المحتارٌ بالحب..!؟
بسم الله الرحمن الرحيم..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أحببت صديقتي بكل صدق وإخلاص وشعرت بأنني قد وجدت الإنسانة التي تشاركني أفكاري وأحاسيسي الداخلية وتكون شريكة حياتي في المستقبل لأنها هي الوحيدة التي دخلت قلبي في أقل وقت وعندما أكون معها أشعر بطعم السعادة والراحة والاطمئنان المتزايد، وإذا غابت عنى في يوم أشعر بفراغ شديد وضيق وحزن وكأن شئ ينقصني وأشعر بالملل وعندما تعود أشعر بأن روحي ردت لي من جديد فأنا أحبها حب بكل المقاييس ولا يستطيع الكلام وصفه، فدائماً أجدها تشغل تفكيري وصورتها لا تفارق خيالي وأسمع صوتها في كل مكان وأجدها في كل الأحلام فلا أستطيع نسيانها ولا أستطيع التفكير في غيرها ولدى استعداد أن أقدم لها كل ما تحتاج إليه حتى إذا توصل الأمر إلى أن أعطى لها جزء من جسدي وكل دمائي فلن أرفض لأني دائماً أحب أن أراها وهى في أحسن الأحوال وأتمنى لها كل خير وسعادة وأحب أن أراها دائماً وهى سعيدة ولا أحب أن أراها وهى حزينة لأن كل ما يحزنها يحزنني وعندما أجدها تبكى أشعر بأن براكين من النيران تحرق قلبي وأشعر بألم شديد وعندما أتذكر دموعها وأنا جالس في غرفة نومي تنهمر الدموع من عيوني ولذلك أكون في أشد الحرص على مشاعرها وأحاسيسها فلا أحب أن أجرحها بأي كلمة من الكلمات وأكون معها في منتهى الاحترام والهدوء عندما أتحدث معها وقد أخبرني أحد أصدقائي بأنها تقول عنى أحسن الكلام ومعجبة بشخصيتي الطيبة لأني دائماً أكون أول من يقف بجانبها وقت الشدة وأقدم لها كل ما تحتاج إليه وأفضلها على الأخريين وتكون دائماً مميزة في نظري.
ومعاملتها معي رائعة جداً وتعتبرني أعز أصدقائها لأني الوحيد الذي لا يخلف وعده معها، وأنا والحمد لله بصلي وأعتبر الوحيد من ضمن الأصدقاء الذي لا يدخن، ولكن الصدمة التي جعلتني أفقد الأمل في كل شئ عندما أردت أن أصارحها بحقيقة حبي لها أخبرني أحد أصدقائي بأنها على علاقة بشخص أخر من فترة قليلة، بالعلم إن هذا الشخص أعرف حقيقته السيئة وأنه متعدد العلاقات الغرامية ويعرف الكثير من الفتيات وكل غرضه التسلية وقد سيطر عليها بكلامه المعسول المزيف لأني أعرفه لا يعرف الحب ولا يوفى بأي وعد وسوف يأخذ ما يريده منها ويتركها، وخاصة إن هذه الفتاة شديدة الطيبه ولا تعرف المكر والخداع.
فما الحل المناسب لهذه المشكلة؟ وهل أصارحها بحقيقة حبي لها؟ وماذا أفعل حتى أجعلها تشعر بحبي لها؟ لأني الآن أعيش جميع أيامي في عذاب ولا أشعر بطعم أي شئ جميل حتى طعامي وأشعر بالمرارة والحزن الشديد لأني أحبها حب لا يوصف ولا أستطيع أن أعيش حياتي القادمة بدونها وأنا على استعداد بالتضحية بأي شئ من أجلها ولو حتى ما أملكه من حياة، فهذه المشكلة تجعلني لا أذوق طعم النوم وتجعلني أعيش في عذاب وجراح طوال الأوقات ولا أستطيع النسيان لأنها بداخل كل جزء في جسدي وعقلي..
ولكم منى خالص الشكر والتقدير....
03/02/2006
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته، أهلاً بك يا أمير على موقعنا، وأقدم لك أولاً اعتذاري عن تأخري في الرد على مشكلتك..
ثانياً أريد أن اسألك: ما نهاية هذا الحب؟ ولنفترض بأنك صارحتها بحبك، ووجدت لديها من الحب لك مثل ما لديك لها، ما هي الخطوة التالية؟؟ وماذا لو وجدت أنها لا تبادلك نفس الشعور؟؟ هل ستكتئب وتتحطم أحلامك العريضة على صخور الواقع؟؟
الحب يا أمير عاطفة نبيلة وراقية، وما أروعها حين تكون صادقة، ولكن يبقى السؤال: ماذا بعد؟ كيف سنترجم هذا الحب واقعاً مُعاشاً؟ هل نحن قادرون الآن على ذلك؟ وماذا لو تمّ الارتباط بينكما وتحقق المراد وتزوجتما، ماذا بعد؟ هل فكّرت في خطة تنتهجها لتحافظ على هذا الحب؟ هل عندما تتزوجها وتبدأ الاختلافات في وجهات النظر تظهر، هل سينتهي الحب؟ وماذا لو افترقتما ولم يكن بينكما نصيب، ما هي الخطة البديلة؟؟
اعذرني لواقعيتي الشديدة في ردي عليك، فلا أجد منها مهرباً لأساعدك على العودة للواقع والخروج من بحور الأحلام الجميلة، ثم أنت تقول بأنك على استعداد لتعطيها جزءاً من روحك أو جسدك، وهذه رغبة في التضحية جميلة جداً، ولكن: إذا أعطيتها روحك أو جزءاً من جسدك، فهل ستطلب منها أن تكون مدينة لك طول العمر، حتى ولو أصبحت زوجتك؟؟
نحن عندما نحب نندفع وراء من نحب إلى حد أبعد من الحد المنطقي الذي يجب أن يقف عنده العبد في حبه للعبد، هذا الاندفاع لا يصح ولا يستقيم إلا حين يكون مع طرف مختلف، يكافئ بدون حساب، رحيم بدون حساب.. وهو الله عز وجل، شاهدت حالات مشابهة لحالتك، وتزوجوا ولكن ماذا كانت النهاية، ليس أن الحب خبت جذوته قليلاً بل انقلب إلى كره وعداوة.. لأنهما وثقا ببعضهما خارج نطاق الثقة المنطقية.. وانتظرا من بعضهما أكثر مما يستطع كل منهما تقديمه لشريكه، وأنا هنا لا أقول لك بأن التضحية في الحب خطأ، بل إن دوام التعايش بين الناس يلزمه التضحية والبذل والإخلاص، ليكون تعايشاً جميلاً مثمراً، ولكن نخطئ كثيراً حين نجعل من محبوبنا كعبة تطوف حولها أفكارنا ومشاعرنا..
