للتأكيد.. والرجاء الرد بالسرعة القصوى
كنت قد أرسلت رسالة عبر مشاكل القراء بعنوان "الحالة المستعصية"بتاريخ 13/1/2006 وعندما نقرت على زر إرسال المشكلة ظهر لي إعلان الاعتذار عن تلقي المشاكل حتى 3/2/2006 فإذا كانت قد أرسلت فخير وإذا لم تكن أرسلت فسأكتب نصها وفي كلا الحالتين أناشدكم بالله وأرجوكم ثم أرجوكم الرد عليها بأقصى سرعة. أما نص الرسالة فهو:
السلام عليكم؛
أكتب إليكم بعدما احتار الأطباء النفسيين في حالتي ولم يبقى لي أمل إلا الله وأنتم فأنا واثق من كفاءة مستشاريكم وعلى قناعة بأنكم أفضل مرجع في الاستشارات النفسية والعصبية.
مشكلتي بدأت منذ سنتين (1-2004) وهي عبارة عن حالة أصابتني على النحو التالي:
المرحلة الأولى: وفيها كنت في وضع نفسي ممتاز من أحسن الأوضاع النفسية في حياتي وكنت في قمة السعادة(كنت استعد للانتقال لدولة العربية لإكمال دراستي الجامعية بعد تجربة مريرة في الجامعة التي كنت فيها تتعلق بالتخصص والمواد وجو الجامعة)وأصابتني فيها هذه الحالة مرة واحدة (وكانت أول مرة أصاب فيها في حياتي) وهذه الحالة لم تستمر أكثر من عشر دقائق(1-2004) ولا أذكر وقتها أني كنت أفكر بشيء مهم أو محزن.
المرحلة الثانية: بدأت في(2-2004) عند أول وصولي للجامعة الجديدة وتعرضت لمشكلة كبيرة(أيضا تتعلق بالمواد الدراسية)وضعتني تحت ضغط وخوف كبيرين ولم يكن أمامي خيارات ولم أعرف كيف أتصرف خلالها صارت هذه الحالة تزداد من حيث مرات تكرارها ومدة حدوثها(2 و3 -2004) ثم صارت حالة مستديمة (4-2004) في بداية الأمر أفقت منها لمدة ساعتين مرة ومرتين لمدة عشر دقائق (4 و5-2004) ثم بعد ذلك أصبحت لا أفيق منها إلا مرة أو اثنين أو ثلاثة في الشهر ولمدة ثانية ثم أصبحت لا أفيق منها أبدا فآخر مرة أفقت منها كانت في (6-2005) وكان ذلك لمدة ثانية.
أما طبيعة هذه الحالة:
* حالة من اللاوعي فاقد فيها كل اتصال بنفسي وبالواقع والزمان والمكان ولا أحس بأي أحاسيس وكأني 100% في حلم فأحس أني غير موجود فلا اعرف من أنا أو بالأ حرى ما أنا لا اعرف أي شيء عن الدنيا فلا اعرف كيف كنت البس وآكل وأذاكر وأخرج وكيف كنت أعيش وكيف كنت اذهب إلى المدرسة والجامعة كما أني ناسي كيف كنت أعامل أهلي وأصدقائي وناسي أيضا الكثير من صفاتهم وطباعهم وشخصياتهم بالإضافة إلى الكثير من طباعي وصفاتي كأني عمري ما كنت في هذه الدنيا وليس عندي أي تصور عنها وآخر تصور كان عندي قبل حدوث هذه الحالة والعيش في اللاواقع والحلم هو أن الحياة في منتهى الجمال وأن الدنيا ابتسمت لي بعدما أظلمت في وجهي وأن المستقبل أمامي باهر ولا شيء باستطاعته أن يوقفني.
* لا أعرف معاني الحياة من موت أو حياة أو نجاح أو فشل ولا أحس بأي صفات بشرية من حب أو كره أو خوف أو راحة وليس عندي أي غرائز سواء جنسية أو حب للمال أو النجاح أو الجوع وأحس كل شيء حولي وهمي وغير حقيقي كأني أراه في حلم.
* لا أستطيع التركيز أو الحفظ أو التخيل أو التذكر بالإضافة إلى كثرة النسيان حتى على مستوى قيادة السيارة فأنا لا أتذكر شيء عن القيادة أو قواعد المرور أو تقدير الأبعاد كأني لم اكتسب أي مهارات حياتية.
* فقدت كثير من الذكاء والقدرة على إيجاد الحلول واتخاذ القرارات وربط الأفكار والتحليل فلا اعرف كيف أتصرف أو أجد حلول للمشاكل وعندي صعوبة كبيرة في التعلم واكتساب المهارات وأيضا أنا لا أتذكر كيف كنت أتصرف وأتعامل مع المشاكل وأحلها وليس عندي صفاء ذهن فأحس دائما كأن بالي مشغول ومشتت وبأني مشدود.
