مِنَ الآخِر أريد أن أكون الآخر
DAAA!!
السلام عليكم...
لدي فكرة كم أود أن أعرف رأيكم فيها.. نبعت بداخلي بعد كثرة مشاهدتي للأفلام الأجنبية... ومقارنتي لحياتنا نحن العرب..معهم... أحب طريقة حياتهم... أحب فيهم أنهم دائما مشغولين...وحياتهم غالبا خارج المنزل... أحب فيهم أنهم يقدرون الحياة... ويقدرون الوقت.. ورغبتهم الجامحة في الانجاز... أحب طريقة اللبس.. حتى بالنسبة للفتيات..
لماذا يتحتم علينا لبس الحجاب..!!
كم أود أن البس مثلهم..وأعيش مثلهم..!! أتعرف على شاب.. وأتزوجه بعد حبي له..
وليس من خلال الزواج التقليدي..!!
أحب أن أستقل بذاتي..في هذا السن..وأعيش في بيت يخصني..مع بعض الأصدقاء... وأن تكون حياتي مليئة .. Niiice أكره نمط الحياة هنا.. في الخليج ..!!
خروجات قليلة.. ولبس محتشم.. وممنوع الحديث مع الصبيان.. والحفلات ليست مختلط..!
ولا يوجد شيء غير الجامعة....!!
هناك يشجعون الإبداع.. وكل واحد لازم تكون عنده موهبة..وعنده حياة خاصة غير الحياة الجامعية.. هنا لا..!!
حتى إذا فكرت بان اشترك بنادي...غالي..وبعدين..لن أصل إلى استمتاعهم في حياتهم..!!
حياتهم حلوة.. تمنيت ألف مرة..بان أكون وحدة أجنبية..اسكن في بلد أجنبي... بدل من الحياة التي أعيشها... هنا حتى الدين لا يطبقونه صح..!!
يعني مسلمين بالاسم.. وأيضا... الناس هناك طموحين.. هنا..لا أكاد أجد أي شخص طموح حولي..!! خصوصا في الجامعة..
الكل فاشل.. بدون هدف..ولا يفكر بان يضيف نكهة حلوة في حياته..!! Daaa!
وبالتالي...بعد إن كنت طموحة... صرت بدون هدف أيضا,, وغير طموحة بالمرة..!! أليس من يعاشر قوم 40 يوم أصبح منهم..!!
30/12/2005
رد المستشار
رسالتك أمامي أؤخرها منذ حين، وأسأل وأستشير، وأحلم وأقرأ وأسير لأرد على هذه السطور التي هي من نوعية السهل الممتنع.
طبعا من حق كل إنسان أن يختار نمط الحياة الذي يراه أفضل بالنسبة له، شريطة أن يحيط بتفاصيله، وأن يكون مستعدا لتحمل مسئولية تبعاته ونتائجه، وأن يكون جاهزا لإعادة النظر فيه كل حين، وتغييره إذا تبين له أنه كان مخطئا.
وما ترينه أنت هو جزء من الحقيقة يا آنستي، فالحياة الواقعية ليست هي الأفلام الروائية، وإلا يصبح ما تصوره بعض السذج مثلا حين رأوا الأفلام المصرية القديمة حيث الراقصة، وبار الخمور في كل بيت، فجاءوا يسألون كل امرأة مصرية: هل عندك بدلة رقص شرقي؟!! وذهبوا يبحثون داخل كل بيت عن ركن الخمور ؟!! وتمادى بعضهم فظن كل مصرية فتاة ليل أو عاهرة محتملة !! فلا تكوني عريضة القفا مثل هؤلاء !!