تقول:" فدائماً أجدها تشغل تفكيري وصورتها لا تفارق خيالي وأسمع صوتها في كل مكان وأجدها في كل الأحلام فلا أستطيع نسيانها ولا أستطيع التفكير في غيرها ولدى استعداد أن أقدم لها كل ما تحتاج إليه حتى إذا توصل الأمر إلى أن أعطى لها جزء من جسدي وكل دمائي فلن أرفض"..
الحب القوي والذي يكون فيه الإنسان على استعداد للتضحية بكل غال ونفيس يجب أن يكون موجهاً في الوجهة السليمة، وإلا جئنا يوم القيامة وقد بذلنا وعملنا وإذا بنا نُفاجأ بأن كل أعمالنا هباء منثور، لماذا؟ لأننا نسينا أن نوجه أعمالنا الوجهة السليمة وهي وجهة إرضاء الله، هو وحده المستحق لهذا الحب اللي بلا حدود ولا ضوابط.. وهو وحده المستحق لهذه التضحية اللي بلا حدود ولا ضوابط..
جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فسأله: إني أحب أن اعمل العمل لإرضاء الله ولأُحمد عليه، فما لي عند الله؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام "لا شيء"، قد نجد من أفنى عمره وهو يسعى على رزق عياله، ومن ضحى بحياته لإنقاذ آخرين، ومن ومن.. ولكن أين هدف إرضاء الله من كل ما فعلوه؟ لا وجود له، إذاً لاشيء لهم في الآخرة..
يؤلمني كثيراً أن أرى شبابنا وبناتنا وهم ينشدون راحة النفس وطمأنينتها في غير موضعها، يقول بعض العلماء: إن في النفس شعثاً لا يلُمّه إلا القرب من الله، وإن في النفس وحشة لا يزيلها إلا الأنس بالله، خطأ فادح أن نحاول تلبية احتياجاتنا الروحية من غير المصدر الحقيقي لها.
كلامي كله لا يعني أنه لا مكان للحب ولا للعواطف الإنسانية في حياتنا، كل ما أريد قوله هو أن نعرف كيف نفرق بين احتياجاتنا العاطفية البشرية واحتياجاتنا الروحية الإلهية، ثم بالنية والإخلاص نُخضع حياتنا البشرية كلها لما يرضي ربنا الذي يجب أن يكون هو محور تفكيرنا ومحور حركتنا في حياتنا، وإلا خسرنا خسارة كبيرة حين نجد أنفسنا وقد قمنا للحساب.
أنت تنظر للأمور برومانسية شديدة، جميل أن يكون الإنسان رومانسياً ولكن الأجمل أن يخضع رومانسيته هذه للواقع، ثم إنني أرى أن تأخذ وقتاً أطول في التفكير فيمن سترتبط بها، فالحب وحده يا عزيزي لا يصلح أن يكون أساساً لزواج سعيد وناجح مستقر، لا بد من أسس أخرى في الاختيار، بالإضافة إلى أن قراراً هاماً ومصيرياً كقرار الزواج لا يجوز أن يتخذه الإنسان وهو تحت تأثير حالة عاطفية حادة كالتي تمر بها، أقترح أن تؤجل قرار ارتباطك بها إلى بعد فترة من الزمن تكون قد ابتعدت فيها عن الفتاة حتى تخف حدة الحب واشتعاله في قلبك فيعود الوضوح لرؤيتك وتفكيرك من جديد.
أما بالنسبة لمهمة إنقاذها من هذا الماكر، أولا هذه ليست مسؤوليتك بل مسؤوليتها هي، هي المسؤولة عن نفسها، ولكن لها عليك كأخت مسلمة حق النصيحة، ولكننا هنا أمام مشكلة وهي انك لو نصحتها وبينت لها حقيقة هذا الشاب وهي تعرف بأمر حبك لها لفقدت هذه النصيحة قيمتها لأنها ستعتبر أن محركك هو الغيرة.. إذاً ما العمل؟؟
أقترح أن تحزم أمرك أولا وتقرر: هل تصلح هذه الفتاة شريكة لحياتك، أم لا، وعلى ضوء ذلك تتقدم لها كخاطب، وعندها ستجد نفسها أمام خيار بين علاقة شرعية وغير شرعية، وسنرى ماذا ستختار، من المهم إنقاذها، ولكن الأهم إنقاذك من قرار مصيري متسرع سيجر عليك ويلات كثيرة إذا كان خاطئاً، وفقك الله وسدد خطاك، وتابعنا بنتائج تفكيرك..