القصص والتخيلات:
بسم الله الرحمن الرحيم
في البداية أرجو من السيدة فيروز عمر أن تساعدني في حل هذه المشكلة وإذا لم تتمكن فأي مرشدة وليس مرشد مع الرجاء بحذف ما بين الأقواس.
لربما هذه المرة الأولى التي أرسل فيها بأي مشكلة، فأنا والحمد لله محاطة بأهل وأصدقاء عدة ولكن هذه المشكلة مغايرة من نوعها فلقد أحببت أن أبوح بها لشخص لا يعرفني.
أنا والحمد لله ملتزمة نوعا ما أحفظ ما يقارب 22 جزءا من كتاب الله، بدأت مشكلتي من سنة تقريبا حينما بدأت أعرف (كيفية التزاوج وما إلى ذلك من أمور) وما زاد ذلك اطلاعي على هذه الأمور من خلال كتب واستشارات دينية أو علمية إضافة إلى وقوع عيني على (قصص توصف بالإباحية).
أنا (لم أمارس العادة) إطلاقا والحمد لله والمشكلة هي أنني عندما أطلع على الانترنت أقوم بتصفح هذه (القصص) إضافة إلى (تخيلي ما يجري بهذه القصص).لا أعرف متى سأنتهي من هذه الأمور التي تكسبني إحساسا بأني منافقة، لقد حاولت جاهدة ولكن سرعان ما أجلس لتصفحها أو تخيلها. هل يقبل الله التوبة بعد محاولة التوبة مرة ثم الرجوع إلى الذنب مرة أخرى؟؟
كم هو الذنب عظيما وكم هي النفس متعبة أشعر بالنفاق. الجميع يعتقد بأني تلك الفتاة الملتزمة ووالله أنا أحاول ذلك ولكن المعاصي تغلبني. هل أنا منافقة وهل أنا فاشلة، علما بأني لم أشاهد أي (أفلام مخلة) بحياتي، أرجوك أن تساعديني كأخت لا كمنظر فأنا بحاجة إلى من ينشلني من هذا الركام.
26/08/2005
رد المستشار
أختي الكريمة:
دعينا نتفق على نقاط هامة في البداية..
النقطة الأولى:" هل يقبل الله التوبة بعد المحاولة مرة ثم الرجوع إلى الذنب؟
أقول لك يا ابنتي ولو لو لم تكن الإجابة (نعم) لكان مصيرنا كلنا نار جهنم !!،كلنا يذنب ويعود مع اختلاف نوع الذنب ودرجته.. وأنا أعتقد أن المهمة الكبرى للشيطان هي أن يزرع في نفوسنا اليأس من مغفرة الله واليأس من التوبة ... ولذلك يقول الله تعالى:" أنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون" ،ويقول:" قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله"..،ولكن المهم هو أن يكون لدى الإنسان القوة والإيمان وحسن الظن بالله ما يدفعه دائما للعودة وبسرعة مهما كان عدد مرات الإخفاق والفشل ..
النقطة الثانية: هل أنا منافقة؟
لو كان كل مذنب منافق؟ فكلنا منافقون يا عزيزتي!!
المنافق هو الذي يتعمد أن يخدع الناس وهو الذي يظهر بوجهه مخالف لما في قلبه، فيدعي التقوى والورع من أجل مكسب مادي أو اجتماعي ثم عندما يخلو بنفسه أو بأقرانه من المنافقين يظهر حقيقته التي هو راض عنها وسعيد بها والتي يرى أنه يضطر لإخفاء وجهها القبيح ليس لأنها خطا – ولكن لأن هؤلاء المتدينون البلهاء.. من وجهة نظره – لن يقبلوه إلا إذا وضع هذا القناع..
هذا هو النافق، أما العبد الضعيف الذي تغلبه ذنوبه فلا يرضى عنها ويندم عليها، ويتضرع إلى الله أن يعينه في التخلص منها ويصدق في عزيمته ونواياه. هذا ليس من المنافقين، بل هو ممن قال الله تعالى عنهم"إن الله يحب التوابين" ليس معنى كلامي أن تطمئني وتتوجي نفسك بتاج الصلاح والهداية، فنحن لن نطمئن الاطمئنان الكامل إلا في الجنة. يقول أبو بكر الصديق رضي الله عنه (لو كانت إحدى قدمي في الجنة والأخرى خارجها ما أمنت!!)،ولكن معنى كلامي هو استمري في طريقك نحو الله تعالى، ولا تملي من التوبة مهما تكرر الذنب، املئي قلبك بالأمل في أن يغفر لك ويأخذ بيديك،لا تبتعدي عنه أبدا، ولا تيأسي من رحمته في كل الأحوال ..
والآن وبعد هاتين النقطتين أعود الى شكواك، وأحاول أن أبسطها في جملة واحدة وهي:
(ضعف مقاومتك لقراءة القصص الإباحية ثم تخيلك لما يدور بها )،هذه هي المشكلة أنت تقرئين وتتخيلين..، وهنا أحب أن أطمئنك بشيء، كان ضروريا أن تطلعي على هذه المعلومات، وبالتالي فإنه أمر طبيعي أن تثير هذه المعلومات فضولك، ثم التطور المنطقي لهذا هو أن تتخيلي هذه المشاهد.. كل هذا ليس مشكلة إذا عدت بنسبة قليلة، ولم يشغل تفكيرك لفترات طويلة، ولم يتزايد مع الوقت بل بدأ يتناقص ..،
المطلوب منك الآن إذا هو (السيطرة) على هذا السيناريو بحيث لا يتطور نحو الأسوأ أول ما يجب عليك هو الامتناع عن قراءة هذه القصص حتى لا يشتعل خيالك وفضولك أكثر وأكثر..
ومن الأشياء التي تساعدك على هذا أن تحاولي شغل نفسك بنشاط" محبب" لقلبك – لا يشترط أن يكون نشاطا دينيا، المهم أن يكون شيء مباح تجدي فيه نفسك وتشعري ثم إلى جانب الأنشطة المحببة تأتي الأنشطة المفيدة والأعمال الصالحة والتقرب غلى الله تعالى بالذكر، والصلوات والمناجاة والدعاء، وكذلك الصحبة الصالحة وأعمال الخير..
إذا سارت الأمور على هذا النحو سيبدأ هذا الفضول في الخفوت والتناقص بإذن الله..
ابنتي الكريمة.. أدعو الله لك بكل الخير.