غواية الانتقام: النار تحرق حاملها
السلام عليكم؛
دكتور أحمد... أعجبتني إجابتك... طريقتك تربوية جدا، كم تمنيت أن يكون ولو شخص واحد من حولي يفكر كما تفكر... ولكن أود أن أطرح سؤالا، ماذا يجب أن نفعل بنار الانتقام التي تكوي ضلوع ضحيتها؟؟
أنا شخصيا تعرضت في العمل، وفي الشارع بين السيارات لمواقف أشعر فيها بنار الانتقام... فلا أزال أحاول أن انتقم بيدي، وحصل أن انتقمت من أحد ما شر انتقام بيدي.. وإذا لم أستطع، فإنني أدعو عليه ليل نهار حتى أرى فيه ما يشمتني، ولو أصابته دعوتي في أهله وماله، فلا أهتم له، ولا أشفق عليه.... أعلم أن هذا خطأ، ولكن ماذا أفعل؟؟
أحد الطرق التي أعملها بنفسي هي طريقة التبرير، ولقد نجحت معي هذه الطريقة نجاحا باهرا... ولكنها لا تعمل في حالات الظلم العظيم...
فهل تساعدني؟؟
20/7/2005
رد المستشار
كلنا يتعرض لمواقف يقع عليه فيها ظلم بشكل أو بآخر، ويرد على تفكيره أن ينتقم، وقد يتمكن، وقد يعجز، فما هي طريقة التفكير المنهجية في هذه المسألة؟!!
يرشدنا ديننا إلى أن رد العدوان مشروع بنفس أو بمثل حجم ما وقع علينا، ولكنه أيضا يشير إلى أن الصبر والتسامح هو خير لمن يصبر ويتسامح، وحتى في الدعاء فإنه يحسن ألا يدعو الإنسان بإثم أو قطيعة رحم، ولكن يجوز له أن يدعو على الظالمين، وفي دعاء نوح على من أصروا في التكذيب والعداوة للدين نموذجا لهذا، ومنطق الإسلام في هذا أن البناء أولى من الهدم، وأنه خير للجميع أن يهدي الله الظالم فينصف المظلوم، ويرد له حقوقه، من الدخول في مسلسل الظلم والانتقام، ولكن الحياة لا تسير بوتيرة واحدة، أبدا، ويمكن النظر والاختيار بين البدائل على قدر قرب الظالم وسابقة العلاقة معه.
فلا يكون الموقف من ذوي القربى والأحباء إذا ظلموا وتجاوزوا مثل الموقف من الأعداء ففي النوع الأول قد يجدر بنا أن نلتمس الأعذار، وندعو بالهداية، ونتذرع بالصبر، بينما في الحالة الثانية نرد العدوان، وننتصر لأنفسنا، ولا نتجاوز إلى العدوان الزائد أو الانتقام المبالغ فيه، وتبقى فئة هي ليست من الأحباء ولا من الأعداء وهنا توزن المصالح والمفاسد، ويختار المرء ما يرى أنه الأولى والأفضل لنفسيته ولإرضاء ربه، في حالة أن يختار الإنسان التسامح فله أن يستعين على ذلك بكل قوى العقل الضابط الحكيم، وليتمسك بالتفسيرات والتأويلات والتدريبات التي تعينه على أمره، وليملأ قلبه بمشاعر الاستعلاء فوق موقف الضحية إلى درجة صاحب الفضل والمنة فيكون بذلك أقرب إلى صاحب الفضل العظيم، والمنة الكبرى، رب العالمين سبحانه وتعالى، متخلقا ببعض أخلاقه جل وعلا، ولله المثل الأعلى. والله أعلم.
ويتبع>>>>>>>>>> غواية الانتقام : النار تحرق حاملها مشاركة1