أحب الموت من كل قلبي
لا أدري من أين ابدأ المشكلة ولكن أدري أنني لا أحب العمل وأتهرب دائماً منه وأعاني من الوحدة دائماً وأفضل الموت على عملي ولكن خشية الله تعالى أولاً ثم أنني أعول أسرتي التي يبلغ عددها 18 ولله الحمد هو ما يحول بيني وبين طريق الموت.
وقد راجعت طبيبين نفسيين وصرفا لي ريمرون وزيباركس ولم أجد نتيجة وقد تناولته ما يقارب شهر ونصف ولكن لم تتحسن حالتي النفسية إنما تحسن النوم فقط وكان التشخيص اكتئاب
وأحب أن أستفسر عن حالات الاكتئاب هل تستمر لدى المريض لعدة سنوات أم هي عارض شهري فقط لأنني لازلت أتناول تلك الأدوية واتجهت حالياً إلى الطب الشعبي والمشايخ حيث يقول البعض منهم أنني مصاب بنفس أو "عين" والطب النفسي يقول اكتئاب وأنا لازلت تائها بين الاثنين ولا أدري هل هذه الحالة ستستمر لسنوات أم ما هو الحل؟
وربما يكون جديراً بالذكر أن والدي كان لديه اكتئاب وكان يراجع مستشفيات نفسية وتم تنويمه عدة مرات بالمستشفى النفسي فهل يكون الاكتئاب وراثيا لدينا وهل سيستمر هذا المرض لعدة سنوات أم له علاج .
12/08/2005
رد المستشار
أخي الفاضل "رياض" من السعودية
لقد قرأت شكواك بكثير من التأمل والصبر والتعايش مع معاناتك ولكن لن أقف موقف من يتفرج بل سأحاول جهدي موضحا ومرشدا لك عسى أن تجد ضالتك وأشكر أخي الفاضل أ.د. وائل أبو هندي وإخواني في صفحتنا مجانين نقطة كوم إذ سمحوا لي بالمشاركة في الرد على رسالتك وشكواك فإن مثل حالتك من الحالات التي تثير اهتمامي وتشجعني على زيادة البحث في هذا المجال ولتعلم يا أخي أن الاكتئاب النفسي هو مرض العصر ومن حسن الحظ أنه يمكن علاجه لدرجة أن 80-90% من الذين يواظبون على العلاج الموصوف لهم يتم شفائهم بدرجة كبيرة ولكن من سوء الحظ أن المريض لا يشعر به في بداياته فيعتقد أنه ضعف بالإرادة أو خذلان في النفس أو قلة إيمان ولا يلجأ للعلاج إلا بعد زيادة شدة ووطأة الحالة وأحينا لصعوبة تشخيص المرض.
ولتعلم يا أخي أن هناك أكثر من 35 نوع من الاكتئاب فمنهم التفاعلي والوجداني ومنهم البسيط والمتوسط والشديد ومنهم أحادى القطب وثنائي القطب ومنهم الذهاني (العقلي) والنفسي ولذا فتشخيص المرض قد يحتاج إلى جهد وصبر وتفهم من الطبيب.
والاكتئاب مرض شائع في المجتمع ونسبة الإصابة به 1 : 20 من كل شخص في المجتمع سنوياً ونسبة الإصابة به بالنسبة للنساء إلى الرجال 2 : 1 وهن أكثر عرضة للإصابة عن الرجال وقد فسر ذلك بأن النساء تتعرض لضغوط اجتماعية وبيولوجية بصورة دائمة. من الممكن أن يصاب الشخص ببعض هذه الأمراض في أي مرحلة سنية وإن كانت أكثر ما تكون في السن من 24 - 44 سنة.
ويتميز الاكتئاب عموما بعدة أعراض رئيسية وأهمها:
1. اضطراب المزاج فيميل الشخص للحزن واعتلال المزاج.
2. شعور بالإحباط والزهق والملل.
