القلق والتوتر..!؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
تحية طيبة وبعد إنني أعاني في الفترة الأخيرة من توتر وقلق كبير جدا، وغالبا ما يكون من مشاكل صغيرة لا تستدعي شدة القلق أو التوتر.
أيضا صاحب ذلك تقطع ساعات النوم، أي أستيقظ اكثر من أربع مرات في الليلة الواحدة، وكذلك انخفاض ساعات النوم عن المعتاد، فهل أنا مريض نفسيا وأحتاج إلى علاج؟
علما بأنه قبل ظهور هذه الأعراض بفترة وجيزة تعرضت لصدمات نفسية شديدة وانتهت.
14/09/2003
رد المستشار
الأخ السائل، أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين؛
أود أن أشير في البداية لنقطة هامة في رسالتك وهي أن الأعراض التي ذكرتها لنا قد يكون لها تفسيران:
الأول: وهو أن هذه الأعراض أعراض قلق ناتج عن الصدمات النفسية التي تعرضت لها.
أما التفسير الثاني: فهو أن هذه الأعراض أيضا قد يكون سببها عضويا فهي شبه إلى حد كبير أعراض زيادة إفراز الغدة الدرقية فهل راجعت طبيبا مختصا بهذا الشان؟
وعلى أي حالٍ فربما كان تشخيص حالتك على أنها حالة قلق هو التشخيص الأقرب للصحة وسأبدأ من نهاية رسالتك عندما ذكرت أنك تعرضت لصدمات نفسية ولكنها انتهت
فإنني أعترض بعض الشيء على كلمة انتهت فهي بالفعل انتهت في الواقع ولكن تأثيرها على نفسيتك لم ينتهِ وتسببت لك في القلق الذي تعانى منه الآن وتلك التي وصفتها في إفادتك هي أعراضه.
إن الصدمات التي نتعرض لها تزيد من آليات العمل النفسية وبالتالي يزداد الشعور بالتهديد وبتزايد هذا الإحساس فإن الفرد يصل لحد الاضطراب وفى هذه الحالة فإن بعض العقاقير المضادة للقلق تكون ذات فاعلية كبيرة وأحب أن أوضح أن القلق جزء من حياتنا ويعتبر في حد ذاته حرصا على الحياة ورغبه فيها، ولكن لماذا تركت نفسك تصل إلى هذه المرحلة فكما للبدن علينا من حق فإن للنفس كذلك حق فكما نريح أبداننا عندما تتعب فلماذا لا نريح نفسنا عندما تتعب؟ّ!
* أنصحك بالابتعاد لفترة عن هذه الضغوط وعن مسبباتها فإذا كنت تعاني بعض الشيء من العمل فخذ إجازة أرح فيها نفسيتك المتعبة هذه ونفس الحال إذا كان البيت هو مبعث الضغوط، أترك كل ما يسبب لك ضغوطا نفسية واسترح قليلا لا تفكر في أي شيء وابتعد بالسفر مثلا إلى مكان هادئ وسوف تكتشف أنك في هذه الفترة هدأت بعض الشيء ولكنى لازلت عند رأيي بأن تراجع طبيباً نفسيا وأعتقد أن الدكتور وائل أبو هندي سوف يتولى الاستشارة الطبية في حالتك هذه.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي من الواضح يا أخي السائل أن حالتك أقرب ما تكون مما اضطراب نفسي نسميه باضطراب القلق المتعمم Generalized Anxiety Disorder، وإن كان تشخيص مثل هذا الاضطراب يحتاج إلى أن تدوم معاناتك التي وصفتها لنا مدةً لا تقل عن ستة أشهر قبل أن يكونُ التشخيص أكيدًا، وهذا ما يجعلني أؤكد كلام الأخت الأستاذة إيناس مشعل في أنك تحتاج إلى العرض على طبيب نفسي متخصص، لكي يفرق بين الاحتمالات المختلفة لحالتك بما في ذلك الاحتمالات العضوية، ونظرًا لأنني أعرف أن اضطراب القلق إنما يمثل زيادةً لأعراض تمتد من الطبيعي والصحي والمفيد والذي يعانيه كل إنسان، وتتداخل متلصصةً أحيانا مع ما هو غير طبيعي ومرضي وضار، وعليك بمراجعة الرد التالي على صفحتنا استشارات مجانين:
اختلال الإنية وخلطة القلق والاكتئاب، ولعل في شرحنا التالي للعلاقة بين مستوى القلق ومستوى الأداء (أيا كان نوع الأداء) في الكائن البشري ما يبين كيف نستطيع الفصل بين القلق الصحي والقلق المرضي:
ففي بداية الأمر وعند مستويات منخفضة أو معقولةٍ من القلق نقول أنه كلما زاد مستوى القلق زاد مستوى الأداء، فمثلاً لأنني أعرف أن مهمةً معينة صعبة (وأنا أخاف من أن لا أؤديها بالمستوى المطلوب وأحس بالقلق بسبب ذلك) فأنا لذلك أحاول إتقانها أكثر من غيرها، وهكذا تؤدي زيادة مستوى القلق إلى تحسين الأداء في هذه المهمة، أي أننا نستطيعُ إذا أردنا وضع تصور بياني للعلاقة بين القلق والأداء فسنرسمُ خطا مستقيمًا متجها إلى أعلى ومائلا قليلاً في اتجاه زيادة القلق،
وبعد زيادةٍ أكبر للقلق بحيثُ يصبحُ مستواه على أقصى حدود القلق الصحي يمرُّ تأثيره على الأداء بمرحلةٍ لا يزيد الأداء خلالها ولا يقل! فنستطيع تمثيله بخط مستقيم أي لا يتجهُ لا إلى أعلى ولا إلى أسفل، وكأننا نقول أن زيادة القلق لا تقابلها زيادةٌ في الأداء، (وتقابلها بالطبع زيادة في معاناة الإنسان لكنها معاناةٌ بلا ثمن).
فإذا تجاوز القلق هذا الحد أصبحنا نتحدثُ عن القلق المرضي، وينعكس تأثيرهُ على الأداء، بحيث تصبحُ زيادة مستوى القلق تؤدي إلى نقص مستوى الأداء إلى حد القلق الذي يصيبنا بالعجز التام عن الفعل عافانا الله منه، وإذا أردنا أن نكمل التصور البياني، فما علينا إلا أن نرسم صورةً في المرآة للمستقيم الذي كان يتجهُ إلى أعلى عند مستوياتٍ منخفضةٍ أو معتدلةٍ من القلق، لكي يتجه إلى أسفل!
وفي النهاية أكرر لك أن حالتك تستدعي تقييما مباشرًا من طبيب نفسي متخصص فلا تتقاعس، واطلب العلاج، ونحن في انتظار سماع الأخبار الطيبة عنك فتابعنا بأخبارك.