من الآخر أريد أن أكونَ الآخر مشاركات
أريد أن أكون الآخر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
بادئ ذي بدء هي التحية التي لا تستطيع أن توفي فضلكم، ولا أن تدرك شكر صنيعكم، ولا أن ترقى إلى أن تجزي معروفكم، فلكم جزيل الشكر ووافر العرفان والامتنان على ما قدمتموه وما تقدمونه، وللمتعة التي يشعر بها المرء عند قراءة ما تخط أيديكم، وما تجود به قرائحكم، فأنتم ممن يقول الشاعر فيهم:
وما بقيت من اللذات إلا محادثة الرجال ذوي العقول
فقد كانوا إذا عدّوا قليلا وقد صاروا أقل من القليل
وبعد: فهذه مشاركة على المشكلة المعنونة بـ: مِنَ الآخِر أريد أن أكون الآخر،
سيدي الفاضل: أظن أن ما ذكرته الأخت في رسالتها هو بشكل أو بآخر ما تشعر به كثيرات منا نحن فتيات العرب أو الشرق عموما، ولا أظننا نمثل نسبة يستهان بها، لكن الفرق يكمن فيما قد يدفعنا إلى تبني منظومة الآخر أو جزءا منها على الأقل، وأنا لا أذيع سرا إن قلت أن كثيرا من الفتيات يردن أن يكنّ الآخر لأنهن يحببن السفور والخروج والاختلاط والعلاقات…إلخ، باختصار كل ما يمكن أن يدرج تحت بند الحرية اللامسئولة، لكن هناك فريقا ليس هذا ما يشده إلى الآخر، ليس هذا ما يردن من طريقة الحياة التي يعيشها الغير..
استمع للكلمات التي نستعملها يا سيدي.. هم، الغير، الآخر.. وكأننا نتحدث عن مخلوقات أخرى… ألا ترى معي أن اللغة نفسها تصنع حواجزَ وتسهم في اتساع الفجوة بين بني البشر؟؟ المهم أود أن أسجل أنني من الفريق الأخير وأنني لست من المنبهرات بالغرب أو المعجبات بكل أركان ثقافته أو أعمدة حضارته أو مداميك بنيانه، إلا أنني أيضا لست ممن يرون فيه الشيطان الأكبر وأن كل ما يأتي من عنده يحمل في طياته الخراب والبوار.
أظن أننا لا نحتاج إلى عين ذات نظر حاد لنرى أن هناك فرقا في وضع المرأة في كلا النسقين الثقافيين، النسق الشرقي والنسق الغربي، هذا الفرق الذي يحلو للبعض اختصاره بصور تبسيطية وتسطيحه وساذجة ومخلة، فعندنا في الشرق شريحة عريضة بينها مثقفون ورجال دين يصورون المرأة الغربية على أنها ماجنة، متهتكة، فاجرة.الخ، بينما يصورون المرأة في الشرق كأنها ترفل في ثياب النعيم..
وعلى الجهة الأخرى في الغرب… قطاع واسع يرأسه مثقفون يصورون المرأة الشرقية على أنها مستعبدة، ذليلة، مقهورة..الخ، بينما المرأة الغربية -في نظرهم- تعيش في جنة الله على الأرض!!!! إنه وإن كانت توجد هذه الصورة أو تلك إلا أنها ليست القاعدة، ولا المحك النهائي للحكم.
تأتي إلى هنا كثير من الفتيات الأجنبيات، للتضامن أو التطوع أو لمجرد رؤية حقيقة الأوضاع على الأرض، عندما أتعرف إليهن ويبدأن بالتحدث عن ذواتهن، أجد أن حيواتهن لها جوانب عدة، فالواحدة منهن مستقلة أولا، وحياتها مليئة، فهي تعمل، وتمارس الرياضة، لها نشاطات ثقافية وتطوعية مختلفة، بينما حياتي تتلخص في كلمتين… الجامعة والبيت… الجامعة وما أدراك ما الجامعات هنا، في الحقيقة تستطيع أن تطلق عليها أي شيء إلا كلمة جامعة… فلا يوجد فيها أي نوع من النشاطات.. لا ثقافية ولا اجتماعية ولا فكرية ولا يحزنون.
