أنا سعيدة ولا أحتاج لشريك مشاركة2
من الأمور الباعثة على الإحباط دائماً أبداً دوام وتكرار الخلافات والمشاحنات الطبيعية والتي تحدث في معظم البيوت وأغلبها، وطوفان تلك الخلافات على السطح والتضخيم منها عن استحقاق أو غير استحقاق - حتى تصبح هي القاسم المشترك والأوحد داخل بيوتنا العربية أيضاً الجهل بأساسيات لغة الحوار البناء وغياب التفاهم المتبادل والذي هو في الأصل أساس قيام ونجاح أي علاقة بين أي اثنين سواء صديقين أو زميلين أو أب وابنه .... الخ، ساعد هذا الجهل على شيوع فكرة سيئة عن مبدأ الزواج من أصله، وتأصل في نفوس الكثير الكثيرات نسب متفاوتة من هيبة وخشية من احتماليان الزواج، فهو هذا الشيء الغير مضمون و الذي سيستتبعه حياة كلها مسئولية وتحقير وتوبيخ وأشياء أخرى.
من الطبيعي حدوث خلافات بين أي اثنين تدوم بينهما عشرة طويلة كعلاقة الزواج، لكن ليس من المقبول أن تتطور تلك الخلافات إلى أكثر من أن تصفى ويتم التحاور بشأنها في شكل أسلوب راقي يليق بحضاراتنا المختلفة أيا كانت، وبإسلامنا الحنيف والذي قدم أساسيات جميلة عن كيفية التعامل مع المواقف المختلفة والأزمات والخلافات.
يشترك في شيوع الفكرة السيئة تلك نقطة أعتبرها هامة وهي انتشار أن الزواج قاتل للحب، أن الزواج يضاد الحب، أن الزواج مقبرة الحب، فلا ضامن لاستمرارية أو حتى وجود الحب بعد الزواج إلا الحظ والحظ فقط. وهذا بسبب قلة إتباع الأصول السوية في التعامل أثناء إقامة حياة زوجية طبيعية وأقصد بالحب ها هنا هذا النوع الملتهب اللاذع الذي نراه فقط في الأفلام والدراما العربية وغيرها (والتي تقدم الحب في غير مكانه الصحيح ولا أسلوبه النقي، سامحها الله)، فلماذا بالله عليكم لا يوجد هذا النوع في مكانها الطبيعي بين الأزواج. أو ليس الزواج في تعريفه حب ومودة وعطف؟!
يحمل مقداراً مستحقاً من اللوم أنه عند وجود بعض حالات الزواج الناجحة، فليتم التكتم والسرية عليها، ويخاف طرفاها من البوح بها إما خجلاً في الغالب، أو خوفاً من الحسد حتى، بالرغم من أن رسولنا – صلى الله عليه وسلم - أبداً لم يخجل أن أباح وجاهر بحبه لزوجتيه السيدة خديجة والسيدة عائشة - رضوان الله عليهما - بالرغم من أنه أكثر حياءاً من العذراء في خدرها، وهو من حذرنا من قسوة الحسد التي تـفلق الحجر..
وإذا سئل أحدهم: هل تحب زوجتك؟ فتكون الإجابة: بنعم. هل تقدرها؟ أكيد.
إذن لماذا لا تفتخر بهذا؟ لماذا لا نشعر بذاك؟ .. (لا تعلم، ولا إجابة)
أعجبني صديق لي عند تحدثه عن نجاح علاقته الزوجية، وكيف أنه مازال الحب بينه وبين زوجته مازال كيفما هو بعد مرور حوالي 14 عاماً (هو عمره بالمناسبة 44 عام أطال الله لنا في عمره وأمثاله) وأن الاشتياق بينهما موجود كما هو مثلما الحال أثناء فترة خطوبتهما، وكيف أن شباب الأسرة من حوله يصرحون له بتمنيهم بعلاقة زوجية محبة كتلك.
سألته: والحسد ؟ قال : نستعين بالله. سألته: والخلافات؟ قال: لا توجد حياة من دون مشاكل، ونتمتع بأسلوب حوار راقي يعالج ما يعتصرنا على مدار الأيام، مثل هذه الأمثلة هي محرك للأمل والتفاؤل في الغد.
الزواج في قرارة نفسه ليس أن يتحكم رجلٌ في امرأة، أو حتى امرأة في رجل (في بعض الأحيان) ولا أن يلغى أحدهما شخصية الأخر، و لكنه نوع من التكامل والتعاون على أشياء مشتركة واهتمامات موحدة (أهداف أسرية أخرى عامة)، وإن بقيت بعض الاهتمامات والملامح المميزة لكل طرف فيه، فلا يمكن إنكار أبداً الفطرة الطبيعية التي فطرنا الله عليها وهي الميل الطبيعي والحاجة المتبادلة بين الجنسين، رجلاً وامرأة، ذكراً وأنثى، وإن شابها - الفطرة - شيء من الحيود، فلنعيد النظر في الأسباب.
كما أنه - عز وجل - نظمها ونسقها في صورة الزواج وإلا تصبح الدنيا فوضى بلا ضابط أو رابط. أليس أول ما خلق الله - سبحانه وتعالى - كان سيدنا آدم ثم تبعه بالسيدة حواء. لماذا ؟ ليأتنس بها ولتأتنس به وليكونا عوناً لبعضهما البعض في خضم الحياة والرسالة، واعترافاً بوجود ضرورة الزواج كـمبدأ يسير عليه وينتظم به وجود البشر.
فهل من مصحح للأفكار التي شابها الكثير من الشوائب؟ لنا الله.
هذه مشاركتي، فأرجو أن تكون مفيدة، مقبولة
2004/10/25
رد المستشار
بالطبع مشاركتك مفيدة ومقبولة ولكنك ناقشت الزواج ذاته وكنت أتمنى أن تناقش فترة الاختيار التي أعتبرها الأهم والأكثر تأثيرا في نجاح أو فشل الزواج حيث أننا إذا أردنا أن نتحدث عن معادلة متساوية الأطراف نستطيع أن نقول أن الاختيار الناجح = زواجا ناجحا
فالمشكلة الرئيسية والتي أسميتها سعيدة ولا أحتاج لشريك الحياة وما استتبعته من مشاركات لم يكن السبب الوحيد هو الخوف من الزواج كقاتل للحب أو الخوف من تسلط الزوج وإنما كان هناك أسباب أخرى أذكر منها رفض الفتاة لفكرة الارتباط حيث تتصور أنها تستطيع من عملها المرموق أن تتكفل بنفسها ماديا على مستو عال وأخرى تتصور أن عقلها وفكرها أفضل كثيرا من الرجل وأخرى تتصور أنها لا تقع تحت تأثير رغبة حسية ملحة تجعلها تتزوج وأسباب أخرى.
وهذا يجعل موضوع الاختيار موضوعا هاما ولابد أن يأخذ حقه من أجل محاربة المفاهيم التي تكبلنا بسبب طريقة تفكيرنا أو بسبب المؤثرات الخارجية وكذلك من أجل الوصول لزواج ناجح، وأستطيع أن أقول:
أن ضمان نجاح الزواج مرهونا بقدرتنا على الاختيار الصحيح قدر الإمكان وحتى لا تحدث كل تلك المفاهيم المغلوطة سواء من المعايشة الحقيقية أو من وهم الأعلام ومغالطاته!!
ولا تحرمنا من مشاركاتك يا باش مهندس