قليلة خبرة بالحياة.. ومعاناة الحساسية..!!
السلام عليكم؛ ابتداء.. أسأل الله أن يزيد في علم الدكتور وائل.. والقائمين على الموقع.. ويسدد على طريق الخير خطاهم..
أما عن مشكلتي.. فأرجو أن تضعوا في عين الاعتبار أنني ربما أعتبر في مرحلة المراهقة (17عام).. وهذا السبب كاف لوجود مشكلة مثل هذه في حياتي.. لكنني أكتب لكم الآن طمعا في مساعدتكم لي بخبرتكم في الحياة وفي الطب النفسي..
أنا الكبرى بين أخوتي وأخواتي.. وحاليا (هذه الأيام) هي أول أيام لي في الجامعة (في بداية كورس إنجليزية مكثف وأستعد لدخول كلية الطب).. لست أعرف من أين أبدأ.. لكنني سأكتب على أي حال..
أنا فتاة تميل في حياتها وبطبعها إلى الجدية.. أحب دراستي وهواياتي.. وأحب أن آخذ أمور الحياة بتفاصيلها،وأن أعيش حياتي بكل ما فيها من معاني.. (أحيا كما يجب.. سعيدة بالأخذ والعطاء والعلاقات وقوية في مواجهة العقبات).. لست منظمة جدا.. ولكنني أحب الجد في العمل والإخلاص فيه.. وأحب العطاء والخير وأحب الموضوعية في التقييم للأشياء.. وأطمح إلى بناء شخصيتي التي أحلم بها..
أمنيتي أن أكون شخصا يحب العمل الدؤوب ويتفانى في أداء ما عليه ويقدم أفضل ما عنده بأرقى الصور.. يتبادل مع المحيطين به التعامل الحسن والخلق الرفيع والمشاعر الدافئة.. ويحوز احترام الآخرين وثقتهم بجدارة.. ومع طيبته.. واثق من نفسه، يتحلى بالقوة والسلطة في الحدود المرغوبة التي تبني وتثمر.. لا التي تعيق وتهدم.. يحب التجديد في حياته ويعيش طعم التغيير والإثارة التي تنعش الروح وتدفع إلى المثابرة، جاد طموح (قول وعمل).. ومع هذا مرح وخفيف الروح مرن الحركة.. لا يتصنع ولا يتكلف ويعيش بروح الشباب المتحررة.ملتزم... يغالب العوائق في حياته.. ويؤمن بالاجتهاد والمحاولة المستمرة والتفكير الإيجابي حتى يبلغ مراده.. ويحترم ذاته احتراما شديدا.. ولا يرضى بأن يضعها في مواقف حرجة أو خاطئة.. ويحرص كل الحرص على ثقافته ومظهره ..ويعطي بكل ود .... إلخ.. هذه هي الشخصية التي أحلم بأن أكون عليها.. ولست أنكر أن فيها شيئا من المثالية وخيال المراهقة الجارف.. لكن ربما التمست لي العذر إذا أخبرتك بأنني رأيت أشخاصا.. على ندرتهم وقلة احتكاكي بهم.. لكنهم يحملون هذه الصفات أو غالبيتها.. وهل من مشكلة إلى الآن؟؟
إنني حساسة للغاية.. وأحمل المواقف في حياتي أكثر مما تحتمل.. وكثيرون حولي أشاروا إلى ذلك مرارا وتكرار.. أحاسب نفسي كثيرا.. وأخاف من أن يأخذ الآخرون عني أفكارا سيئة أو خاطئة.. وبعدها.. أصبح منبوذة إلى مكان ووضع لا أرضاه، كنت (كما تشير إلى هذا نتائجي في المدرسة) متفوقة.. ومع ذلك أحس بأنني عادية وليس ذلك إلا ضربة حظ أو بمساعدة من الآخرين مع أنني أعشق العلم والدراسة عشقا لا يوصف..وأجد أنها أحق بالتضحية في سبيلها من أي شيء.. لكنني أحس بأنني غبية ومحدودة القدرات (لدي قدرات ولكنني لا أعرف ولا أحسن استغلالها.. أو ربما يبدو لي هذا)....