باختصار حياتي ليست ثرية كحيواتهن، لا أملك تجارب أو خبرات كاللاتي يمتلكنها… كل ما أملكه هو الكتب والإنترنت.. لكن أخبرني يا سيدي هل تنفع المعرفة إذا لم نوظفها في نشاطات مختلفة؟؟؟
هل أظل أقرأ وأقرأ دون انقطاع، هل أنمي معارفي وأوسع مداركي هكذا دون أي استفادة من هذا كله سوى لذة المعرفة؟؟؟
هنّ يا سيدي ينتمين إلى مجتمعات تسمح لهن باكتشاف ذواتهنّ.. ينتمين إلى مجتمعات تسمح لهن بالتجربة… وهي من المحرمات لدينا… لكن كيف سننضج؟؟؟
الأخت صاحبة الرسالة قالت أنها استقت الصورة التي كونتها من الأفلام الأجنبية، وهي كما تفضلت وقلت لا تعكس الواقع بكل أبعاده، فلو أننا نظرنا إلى مجتمعاتهم من فوق (نظرة شاملة) لوجدنا هناك نساء يمارسن مهنا وضيعة… ولرأينا فتيات يتم استغلالهن بشكل منظم… ولشاهدنا النساء اللواتي يطحنّ طحنا في العمل… ولقابلنا الأمهات العاريات..الخ من المشكلات الاجتماعية المستشرية لديهم..
كل هذا أعرفه وأدركه… لكن ألا يمكن أن نقول يا سيدي أن أوضاعهن هذه – بدرجة أو بأخرى- هي نتيجة اختياراتهن؟؟ فهناك –بشكل عام- أنت تختار وأنت من يتحمل تبعية الاختيار… فما تمتلكه الفتيات هناك (والإنسان عموما) هو الحرية يا سيدي… القدرة على اتخاذ قرار… قل لي بربك كم فتاة عربية تملك قرارها فعلا؟؟؟ كم واحدة تمسك بزمام أمور حياتها الخاصة؟؟؟ كم واحدة لها حياة خاصة من الأصل.. تمارسها دون أن يحشر أباها أو أخاها أو عمها أو عشيرتها الأقربون أنوفهم فيها؟؟ كم واحدة قادرة أن تأخذ قرارا.. وإن هي أخذت قرارا كم واحدة تستطيع أن تضعه موضع التنفيذ؟؟؟
كم واحدة يا سيدي تستطيع أن تتريض.. بأن تمارس الركض مثلا دون أن ينظر إليها بريب؟؟؟ كم واحدة تستطيع أن تعبر عن نفسها بصوت عال؟؟؟ كم واحدة يا سيدي تستطيع أن تنضم إلى مؤسسة أو جمعية وتسافر إلى بلد آخر أو إلى قارة أخرى للتطوع والمساعدة؟؟؟
كم واحدة تستطيع أن تسخر طاقاتها لخدمة وطنها… للعمل على التنمية والنهضة؟؟ كم واحدة لديها الفرصة لاكتشاف هذه القدرات؟؟؟؟ أنا لا أملك جوابا.. أخبرني أنت!!