*عندما أتكلم أو أناقش أو يسألني أحد فإن معظم الكلام يخرج مني تلقائيا من غير تفكير ويكون كله صحيح لدرجة أني ممكن أن أمزح أو أتكلم في مواضيع مهمة وأناقش كأن مخي يرد لوحده من غير تفكير أو تقييم للكلام ولكن قدرتي على استجماع الأفكار والمجادلة والإقناع شبه معدومة كما أنني عندما أقوم بأي عمل أقوم بالأمر أوتوماتيكيا وتلقائيا.
* لا أستطيع أن ادخل الجامعة فالمدرسين والكتب والطلاب وكل شيء حولي وهم وغير حقيقي وحتى لو تغاضيت عن ذلك (وهذا مستحيل) فليس عندي القدرة على الحفظ والاستيعاب وأنا أصلا لا اعرف ما معنى نجاح ومستقبل وليس عندي أي إحساس بذاتي أو شخصيتي كما أني لا أصلي فلا أعرف ما معنى حساب وجنة ونار فالصلاة عندي عبارة عن حركات أوتوماتيكية من غير نية أو خشوع أو إدراك لمعنى الصلاة وأنا أصلا غير موجود لست في الواقع والدنيا الحقيقية وإنما كله حلم ووهم.
* دائما يصيبني صداع في الجهة اليسرى من رأسي بقرب أذني في نفس المناطق وهذا الصداع غير مرتبط بحالة معينة أو تفكير معين كما أني لا أحس بأي طاقة في جسمي ولا أحس بجسمي وبأطرافي أصلا فلا أحس مثلا بتثاقل عندما أصحو من النوم ولا أحس بخمول أو رغبة بالنوم بعد الأكل كما أنني لا أحس بطعم الأكل أو الجوع أو الشبع وليس عندي أي نظام نوم أو ساعة بيولوجية وإذا نمت لا أصحو قبل 13 أو 14 ساعة إذا لم يصحني أحد وبالنسبة للرؤية أرى كل شيء حولي بإضاءة خفيفة وأبعاد غير دقيقة.
* ليس لدي أي حياة فأنا منقطع عن الدراسة منذ سنتين واجتماعيا لا اختلط بأهلي كثيرا ونادرا ما اخرج مع أصدقائي وقد فقدوا جميعا الأمل مني مع أني حاصل في الثانوية العامة على 95% وكنت محبوبا ومحترما جدا من أهلي وأصدقائي ومع أني لا أحس وأعي فداحة وانحطاط هذا الوضع الآن لأني فاقد الأحاسيس وكل ما يحصل معي هو حلم إلا أني على يقين بان هذا مؤلم جدا في الواقع والعالم الحقيقي وحاليا أعمل بمهنة بسيطة(صراف) عند احد أصدقاء والدي إلى أن يفرجها الله وطبعا لا أعرف معنى عمل ومعاش وإنتاج.
عندما أفيق من هذه الحالة فان كل شيء يرجع طبيعي 100% كأني كنت في غيبوبة وأفقت منها. يتبدد الحلم وأصبح في الدنيا والواقع مدرك لكل شيء أحس بنفسي وبالحياة ومعانيها وكان شيئا لم يكن والإفاقة تأتي دون مقدمات وليست مرتبطة بموقف أو تفكير أو وقت معين والغريب في هذه الحالة أنها ليس فيها حل وسط أو تدرج في الأعراض فانا إما طبيعي 100% أو في حلم 100% كأن الموضوع كله كبسة زر تفصل بين الواقع والوعي واللاوعي والحلم.
باختصار أنا وهم وكل شيء حولي وهم وكل المواقف التي أمر فيها وكل أقوالي وأفعالي وتصرفاتي وحياتي اعملها وأنا مسيَر في أحداث حلم غريب لا افهم تفاصيله ولا اذكرها وأنا بانتظار أن أفيق من هذا الحلم وأرجع لنفسي ولحياتي.
رحلتي مع العلاج بدأت مع المعالجين بالقرآن فذهبت إلى ثلاث معالجين قالوا لي إني لا أشكو من شيء ثم منذ أكثر من سنة بدأت في العلاج النفسي وأخذت الأدوية التاليةRisperdal, Stelazine, Cipralex, Effexor, Ixel,Saroten, Tranxene, Xanax كما تلاحظون فهي من أفضل الأدوية المتوفرة لعلاج الذهان والقلق والوسواس والاكتئاب(الماس والماسا والماسنا" التي تعمل على السيروتونين والنورادرينالين") وما يترتب عليها من اختلال الإنية وتبدد الواقع مع أني لا أحس باكتئاب أو قلق أو وسواس ولا أي أحاسيس أخرى وليس عندي أي نوبات هلع أو ضيق في التنفس أو تسارع في ضربات القلب كما أنني مدرك أن هذا كله يحدث بسبب حالة مرضية دون تدخل أي قوى أو مؤثرات خارجية أو جن وإنما هو خلل في الدماغ وليس عندي أي هلاوس أو أعراض ذهانية.
وكل هذه الأدوية لم تحدث أي فرق حتى عندما كنت آخذ أدوية القلق (tranxene, xanax) لم أكن أحس بأي راحة أو ارتخاء أو خمول مهما زودت الجرعة كأني لم آخذ شيء وفوق هذا فقد قمت بعمل 8 جلسات كهربائية وأيضا لم أحس بأي فرق وقد قمت بعمل فحص للغدد وتخطيط الدماغ الكهربائي EEG وصورة بالأشعة المقطعيةCT Scan وكانت كلها سليمة.