3. عدم الاستمتاع بمباهج الحياة.
4. اضطرابات بالنوم وقد تكون في صورة صعوبة في النوم أو كثرته.
5. فقدان الشهية للأكل أو الفرط في الأكل بشراهة.
6. سرعة التعب من أي مجهود.
7. صعوبة في التركيز والتذكر واتخاذ القرارات.
8. نظرة تشاؤمية للماضي والحاضر والمستقبل.
9. التفكير في إيذاء النفس أو المحيطين كالانتحار أو القتل.
10. الشعور بالذنب الدائم أو العصبية الدائمة.
ومن الواضح أن أسباب الاكتئاب لديك بيولوجية فقد تفضلت قائلا " جديراً بالذكر أن والدي كان لديه اكتئاب وكان يراجع مستشفيات نفسية وتم تنويمه عدة مرات بالمستشفى النفسي". فقد وجد أنه هناك عوامل وراثية لظهور الاكتئاب في بعض العائلات. كما أن هناك بعض الأشخاص ممن لهم سمات تؤهلهم عن غيرهم للإصابة بالاكتئاب ومنها: الروح الانهزامية، الاعتمادية علي الغير، المتأثرون بالمتغيرات الخارجية والشخصيات التي لها دائماً نظرة تشاؤمية للأمور.
فالجينات المسئولة عن حدوث الاكتئاب تؤدى إلى تغيرات في بعض كيميائيات المخ من أهمها مادة السيروتونين ومادة النورادرينالين ومن المعتقد أن لهما دوراً هاماً في حدوث الاكتئاب النفسي عند نقصهما. وكذلك لاحظت أن لديك بعض الظروف الاجتماعية الضاغطة وهي أنك متزوج وتعول أسرة مكونة من 18 فرد مع دخل متوسط مما يزيد الإحساس لديك بالمسئولية والحمل الثقيل.
وأما سؤالك عن العلاج فقد توصل الطب الحديث والحمد لله إلى علاج أغلبية الذين يعانون من الاكتئاب حيث أن هناك أكثر من طريقة لعلاج الاكتئاب منها أنواع عديدة من العلاجات منها الدوائية مثل مضادات الاكتئاب (وتعمل مضادات الاكتئاب على تصحيح تركيز بعض المواد الكيماوية في مخ الانسان) ومنظمات المزاج والعلاج بالصدمات الكهربية وكذلك من أنواع العلاجات العلاج النفسي والسلوكي والمعرفي والأسري والعائلي. وسوف يكون الشعور بالتحسن تدريجيا فكل أنواع مضادات الاكتئاب تستغرق وقتا حتى تقوم بمفعولها فلو حدث هذا فلا تفقد الأمل إذا لم تشعر ببعض التحسن مباشرة بعد تناول العلاج وفي الأيام الأولى من تناول الدواء سوف لا تشعر بآي فرق ظاهر فبالرغم من أن بعض الأعراض تختفي في خلال أسبوع أو أسبوعين، إلا أنه أحيان كثيرة يستغرق العلاج من 4 الى 6 أسابيع حتى يظهر التحسن عليك قبل أن تلاحظه أنت.
ويستمر العلاج بالعقاقير لمدة لا تقل عن ستة أشهر إذا كانت هذه هي النوبة الأولى ولكن إذا كان الاكتئاب مزمنا أو متكررا فقد تزيد فترة العلاج الدوائي إلى مدد أطول قد تصل إلى ثلاث سنوات وحتى تتوصل إلى أحسن النتائج يجب أن نتناول الدواء كما وصفه الطبيب، فتناول جرعة أكثر أو أقل من الموصوف لن تكون ذات فائدة. وتذكر أن الإهمال في تناول والنسيان المستمر للجرعات العلاجية قد يؤدي إلى تباطؤ في التحسن والشفاء. بالطبع لا تتوقع أن أي علاج يمكن أن يلائم كل إنسان فإذا لم تشعر بالتحسن بعد مدة طويلة من العلاج وبدأت حالتك تسود أو أخذت تعاني من أعراض جانبية غير محتملة الرجاء الاتصال بطبيبك الخاص حتى ينظر في الموضوع مرة أخرى وقد يصف لك علاجا آخر.
