أحلام اليقظة المرضية
السلام عليكم
مشكلتي هي أحلام اليقظة المرضية، لقد دمرت حياتي، رسبت في الجامعة، أشعر بإحباط كبير كل صديقاتي انتهوا من الدراسة وأنا لا زلت في السنة 2.
حاولت التخلص منها وحدي ولم أنجح، مع استحالة أن أذهب إلى طبيب نفسي
وأنا أرجو منكم أن تقدموا لنا برنامجا للعلاج كذلك المقدم لعلاج الوسواس القهري وذلك إذا أمكن.
وشكرا
26/08/2005
رد المستشار
أختي الفاضلة من الجزائر:
أولا أحييك بتحية الإسلام (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته) أقدر معاناتك كثيرا ولكن بداية أود أن أوضح بعض الأمور فأحلام اليقظة نعمة من نعم الله على الإنسان يستطيع من خلالها أن يفرغ كثيرًا من معاناته النفسية. كما أنها تخفف كثيرا من الضغوط التي يتعرض لها الإنسان أثناء ممارسة حياته اليومية. وتعتبر أحلام اليقظة في حدود الصحة النفسية إذا لم تؤثر على أنشطة وفعاليات وواجبات الإنسان اليومية. وتعتبر وسيلة للتنفس عن بعض الرغبات المكبوتة أو المحبطة وهي بذلك تؤدي فائدة كبيرة لكثير من الناس حينما تقسو عليهم ظروف الحياة ، ثم إن أحلام اليقظة قد تكون أحياناً من أسباب تجديد القوة وإثارة الهمة وزيادة المجهود لتحقيق ما يصبو إليه الإنسان.
كما أن أحلام اليقظة ظاهرة طبيعية جدًّا إذا كانت في حدودها المعقولة، وهي منتشرة في الأطفال والمراهقين والبالغين على حد سواء ولكنها تقل مع تقدم السن، وهذه الأحلام تؤدي إلى خروج الإنسان من حالة الحزن والقلق والتوتر والكآبة ويفسرها البعض على أنها انعكاس لمدى طموح الإنسان. وتقوم أحلام اليقظة بدور كبير في حياة الناس عامة كوسيلة دفاعية يتحقق بها الإشباع الخيالي للرغبات المعاقة أو المكبوتة ، أو كوسيلة للهروب من الواقع القاسي المؤلم، أو كوسيلة للتعويض عن فشل أصاب الإنسان.
ولأحلام اليقظة أنواع كثيرة فمنها أحلام البطولة وأحلام العدوان وأحلام الاستشهاد. وقد تكون نتيجة للشعور بالذنب أو لرغبة في التكفير عن ارتكاب ذنب أو خطأ ما، أو لرغبة في الحصول على اهتمام وعطف الناس.
ولأحلام اليقظة مضاراً أيضا وتتميز ببعض السلبيات وتكون مرضية، ويحدث هذا إذا أدت إلى انفصال الإنسان عن الواقع من حوله وانشغل بها معظم الوقت، وأثرت على نشاطاته العملية والاجتماعية، وترتب عليها تصرفات غريبة أو سلوك شاذ، وتداخلت معه على نحو معوق أو ضار وتكون هي الوسيلة الوحيدة لملء أوقات الفراغ ثم تتمدد لتملأ أوقات العمل على حساب حقوق الذات والآخرين وأصبحت نوعاً من الهروب أو الانسحاب من الواقع.
والمشكلة ليست في أحلام اليقظة في حد ذاتها، ولكن في كَمِّها وفي مدتها. فإذا تحول حلم اليقظة إلى كل العمل أو إلى معوق عن العمل أو التحصيل الدراسي بمعنى أن يظل الإنسان يحلم أغلب الوقت. فإننا نكون بصدد حالة مرضية؛ لأنها تعوق الإنسان عن أداء وظيفته وتخرجه من عالم الواقع الذي يعيش فيه إلى عالم من الأوهام لا ينتهي ولا يستطيع أو لا يريد أن يفيق منه.
وعلى كل حال أود منك أن لا تعتبري أحلام اليقظة التي تعانى منها شراً ينبغي مقاومته في ذاته ولكن اعتبريها منحة يجب أن تشكري الله عليها، ويمكنك البدء في ترويضها واستثمارها بطريقة إبداعية وممتعة، ومن وسائل هذا:
1. عليك أن تعلمي أن أحلام اليقظة تعطينا فكرة عن طموحاتنا وأهدافنا، وما نراه في أنفسنا أو في واقعنا من عيوب، ونود إصلاحها.
2. أن يكون الدافع لديك قويا للعمل الذي تقومين به(مثل أي نشاط واقعي كالمذاكرة).
3. أن تضعي أمام عينيك دائمًا الهدف أو الأهداف الذي تعملي من أجلها والتي تريدين أن تصلي إليها.
4. أن يكون لديك خطة في عالم الواقع لتصلى إلى ما تحلمي به.
5. أن تبدئي في إعادة ترتيب حياتك لاستثمار هذه الطاقة بدلا من كبتها وذلك بالاندراج في أنشطة كثيرة نافعة، وممتعة مثل:
=607; الكتابات الأدبية التي يتم بناء شخصياتها وأحداثها من الخيال ومخزون تفاعلاته وصوره.
=607; الرسم أو الأنواع الأخرى من الفنون والتدريب عليها.
=607; الرياضة.
6. التواصل مع الآخرين ومشاركتهم سواء فعليا أو عن طريق الإنترنت ويمكن اطلاعهم على ما صنعتيه وبهذا لا يكون الخيال بديلاً عن التواصل الإنساني بل داعماً له.
7. بالنسبة للمذاكرة فيمكنك تغيير طرق التذكر وهناك مقالة للأستاذ الدكتور محمد المهدي عن موضوع طرق التذكر والتحصيل فيمكنك الاطلاع عليها.
وبعد فإن لم يصلح معك هذا الإرشاد فأنت في حاجة فعلا لاستشارة طبيب نفسي فقد تكون مثل هذه الأحلام عرضا لاضطرابات نفسية أخرى تعانين منها وتحتاج لفحوصات نفسية أو فحوصات أخرى وقد تحتاجين للعلاج بالعقاقير النفسية المساعدة.
أرجو لك التوفيق في التغلب على معاناتك وتواصلي معنا للاطمئنان عليك.
واقرئي أيضا:
استراتيجيات لتحسين التركيز والذاكرة
لماذا ننسى؟
أحلام اليقظة الاكتئابية ؟؟؟
الوسواس القهري وأحلام اليقظة !