أحب من لا يهتم بي
بدأت المشكلة عندما كلمت صديق لابنة خالي على البريد الإلكتروني, فأعجبت به فأضفته إلى قائمه أصدقائي بعد إذن من ابنة خالي التي لم تمانع لأنه لا يهمها على حد قولها بعد ذلك مضت سنه ولم أكلمه سوى إنه مرة أهداني تهنئة بمناسبة العيد بطاقة في الإيميل الخاص بي بعد مرور سنه صادف أن تكلمت معه أربع مرات فتعلقت به ولكنه عندما أحس بذلك بدأ بالتهرب!
ولا أدري ما العمل سوي أني أفكر به ليل نهار أرجو الرد بسرعة لو سمحتم،
مع الشكر الجزيل.
15/09/2003
رد المستشار
الأخت السائلة أهلا وسهلاً بك وشكرًا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، الحقيقة أن إفادتك على قصرها تستحق كثيرًا من التأمل وذلك لعدة أسباب تتعلق بشخصيتك التي لم تعطنا بيانات كافيةً عنها، كما تتعلق بالتغيرات الاجتماعية الهائلة التي طرأت على مجتمعاتنا على حال غفلة، بينما تلك المجتمعات غير مهيأةٍ بالمرة لتلك التغيرات.
فأولاً: تبدئين عرضك لمشكلتك بأنك كلمت صديق ابنة خالك على مرسال البريد الإليكتروني (أي الميسنجر وليس على البريد الإليكتروني نفسه كما ذكرت)، ثم بينت لنا أدبك الجم وأخلاقك الطيبة وطيبتك الزائدة أيضًا، إذ استأذنت ابنة خالك أن تضيفيه إلى قائمة أصدقائك على المرسال المذكور، والواضح أن بنت خالك عندما قالت لك أنه لا يهمها لم تكن تعني ما فهمته أنت من أنه كشخص حقيقي لا يهمها، فالحقيقة أنها تبدو أكثر خبرةٍ منك بالإنترنت، فقد كانت مدركةً تماما لأنها لا تعرف الشخص الحقيقي، وإنما تعرف الكائن الإليكتروني الافتراضي والذي لا يهمها لأنه مختلف عن الكائن البشري الحقيقي الذي نعرفه ونراه في حياتنا الواقعية، المهم هنا أنك استأذنت وكأنك تستعيرين من ابنة خالك شيئًا حقيقيا هيَ تملكه ولها الحق في إعارته لك أو منعه عنك!
وثانيا: يبدو واضحًا أنك فتاة حالمةٌ أكثر من المعتاد في مثل عمرك البالغ ما بين (20-25) كما ذكرت في بياناتك الشخصية، لأن شيئًا لم يحدث أصلاً بينك وبين ذلك الكائن الافتراضي (والذي سأسميه لك بالرجل الحلم كتعبير مجازي أخذته عن واحدة من صاحبات الاستشارات السابقة في صفحتنا) بما يستدعي أن تتكونَ داخلك مشاعرُ قوية أو حتى محددة تجاهه، فأنت تقولين في إفادتك بعد أن أخبرتنا بإضافتك له على قائمة أصدقائك على المرسال (بعد ذلك مضت سنه ولم أكلمه سوى إنه مرة أهداني تهنئة بمناسبة العيد بطاقة في الإيميل الخاص بي)،
فهل تدرين أن من الممكن أن يضغط مستخدم الإنترنت ضغطةً واحدةً على أيقونة أرسل ليقوم بريده الإليكتروني بإرسال بطاقة التهنئة بالعيد إلى عدد لا محدود من العناوين الإليكترونية، وأنا أعني هنا يا صديقتي أن ذلك الكائن الافتراضي أو الرجل الحلم ربما أرسل نفس بطاقة التهنئة التي هزت كيانك إلى كثيراتٍ وكثيرين وبمجرد ضغطة على جانب الفأرة بعد أن جعلها تشير إلى أيقونة أرسل! ويبدو واضحًا إضافةً إلى طيبتك الزائدة عن الحد، يبدو واضحًا أيضًا أنك حديثةُ عهد بالإنترنت، لأنك لم تضعي شيئًا من المحاذير والاحتياطات اللازمة في مخيلتك وأنت تتعاملين مع هذه الأداة العجيبة، فأنت تتعاملين مع الإنترنت ببراءة الأطفال بينما عمرك بين العشرين والخامسة والعشرين،
حيث تقولين في إفادتك (بعد مرور سنه صادف أن تكلمت معه أربع مرات فتعلقت به)، أي أنك بعد سنةٍ من إضافتك له على المرسال أرسل لك هو بطاقة تهنئة بالعيد (فهمت أنت في دنيا الأحلام بينما هو لم يفعل شيئًا في الواقع!)، وبعد سنةٍ أخرى (وأنت مستمرةٌ في الأحلام على ما يبدو) تكلمت معه بالصدفة أربع مرات فتعلقت به (ولكنه عندما أحس بذلك بدأ بالتهرب)، فيا له من ساحر، ويالك من حالمة! إذا كان قولك بعد ذلك هو (لا أدري ما العمل سوي أني أفكر به ليل نهار)؟؟؟؟
إن السؤال الملح الآن هو بمن تفكرين يا صديقتي؟ إن جميع الاحتمالات مفتوحةٌ فقد يكون ذلك الرجل الحلم ولدًا مراهقًا وقد يكونُ رجلاً تجاوز الأربعين متزوج وله أطفال وقد يكونُ وسامحيني مجرد شابٍ لعوب بل ليس هناك ما يمنع إطلاقًا من أن يكونَ واحدةً من صديقاتك! أو امرأة في أي مكان من العالم! هل تدركين معنى ذلك؟
إن أحد أهم خصائص الدخول على الشبكة هو أنك تستطيع أن تختار لنفسك أي ذاتٍ تريد وليس هناك ما يجبرك أو من يجبرك (غير ضميرك الذي غالبًا ما لا تمتلكه الأداة بإمكاناتها الهائلة والمفتوحة) على أن تكونَ صادقًا في أي شيء!
أنا أعرف أن الكلام الذي أقوله قد يكونُ مرعبًا لكن هذه هي الإنترنت وهذه هي أصول اللعبة التي لم تدركيها إلى الآن، فنحن إذا أردنا أن نخمن أسباب تهربه حين أحس بتعلقك به فإننا أيضًا سنجد جميع الاحتمالات مفتوحة، فقد يكونَ طيب القلب وأشفق عليك لأنه مرتبط مثلاً، وقد يكونُ تهرب منك لأنه لا يقبل بإقامة علاقة مع فتاة إنترنت، وقد يكونُ لأنه أحس بصدقك وسذاجتك في التعامل فخاف عليك من أن تصدمي عند معرفة الحقيقة التي هي أيضًا بحر احتمالات مفتوحة وإلى حد أنه قد يكونُ امرأة تدخل بذات رجل إليكترونية ،
وقد يكونُ على الوجه الشرير من الاحتمالات تهرب منك لأنه يريد أن يوصلك إلى الحالة التي أنت فيها الآن! أي التفكير فيه ليل نهار، وبالتالي تضعفين وتستجيبين لكل ما يطلب! وأنا هنا لا أسيء الظن وإنما فقط أؤكد على كون كل الاحتمالات مفتوحة.
بقي لدي احتمالٌ واحد هو أن تكوني أنت لم تذكري لنا كل شيء مما دار بينكما، على أساس أن كثيرًا من الجدل الفقهي والاجتماعي يدور الآن حول حكم العلاقة الإليكترونية بين الشاب والفتاة المسلمين، ومعنى ذلك أن احتمال كون علاقتك بذلك الكائن الافتراضي، أو الرجل الحلم كما سميناه، كانت أكثر مما ذكرت لنا في إفادتك هو احتمالٌ قائم ربما بدافع الحياء وربما وربما، فأما إن كانت للقصة أبعادٌ أخرى فنحن في انتظار متابعةٍ منك تذكرين فيها التفاصيل التي أهملتها في إفادتك الأولى،
وننصحك بعد ذلك بقراءة الردود التالية لمستشارينا على صفحتنا استشارات مجانين لتعرفي كثيرًا عن العلاقات الإليكترونية وعن أبعادها وعن ألعاب الإنترنت وعن الذوات المتعددة وذلك تحت العناوين التالية:
هل يوجد حب عن طريق النت م
العلاقة عبر الهاتف ليست صداقة
العلاقة عبر الهاتف ليست صداقة شكر ومتابعة
عاشقة الأكشن جريئة وتبحث عن الحنان
ولكن الأمور إن كانت في حدود ما ذكرت فإن ما يجب عليك فعله هو أي شيء نافع ما عدا محاولة الاتصال به لأن في ذلك ما يضعفك ويجعلك عرضةً للوقوع في الخطأ، كما أن إلحاحك أنت عليه قد يفتح بابا لتأثير الشيطان عليه هو فيرى فيك فتاةً يستطيع اللهو معها (هذا إن كان قد أعرض عن اللهو خوفًا من الله أو لأنه صاحب قيم)، ونحن في النهاية نتمنى أن تراجعي الأمر في داخل نفسك جيدًا وتابعينا بأخبارك.