وأريد أن أضع لك بعض النقاط لتساعد نفسك للتخلص من معاناتك فالإحساس بالعجز واليأس نوع من التفكير والمشاعر وجزء من أعراض مرض الاكتئاب وهذا يعني أن هذه الأفكار لا تعكس الحقيقة ولا الواقع وأنها سوف تزول مع زوال الأعراض وإلى أن تخف حدة المرض أنصحك بالآتي:
1. لا تجعل لنفسك أهدافا عالية وصعبة المنال أو تتطلب قدرا عاليا من المسئولية.
2. قسم المهام الكبيرة إلى أجزاء صغيرة واعمل ما تستطيعه منها.
3. لا تتوقع الكثير من نفسك فان ذلك سوف يعطيك الإحساس بالفشل.
4. حاول أن تكون مع الآخرين وتجنب الوحدة قدر المستطاع وانغمس في نشاطات مريحة مثل التمارين الرياضية ومشاهدة المباريات الرياضية والخروج مع الأصدقاء ولكننا ننصحك بعدم المبالغة في ذلك فقد تؤدي الى عكس المطلوب.
5. لا تقرر قرارات مهمة حول مستقبلك أو حياتك مثل الزواج أو الطلاق أو الاستقالة من العمل من دون أن تستشير أناس مهمين حولك من شأنهم أن يروا حقائق حياتك بصورة أصح وانتظر حتى تذهب أعراض الاكتئاب قبل أن تتخذ مثل تلك القرارات.
6. لا تتوقع أن تخرج من حالة الاكتئاب بسرعة أو بسهولة ولا تلوم نفسك على عدم قدرتك على ذلك.
7. تذكر أن لا تقبل أو تتقبل التفكير السلبي أو المتشائم فهذا النوع من التفكير أو التفكير أو النظرة إلى الحياة جزء من الاكتئاب وسوف يزول معه .
8. دور العائلة مهم في مساعدتك لأنك قد لا تكون على أتم صحة أو مزاج، من المهم أن يعرف أفراد العائلة عن طبيعة ما تعانيه فنرجو أن تجعلهم يطلعون على محتويات هذا الموضوع.
أما الذهاب للمعالجين الشعبيين والعلاج بالقرآن فهذا أمر يستحق الدراسة والرد فمن وجهة نظري أن العلاج بالقرآن من الأمور الضرورية ولكن يجب أن يتوازى ذلك مع العلاج الطبي ولا تنس الآيات الكريمة " واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربّه أني مسّني الشيطان بنصب وعذاب. أركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب . ووهبنا له أهله ومثلهم معهم رحمة منّا وذكرى لأولي الألباب، وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث ، إنا وجدناه صابرا نعم العبد إنه أوّاب "...صدق الله العظيم.
واقرأ من على استشارات مجانين:
فقدان الطعم والمعنى جوهر الاكتئاب
معاناة وقلق مواجهة الاكتئاب
الاكتئاب الجسيم كيف يسلب الإيمان؟
ملتزم من الطراز الرفيع: فخ الاكتئاب بالقلق
الاكتئاب الجسيم يفتح للشيطان! كلاكيت2
خلطة القلق والاكتئاب ومسرح الجن !
هو يقول ، ونحن نقول ... أين البحث العلمي
وبعد أخي الفاضل
يجب عليك الإسراع إلى أقرب طبيب والاستمرار معه والسمع لنصحه والإكثار من ذكر الله حتى يتم شفائك بأمر الله تعالى ولنا لقاءات أخرى متمنيا لك الشفاء والثواب.