محتاجة حب.. حنان..
السلام عليكم ورحمة الله..
أنا طالبة عندي 4 أخوات بنات ووالدي حنون جدا، بس والدي معتقد إن حنان الأب بالفلوس ولكن هو بالنسبة لي مجرد بنك وليس أكثر, والمشكلة إن أنا محتاجة حب وحنان بس مش موجود بالرغم أنه بيعاملني دايما معاملة جافه مع الضرب والشتيمة دائما.... ففكرت إن أنا لازم ألاقي حب بأي طريقة فلقيت واحد معايا في الكلية بيحبني أكثر من أهلي وهو عوضني عن أهلي.
أنا نفسي بجد أحس إن أنا ليّ أهل بس فعلا ألف خسارة... شكرا
10/6/2005
رد المستشار
(والدي حنون جدا)، وبيعاملني دايما معاملة جافة مع الضرب والشتيمة دائما، في رسالتك جاءت هاتان الجملتان، فما هو معنى الحنان المطلوب؟!!
أذكر أن فيلما مصريا قديما نوعا ما كان عنوانه: أريد حبا وحنانا، وهو لسان حال كل فتاة وامرأة، بل وكل إنسان هو بالطبيعة يريد حبا وحنانا، ولكن الأغلبية تغفل حقيقتين هامتين، الأولى:أن أشكال التعبير عن الحب، وعن الحنان تختلف من إنسان إلى إنسان في المظاهر كما تختلف في الاستقبال.
والثانية:- أن الحب والحنان إنما يكون ضمن علاقة ناجحة من الطرفين. وغالبا فإن معظم رجالنا يقتصرون على التعبير العملي بالاندماج في الكسب وأنشطة الاجتهاد في مجالات الحياة والتخصص، وربما يقضي أحدهم يومه وليلته في كد وكبد يسعى على أسرته، ولا يخطر بباله أن يقول لهم كلمة طيبة، رغم أن الكلمة الطيبة صدقة!!!
وفي المقابل فإن أغلب نسائنا ينتظرن الكلمة الحلوة من مديح وتقدير وغزل، ويردن ألا يقف الرجل عن ترديد هذه الكلمات التي لا تكلف شيئا من وجهة نظرهن، ولا يلتفتن غالبا أن لهذه الكلمات طرق في إنتاجها وتدفقها، وربما تسلك الفتاة هذه السبل خارج الأسرة، ولا تلتفت إلى أنها مطالبة بالتقديم لنفسها لتحصد ما تريد من الحب والحنان، وقد تفعل الشيء ذاته حين تصبح زوجة!!!
والسبب الرئيسي –ربما– وراء هذا الالتباس هو هذا الاعتقاد الأسطوري بأن هناك واجبات مقدسة ومطلقة في ذاتها، وهي تصدر عن الإنسان بشكل تلقائي ميكانيكي، وهذا أبعد ما يكون عن الطبيعة الإنسانية!!! فمن قال أن حنان الأب سيتدفق تلقائيا دون استدعاء وطلب وتقديم، واهتمام وحب وحنان من البنت أو الولد!!
ومن قال أن حنان الزوج واهتمامه بزوجته سيتفجر وحده دون أن يلقى من زوجته ما يرضيه ويشبعه ويمتعه هو الآخر، ومن قال أنها ستفعل هذا دون أن تحصل هي أيضا على بعض التشجيع والاحترام والمديح، ولا أقصد هنا إلى إدخالك في حلقة مفرغة، ولا في سؤال : البيضة أولا أم الدجاجة؟؟!!
ولكن أقصد أن أدلك على خريطة الطريق إلى الحب والحنان، فإذا أردت اهتماما من أحد بك، عليك أن تهتمي به، وتخاطبي قلبه وعقله، وتشبعي ذاته تحية ومديحا وكلاما طيبا، وقد لا يتنبه الوالد لفترة، ولكنه ما يلبث أن يلتفت وينفعل ويتغير فكل إنسان له مفتاحه، وكل إنسان له قلب.
أخطر ما في قصتك هو عطشك للحنان والتوجه إلى الجامعة للحصول على شريك ينصت ويحب هكذا دون تدقيق، فإذا بكل مواهب هذا الشريك أحيانا– أنه يجيد الكلام المعسول، وربما حصدت الفتاة مليون خسارة لأنها ظنت أنها وجدت الحب الذي بحثت عنه (بأية طريقة) كما تصفين!!!
وأخشى أن اغتراب كل شاب وفتاة في عمر المراهقة يزيد من إحساسه العميق بالرثاء للذات، وأنه مكروه أو غير محترم، أو ليس موضع اهتمام وتقدير من أهلها، رغم أنهم يذبحون أنفسهم ليكفلوا له أو لها المطعم والملبس اللائق!!!
كما ترين فالموضوع مليء بالفجوات والالتباسات والألغام المبثوثة، ورسالتك القصيرة تثير ملفا ساخنا قلما نلتفت إليه، أو أنه يحظى باهتمام أقل مما يليق به بكثير .
حذار من أصحاب اللسان الجميل، وحذارِ فمصائد مثل هذا الحب الأعمى تكون كثيرة، وبخاصة لقليلة خبرة، ومحرومة من الحنان مثلك، احتكاكك بالحياة أكثر سيعينك على تفهم موقف والدك وتغييره، ويعينك مراجعة إجاباتنا السابقة، وفيها ستجدين إجابات على أسئلة لديك ولو لم تكتبيها لنا.