكينة من هول ما تجرعته منه ومرضت ووافتها المنية قبل 5 سنوات، حينما كانت في مرضها كان قاسيا جدا عليها، وبالأحرى هو سبب مرضها، أمي إنسانة مؤمنة متدينة متعلمة مثقفة مربية وفاضلة، علاقتنا بها لا توصف، وعندما فقدناها فقدنا كل ما نملك معها، وخاصة أن أبي كان تاركا للمنزل ومنشغلا بأخرى، أقصد متزوجا، في أيام العزاء طلب منه الأصحاب العودة للمنزل لحضانتنا وتعويضنا عن الأم وبالفعل عاد، ولكنه عاد بجسده فلم يغير أو يبدل من الواقع شيئا، الحق يقال.. إنه حين عودته قررنا فتح صفحة جديدة معه، ولكن لا يجدي معه فهناك حاجز نفسي كبير.
لم يسع أو يفكر بالتغيير، صراحة هو لا يعرف أي شيء عنا، فقط أننا نعيش بنفس المنزل، حتى مكان عملي ووظيفتي ونفسيتي، حتى عندما أدخل المستشفى لمرض عارض لا يعير الأمر أي اهتمام، فقط منشغل بمصالحه الخاصة، حتى زوجته على نفس الشاكلة "طنجرة ولقت غطايتها" مثلما يقال.. فقط تتدخل لإيقاع المزيد من المشكلات وتطالبه بترك البيت وإثارة المشكلات، مع العلم أنني أبلغ من العمر 28 عاما وأنا وحدي بالبيت من بعد زواج أختي التي تصغرني بأعوام، وليس هناك من قريب أو صديق ألجأ إليه من عنفه وقسوته.
حتى من يتقدم لي وأعجب به يعيرني بأن أبي مزواج وأنه عصبي المزاج، يفتعل المشاكل ولأتفه الأسباب، ودائما يتجاهل وجودي لكوني بنتا، ويحملني مسؤولية أنني عبء عليه، لا أعلم كيف أخلصه من هذا العبء على الرغم من أنني مستقلة ماديا وأعمل ولا أذكر أنني وعلى طول حياتي طلبت منه شيئا على الصعيد الشخصي أو أي شيء يحتاجه البيت.
أفيدكم علما بأنني أتمتع بقدر كبير من الجمال بشهادة الجميع، ولكن لم يتقدم المناسب، فكل من يتقدم إما عامل بسيط غير متعلم أو متزوج، والكل ينصحني بالقبول للخلاص مما أنا فيه، خوفا من أن أعيش وحيدة من غير ولي ولا ونيس يأخذ بيدي، قبل شهر تقريبا تقدم رجل مقتدر ومتزوج ولكنه يكبرني بـ17 عاما، فكرت وقررت الهروب من هذا الجحيم ولو على حسابي، ولكن بعد أن صليت الاستخارة استقرت نفسي على الرفض وأنه هناك من يستحقني.
لا أعلم هذا شعور دائما يراودني بأن هناك من يستحقني، أنا فتاة على أشد اليقين بالله، ومتوكلة عليه حق التوكل، وأستخيره في كل كبيرة وصغيرة بأن يفرج همي ويكشف هذا البلاء، ولكن لي سؤال: "هل النصيب يرفض؟" بما معناه هل من الممكن أن يأتي ما يرضاه الله لنا ونرفضه؟؟
جزاكم الله خيرا
وأرجو الدعاء لي.
14/6/2024
رد المستشار
صديقتي
بالطبع النصيب وأي شيء ممكن أن يرفض... نصيبك مثلا في شخصية والدك لابد وأن يرفض من حيث أن تكوني سجينة في ظروفك.. النصيب الذي يعني فرصة أن تتزوجي للهروب من وضعك يجب أن يرفض... النصيب أيضا ليس معناه فرصة واحدة غير مناسبة ولا نحبها ولكن يجب أن نقبلها... النصيب مليء بالفرص ولكن لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
لا شك أن استقلاليتك المادية شيء عظيم ويخفف من وطأة الموقف... يجب أيضا أن تستقلي وأن تفصلي نفسك عن من ينتقدونك ويعيرونك بسبب أفعال والدك ولا تعيري كلامهم اهتماما.
لكي تزداد فرصك في إيجاد شريك حياة مناسب، عليك أن تحددي صفات شريك الحياة المناسب لك وأن تحلمي وتأملي في ظهوره في حياتك بيقين أن الله سوف يعطيك ما يرضيك... عليك أن تحسي وتتصرفي وكأن ما تأملين فيه قد حدث بالفعل (كيف ستكون أفكارك ومشاعرك إن حدث ما تريدين؟) بعد ذلك عليك بتكوين صداقات جديدة متعددة مما سيتيح لك فرص أكثر... ربما يكون لإحدى زميلاتك وزملائك في العمل أخ وصديق وقريب مناسب لك.. اشتركي في نشاطات متعددة تستهويك في دائرة أوسع من دائرتك الحالية.
لا تتزوجي من أجل الهروب ولكن اصنعي الحياة التي تريدينها بالرغم من الظروف... عليك بالعيش في حالة نفسية وعقلية مختلفة عن الحالة الراهنة لكي يتغير واقعك... إنه وعد إلهي ... إن غيرنا ما بأنفسنا (أفكارنا وأفعالنا) بصدق وبيقين فإن الله يغير الحال.. يغيره للأفضل وللأسوأ بناء على ما بداخلنا في الصميم.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب