مجانين إلى أين؟ لكل خير بإذن الله
مجانين إلى أين مشاركتان
السلام عليكم
أولا أشكر الأستاذة صفية على هذا الرد وأيضا الدكتور وائل أبو هندي
فأنا معكم فيما تقولون من حيث التوائم الفكري والعقائدي والنفسي للشباب .
ما ضايقني في نص الرسالة الأصلية هي صيغة الاتهام الشديدة للموقع ولكن ما رأيكم أن نسعد سويا بهذا النموذج الرائع فجميل أن يوجد بيننا ولكن علينا دور ليست القضية هي توسيع نطاق الحلال من عدمه بل لها زوايا أخرى ولا أعرف ما رد الأستاذة صفية عليها وهي كل إعلامنا بأكمله في العالم العربي يعطي مساحة واسعة للسياسة وخاصة في مصر خريطة البرامج الدينية تكاد تكون معدومة آسفة للأخطاء الإملائية لأنني أكتب دون أن أرى فأنا أمر بوعكة صحية في عيناي أضعفت رؤيتي لدرجة مؤسفة هذه الأيام؟!! في بلادنا فضائيات أين يا دولتي خريطة وقايتي اللوم ليس على الموقع اليوم على ثقافة وإعلام مجتمع بأكمله.
أنا أرى أن نواكب التطور الاجتماعي ولا نتأخر عن ركب التقدم وأيضا خارطة طريق ليست فلسطينية إسرائيلية ولكن أخلاقية إسلامية، أنا أطالب الإعلام بالتخلي عن رسالة المفسديون (وليس التليفزيون) قرأت في إحدى الجرائد أن نانسي عجرم زارت أحد المرضى بالمستشفيات في رحلة ترفيهية لها (فرد عليها المصري المسلم قائلا إحنا زارنا النبي) أعوذ بالله ألهذا الحد الثقافة الدينية وضيعة في مصر ألهذا الحد يشبه (النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة ؟!! الله أكبر) ويحيا الإعلام المصري الذي نقل الخبر تمجيدا لنانسي وتشويها للإسلام.
أنا منفعلة جدا ولكنني اعترف بالاندفاع وفقدان الشعور بالسيطرة على نفسي، فحال مجتمعاتنا لا يسر عدو ولا حبيب. الشباب اليوم إما ثقافة فيديو كليب أو ثقافة متمسحين بالإسلام لا تتخيلوا كيف.
أرجو الاهتمام بالرد على ولو بكلمة واحدة لأنني أكتب وأجاهد مع عينيي أخشى أن أصاب بالإحباط والاكتئاب إذا لم تهتموا برسالتي يا أحبائي ومن هنا لابد أن نستثمر هذه الرسالة في التوعية الدينية لشبابنا بالصورة الصحيحة مطالبين بحقنا في خريطة وقاية وهوية إسلامية في إعلامنا العربي وأهدي لكم هذه الكلمات .
ردا على الأخت السائلة /
لو رجع المسلمون في كل أمر عظيم إلى كتاب الله الذي يثقون به ويطمئنون إلى حكمه ويكتفون به لما بقي بينهم خلاف .
فلنجعل القرآن العظيم مرجعنا ووسيلة اهتدائنا في هذا الأمر الخطير الذي يتعلق بأخص خصائص الإنسان العربي المسلم عرضه ونسله وشرفه .
• مفتاح الاهتداء بالقرآن:
يقسم الله آيات كتابه إلى قسمين :
1- آيات محكمات لا اشتباه فيها ولا احتمال.
2- آيات متشابهات تحتمل أكثر من معنى.
ولقد ذكر الله تعالى أن مرجعنا في المسائل الخطيرة هي الآيات المحكمات وحرم علينا اتباع غيرها من المتشابهات كما قال سبحانه (هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ (آل عمران: 7 ). ونحن امتثالاً لهذا التوجيه الإلهي سنجعل اعتمادنا على محكم القرآن الكريم دون متشابهه. وبهذا نضمن الوصول إلى بر الأمان بسلام . وسنجعل البحث في شوطين الأول: نكاح المتعة في القرآن الكريم، والثاني: نكاح المتعة في الروايات وفتاوى العلماء.
