الفار من حكم الشذوذ..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
إنني أقدم لك خالص شكري وتقديري على هذه المهمة العظيمة التي تقوم بها لحل مشاكل من يطلب المساعدة ولقد أحببت كثيرا مهنة الطب النفسي حتى أساعد الناس في التخفيف عما بهم من هموم وأحزان..
سأبدأ بالحديث عن مشكلتي الشخصية إنني ولدت في المملكة العربية السعودية وهي مقر عمل والدي والتحقت بمدرسة ابتدائية حتى الصف الرابع الابتدائي ثم غيرت مساري فأصبحت أدرس المنهج المصري ولكن في السفارة - مع العلم بأنني كنت آتي إلى مصر في الإجازات الصيفية - ثم استقريت في مصر في الصف الثاني والثالث من المرحلة الإعدادية وكنت في مدرسة تجريبية مشتركة ولكنني في البداية وجدت كل من حولي من البنات لهن علاقات عديدة مع الأولاد ضايقني هذا الموقف جدا فلم أجد أحدا مثلي - أي ليس لها علاقة مع أي ولد- إلا قليل جدا
عرض علي كثير من الأولاد أن أنشأ علاقة معهم ولكنني رفضت وبكل اقتناع لأنني أخذت عهدا على نفسي ألا أرخص نفسي لأي ولد مهما كان ولله الحمد ما زلت متمسكة بهذا العهد, ولكنني أحببت ولدا يسكن بجانبي وكنت أعلم أن هناك فارقا كبيرا جدا بيني وبينه في التعليم والمستوى التعليمي والأخلاق، ولكنني كنت أحبه رغم كل هذا وهو كان يلقي إلي نظراته التي أعتقد أنه قد أسر بها فتيات كثيرات وطلب مني أن أحدثه ولكنني لم أعطه أي إجابة بالموافقة.
أنا الآن في حيرة لا أعلم هل سأستطيع أن أنساه فأنا أعلم أن هذه مرحلة سنية ولا بد لها أن تمضي ولكنني عندما أخلو بنفسي أفكر هل إذا طلب الارتباط بي هل سأرضاه زوجا لي أو أبا لأبنائي ولكني أجد نفسي أجيب بالنفي
إنه من المستحيل لشخص مثله أن يتصف بالإخلاص..
أنا أعلم أن المشوار أمامي طويل جدا ومن المبكر أن أفكر في هذه المواضيع ولكنني وجدت نفسي حزينة لا أعلم ألهذا السبب أم لاقتراب الامتحانات وأنا قسم علمي وأتمنى الالتحاق بكلية الطب ولكنني قلقة جدااااا لا أعلم لماذا مع أنني والحمد لله بإجماع المدرسين مستواي ممتاز وحصلت في الصف الأول الثانوي على نسبة 95,6% ولكنني ما زلت قلقة..
13/6/2005
رد المستشار
أهلا بك يا أمنية على موقعنا, دعيني أولاً أحييك على هذا الوعي وعلى هذا العقل والنضج الرائعين الذين تتمتعين بهما, وأحييك على هذا الثبات الرائع على القيم والمبادئ التي اخترتها لنفسك في الحياة, فبارك الله بك يا ابنتي.. وأسعدك في الدنيا والآخرة.
وثانياً, أودّ أن أشكرك على إطرائك على الموقع, ويكفينا فخراً أنك أحببت الطب النفسي من خلال هذا الموقع, ويكفينا شرفاً أنك أحببت التوجه إلى مساعدة الناس في همومهم ومشاكلهم والتخفيف من أحزانهم وتنوير دروب حياتهم, فأهلا بك, وأسأل الله تعالى أن يعينني على مساعدتك والتخفيف من حزنك..
أؤيدك تماما في موقفك الرافض لإنشاء "علاقة" مع أولاد في المدرسة, لماذا؟ لأنك عاقلة جدا فقد أدركت أن مثل هذه العلاقة تسير في الاتجاه الخاطئ فنحن لا نذهب للمدرسة أصلا للتعرف على أفراد من الجنس الآخر وإنشاء علاقات غرامية معهم –كما يفهم الكثير من أولادنا المدرسة– بل لنتلقى العلم فننمي ونطوّر شخصياتنا لنصبح أهلا بحق لقيادة المستقبل.. أرأيت كيف غاب هذا المفهوم عن معظم زملائك وزميلاتك في المدرسة فانساقوا وراء إشغال أنفسهم بإقامة العلاقات التي ستهدر الكثير من وقتهم وجهدهم, وتضيّع من أيديهم تحقيق الهدف الأصلي من ذهابهم إلى المدرسة!
