الذاكرة
هناك الكثير من المواقف التي تمر بي وأحس أنها حدثت لي من قبل بالضبط وبنفس الترتيب
وأنا في أثناء هذه المواقف أعرف أن كذا سيحدث وفلان سيقول كذا وفلان سيفعل كذا وبالطريق الفلانية،
مع علمي بأنها لم تحدث هذه المواقف من قبل!
ولكنى أكون على علم تام بكل ما سيحدث بالترتيب الدقيق ما هذا؟
وجزاكم الله كل الخير
والسلام عليكم
14/7/2005
رد المستشار
الابن العزيز أهلا وسهلا بك، الحقيقة أننا ناقشنا ما تحكيه لنا من قبل على مجانين وقلنا – لا أذكر أين على مجانين-:
هذه تسمى ظاهرة الألفة Déjà vu Phenomenon، وتدرس في علم نفس الذاكرة تحت هذا الاسم، وتعتبر أحد اضطرابات الذاكرة Disorders of Memory أو الإدراك Disorders of Perception ، وتحدث في ما بين 30% إلى 96% في الاستطلاعات المختلفة للناس الطبيعيين، ويمكن أن تكونَ الألفة بصرية أو سمعية أو في أي من الحواس، وإن كانت الألفة البصرية هي أكثر ما يوصف، وهي تحدثُ أكثر في من هم دون سن الثلاثين سنة وتستمر عادة لثواني أو دقائق، لكنها ليست مرضية في ذاتها، ما دامت عابرة حتى لو تكررت في مواقف أخرى، إلا أن بقاءها (في الموقف الواحد) لفترة طويلة قد يشير إلى خلل ما في الفص الصدغي من المخ Temporal Lobe، ولهذا الفص علاقة بكل من التدين والوسوسة.
وأنت بسم الله ما شاء الله تتخيل سيناريوهات كاملة للأحداث، وبنفس الدقة والترتيب، ولكنك غير واضح لحد ما يلزمنا كأطباء نفسيين في قولك (هناك الكثير) مفتتحا إفادتك، فهل الكثير مرة في الشهر أم في الأسبوع أم في اليوم أكثر من مرة؟؟؟؟
وتقييم أهمية مثل تلك الإشارات الداعية إلى التأمل في أن غيبا منظما يحكم خبراتنا كما أراها شخصيا- فهذا رأيي في تفسير بعض أشكال هذه الظاهرة، وأعتبرها نعمة من الله يذكرنا بها أن نذكره – فقل سبحانك يا علام وكفى- هي داع لتأمل غير المادي الموجود في النفس والوجود، ويذكرُ المرءُ إزاءها قوله تعالى "وفي أنفسكم أفلا تبصرون"
المهم أن تقييمها من الناحية الطبنفسية يستلزم أن نعرف كثافة حدوث الظاهرة معك أكثر حتى من تفاصيلها لأن في ذلك ما يظهر لنا أثرها عليك في حياتك اليومية، وهذا هو المعيار الأدق للفصل ما بين كون الظاهرة النفسية أيا كانت مرضية من عدمه.
وليس سببُ ظاهرة الألفة معروفا فرغم محاولات كثيرين من الدارسين معرفة سببها فإننا نستطيع أن نقول أن كل دارس تقريبا قد فسرها بشكل خاص به، فهناك من فسرها بعدم تناغم عابر بين نصفي المخ حيث أن المفترض هو أن ندرك الموقف بالنصفين معا في وقت واحد وتحدث الألفة عندما يدركها أحد النصفين قبل الآخر فتبدو للشخص في الإدراك الأخير وكأنها حدثت من قبل، وهناك من فسرها بخلل ما في آلة تسجيل الذاكرة المتخيلة، بحيث يحدث التسجيل والاسترجاع في نفس الوقت فيتهيأ للشخص أنه مر بالموقف أو الخبرة الحسية من قبل، وهناك تفسيرات أخرى يضيق المقام هنا لذكرها.
وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين، فتابعينا بالتطورات.
ويتبع>>>>>: ظاهرة الألفة لثاني مرة مشاركة