1- نكاح المتعة في القرآن:
كان نكاح المؤقت موجوداً عند اليهود والفرس وغيرهم وقد تسرب إلى المجتمع الجاهلي في الجزيرة فلماء جاء الإسلام حرمه أول عهده في مكة بقوله تعالى في القرآن الذي نزل مرتين (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِين فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ َ (المؤمنون 5 :7:6 )
يتبين من هذا النص المكي أن " الأصل في الفروج الحرمة " وأما التحليل فاستثناء لابد من ذكره ، فما سكت عنه فهو حرام ، فقوله تعالى " لفروجهم حافظون " هذا هو الأصل ، أي الحرمة " إلا " هذا هو الاستثناء ومحله : " أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم" هذا هو المستثنى من التحريم ، وهو نوعان من النكاح ما عداهما حرام ، وحتى لا يدع الله مجالاً للاشتباه أو الالتباس نص على حرمة ما عداهما بقوله الصريح " فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون " فكل فرج دونهما حرام سواء استبيح بالزنا أو المتعة أو الاستبضاع .. الخ .
هذا في مكة ، أي أن المسلمين لم يمارسوا هذا النكاح في العهد المكي لحرمته . ولما هاجروا إلى المدينة لم تذكر الآيات النازلة فيها بخصوص النكاح إلا النوعين الأولين، الزواج الدائمي ونكاح المملوكة باليمين (الأمة) . والتمتع بها ليست زوجة لعدم التوارث قال تعالى ( وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّهُنَّ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِن لَّمْ يَكُن لَّكُمْ وَلَدٌ فَإِن كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُم مِّن بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ وَإِن كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلاَلَةً أَو امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا السُّدُسُ فَإِن كَانُوَاْ أَكْثَرَ مِن ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاء فِي الثُّلُثِ مِن بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَآرٍّ وَصِيَّةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ (النساء: 2 )) الآية النساء/12 ولو كانت زوجة لورثت وأورثت . انظر الآيات في هذين النوعين في (البقرة /221 ، النور/32/33، الأحزاب/50/52 ، النساء/3 ) .
في سورة النور قال تعالى (وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (النور:32 ) – أي الذي لا أزواج لهم من الأحرار – والصالحين من عبادكم وإمائكم – وهذا نكاح ملك اليمين ، ثم قال – وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ......ٌ (النور : 33 ). فأمر من لا يجد زوجة أو أمة ينكحها بالصبر والعفاف . وفيه تحريم ما عداهما . فلو كانت المتعة حلالاً لذكرها كأن يقول (وليستمتع) لا أن يقول (وليستعفف) الذي يقتضي المنع لا سيما وأن ( الأصل في الفروج الحرمة) .
وفي سورة النساء جاء قوله تعالى (......فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ (النساء:3 ) - وهذا هو الزواج الدائم ثم قال – فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة – أي الحرائر – أو ما ملكت أيمانكم) النساء/3 .
فجعل مجال التخيير محصوراً في الأفراد ونكاح الأمة ولو كانت المتعة مشروعة لجعلها موضعاً للاختيار فهي حرام إذن .
ثم جاء قوله تعالى بعد ذكر محرمات النكاح (وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاء ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (النساء : 24 ) – إلى قوله – وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم.......) النساء/24 ،25 .
وهذان الزواج الدائم وملك اليمين ، ولو فسرنا الأول بنكاح المتعة لما بقي للزواج الدائم الذي هو الأصل في النكاح ذكر في الآيات ! وهذا غير معقول وليس من سبب يلجئنا إلى القول به سوى ما اشتبه على البعض من لفظ " استمتعتم " وهو لا ينهض حجة لأنه متشابه.
• لفظ ( استمتعتم ) متشابه
إن الاستدلال بالقرآن على مشروعية نكاح المتعة لا يصح لأن الموضع الوحيد فيه الذي يحتجون به عليه ، لفظ متشابه وليس قطعي الدلالة محكماً .
إن استحلال الفروج في الإسلام مسألة عظيمة جداً لا يصح التساهل فيها أبداً بحيث يقبل فيها من الأدلة ما تشابه ، وبما انه لا يوجد نص واحد في القرآن صريح الدلالة على نكاح المتعة ، فالقول بمشروعيته باطل لأنه اتباع للمتشابه.
• معنى ( الاستمتاع ) لغة:
أصل الاستمتاع في اللغة التلذذ والانتفاع وهذا قد يكون بالطعام كما في قوله تعالى ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَّكُمْ ) المائدة/96 ومرة يكون باللباس كما في قوله تعالى (وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثاً وَمَتَاعاً إِلَى حِينٍ (النحل : 80 ) ومرة يكون بالمال المدفوع إلى المطلقات (..... وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ (البقرة : 236 ) ومرة يكون بالجماع كما في قوله تعالى ( َمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُم بِهِ مِن بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً (النساء:24 ) أي جامعتم لأن الجماع أخص ما يتلذذ ويستمتع به . ولقد جاء لفظ ( الاستمتاع ) مشتقاته في القرآن الكريم ستين مرة لا علاقة لواحد منها بنكاح المتعة كما في قوله تعالى (وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذين أجعلت لنا قال النار مثواكم ) الأنعام/28 وقوله ( ...قُلْ تَمَتَّعُواْ فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (إبراهيم:30 ) لأن السياق يأبى ذلك وكذلك سياق آية النساء . ما معنى الآية إذن
للمهر ثلاثة أحوال :
1- إذا حصل الطلاق قبل الدخول وتحديد المهر فمقداره غير معين وإنما حسب قدرة الرجل كما قال تعالى (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْ تَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدْرُهُ مَتَاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقّاً عَلَى الْمُحْسِنِينَ (البقرة : 236 )
2- إذا تم الدخول وحدد المهر فهذا يجب المهر المحدد كله ولو طلق الرجل زوجته ولم يجامعها إلا مرة واحدة كما قال تعالى (فما استمتعتم به منهن فآتوهن أجورهن فريضة)النساء/24 أي مهما كان الاستمتاع ولو بجماع واحد . والأجور هنا معناها المهور لأن الزواج عقد فيه أجر مقابل الاستمتاع بالمرأة والانتفاع بها كما قال تعالى (يا أيها النبي إنا أحللنا لك أزواجك اللائي آتيت أجورهن) الأحزاب/50 .
وهكذا سقط الاحتجاج بالآية على نكاح المتعة لأنه احتجاج بمتشابه .
وكذلك فإن سياق الآية يأباه وذلك من وجوه منها :
أ – إن الآيات لم تذكر إلا نوعين من النكاح 1- ملك اليمين 2- هذا المعبر عنه (بالاستمتاع) فإذا كان المقصود بالأخير نكاح المتعة فمعنى ذلك أن الزواج الدائم لا ذكر له في هذا الآيات وهذا غير معقول فلا بد من حمل اللفظ عليه دون غيره .
ب- إن الله تعالى لما انتقل إلى ذكر ملك اليمين انتقل من الأصعب إلى الأسهل فقال (َمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً أَن يَنكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِن مِّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم)النساء/25 وليس أصعب من نكاح الإماء إلا الزواج الدائم بالحرائر فإن نكاح المتعة أسهل أنواع والأنكحة فليس هو المقصود بالآية.
ج – ما ذكر الله تعالى من شروط لهذا النكاح في قوله (أن تَبْتَغُواْ بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ) النساء/24 ونكاح المتعة ليس القصد منه إلا سفح الماء وقضاء الشهوة وليس فيه إحصان أو حفظ للمرأة لا نفسياً ولا جسدياً ولا أسرياً ، وكذلك الرجل .
• خلو المجتمع الإسلامي النبوي من نكاح المتعة لو كان نكاح المتعة يمارس في المجتمع الإسلامي على عهد النبي صلى الله عليه وسلم لصرح الله به في كتابه حتماً ولذكر مشروعيته أولاً ، وفصل أحكامه ثانياً كما هو حال الزواج من الحرائر والإماء .
ولا شك أنه لو كان مشروعاً لكانت ممارسته أكثر لسهولته فكيف يسكت القرآن عن هذا الأمر العظيم ويتكلم باستفاضة عن النوعين الآخرين وكلها مشتركة في معنى واحد هو النكاح؟!
لقد علم الله أن نكاح الإماء سيختفي من المجتمع ومع ذلك ذكره في كتابه ثماني مرات ولا زالت الآيات المتعلقة بشرعيته وأحكامه تتلى. بل ذكر الله ما هو أقل منه أهمية وخطراً كالخمر وذلك مراراً في القرآن وتدرج في تحريمه حتى انتهى منه. فكيف لا يذكر الله نكاح المتعة وهو أخطر وأهم وأكثر وقوعاً وأعم بلوى؟!
إن هذا ليس له إلا تفسير واحد هو أن هذا النكاح كان محرماً على المسلمين لم يمارسوه في مجتمعهم وذلك من أول الإسلام والمسلمون لا زالوا في مكة المكرمة كما جاء ذلك صريحاً في سورة المؤمنون والمعارج.
2- نكاح المتعة في الروايات وفتاوى الفقهاء
أ- أول ما ينبغي الوقوف عنده رواية ابن عباس رضي الله عنه في سنن الترمذي أنه قال : (إنما كانت المتعة أول الإسلام كان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يقيم فيها فتحفظ له متاعه وتصلح له شأنه حتى إذا نزلت الآية ( إلا على أزاوجهم أو ما ملكت أيمانهم...) فكل فرج عدا هذين فهو حرام).
وفيها أن المتعة حرمت في بداية الإسلام وأنها من أمور المجتمعات الجاهلية المشركة.
ب- في مسند الإمام أحمد أن رجلاً سأل ابن عمر رضي الله عنه عن المتعة فغضب وقال (والله ما كنا على عهد رسول الله زنائين ولا مسافحين) وهذا يعني خلو المجتمع النبوي من نكاح المتعة . وإلى هذا أشار الإمام النووي في شرح مسلم والسرخسي في المبسوط والشيخ مخلوف في صفوة البيان وغيرهم.
ج- جميع الروايات الأخرى ليس فيها إلا الترخيص ثلاثة أيام فقط : مرة في خيبر ومرة في فتح مكة ثم حرمها النبي صلى الله عليه وسلم إلى يوم القيامة وما من شك في أن خيبر أو مكة لم يكن فيها مسلمات في ذلك الوقت فالتمتع كان بنساء يهود أو المشركات وليس مع المسلمات في المجتمع المسلم ، ولقصر المدة ولكونه خارج المجتمع المسلم لو ينزل فيه قرآن.
د- وقد فهم ابن عباس أن الرخصة باقية للمضطر فعارضه كبار الصحابة ولم يعتبروا فتواه وأنكروا عليه بشدة كعلي بن أبي طالب رضي الله عنه حتى قال له: إنك رجل تائه نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن متعة النساء يوم خيبر / رواه مسلم . وكذلك أنكر عليه عبدالله بن الزبير رضي الله عنه ونقل الترمذي والبيهقي والطبراني أنه رجع عن فتواه أخيراً.
وابن عباس لم يحكم بإباحتها وإنما قال هي الميتة للمضطر وهذا يعني تحريمها عنده.