أرجوكم أخبروني ما هو مرضي؟ هل هو مرض نفسي يتعلق بالنواقل العصبية وكيمياء الدماغ؟ وإن كان كذلك فلماذا لم تنفع كل هذه الأدوية والجلسات الكهربائية؟ هل هناك أي فحوص أخرى يجب أن أعملها؟ هل تكفي الأشعة المقطعية أم علي أن أقوم بعمل أشعة رنين مغناطيسي؟ وهل يجب أن أعرض نفسي على طبيب مخ وأعصاب؟ هل أنا حالة مستعصية؟
أنا داخل على الله ثم عليكم أن تتشاوروا وتجتهدوا وتخبروني ما هو مرضي لأني اعتبر قولكم هو القول الفصل وأرجوكم ثم أرجوكم أن تجعلوا الأولوية في الرد لرسالتي وبالتفصيل وبأسرع وقت ممكن لأن الانتحار صار ملازما دائما لتفكيري بعدما يئست من الأطباء والأدوية وهو عمل هين جدا علي لأني لا أحس بنفسي وذاتي ولا أعرف معنى حياة وموت وجنة ونار كما أن الغاية من حياتي هي العبادة وأنا لا اعرف معنى عبادة وغير موجود في الدنيا أصلا ولا اعتقد أن الله يحاسبني لأنه ليس على المجنون حرج وأنا بلا عقل أو وعي أو واقع.
13/1/2006
رد المستشار
الأخ العزيز "عبد القادر":
يبدو أن رحلتك مع المرض أكسبتك الكثير من المعلومات الطبية، لكنها أفقدتك الكثير من المعلومات الحياتية. لقد أسهبت في وصف الحالة المرضية لكنك لم تتحدث عن أشياء قد تكون حجرا لركن التشخيص، وهى مرحلة طفولتك وهل كنت مدللا أم مكبوتا؟، علاقتك بالأبوين والأسرة؟، الظروف المحيطة وانفعالك وقت حدوث أول النوبات وهل سبقها إحساس بالفشل أو انحسار الأمل في عينيك؟، الأفكار التي تنشغل بها في أثناء النوبات وما بينها؟. وما هي قصة دراستك ونوعها وهل كليتك كانت بغيتك؟ وما العقبات التي صادفتك بالدراسة؟
أما أنا فأرى أنك لست بالمكتئب ولا بالفصامى، لكن تصرفاتك في أثناء النوبات وشعورك أن الغمة تنقشع وأنك أكثر سعادة وأصفى قلبا وأنك لم تعد تحس بمعاني الأشياء... هذا كله يصف أعراض مرض نفسي وهذا أول ما نجزم به أنك لست في حاجة إلا لطبيب نفسي ماهر الصنعة.
إني أراك في كل نوبات مرضك لا يسيطر عليك من الأعراض إلا عرض واحد وهو الاستغراب والدهشة والشعور بتغير أحاسيسك وتغير أشكال وأوضاع الأشياء. هذه هي حالة من انعدام الوزن وفقدان الإحساس بالنفس (Derealization & Depersonalization) أو اختلال الإنية وهو نوع من الاضطرابات الانشقاقية لكنه غالبا ما يحدث ثانويا لأحد الأمراض النفسية الأخرى مثل الاكتئاب الداخلي الذي لم يتميز بأعراض نفسية كسوء المزاج وفقدان الإحساس بمتع الأشياء أو أعراض جسمية مثل اضطرابات النوم والشهية إما بالزيادة أو النقصان.
لذا أيها الأخ الحائر
مادامت إرادتك وقدرتك على العمل لم تنعدم فأنت غير فصامى وأن الفصامي لا يمكن أن يتحدث بلوعة وباكتراث كاللذين تتحدث بهما. فعليك إكمال مسيرتك العلاجية جانبا إلى جنب العمل، لكن الذي يفيدك أكثر هو الطبيب النفسي الذي يجيد العلاج المعرفي ويطبق شيئا من التحليل النفسي فمثل هذه الحالات وتحت تأثير بعض العقاقير التي تطلق اللاشعور كالثيوبنتال صوديوم، يمكن للطبيب أن ينقب في أعماق النفس عن سر المعاناة ويمكنه حل الصراع وأظن الموضوع غير يسير!.
أما عن تماديك بالأدوية فإن الزانكس يفيدك كثيرا بالإضافة إلى السيرترالين (لوسترال) لكنني لا أظن أنك بحاجة إلى عقاقير الذهان فإنها ستزيد من ذهولك، فإن الذي يحتاج مثل هذه الأدوية هو الذي لا يكون عنده بصيرة في مرضه لكني أراك تدرى بكل شيء وتحس مرارة موقفك.
شكرا للأستاذ الدكتور وائل، وأنا يا صديقي بانتظار الإجابة عن تساؤلاتي كي تكتمل لدى الصورة..... وإلى رسائل أخرى.