إنني أحس بالوحدة في حياتي.. أعرف الكثير من الزميلات.. والأقارب.. ولكنني قليلة الاختلاط بهم.. وإن خالطتهم قد أبدو سعيدة في بادئ الأمر ويبدو لي أن مشاعرهم نحوي صادقة وأنهم يقدرونني فعلا.. ولكن هذا الشعور سرعان ما يخبو ويتبدل إلى إحساس بالزيف والمجاملة من جانبهم.. وأن ما يفعلونه ليس إلا شيئا عابرا، وربما لا يتذكرونه بعد أيام.. لست أدري إن كان أمري يهم شخصا ما أو لا.. لكنني أريد أن أكون كالآخرين، لي عالمي الخاص الذي أعبر عن ذاتي فيه بحرية وأحظى بتقبل الآخرين وبالعلاقات الحميمة التي تعيد إلي الثقة والأمل في نفسي..
إنني أيها الطبيب الفاضل.. أحس بأشياء تبدو لي وكأنها الحقائق المطلقة.. وهي من صغائر الأمور التي قد لا يلقي لها المحيطون بي بالا.. أشعر بأنني أنظر إلى كل شيء من خلال عدسة مكبرة.. وبالرغم من ذلك.. لازلت أكرر الأخطاء ذاتها.. إنني أتصنع الذوق في تصرفاتي وأتكلف كثيرا حتى أكيف نفسي مع الناس..وأجد التعامل البسيط معهم يحتاج إلى جهد كبير.. ليس ما أعانيه هو الرهاب الاجتماعي.. أبدا فأنا في غاية الجرأة في التعبير عن آرائي وأفكاري.. وأصل أحيانا إلى حد الصفاقة من شدة الجرأة..وما أخشاه بالتحديد هو رد فعل المتلقين.. لست أدري كيف أرضي نفسي عن نفسي وأرضيهم عني وأحوز تقديرهم واحتر امهم..
لطالما رجوت أيها الفاضل.. أن أجد لي صديقة تفهم ما أحس به وما أعانيه.. وتكون من هؤلاء الأشخاص الذين وصفتهم لك في بداية عرضي.. وتتفهم قلة خبرتي بالحياة وتوجهني إلى التصرف الصحيح حيال المواقف المختلفة.. ولكنني أتساءل.. هل ترضى إنسانة ما أن تصادق فتاة مراهقة بهذه الصفات؟؟ هل يا ترى تمنحني الحب الصادق وتحتويني بزلاتي؟؟
لن أخفيك أيها الطبيب.. بأني كنت أعجب بمعلماتي وأحبهن لدرجة العشق.. وأرى في بعضهن ما أريده من صفات تهفو لها نفسي..وإن كنت أخفي مشاعري نحوهن..بحجة أنني في المدرسة لأجل أن أتعلم لا لأراهق.. وسأسر لك بأنني مؤخرا قد أحببت إحداهن وطلبت صداقتها.. لكنها لا زالت تتجاهل.. وتفهم الموضوع على أنه.. واسمح لي على الجرأة والمفاجأة (إعجاب دافعه الشذوذ)!!!!!! أو حب عابر سخيف في حياة مراهقة طائشة لا تعي عواقب التهور! ولست ألومها لأن هذا الأمر منتشر إلى حد ما في أوساط الفتيات بيننا..
إنني في أمس الحاجة إلى من يعاملني على أنني فتاة ناضجة ترغب في التعلم بجد في مدرسة الحياة.. ولا أريد أن أعيش المواقف وأستغني عن التوجيه بحجة أن الحياة ستعلمني.. لأنني لا أريد أن تضيع حياتي هباء في المزيد من التجارب الفاشلة التي تهدد نفسيتي.. ولعلك تتساءل.. أين أسرتك منك وأنت في هذه السن..؟؟
سؤال في محله.. إنني أيها الفاضل.. أشعر بالوحدة بين أهلي.. فوالدتي (سامحني يا رب) امرأة عادية جدا تحب أن تقنع بالقليل وتحب أن تخلد للراحة.. مع أنها في ال 36 من العمر (ربة بيت).. وليس في حياتها شيء من الإثارة والتجديد.. ثم أنها لا تفهمني.. وتنشغل بأخوتي الصغار.. وتغضب سريعا من النقاش.. أما والدي فمشغول بالمباريات أو الأخبار العالمية والأحداث الجارية وله نظرة سلبية عامة للأمور، وليست اهتماماته كاهتماماتي (ميوله أدبية بحتة، أما أنا فأميل إلى العلوم وعلم النفس بخاصة).. وكلاهما يشتركان في العصبية الزائدة والتطرف في التفكير والعواطف ويحبون استفزازي..
أما أخواتي، ففيهن كره شديد للدراسة.. وسطحية تفكير وطيش مراهقات (في الإعدادية)، والبقية أطفال صغار.. لا يعلمون ما الذي ينتظرهم عندما يكبرون..، وعواطفي معهم عادية جدا.. بيننا أحيانا خصام، وأحيانا أخرى انسجام.... ثم أنني لست من الذين يعتقدون بأن شخصا وحيدا (كمعلمتي مثلا) هو الوحيد الذي يمنح الحب والاحتواء والخبرة في العالم ولا أحد غيره.. ولكنني قد تعلقت بها وأحببتها وأحببت فيها شخصيتها وفلسفتها في العيش وتصرفها البريء أحيانا أخرى (مع أنها أم ولديها مسؤوليات كثيرة)..
عفوا.. أطلت كثيرا.. وأنا متأكدة أنك الآن تتبسم وتتمتم في سرك.. بأن هذا هو جمال المراهقة.. وهذه آمال المراهقين وطموحاتهم المثالية..
ولكنني لا أرى خطأ في أن نحيا جميعا هذا الشعور الجميل.. من حب وجد ومثابرة وتعامل راقي.. ألست محقة؟؟
في أحيان كثيرة.. يراودني شعور قوي بالكآبة والنفور من كل شيء.. والملل والفتور مما أحبه.. وأنخرط في بكاء صامت.. أحينا.. لموقف معين أو لخطأ ارتكبته في حق نفسي أو الآخرين وأحيانا أخرى يأتيني بلا مقدمات.. وأظن أن ما يشغل تفكيري مما ذكرته لك.. وشعوري بالعجز التام عن تحقيقه أحيانا (أن أكون إنسانا يستحق الحياة) هو السبب.. وأفيدك بأنني لاحظت تدنيا في مستواي الدراسي مؤخرا.. لأسباب منها ما ذكرته لك.. (وهذا ليس تبريرا وإن كان فيه شيء من التبرير)..
زرت الطبيبة النفسية قبل عام من الآن تقريبا.. وحدثتها عن بعض ما أحس به..قالت لي أنني حساسة جدا والله يعينني على نفسي!!.. وطلبت مني أن أدون تصرفاتي اليومية وأنتبه لها.. وأحضر مذكراتي في الزيارة القادمة.. ولكن لظروف مؤلمة.. (مشكلة بيني وبين والدي..) امتنعا عن الذهاب بي إلى الطبيبة..وألغيت الموعد وتركت المراجعة.. ولم تصف لي الطبيبة أي عقار نفسي مطلقا..
عفوا.. أرجو أن لا أكون قد أطلت عليكم.. هذا ليس كل ما في الأمر.. ولكنني أعد بأن أدلي بأي تفاصيل تطلبها..
والله معكم..
17/09/2003
رد المستشار
أرسلنا هذه الاستشارة إلى ابنتنا د. داليا مختار شكر وهي ما تزال في أول طريقها المهني كطبيبة نفسانية فكان التالي ردها المبدع والعميق:
صغيرتي، أعلم أنك تمرين بفترة عصيبة تلك الفترة الانتقالية بين الطفولة والنضوج وتلك الفترة هي فترة تكوين الشخصية وأيضاَ كونها متزامنة مع دخول الجامعة بما في ذلك من اعتماد علي الذات واختلاط أكثر بفئة أكبر من الزميلات فهي فترة صعبة بلا شك.
أحسست فعلاَ أنك تعطين الأمور أكثر مما تستحق ولكن ذلك هو منظور الإنسان المؤمن الذي يسعى للكمال ولكن -صغيرتي- لكل شئ حدود ولكل إنسان طاقة فلا تضغطي على نفسك أكثر من اللازم, ولكي تحظي باحترام نفسك بين الآخرين واحترام نفسك لذاتها وتحاولي أن تلجئي إلى ما دعانا إليه ديننا الحنيف بأن تحبي للناس ما تحبينه لنفسك وتعامليهم كما تحبين أن يعاملوك وأن ترضي الله في السر وفي العلن، وهذا لن يجعل كل الناس حولك يحبونك بالقطع ولكن سيجعل أفضلهم ممن يقدرون المعاملة الحسنة.
وأنا أشعر أنه برغم ما تقولين من أن لديك صداقات بأن لك ميول انعزالية تلك التي تظهر في فترات البكاء الصامت التي تنتابك فحاولي قدر الإمكان الاندماج مع الآخرين، وأنت تحاولين الوصول للمثالية في العلاقات وتخطي فترة تجارب وفشل، وكل ذلك جيد ولكن عليك التعلم مما تمرين به لانتقاء الأفضل لك خاصة فيمن تصادقين،
وأما شعورك بعدم التفوق أو التدهور الدراسي شعور غير مبرر وذلك بدليل تأهلك لدخول كلية الطب وهو ليس باليسير، وأما شعورك بالميل نحو مدرستك هو شعور طبيعي وخاصة مع افتقادك للقدوة الحسنة والصداقة القوية واعذريها في رد فعلها بسبب انتشار العلافات الشاذة Lesbianism في بعض المجتمعات مع الأسف.
حاولي بقدر الإمكان الاعتدال في كل شئ فنحن أمة وسط في كل شئ والاعتدال في حبك للآخرين واهتمامك بآرائهم وفي طموحك وتحقيق آمالك في الوقت الأمثل كما أريدك أن تحاولي توطيد العلاقة داخل محيط أسرتك فمثلا تلك الأم الموصوفة بالسطحية سهلة التشكيل والتعليم لتكون صديقة حسنة خاصة مع صغر سنها وأما الأخوات المراهقات فيمكنك احتضانهن. أعلم أنك كنت بحاجة لمن يحتضنك ولكنك أنت الأخت الكبرى فكوني لهم الأخت الفاضلة أما والدك فيمكن مشاركته حديثه واهتماماته الشخصية وبالتالي سوف يستجيب لاهتماماتك.
صغيرتي تلك طبيعة سنك وظروفك المنغلقة التي ترعرعت فيها، وربما تكن لك أسوار الجامعة من الصديقات من تحبيهن لحسن أخلاقهن وأخريات ممن ترين بسببهن كم أنت جميلة الطبع والخلق لبعدك عن صفاتهن.
صغيرتي تلك هي الحياة وتلك هي خصائص مرحلتك السنية الآن فكوني قوية بإيمانك بالله ثم نفسك وكوني قوية باستمرارك بالجد والعمل كوني قوية بحبك للوصول للكمال ذلك السهل الممتنع، وأخيرا وليس آخرا أتمني لك الحياة الجميلة كلها.
*ويضيف الدكتور وائل أبو هندي، الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، ومبارك على كلية الطب أمثالك من الفتيات النابهات صاحبات القلب الطيب والعقل الراجح والشخصية المسؤولة فتلك صفات تجعل النجاح حليف صاحبها إن شاء الله، أنت صاحبة ضمير حي Conscientious Personality وهذا هو ما يعذبك خاصةً في هذه الفترة التي تطمحين فيها إلى المثالية، وهذا هو ما يجعلك تقللين من قيمة نجاحك وتفوقك حتى أنك تعطين إيحاء بوجود بعض سمات الشخصية القسرية Anankastic Personality لديك، وإن كانت بكل تأكيد في الحدود الطبيعية، وقد أعطتك الأخت المستشارة د. داليا مختار عدة خطوات عملية تساعدك كثيرًا في التعامل مع الموقف، وفقط الله ونحن ندعوك أولاً إلى متابعتنا ولا تخجلي من أي استشارةٍ تريدين إرسالها لنا فيما يتعلق بك، وندعوك ثانيا إلى متابعة هذه الصفحة الوليدة لأننا بحاجة إلى أمثالك من أصحاب الفكر الناضج لكي يشاركوا بآرائهم في المشكلات المعروضة على صفحتنا وردود مستشارينا عليها، ومن يدري لعلك يوما ما تكونين واحدةً من مستشارينا من الطبيبات النفسيات.
أي بنيتي خذي على نفسك عهدا بضرورة تهذيب ما تشتكين منه من سمات هي غالبا سلاح ذي حدين واقرئي على مجانين ما يلي من ارتباطات:
كل شيء أو لا شيء: التفكير القطبي
كيف تتكون الأطر المرجعية
الأفكار وعبارات الوجوب
طيف الوسواس OCDSD شخصية قسرية وسواسية