ما يعنيني عند الآخر أن الإنسان هناك عنده الحرية ليختار، وأنا أريد الجانب المسئول من الحرية التي لديهم.. ولكن في بلادنا.. في البلاد التي من المفترض أنها تدين بدين قائم على حرية الاختيار… في بلادنا تدفن حريتنا بفعل مجتمع مثقل بأعراف وتقاليد بالية، وثقافة تكمم الأفواه، تغيب العقول، وتشل الإرادة، أو تعرف شيئا يا سيدي…
عندي اعتقاد شبه راسخ -أريد منك أن تؤكده أو تنفيه لي- بأن كل المصائب التي تنهال علينا من كل حدب وصوب هي بسبب حياتنا الاجتماعية المغرقة بالنفاق، وأسرنا المهلهلة، وإنساننا الضعيف،مستلب القوة، مسلوب الإرادة لا من قوى الاحتلال بل من المجتمع المحيط، كيف بالله عليك نطالب بالحرية والاستقلال للأوطان.. والفرد فينا لا يملك حرية ذاته؟؟؟
ما أقوله أن تحررنا من الأجنبي يتطلب منا أن نكون أحرارا داخليا… بدون ذلك لن نحصل على الحرية بل نحن لا نستحقها أصلا.. وإلا فماذا سنفعل بهذه الحرية وحالنا على ما هو عليه؟؟؟؟ هذا لا يعني بأي حال من الأحوال أن نؤجل المواجهة مع العدو حتى نصلح من شاننا -وهو ما قد يأخذ دهورا- ولكن يجب أن تتم الأمور بشكل متواز… ألا توافقني الرأي؟؟
آسفة جدا جدا للإطالة…. أرجو أن يكون صدرك قد اتسع لي.. وألا تكون قد ضقت ذرعا بكلماتي التي قد لا تسمن ولا تغني من جوع، ولكني أردت فعلا أن أتحدث إلى أحد ما… ومن أفضل منكم… فقد مللت الحديث مع نفسي كالمجانين… كما أن دوائر الحوار عندنا مغلقة حتى إشعار آخر. والسلام.
3/2/2006
رد المستشار
ذكرتني رسالتك بمن قالت يوما معك أو معكم أتنفس "حرية"!!!
ويبدو أن الإنترنت، وعلاقتنا معكم عبره قد أتاحت لنا جميعا نحن وأنتم أن نتنفس سويا حرية في حرية، ولو كانت افتراضية!!
عزيزتي اللغة بطبيعتها تحمل قدرا من الاختصار أو التعميم،من الحذف ومن التجسيد، ولكن لا مفر من استخدامها للتواصل، ولعلك تقصدين دقة اختيار ألفاظ بعينها لتدل على مفاهيم، وذكرني كلامك عن الآخر بفكرة قديمة عندي تزامنت مع اهتمامي واندراجي في حوارات مع أطياف وأطراف متعددة حين وصلت إلى أن مصطلح "الغير" أفضل وأدل من مصطلح الآخر، ثم وجدتني أميل أكثر إلى فكرة تعدد منازل الأنا بمعنى أن الأنا دينامية متحركة لا تثبت في حالة، وإن كانت تحمل صفات، وحتى هذه الصفات والمعالم ليست دقيقة ولا جامدة ولا واحدة، بل متعددة وأحيانا متناقضة، وهي متحركة نامية تتطور وتتشكل مثل ذوات الغير، وبالتالي قد تتداخل، وقد تتقاطع معهم على نحو يصعب الفصل بين "أنا" صافية ثابتة محددة واحدة، و"آخر" كذلك، وشغلني-وما يزال- مفهوم الهوية في ظل هذه الفكرة، وربما قد أوصلت إلى تسوية معقولة حين انتهيت إلى أن منازل الأنا يمكن أن تكون: الأنا/الأنا، الأنا/الغير، الغير/الأنا، الغير/الغير!!!
حد فاهم حاجة؟!!
لو مهتمة بالموضوع بجد ممكن نكمل النقاش فيه لاحقا، لكن دعيني أعود إلى رسالتك، وأنت تنتقدين نظرتنا للغرب، وتنتقدين نظرتنا للمرأة، في مقابل نظرتهم لنا .
آنستي؛ مجمل الموقف من الإنسان والحياة والكون والأشياء يمكن أن يكون أنضج لدى هذا الشخص أو ذاك، وبمقدار المعرفة والسعة في الأفق، والمرونة في التفكير، والقدرة والجسارة على النقد العميق، وشجاعة الموقف، ولو ضد التيار، يمكنك تصنيف المواقف هنا وهناك وبالتالي ستجدين إنصافا وتحضرا وإنسانية في كل مكان، ما وجدت المعرفة والشجاعة والرغبة في انتصار الإنسان على طواغيت الأفكار والأشياء والأشخاص.
