الرعب الجنسي حتى في الأحلام مشاركة

رد المستشار

شكرا جزيلا يا صديقنا العزيز على هذه المشاركة، خاصة وهي تجيء في موضوع يشغلني في هذه الأيام، وهو موضوع الاحتلام والاستمناء أثناء النوم، وهو ما بدأنا الكتابة فيه في ردنا على صاحب مشكلة الاستمناء أثناء النوم: الأوضاع قبل الأحكام، ثم أتبعنا ذلك بما كتبناه في معضلة : زملة الاستمناء الليلي، لكننا رغم ذلك كله ما نزال في حاجة لفهمٍ أكثر عمقا لطبيعة الاحتلام –وهو بالمناسبة موضوع غير محسوم الفهم علميا- وأفضل ما قيل فيه قاله فقهاء المسلمين الأوائل فهُم -وليس كينزي Kinsey كما يرطن الأطباء بالإنجليزية- أول من أشاروا إلى أن ظاهرة الاحتلام تحدث للنساء وللرجال، وذلك انطلاقا من أحاديث سيد الخلق صلى الله عليه وسلم حين قال لأم سليم امرأة أبي طلحة عندما سألته: هل على المرأة غسل إذا هي احتلمت؟ فقال:"نعم إذا رأت الماء" رواه البخاري.

وفقهاؤنا أيضًا وأثناء تدبرهم في ما يوجب الغسل وما لا يوجب الغسل من خبرات النائم الجنسية، كانوا أول من فصل في احتمالات عديدة منها:
0 من ينزل منه المني أثناء حلمٍ جنسي يذكره بعد استيقاظه من النوم ويجد بللا في ثيابه.
0 من يحلم حلما جنسيا وضمن الحلم أنه أنزل وهو عند استيقاظه يذكر الحلم ولكنه لا يجد بللا في ثيابه.
0 ومن يحلم حلما جنسيا ولا يذكره لكنه يجد المني عند الاستيقاظ في ثيابه، فعـن عائشة -رضي اللَّـه عنها- قالت: سئل رسول اللَّـه عــن الرجل يجد البلل ولا يذكر احتلامًا، فقال: "يغتسل"، وعن الرجل يرى أنه قد احتلم ولا يجد البلل فقال: "لا غسل عليه".

فكأن رسولنا عليه الصلاة والسلام يعرفنا بأننا قد ننسى أحلامنا وهذا ما احتاج العلماء إلى اختراع معامل النوم وتخطيط كهربية الدماغ أثناء النوم ليعرفوا أننا نحلم وننسى كثيرا من أحلامنا، ونقطة الإعجاز الثانية في هذا الحديث هي معرفة الرسول عليه الصلاة والسلام بإمكانية حدوث الحلم الجنسي دون أن يصاحبه الإنزال حتى لو رأى النائم في منامه أنه أنزل!

بصراحة شعرت بكثيرٍ من التقصير في حق أمتي، لأن تراثنا الفقهي مهملٌ في كثير من نقاط قوته وتميزه، ولعل الله يعينني وأخي الأستاذ مسعود صبري لنفعل شيئا بهذا الخصوص فادع الله أن يعيننا، ويبقى لي الحديث معك يا أخي عن مشكلة أنني أستغربُ -أو أستنكرُ كما قلت أنت- أن يكونَ هناك وازعا دينيا أثناء النوم، وأنا في الحقيقة أستغرب ذلك فعلا أتدري لماذا؟

لأن الطبيعي حسب فهمنا كأطباء نفسيين هو أن الإنسان عندما ينام تزول أغلب إن لم نقل كل قيود عقله الواعي فمثلا قد تكونُ خاطبا أو عاقدا ولم تدخل بزوجك بعد، ثم تحلم بها، وربما تحلم بمباشرة جنسية مع امرأةٍ أجنبية عنك، وآخذُ من حديث رفع القلم عن ثلاث وبينهم النائم حتى يستيقظ لأقول لك نفس ما قلته لصاحب المشكلة بل وأؤكده!.

وأقول لكل من يصحو من الحلم الجنسي قبل الإنزال أن الأسباب غالبا أسباب أخرى الدين والتدين منها براء، ثم دعني أبين لك تناقضا عجيبا في حكايتك أتدري ما هو؟ أنت تقول أنك كنت في أحلامك الجنسية -من فرط التزامك أو ورعك وخجلك من الله- غالبا لا تصل إلى الإنزال، وإذا افترضنا أن الكلام هذا صحيح، كيف بربك يستقيم ذلك مع كونك عندما تستيقظ وتجد الشهوة شديدة تكملها استمناءً (أي تمارس العادة السرية)؟؟ هل أصل من ذلك –ولا تغضب فالمسألة مسألة قياس فقط- هل أصل من ذلك إلى أنك تخجل من الله وأنت في الحلم ولا تخجل منه بعد أن تصحو منه؟

يبقى أن أقول لك أن لا علاقة بين أن تحلم أنك تقرأ القرآن أو تحج أو تصلي وبين أن تمنعك شدة الالتزام من الحلم الجنسي، فهنا أستطيع أن أؤكد أن خللا يوجد في المفاهيم المتعلقة بطبيعة النشاط الجنسي ولا حول ولا قوة إلا بالله، وأخشى أن يقال لي أنني أستغرب أن شابا ورعا يخجل في حلمه من الله، فكل ما أقوله لك هو أن علينا أن ندرك أن فارقا كبيرا يوجد بين حقيقة ما يحدث أثناء الحلم وبين تفسيرنا وتبريرنا نحن له، أتمنى أن أكونَ قد وفقت في توضيح الأمر لك، واقرأ من على استشارات مجانين لتعرف أكثر عن أحوال الشباب في أمتنا:
الاستمناء أثناء النوم....نصيحة مجرب مشاركة  
ما هو الشبح ؟ الاحتلام أم الاستمناء أم الخوف؟  

سعدت فعلا بمشاركتك ومرةً أخرى أعد بالكتابة عن الاحتلام هنا على مجانين، فتابعنا وأهلا بك دائما.

المستشار: أ.د وائل أبو هندي