فليس "الغرب" هو ما ترينه في الأفلام، إنما هو أكبر وأكثر تعقيدا، ولا يتسع الوصف، ولا المقام هنا للشرح المختصر، وذكرتني رسالتك بما سمعته من د.رشا الصباح في جامعة الكويت نهاية الثمانينيات، حين قالت – وهي الدارسة المتخرجة .. من مدارس بريطانيا وجامعتها، المرتدية للزي الإفرنجي –أن كثيرين ممن يتكلمون عن الغرب في بلادنا لا يعرفون عنه شيئا، فلا تكفي مشاهدة الأفلام، أو زيارة لأيام، ولكن لا بد من المعيشة هناك لفترة تتجاوز القشور إلى اللب والحقائق، وروت لنا عن إدمان البنات، وتناول العقاقير والخمور، لأن هذه زاد وزنها وتغير شكلها قليلا فتركها رفيقها إلى من هي أكثر رشاقة وسخونة، أو من يفوتها قطار الزواج أو الأمومة، أو من تفشل في حياتها الأسرية أو الدراسية أو البحثية لأنها تاهت بين هذه وتلك، ومن يعيش في الغرب يرى من المآسي ما يشيب لهوله الولدان، وما يستخدمه بعض أهلنا العرب والمسلمين من السذج أصحاب القفا العريض للقول بأن الغرب منهار، وأننا على ما يرام، وكذبوا، فكل ثقافة ونمط حياة وحضارة لها ثمن، ولها إيجابيات وسلبيات، وليس الوضع أنهم ملائكة ونحن شياطين، أو العكس !!
لديهم الكثير من المشكلات والكوارث والمصاعب على المستوى الإنساني والاجتماعي مثل أية تجربة بشرية، ونحن أيضا حالنا كما ترين، وعندك في الحليج مشكلات أسهبنا في تشريحها على صفحات مجانين وإسلام أون لاين، وكما في كل عالمنا العربي توجد مشكلات، لكن أن تقولي هناك كل شيء جميل، وهنا كل شيء سيء فهذا تعميم غير منهجي، وهو ليس حكما صائبا بالمناسبة.
ربما من أسباب ما نحن فيه ما تلاحظينه من غياب للفهم السليم للدين الإسلامي الذي كان دافعا حين بدأ زمن الإبداع والنهضة، ثم تخلف أهله منذ عقود بسبب سوء فهمهم له وسوء تعاملهم مع الدنيا كما مع الدين.
وهناك أيضا الاستبداد السياسي، والتسلط والتسطيح الفكري والثقافي، وترف الاستهلاك المتزايد، وبخاصة في دول الوفرة النفطية، وهذه كلها مضخات ومصادر تضخ النخلف والتبعية والفساد والضعف والفشل الذي ترينه، فأين يمكن أن يظهر الطموح أو الإبداع أو المواهب أو الاستمتاع بالحياة ؟! بل أية حياة هذه ؟!
وأنت تخلطين، والخلط يضر ويضلل، فتضعين تخلفنا في كفة لا ترين في واقعنا غيره، وتضعين صورة مثالية مشرقة عن الآخرين لا ترين تفاصيل غيرها، وبدلا من محاولة فهم الذات والآخر كما يقولون، تقفزين في الهواء قائلة: وجدتها ... وجدتها ... أريد أن أصبح مثلهم، لماذا لا نصبح نحن هم ؟!! لماذا لا نصبح هذا الآخر الذي يبدو جميلا عل الضفة الأخرى، وذكرتني بالمثل القائل: كل شيء دائما جميل ... على الضفة الأخرى.
ولو أنك عشت لفترة الحياة الغربية وسط هؤلاء المبدعين الطموحين، وتلك الحياة اللطيفة الظريفة!! عندها فقط يمكنك أن تفهمي كلامي، أو تدركي الفرق بين هناك وهنا، دون أن أتورط في مديح تخلفنا، أو أغفل نواحي تميزهم، ولكن هذا وذاك مجرد أجزاء من صورة أشمل وأوسع وأعمق.
ونحن هنا في مجانين، وأنا هنا معك أقول ليست الاختيارات مثلما قال القدماء: لابد من أخذ الحضارة الغربية بحلوها ومرها، وخيرها وشرها، فالحضارات ليست مثل الملابس أو الأزياء نخلع هذا ونلبس ذاك الرداء، نرمي هذا النقال أو نبيعه ونقتني الأحدث ذا الكاميرا والشاشة الأوسع.
الثقافات والحضارات تحتاج إلى هضم واستيعاب، ونحن نتعامل مع الإسلام كما مع الغرب، فنلبس الإسلام نظنه رداءا أو زيا، ثم ننظر في المرآة قائلين: لا هذه الملابس لا تناسبنا، ونريد ذلك الرداء اللامع الآخر.
ويا ليت الأمور كانت بهده البساطة يا عزيزتي، ليتها كانت بهذه البساطة!!
استمتعت برسالتك، واحترمت صراحتك، فتقبلي تحياتي ودعواتي لك بالتوفيق والسداد هنا كنت أو أصبحت هناك.
ويتبع:>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> من الآخر أريد أن أكونَ الآخر مشاركة