هـ - عن ابن عمر رضي الله عنه قال : لما ولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب الناس فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لنا في المتعة ثلاثاً ثم حرمها. والله لا أعلم أحداً يتمتع وهو محصن إلا رجمته بالحجارة إلا أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلها بعد إذ حرمها / رواه ابن ماجه.وفيها أن عمر رضي الله عنه لم يحرم المتعة من عند نفسه وإنما نقل التحريم عن الرسول صلى الله عليه وسلم نفسه . وإنما كانت لثلاثة أيام فقط ثم حرمت لا أنها كانت طيلة العهد المدني إلى خيبر أو فتح مكة كما هو شائع خطأ.
• فقهاء أهل البيت يجمعون على تحريم المتعة
1- علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما في أغلب مصادر أهل السنة وأما مصادر الشيعة فقد ورد ذلك عنه في :
أ- مسند الإمام زيد بن علي رضي الله عنه ، ب- تهذيب الأحكام للطوسي 7/251 ، ج- الاستبصار للطوسي3/142 ، د- وسائل الشيعة للعاملي4/441.
2- الإمام زيد رضي الله عنه .
3- الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه كما في بحار الأنوار 100/318 أنه سئل عن المتعة فقال: ( ما تفعله عندنا إلا الفواجر ) وجاء في الروض النضير في فقه الزيدية أنه قال عنها (ذلك الزنا ).
4- الإمام محمد الباقر رضي الله ، قال عنها ( هي الزنا بعينه ) كما في الروض النضير، وانظر في النهي عنها عن الأئمة كذلك كتاب الكافي للكليني5/449 و 5/453.
5- الإمام الحسن بن يحيى بن زيد فقيه أهل العراق في زمانه إذ نقل إجماع أهل البيت على النهي عنها كما في الروض النضير.
6- الروايات الأخرى في تحليلها عن الأئمة مكذوبة لتعارضها مع القرآن والسنة وإجماع الصحابة وفقهاء الأمة ومنهم فقهاء أهل البيت ولضعف أسانيدها كما أثبت ذلك المحققون.
7- لا يُعرف أن أحداً من أهل البيت – علمائهم وعامتهم وعلى مدى تاريخهم لا سيما القرون الثلاثة الأولى – كان ابن متعة ، ولو كانوا يبيحونها أو يوجبونها لفعلها الكثير منهم ولأنجبوا منها بنين وبنات ، وبما أن هذا غير حاصل – إذ لا تذكر كتب الأنساب من أمهاتهم إلا النوعين: الزوجة الحرة الدائمة أو الأمة – فهذا دليل قطعي على عدم فعلها من قبلهم وهو يستلزم تحريمهم إياها بلا شك ، وبه يتبين كذب جميع الروايات المنقولة عنهم بإباحتها ولله الحمد.
• الخلاصة:
1- ليس في القرآن إلا تحريم نكاح المتعة.
2- خلو المجتمع النبوي المسلم من نكاح المتعة أما الترخيص فيه فكان لثلاثة أيام في خيبر وثلاثة أيام أخرى في مكة وكلاهما خارج المجتمع المسلم.
3- أجمع الصحابة على تحريمها بما فيهم علي وابن عباس.
4- أجمع فقهاء الأمة على تحريمها بما فيهم أهل البيت.
5- إن نكاح المتعة حرم منذ الأيام الأولى من عمر الإسلام وإن تحريمه مستمر إلى يوم القيامة ولا دليل على إباحته قط إلا المتشابهات أو المكذوب من الروايات.
(ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب)
وإلى جانب هذا أطالب في النهاية بتربية الآباء والأبناء على الالتزام بالأخلاق والسنة الإسلامية في الزواج فانا لي لوم كلنا يتحدث عن توسيع نطاق الحلال أليس للأب والأم من دور أليست لهم من توعية؟!! أليس لهم من رجاء اتقاء الله عز وجل في أبنائهم
شكرا لسعة صدركم للنقد والتوضيح
15/9/2005
رد المستشار
أختي الكريمة :
بارك الله فيك، وعافاك، وأثابك على عاطفتك الدينية التي نضحت بها رسالتك. وبعد:
تحدث الدكتور وائل حفظه الله عن توسيع نطاق الحلال لئلا يجترأ الناس على الحرام، وعلقتِ قائلة أن للأمر زوايا أخرى متعلقة بفساد الإعلام، وتحدثت عن أثر ذلك على الشباب انصرافا عن الدين أو (تمسحا به– كما عبرت ولم أفهم مقصودك-)، والذي أذهب إليه أن ما نراه من انحلال في بعض المواد الإعلامية ليس شرا محضا بل فيه خير ونفع، إذا ما رافقه زخم إعلامي محترف منطلق من القيم الراقية الإنسانية فضلا عن الدينية، إذ يجابه الشر بخير يوازيه قوة وتمكنا، وحينها يكون اختيار الخير عن ثبات ورسوخ لا تقليد وإكراه، ويمتاز حينها الخبيث من الطيب .
وأرى أن المسؤولية مشتركة بين الدولة والمجتمع، فإن قصرت الدولة فلا يعفي ذلك عقلاء المجتمع من أصحاب المال أو الفكر أو الثقافة أو الفن من المسؤولية ومن صورها إنشاء جمعيات تعنى بالفن الراقي إيجادا ودعما ونهضة ونشرا للثقافة الإعلامية الناقدة الفاعلة مما لا يقل أهمية عن إنشاء ودعم الجمعيات التي ترعى الأيتام أو ذوي الاحتياجات الخاصة، إذ أن الفقر الروحي والفكري والأخلاقي أشد نكاية، وأعظم أثرا في تدمير الأمم، واضمحلالها.
ولعل خلق مراجعة مجتمعية هادئة لما يطرح في وسائل الإعلام أجدى نفعا من كيل الاتهامات، فما ذلك نهج النبي صلى الله عليه وسلم كما جاءت به سيرته المطهرة.
أما حديثك عن تربية الأبناء على الخلق الإسلامي القويم، لأجل أن ينتهجوا النهج السوي إذا ما أرادوا الزواج، فهو جيد، لكن ألا ترين أن المسالة تتجاوز التربية الفردية، وأنها مشكلة مجتمعية تنصهر في بوتقتها عثراتنا القيمية والتربوية والاقتصادية والسياسية، ويجد الشباب بعدها أنفسهم وقد اضطروا إلى طرق لا يرتضيها العرف المجتمعي وإن ارتضاها الشرع بمساحاته الرمادية الواسعة .
لا بد إذن من تحرك فاعل على جميع المستويات، وجمع الجهود، ولعل عملنا هنا في مجانين قبسة من النور الذي ينبغي أن يعم وينتشر عطاء فاعلا يصلح الخلل، ويربأ الصدع. وأسال الله القبول والسداد لنا جميعا.
بقيت نقطة أخيرة، وهي الأدلة التي سقتها في بيان تحريم نكاح المتعة، وأن هذا التحريم ثابت في مصادر الشيعة، مما يلغي الخلاف في المسألة الذي كنت قد نقلته في ردي السابق، لكنك يا أختي الكريمة لم تذكري المصدر الذي نقلت منه، فهلا فعلتِ مشكورة؟ ثم إن نقلي الخلاف في المسألة ليس فقط عن بعض كتب أهل السنة بل سمعت ذلك من أحد علماء الشيعة-الذي كان يشغل منصبا في حكومة إيران السابقة أو التي قبلها لا أذكر تحديدا- وكان الحديث في معرض التقريب بين السنة والشيعة إذ ذكر أن نكاح المتعة وإن كان جائزا عندهم إلا أنه لا يرتضيه كرام الناس لبناتهم- فلعل في المسألة خلافا عند الشيعة أنفسهم، تحتاج المسألة إلى مزيد مراجعة، وسأفعل بحول الله تعالى متى تيسر ذلك من حيث المراجع، وسؤال علماء من إخواننا الشيعة فهم أعلم بمذهبهم، ولعل أحد القراء المتخصصين يسعفنا بهذه المراجعة ليستبين الأمر. والله الموفق.