أرجو أن لا تفهمي من كلامي أنني أدنّس الكلام وإقامة العلاقات مع الجنس الآخر أصلا, لا, بل هذا أمر طبيعي جدا فالله عز وجل خلقنا من ذكر وأنثى وجعلنا شعوباً وقبائل لنتعارف ونقيم العلاقات, ولكن كلّ في إطارها, لا أن نختزل كل أنواع العلاقات كثيرة التعدد لتكون علاقة غرام بين شاب وفتاة أو رجل وامرأة أينما وُجدا ..كما يحدث هذه الأيام!!
وفي المدرسة أيضاً من الطبيعي أن تكون هناك علاقات بين الأولاد والبنات, ولكن ليست كما نرى اليوم: الحب والغرام, بل العلاقة الصحيحة هي علاقة الزمالة, كأي زمالة عادية تنشأ بين فتاتين أو شابين, مع مراعاة طبعا أن الزمالة بين الشاب والفتاة لها ضوابطها التي وضعها الله عز وجل لتبقى هذه العلاقة في إطار الزمالة وبالتالي تبقى علاقة صحيحة وصحّية, وإلّا تحوّلت هذه العلاقة إلى ضرر يطول الشاب والفتاة وعلى أكثر من صعيد: نفسي, اجتماعي, دراسي.... الخ.
ولكنك يا عزيزتي -ككل إنسان على هذه الأرض- تشعرين بالحاجة إلى أن تحبي وإلى أن تكوني محبوبة, وهذا يا عزيزتي ما أوقعك أسيرة نظرات "ابن الجيران", وشعورك هذا أمر طبيعي وفطري جدا أيضاً, ولكن يجب أن نتعلّم كيف نتعامل مع هذه الاحتياجات الفطرية حتى لا نقع في أخطاء نحن في غنىً عنها وعن أثمانها التي قد تكون باهظة أحياناً.
هل تعلمين أين الخطأ؟
خطؤك كان متمثلا في عدم الانضباط أثناء تعاملك مع ابن الجيران بالضوابط التي وضعها الله سبحانه وتعالى من غض البصر, وهذا ما ولّد الخطأ الثاني وهو في استرسالك وراء نظراته بالأفكار والخيالات اللذيذة, أي تطور الأمر ليصبح أكبر من حجمه, وكله مبني على أوهام وتخيلات.. أين الحقائق التي يمكن ان نبني عليها قرارا هاماً كقرار الحب؟؟! لا يوجد!!
مجرد أن نظر إليك نظرات فيها اهتمام, انجذبت تجاهه ووقعت في حبه, لا, هذا رد فعل غير صحيح ممن هي في مثل وعيك وقوة شخصيتك..
الحب يا عزيزتي يحتاج إلى معطيات أعمق بكثير من مجرّد النظرات, كيف يمكن أن نبني الحب على اللاشيء!؟
وقد عدت فعلا إلى وعيك ونضجك وبدأت تفكرين بجدية في الأمر: هل إذا تقدّم لك تقبلينه؟؟ فوجدت الفوارق بينك وبينه أكبر من أن تتخطيها, وهذا تفكير العقلاء يا عزيزتي, ليس في حساب مدى ضخامة الفوارق, ولكن في التفكير العملي الجدي الذي يوصل إلى نتيجة حاسمة تترتب عليها تصرفات سليمة فلا نهدر الوقت والجهد فيما لا طائل منه..
إحساسك بأن ما يحدث هو من طبيعة المرحلة التي تمرّين بها صحيح, وبالتالي ستتجاوزينه في المستقبل إن شاء الله, ولكن من المهم جدا يا صغيرتي أن نعرف قواعد السلامة التي تضمن فعلا مرور هذه المرحلة وتجاوزها بنجاح, فكثيرات وكثيرون ممن تعثروا وسقطوا لأنهم لم يهتموا لقواعد السلامة تلك..
ومن فضلك طالعي هذه الاستشارات التي توضح لك بعضا من المفاهيم المختلطة لديك:
أحبّ مدرّسي .. فماذا أفعل ؟؟
الفرق بين العشق والحب والإعجاب
لعبة الحب: خلط وارتباك مفاهيم
شكل الحب وحقيقة الحبوهذه روابط لاستشارات وقع أصحابها في مشاكل بسبب أخطاء ارتكبوها في تعاملهم مع الحب:
فقط. أريد مضاجعته هل أحبه؟
الجوهرة المخدوشة و الحلم الضائع!