تصدر عندنا في مصر جريدة "أخبار الأدب"، وأنا أشتريها كل أسبوع، وربما لا أكملها، وأوصي بقراءتها، وهي موجودة على النت لمن يريد، وفي عددها الأخير رقم 659 الصادر بتاريخ 26/2/2006، مقال مترجم عن نص لشاعر إسرائيلي ينتقد العنصرية الغربية على خلفية مسألة الرسوم الدانماركية، ويقول أيضا في مقال بصحيفة ها آرتس بعنوان: "برغم كل شيء... أنا مع الإسلام" يقول : "لولا أنني ولدت يهوديا، لاخترت الإسلام بلا تردد"؟!!
ويسترسل إشادة في الإسلام كما يفهمه، وستجدين أصواتا مثل هذه هنا وهناك، كما ستجدين أصواتا بيننا لديها الشجاعة والمعرفة والحكمة للسباحة ضد التيار، وقول الحق ولو كان مرا، كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم.
حركة الإنسان هناك تدور في أطر مختلفة عن هنا، ومساحات التحدي هناك مختلفة عن هنا، والضغوط مصادرها غير هنا، وأنت واعية بهذا، ولكني أعود وأؤكد قبل أن أسترسل أو أكرر: تغيير أوضاعنا ممكن، ممكن أن تكون هناك أنشطة في جامعتك، وبين صديقاتك، وفي الدوائر التي حولك، منذ عشرين سنة بدأت أنا سلسلة من اللقاءات الصغيرة المحدودة التي تضم شبانا وفتيات لمناقشة كتاب أو فكرة، وكان هذا ضربا من الهرطقة أو التجديف أو الفوضى وقلة الأدب في حينه، وانتقدني كثيرون، وأذكر منهم أخي "عمرو خالد" الذي أصبح داعية ونجما على السمع والبصر كما تعرفين، انتقدني في حينه، وقال لي: هذا لا يصح ولا يليق أن يجمع الشباب والفتيات معا.... الخ. وناقشته، ثم قلت له: من يدري لعلك تراجع نفسك، وتفعل ما أفعله الآن يوما ما، وهو ما حصل فيما بعد!!!
أقول كما كان يقال أن المعرفة تنمو بالبذل، والعلم يزداد بتداوله، وإيجاد دوائر للفعل والتجربة واستثمار المعرفة ممكن، ولكن كل شيء يحتاج إل جهد، وكل تغيير يحتاج إلى عمل، ومواجهة أفكار بالية، وكسر عادات لا أساس لها، واللحظة الراهنة مناسبة لذلك، وهي أنسب ما تكون عندكم في فلسطين، لأنكم في لحظة انتصار للإرادة والحرية ولرأي الناس، هذه هي المعاني التي انتصرت فجاءت بحماس إلى حيث وصلت، ولمن لا يتابع فإن الفتاة الفلسطينية قد لعبت دورا تاريخيا وهائلا في التعبئة والحشد والدعاية والتصويت.حتى لا أبالغ إذا قلت أن "حماس" قد حققت هذه الأغلبية فوق أكتاف النساء أساسا، وما كان عدلا أن تعود النساء إلى خلفية الصفوف بعد هذا النصر، بل مكانهم في المشاركة بالمجال العام إنمائيا ومدنيا وسياسيا لمن تستطيع ذلك، أنتم في لحظة حاسمة لكسر القديم بمعوقاته، وميلاد جديد لشعب طال صبره، وزرع وينبغي أن يحصد، ولكن هذا لن يحدث إلا بحوار وبجهد، وبنضال ضد المفاهيم السائدة، أو الخاطئ والتخلف منها، لأنه ليس كل ما هو سائد بالضرورة متخلف، أو ينبغي القضاء عليه!!!
الضغوط الأمريكية تفتح المجال اليوم للمرأة الخليجية لتخرج، وتسعى وراء اليمنية، وغيرها لتحقيق نفس ما تحاوله أمريكا في أفغانستان وأمثالها، ونحن نريد العدل، ونريد التحرير الإسلامي لطاقات وقدرات نسائنا، وإما أن نكون قادرين على تحقيقه أو ننتظر الضغوط الأمريكية، والتي ستربكنا وقتها، فلماذا لا نتحرر بأيدينا وننتظر يد "كونداليزا" أو "رامسفيلد"؟!!
