أريد أن أسترد عذريتي..أريد أن أسترد إيماني؟!
أريد أن أسترد عذريتي.. أريد أن أسترد إيماني مهلا.. لا تذهب بفكرك لبعيد بالتأكيد عندما تقرأ العنوان فستقول هذه مراهقة تسأل إما عن الغشاء أو عن الاسترجاز, ولو كان ذكرا لسأل عن طول البتاع بتاعه أو العادة السرية. ولكن عندما تعود لترى جنس السائل فستجده ذكرا! ماذا؟!!!
هل يسأل عن الغشاء هو الآخر؟ لا.. مهلا.. صحيح أن الغشاء المخاطي لأنفي متهتك بسبب الجفاف الشديد في المدينة التي أسكن بها الآن, ولكن ليس هذا ما يزعجني. لن أسأل لا عن البتاع ولا عن العادة السرية, ولم أحب فتاه عن طريق الإنترنت, ولم أخطب وتركتني خطيبتي بسبب عدم التوافق أو بسبب أهلها, فليست تلك مشاكلي. ولكنني سأسأل عن شيء فقدته ولم أعد "أعذرا" (لا أدري ما هو مذكر "عذراء" إن وجد).
لقد فقدت حيائي.. لقد فقدت فطرتي السليمة, ستسألني كيف؟ سأرد بالتالي, لا أعتقد أن المستشارين الكرام مروا بالتجربة في شبابهم, فلم يكن الوضع كما هو الآن, ليس لدي روتانا, ولا ميلودي, ولا إل بي سي, ولا القمر الأوروبي, ولا أتابع الفيديو كليبس, ولا أتتبع فتيات الدعايات, ولكن مع ذلك فالإثارة موجودة في كل مكان تأتي مذيعة الجزيرة وغير الجزيرة من القنوات التي يمكن تسميتها بالمحترمة وهي بكامل زينتها وعدتها وعتادها لتقص علينا أنباء مقتل العشرات ثم تبتسم بعد ذلك ابتسامة إغراء لا أستطيع أن أفهم لها مكانا في ذلك الموقف.
أذهب للإنترنت لأفتح بريدي في أي موقع بريد محترم (للأسف حتى الآن لا يوجد بريد عربي واحد محترم, أنا مهندس كمبيوتر وأعرف ما أقول) فتأتيني الإعلانات المثيرة من كل جانب, أذهب لأجلس مع الزملاء (وليس الأصدقاء) الذين تجمعني بهم الظروف لأسباب كثيرة فلا يعجبهم إلا الكلام عن الجنس أو الجنس الآخر في هذه المواقف, أنا لا أتتبع ما يثيرني ولكنها تأتي لعندي, وتدريجيا تبدأ الإثارة.
المشكلة بعد ذلك أنني لم أعد في داخلي أستحي من أن أنظر, وأتبع النظرة النظرة, وأصبحت أدقق, وأتتبع التفاصيل ثم عندما تشتد الإثارة, قد أذهب وأبحث عما يثير أكثر, قد ألجأ إلى استرجاع القنوات اللبنانية, وقد أذهب إلى الإنترنت وهناك لا يقف أمامي حاجز لأني خبير (هذا عملي, أنا مهندس شبكات), وقد يصل الأمر عندما يغيب عقلي تماما إلى العادة السرية, ولكن ذلك لم يحدث سوى 5 مرات طيلة عمري.
ودائما عندما أقع, لا أستسلم وأقف من جديد مجددا الاستغفار والتوبة والعزم على عدم العودة, ولكن المشكلة هي أنني عندما تبدأ الإثارة, يبدأ وعيي بالغياب شيئا فشيئا, فلم يعد هناك حياء يردع, وهنا المشكلة, وهذا ما قصدته من أنني فقدت عذريتي وحيائي وإيماني, وهذا ما أبحث عن جواب له, كيف لشاب في الخامسة والعشرين من عمره ولم يتزوج (وعندي يقين أن الزواج لن يحل المشكلة, لأن من لا يغض بصره فلن يملأ عينه إلا التراب) أن يستعيد فطرته وحيائه بعد أن تشوهت هذه الفطرة بالتعرض لكم الإثارة الهائل؟
آمل أن أجد من يدلني على الطريق, وأنا سوف أكمل المسير وجزاكم الله خيرا
ملحوظة:
آمل أن يرد على هذه الاستشارة أكثر من استشاري وعلى رأسهم الدكتور أحمد عبد الله .
2/3/2006
رد المستشار
وصلتني رسالتك في حينه، ولم أجد في وقتها ردا مناسبا، ولولا أن أخي وصديقي د / وائل، قد ألح علي كثيرا لما أجبتك إلا حين يكون لدي جديدا أضيفه!!
من موافقات القدر أن فتاة مكتئبة متأخرة في زواجها تراجعني في عيادتي منذ فترة، وأمس كانت تشكو مما تتحدث عنه أنت هنا، من الإثارة، وهو ما تحول من فعل إلى حالة ومناخ أسميته في لقاء تليفزيوني قريب"ثقافة الفضيحة"، ومن معلمه أن يتم إضفاء طابع الإثارة على كل مفردات الحياة العادية فيصبح الجنس، وتصبح المتعة الجنسية، والتفكير والشعور الجنسي، والكلام والأحلام والسلع والمواد الجنسية، والتطلعات والمتطلبات والاعتبارات الجنسية، بل الجانب الجنسي في الإنسان والحياة هو المحور الذي ندور حوله في كل نشاطنا بأنواعه كبشر، وبشكل يومي متغلغل ينتشر ويتوغل ويغرقنا كما ترى.
