السلام عليكم
أولا: أعتذر للدكتور وائل لأنني أرسلت المشكلة من قبل ولكنني أبعثها من جديد لأنني لم أتلق رد....... فأتمنى أن لا يزعج حضرتك؛
تتعلق المشكلة بصديقة تعرفت عليها منذ فترة قصيرة.......ولكنني تعلقت بها كثيرا أحببتها، المشكلة تكمن في أنني أشك أنها على علاقة بشاب لأنها أخطأت مرة أمامي....لا أريد أن أتخلى عنها وكل ما أتمناه أن اقف بجانبها وأن أساعدها في التخلص من هذه المشكلة أنا أشك في ذلك فهل أصارحها بشكوكي علما أنني اشعر دائما أنها غامضة وتحاول إخفاء كل شيء عني، أرجوكم انصحوني ماذا أفعل؟
أتمنى عدم إظهار معلوماتي الخاصة.
16/09/2003
رد المستشار
الأخت العزيزة؛ وصديقتنا القادمة على مجانين، نحن الأولى بالاعتذار وليس أنت، ونرجو أن تعذرينا وأن تقبلي اعتذارنا، ففي غمرة الضغط غير المتوقع الذي حدث مع بداية استقبالنا للاستشارات على موقع مجانين، في غمرة ذلك حدث ما حدث معك مع كثيرين ولعلني أجدها الآن فرصةً لأعتذر للجميع فيما يتعلق بموضوع سؤالك اليوم، فإننا لا نستطيع الإجابة عليه خارج إطار مشكلتك الأخرى التي سنجيب عليها على وهي " الوسواس والحسد وحال اللغة العربية"،
ففي فهمنا لنوعية ميولك الوسواسية وتركيبتك المعرفية نستطيع القول بأنك عندما تشكين في أحد فإن هذا الشك يعذبك عذابًا شديدًا، وفي نفس الوقت لا نستطيع أن نقول لك كفي عن التفكير في أمر صديقتك تلك لأنك لن تستطيعي إذن فعندنا الآن خيار المواجهة، فما هي يا ترى العواقب التي قد تترتب على مواجهتك لصديقتك تلك؟ وما هو أصلاً حكم مواجهتك لها؟
*وسأبدأ أولاً بذكر بعض الحقائق عن الصداقة وعن واجبات الصديق تجاه صديقه، وحدود ذلك أيضًا:
فكل إنسانٍ يحتاجُ إلى أصدقاء، لأن الإنسان كائنٌ اجتماعي، ولكن دور الصديق أو الأصدقاء في حياة أيٍّ منا يتعدى مجردَ أن نختاره على أساس احتياجنا، لأننا على سبيل المثال قد نحتاجُ أحيانًا إلى من يخدعنا ويكذبُ علينا، وقد نستريح له ونثق فيه طويلاً إلى أن نكتشفَ بعد فوات الأوان أننا أخطأنا، وقد قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه: (صديقك من صَدَقَك لا من صدَّقك)، أي من لم يقبل منك أي كلامٍ تقوله حتى ولو كان كذبًا، أي لم يقبل منك أن تكذبَ عليه ولا على نفسك ولا كذبَ هو عليك،
وبقول الشاعر العربي:
أتَطلب صاحباً لا عيبَ فيهِ؟! وأيُّ الناسِ ليسَ لهُ عُـيوبُ؟!
فإذا اتفقنا على أن كل إنسانٍ لابد أن فيه عيبًا أو أكثر لأننا كلنا بشر، فمن هو الجدير يا ترى بأن نصادقه؟، أول الصفات التي تجعل إنسانا ما صالحًا لأن يكونَ صديقًا هيَ أن يتصفَ بالأخلاق التي تتماشى مع أخلاقنا، ومن يبدون الرغبةَ في الاقتراب منا، ومن لا يملون حديثنا، ومن يعترفونَ بخدماتنا لهم ويردونها قدر استطاعتهم، ومن إذا قلنا الحق صدقونا وإذا كذبنا نبهونا، ومن إذا رأوا حسناتنا أشادوا بها، فهؤلاء أناسٌ يحبوننا ويخطبون ودنا، وكذلك من إذا غبنا ذكرونا بالطيب ودافعوا عنا، وإذا اعتبرنا معك أن صديقتك الآن تمرُّ بأزمةٍ رغم أنها لم تقل لك ذلك ولم تشتك لك منه،
وإنما باعث القلق الذي تعانينه هو خوفك أنت عليها، فما المانع من مواجهتها إذن؟ إن مواجهتها فضلاً عن كونها من واجباتك نحوها، أيضًا ستكشف لك أي نوعٍ من الصديقات هي، فالفيصل إذا أردت اختبار صلاحيتها لأن تكونَ صديقةً لك أم لا هو أن تقومي باختبارها، فأنت تبدين استعدادك للوقوف معها في أزمتها التي تتوقعينها، والمفترض أنها ستسعد بذلك منك أو ستقبل منك ذلك على أقل تقدير، لأنك صديقتها ويفترض منها أن تكون هي أيضًا مستعدةٌ للوقوف معك في وقت الأزمات؟ فهل هيَ جاهزةٌ إذا عبرت لها عن حاجةٍ ما تحتاجينها هل هيَ جاهزةٌ لتلبية تلك الحاجة قدر استطاعتها؟
وقد قال الشاعر العربي: (جزى الله الشدائد كل خيرٍ عرفت بها عدوي من صديقي) وهل إذا عبرت لها عن نيتك مثلاً فعل خطأ ما هل تحرص على نصيحتك ومنعك من الوقوع في ذلك الخطأ؟ هل إذا غبت تسأل عنك؟ وأشياءٌ كثيرةٌ غير ذلك تستطيعين بها اختبار تلك الصديقة،
فماذا إذا لم تقبل منك ذلك واعتبرته تعديا منك وتدخلا فيما لا يخصك؟ هنا ستكونُ هذه الصديقة غير جديرةٍ بصداقتك، إلا في ظل احتمال واحد هو أن تكون حكاية الشكوك التي تعانين منها كلها مجرد وساوس لها علاقة باضطراب الوسواس القهري لديك والذي لم تخبرينا بأي شيء عنه منذ زمان بعيد فآخر ما وصلنا منك كان أنك اصطحبت إحدى قريباتك إلى طبيبة نفسية، ولم تذكري لنا إن كنت تابعت أم لا ؟ وهذا ما جعلنا في حيرة من أمرك، نتمنى أن تزيليها بالمتابعة معنا هنا، ونحن دائما في انتظار سماع الخير عنك.