أختي لا توجد محرمات غير ما حرمه الله، وكل ما عدا ذلك باطل، وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت قدميه يوم حجة الوداع، وإن كنا نحبه حقا كما نزعم صارخين، فلنضع كل حرام، وكل عادة جاهلية، أو بدعة تشددية تحت أقدامنا.
ألم تتعلمي كما تعلمنا جميعا، أن الحرية لا توهب، ولكن تنتزع؟!! ألم يأتك نبأ المسلمات الأوائل في مجتمع الصحابة كيف كانت سيرتهن في الجهاد والخروج حتى حفرن لأنفسهن مكانا في التاريخ، وحيزا واضحا ومميزا ومصانا من المجال العام؟!!
أمامكن جهاد مثل هذا في فلسطين وغيرها، وإلا فلا تنتظري إخواننا في "حماس" أو غيرها ليقوموا بالدور عنكم، ويواجهوا العادات والتقاليد بدلا منكن لتصل إليكن الإمكانية والفرصة في المشاركة على طبق من فضة أو ذهب . لقد شاركت زوجتي في اللقاءات التشاورية التي انعقدت في القاهرة على هامش زيارة القيادات الرسمية من "حماس"، والتقت هي ونساء مصريات ورجال من تخصصات مختلفة لنصرة فلسطين في هذه اللحظات الحرجة، شاركت زوجتي أكثر مما شاركت أنا –لضيق وقتي– وربما فاتها، وربما قالت، أن تحرير المرأة الفلسطينية، واستثمار طاقتها الهائلة بحسب ظروف كل حالة هو على قائمة أولويات المرحلة القادمة.
وأنا أدري أن هذه هي اللحظة المناسبة للتحرير الإسلامي للمرأة الفلسطينية التي أراها قادرة على أن تضرب المثال، وتكون القدوة للمرأة العربية والمسلمة في كل مكان كما فعلت في الانتخابات الأخيرة، فماذا تنتظرن؟!!
اللحظة مناسبة لنربح معركة ضد النفاق والازدواجية والكذب في حياتنا الاجتماعية، لأن هذا جزء من معركتنا الكبرى ضد إسرائيل، فرصتنا أن ننتزع الحرية كما انتزعنا الأغلبية، وأن نتحرر داخليا فنصبح أقوى وأصلب وأنفذ وأطول نفسا في مواجهتنا من الشيطان الأكبر، ولا تنفصل معركة عن معركة، فكل ضعف داخلي يخذلنا، وكل قوة صف تسندنا، وكل طاقة إنسانية نحتاجها في معركة شرسة مع أعداء جبابرة، ولكن الله أكبر، ونحن بالله أقوى، وبالحرية أرقى وأقرب إلى النصر بمشيئة الله.
وتأسفين على الإطالة، وتخشين أن أكون قد ضقت ذرعا بكلماتك، وأنا الذي أود تقبيل الأرض من تحت أقدام أهلنا في فلسطين، هذه الأرض التي مازالت تمدنا بالعزة والقيمة، وهذا الشعب الذي ما فتئ يعلمنا رغم التحديات والضغوط هو أنقى وأعظم.
ربما يكون مباحا وممكنا في الآخرة أن أحتضن كل فلسطيني وفلسطينية شاركوا في مرحلة التحضر والديمقراطية والمشاركة ليضعوا العالم كله في مأزق، وأولهم "حماس" التي ما كان قادتها ينتظرون ثقة أو نتيجة بهذا الوضوح والنفاذ.
الشعب الذي قال كلمته ينتظرنا وسطه نحرره ونتحرر معه من ركام ضخم، ولكنه هش، من التخلف الاجتماعي، والمحافظة البالية باسم التقاليد، وآن لنا أن نضع هذا كله تحت أقدامنا، وننطلق معكم، نحن وأنتم إلى مرحلة جديدة تعود فيها معاني الحرية والشورى والمشاركة والتنمية العادلة والتكامل بين النساء شقائق الرجال وإخوانهن...
آن لهذه المعاني أن تعود بالإسلام، وأنا رهن إشارة من يطلب جهدا أستطيعه في هذا الصدد، وأنا أضع نفسي وجهدي وكل طاقتي تحت تصرف فلسطين وأهلها، فهناك تدور المعركة الحقيقية، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.