ويزداد الطين بلة في حالتنا حيث يحدث هذا كله في فراغ هائل نعيشه فلا إنتاج ولا تنمية، ولا جهاد عسكري ولا مدني، ولا حراك سياسي أو تنافسي اجتماعي أو عملي شريف أو نافع!!
وتزداد البلة طينا إضافيا حين تظل المفاهيم والممارسات المعتمدة والمقبولة اجتماعيا للزواج أو العلاقة بين رجل وامرأة محكومة بخليط من العادات المتخلفة، والصيغ البالية، وضيق الأفق في فهم الدنيا والدين .
وهكذا ندور في حلقة رهيبة ومفرغة تزداد حرجا وضيقا عند البعض بالتركيبة النفسية المختلة أو الاختيارات الحمقاء. وليس لدي وصفة سحرية أو غير سحرية للتخلص من هذا الوضع فورا على المستوى العام، أو تلافي آثاره على المستوى الفردي، ولكن لا بأس من المحاولة الجماعية نتعاون فيها لنصل إلى محددات أو توجيهات أو خطوات لها معنى أو جدوى أو نفع.
1 – ربما آن الأوان لجهود عامة واسعة لمحاصرة وإدانة هذا المستوى المرتفع من الإثارة، والجهود الحالية جيدة ولكن ينقصها الكثير من التطوير والتدقيق والتوسيع، ومع هذا التطوير والتركيز أعتقد أن بعض الضوابط يمكن أن تساهم في تحجيم الظاهرة أو ترويضها بعض الشيء، وهذا حديث يطول أبسطه لاحقا لمن أراد أن يعمل في هذا الصدد بجدية .
2 – لا جدال في أنه يمكنك التقليل نسبيا من التعرض للمثيرات فإذا كان هناك قدرا منها ينفذ إليك ليصل حيثما كنت، فإن هناك بعضا آخرا تذهب أنت إليه، فلا تفعل، لأن ما ينفذ إليك من عموم البلوى إنما يؤثر ويذهب إلى عقلك الباطن، أو اللاوعي، ومنه قد يخرج إلى الأحلام وغيرها، أما ما تذهب إليه باختيار ووعي فهو يؤثر على أفكارك ومسلكك الحياتي اليومي بشكل أكبر
3 – تذكرت أمس أنني لم أشاهد، ولم يخطر ببالي أن أشاهد، فيلما جنسيا خلال فترة الشباب، وأزعم أنها كانت متوافرة، وأن الشباب كانوا يتهافتون عليها، ولكنني ببساطة كنت منشغلا باهتمامات أخرى تماما تملأ علي نفسي ومشاعري وأستثمر فيها وقتي، وطاقتي، وقد استقرت هذه الاهتمامات مع طول الانشغال والممارسة، حتى أسبح دور الإثارة ومساحتها محدودة سلفا مهما تعددت الوسائط والوسائل، وتنوعت الأساليب، لو سمحت راجع اهتماماتك، وما تقضي وقتك وجهدك ومالك فيه لأن هذه حقيقة شخصيتك وحياتك، وهي الحقيقة التي تحدد المساحة المتاحة لعمل الإثارة في نفسك .
4 - أيضا فإن التفاعل الاجتماعي بين البشر له دور في تحجيم تأثير الوسائط الإليكترونية بشكل عام، بغض النظر عن محتوى هذه الوسائط، نحتاج إلى إحياء تقاليد وأساليب اللقاء الإنساني، والنشاط العائلي، وجماعات الجيران وغيرها، يحتاج إلى جهد وإبداع ليحصل.
5 – التفاعل العام بين الشباب والفتيات في عمل جاد، ونشاط مثمر علني ينفع الناس، هذا التفاعل يخفف الإثارة لأنها ببساطة تنزع ثقة الإغراء والإغواء، وتحول الأنثى إلى إنسان، وكذلك الذكر، ولو نشأت علاقة أعمق في إطارها وضوابطها وأهدافها فإن هذا يقلب معادلة الإثارة رأسا على عقب، ويحولنا من رموز جنسية إلى بشر من لحم ودم، فهل نفهم هذا؟!!
طبعا.. يمكن أن نتعامل مع الإثارة، ويمكن أن نغير المشهد الحالي بمجمله، ويمكن أن نغير حياتنا ومجتمعنا بأفكار واعدة، وجهود صاعدة، فقط نحتاج إلى الوعي والإرادة، والعمل المتواصل والتعاون، والحديث موصول.
واقرأ أيضا:
الجنس والعولمة: الحلال والحل
صناع الحياة : والتفكير في الجنس
صناع الحياة : والتفكير في الجنس مشاركة
متناقضات العصر أمام المسلم
المواقع الإباحية .. بل الأمة في ضياعها