أما بالنسبة للتفكير في الزواج, فأعتقد أنه ليس من المبكر التفكير في هذه المواضيع, لأن التفكير فيها أمر فطري لن تستطيعي التوقف عنه, وبالتالي فالأفضل هو أن نوجهه الوجهة الصحيحة بأن تتعرفي على نفسك وعلى ماذا تحبين وماذا تكرهين, وتحددي أهدافك في الحياة وأولوياتك, فمعرفتك بنفسك هي الخطوة الأولى لتحديد مواصفات شريك حياتك المقبل إن شاء الله, ولنعتبر هذا فترة تدريب على اختيار شريك الحياة بصياغة التفكير على الأسس والقواعد التي وضعها الله عز وجل.
طبعا هذا التفكير لن يعطل مسيرتك في بناء ذاتك ومستقبلك, يعني: أعطي لكل ذي حق حقه.
وهذه روابط إلى ما يعينك على التفكير السليم في موضوع اختيار شريك الحياة:
اختيار شريك الحياة : هل من ضابط ؟
عصفور النور: جناح المتعة وجناح المسئولية.
على مائدة الاختيار : العقل والعاطفة.
وأما حزنك وانشغال تفكيرك الشديد بهذا الموضوع وأنت على أعتاب الامتحانات, فأستطيع القول بأن للامتحان يد طولى في ذلك, إذ تحلو في أيام الامتحان كل الشواغل عنه, وهذا ما يسميه الخبراء في علم النفس: أعراض الهروب من الدراسة. فيجد الطالب نفسه يريد أن يعمل ويفكر في كل شيء إلا المذاكرة. وهنا يجب أن نكون صاحيين تماما لهذا الفخ حتى لا نقع فيه, ويمكن اتخاذ تدابير تعيننا على حصر تفكيرنا وانتباهنا في المذاكرة في هذا الوقت الثمين الذي إذا فات فإنه لا يعوّض, من هذه التدابير: أن تكتبي في ورقة كل الأمور التي تشغل بالك وتلح عليك لتفكري بها الآن, ثم تؤجلي التفكير بها إلى ما بعد الامتحان, وما كتابتها إلا لتطمئني بأنك لن تنسيها وأنها ستظل موجودة, وأيضا لأن الكتابة تعد من الوسائل التفريغية لما يشغل البال.
وفقك الله في دراستك ولا تقلقي من الثانوية العامة, فما دمت متوكلة على الله عز وجل فلن يخذلك وحاشا له أن يفعل.
وأما بالنسبة لالتحاقك بكلية الطب, فإن شاء الله ستحققين أحلامك, ولكنني أحب أن الفت نظرك إلى أنه إن كانت رغبتك في الالتحاق بكلية الطب هو للتخصص في الطب النفسي لتساعدي الناس في حل مشاكلهم والتخلص من أحزانهم, فهي رسالة سامية فعلا, ولكن الطب النفسي ليس السبيل الوحيد لها, بل هناك عدة سبل وهذا يتيح أمامك عدة خيارات لتختاري منها, اقرئي صفحة مصطلحات نفسية لتعرفي الفرق بين هذه الخيارات ومجال عمل كل منها..
وقد قيل: كلية الطب... ليست الأفضل دائماً .
أتمنى لك امتحاناً موفقا ومستقبلاً مشرقا مليئاً بالعطاء والسعادة..
ووصيتي الأخيرة لك هي:
اجعلي لنفسك برنامجا تعيشين به حياة متوازنة حيث تلبين بها كل احتياجاتك من علم وثقافة وترفيه مثمر وعبادة ورياضة وتنمية للعلاقات الاجتماعية بالزيارات وإنشاء الصداقات, كل هذا سيجعلك تعيشين حياة متوازنة غنية بالأفكار وبالتالي بالتطور, وهذا سيحميك حين تعرض لك بعض العقبات فتكونين قوية في مواجهتها ومتوازنة وقادرة على تقييم المواقف بشكل صحيح وبالتالي اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهتها..
بارك الله بك يا حبيبتي وبوعيك وبرغبتك أن تكوني ممن يمسحون الدموع ويرسمون البسمة على الوجوه الواجمة.. ولو تعلمين كم أسعدتني كلماتك هذه, أسأل الله لك أن يجعلك من سعداء الدارين.
ودمت سالمة لنا, ولا تنسي أن تخبرينا بتطوراتك الطيبة إن شاء الله.