ملتزم من الطراز الرفيع: فخ الاكتئاب بالقلق
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا: أود شكركم على هذا الموقع الثري وأدعو الله أن يوفقكم ويبارك لكم في وقتكم
ثانيا: فقد أثرت في مشكلة الأخ سفيان وأحببت أن أشارك بتلك الكلمات لعل الله يمن عليه بالرجوع إليه انه ولي ذلك والقادر عليه فانما أمره أن يقول للشيء كن فيكون ووالله إني لأقف متعجبة من تلك الطريقة في التفكير والتي هي على غرار دفن الرأس في التراب وهذا هو ما يطلقون عليه بالخوف السلبي وهو ما لا يدفع أبدا إلى التفكير ايجابيا في الطريقة التي تمكنني من الابتعاد عما أخشاه.
إنني أرى أن مشكلتك أخي هي أنك لم تدرك أن الله لا يجمع على عبد خوفين ودعني أذكرك بهذا الحديث * فعن معاذ بن جبل (رضي الله عنه)؛ قال: "كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم على حمار، فقال لي: "يا معاذ! أتدري ما حق الله على العباد، وما حق العباد على الله؟". قلت: الله ورسوله أعلم. قال: "حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً. وحق العباد على الله أن لا يعذب من لا يشرك به شيئاً". قلت: يا رسول الله! أفلا أبشر الناس؟ قال: "لا تبشرهم فيتكلوا". أخرجاه في "الصحيحين".
يا أخي ألا ترى أن الشيطان قد دخل إليك من ذلك الباب ولكن أبشر (إن كيد الشيطان كان ضعيفا) إن مشكلتك هي أنك لم تعرف كيف تحب الله فعبدته عن خوف وهو مطلوب غير أنك لم تقرنه بالحب، والله تعالى يقول (يحبهم ويحبونه) ودعني أبرهن على ما قلته بأن أسألك سؤالا : "لماذا لم يحدث هذا مع الصحابة"
والجواب: أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم الخوف الإيجابي لذلك فإني أدعوك أن تتفقه أكثر في الدين وتعلم أن رحمة الله سبقت غضبه وأن الله أرحم بنا من الأم بولدها وأذكرك أيضا بهذا الحديث الرائع فقد جاء في الحديث الشريف القدسي: «من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ومن تقرب إلي ذراعا تقربت إليه باعا ومن أتاني يمشي أتيته هرولة»‚ وأن الله سبحانه وتعالى ذكر في القرآن الكريم ' وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلاّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ'' ويقول أيضا (ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم)وكذلك يقول تعالى في آية أخرى "وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا"، والله تعالى يغفر جميع الذنوب إلا الشرك إذا تاب المرأ منها «والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرّم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق آثاما* يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا* إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما»‚
وأما تفكيرك في الانتحار فاستحلفك بالله أن لا تفعل فعقابه الخلود في النار فالحياة هبة من الله ولا يجوز لأحد أن ينهيها إلا هو ومن فعل ذلك فكأنما اعتبر نفسه ندا لله وأذكرك بحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم "من قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يتوجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلدا فيها أبدا ومن شرب سماً فقتل نفسه فهو يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداُ فيها أبدا ومن تردى من جبل فقتل نفسه فهو يتردى في نار جهنم خالداً مخلدا فيها أبدا"
وقد سئل ابن عثيمين رحمه الله عن هل يصلى على المنتحر ويغسل أم لا؟
الجواب
الشيخ: المنتحر والعياذ بالله قتل نفسه عمداً بغير حق وانتحاره من سفاهته لأنه بانتحاره يظن أنه يتخلص مما هو فيه من المحنة والضيق لكنه يتخلص إلى شيء أضيق وأشد محنة فهو كالمستجير من الرمضاء بالنار وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (أن من قتل نفسه بشيء فإنه يعذب به في نار جهنم خالداً مخلداً أبداً فيها) والعياذ بالله من قتل نفسه بحديدة فهو في جهنم ينحر نفسه بهذه الحديدة وكذلك أيضاً من تحسى سماً حتى مات فإنه يتحساه في نار جهنم من تردى من جبل أو من أسقط نفسه من جدار فإنه يفعل به ذلك في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً.
فالانتحار ليس فيه فكٌ من مشكلة ولا إزالة للغم ولا للهم بل فيه زيادة في السوء على المنتحر وإذا انتحر إنسان فإنه إذا كان مسلماً يصلى عليه فإنه يغسل ويكفن ويصلى عليه لكن إذا رأى أمير القبيلة أو قاضي البلد أو الكبير في البلد الذي له قيمته في المجتمع أن لا يصلي عليه فإن ذلك خير لأن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجلٍ قتل نفسه بمشاقص فلم يصل عليه أما غيره من الناس فيصلون عليه ويدعون له بالرحمة لأنه لا يكون مرتداً بانتحاره ولكنه فعل كبيرةً عظيمةً من الذنوب نسأل الله العافية والخلاصة أن المنتحر يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن في مقابر المسلمين إذا كان مسلماً ولكن إذا رأى كبير القوم أن لا يصلي عليه ردعاً لغيره فهذا حسن اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
شكرا لكم
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
26/6/2005
رد المستشار
الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين وأشكرك على ثقتك وإطرائك، وعلى مشاركتك الطيبة التي أتفق تماما مع مجمل ما جاء فيها، إلا أن من المهم أن تدركي أن سقوط الإنسان في الدرك الأسفل من الاكتئاب الجسيم يجعله عاجزا عن الاستفادة من علاقته بخالقه سبحانه وسبب ذلك تستطيعين فهمه من الروابط التالية:
الاكتئاب الجسيم كيف يسلب الإيمان؟
الاكتئاب الجسيم لا الأعظم!
فقدان الطعم والمعنى جوهر الاكتئاب
الاكتئاب الجسيم يفتح للشيطان! كلاكيت2
المرض النفسي لا يصيب المؤمن القوي
وبالتالي فلابد من عدم قصر الخطاب الموجه لمريض الاكتئاب الجسيم من الدرجة الشديدة كأخينا صاحب المشكلة على البعد الإيماني لسببٍ بسيط هو أن لا حياة لمن تنادي، ولابد هنا من نصحه بطلب العلاج، سعدنا بمشاركتك وأهلا بك دائما.