أسيرة الفكرة والصورة
السلام عليكم،
لدي خبرة في هذا الموضوع، فأنا كنت ممن يفضلون (أو لنقل: يقدّمون) الصورة على المحتوى والشكل على المضمون (تحديداً صورة الفتاة الطويلة النحيفة) وأعترف أن رواسب ذلك لا تزال موجودة في ذهني للآن، لكن بمقدار أقل بكثير .
بداية منذ قررت البحث عن زوجة وضعت عدة معايير منها والجمال، وإحدى المعايير المحددة للجمال هي النحافة، المهم وجدت أخيراً (اعتقدت ذلك في حينه) المواصفات المطلوبة، لكن بعد التعرف على الفتاة تبين أنها لا تصلح لي ولا أصلح لها ومن ثم فسخت الخطوبة (هذه تحتاج إلى تقرير منفصل سأرسله كمشكلة منفصلة)
ما يهم موضوعنا هو أن وزنها الحالي 50 كغ (كان قبل سنتين 65 كغ في الصف الثالث الثانوي)، علماً أن طولها 162 سم (يبدو أنها كانت تعاني نفس مشكلة الأخت فقررت فقد كل هذا الوزن).
طبعاً يمكنكم أن تتخيلوا أن جسمها يشبه إلى حد كبير عارضات الأزياء، لكن هذه الحمية المتطرفة لا بد أن تسبب بعض المشاكل :
خطيبتي دائماً عصبية المزاج مع أنها باردة المشاعر: إذا حزنت لا تبكي ولا تدمع عيناها أبداً، ليست خجولة لكنها لا تتفاعل اجتماعياً مع الآخرين، انخفاض شديد في النشاط (عمرها 20 عام)، ضعف البنية العضلية (لا تقوى على حمل أختها البالغة 3 سنوات)، وقد قرأت في أحد المواقع أن شدة النحافة وعدم أخذ قدر كاف من الدسم يسبب نقص في إفراز الهرمون الأنثوي مما يؤدي لخلل في التوازن الهرموني وتصبح المرأة عصبية فضلاً عن أنها لا تعود تحتاج إلى رجل.
المهم أنني نصحتها باكتساب بعض الوزن 5 (كغ فقط) لأنني مع تفضيلي للنحافة إلا أن صحتها أهم لكنها لم تقبل وهذه إحدى الخلافات بيننا، لذلك من الممكن جداً يا أختاه أن تكون النحافة أيضاً سبباً لرفض فتاة من قبل الشاب وشكراً لقراءتكم
(وأرجو من الدكاترة المستشارين التعليق)
وشكر لكم
14/2/2006
رد المستشار
الأخ العزيز أهلا وسهلا بك على مجانين، وأشكرك على ثقتك، رغم أني لم أفهم علاقتك الحالية بمن كانت خطيبتك، ولا أدري هل هما اثنتان أصلا أم واحدة!، وسبب ذلك أنك بعد ذكرك فسخ الخطبة وإرجاءك الحديث عن تفاصيل موضوعها لمشكلة منفصلة، بعد ذلك حدثتنا عن..........
ما علينا قد تكونُ خطيبتك مريضةً بأيٍّ من اضطرابات الأكل غير مكتملة الصورة Eating Disorders Not Otherwise Specified، أو اضطرابات الأكل غير المعينة Eating Disorder, unspecified ، كما يمكنُ أن تكونَ على شفا حفرةٍ من القهم العصبي وقد تكونُ مريضةً نهامية تأكلُ في السرِّ وتتقيأ في السر يعني عندها نهام عصبي، نحن في الحقيقة لا نعرف عن حالتها أكثر مما ذكرته أنت من بين ما تعرفه عنها، وهو أقل بكثيرٍ مما تعرفه هي، لذلك أنصحك أن ترشدها أو أحدا من أهلها لقراءة ردنا هذا عليك لأن ذلك إن شاء الله سيساعدها كثيرا، والله معها.
لكنني أشكرك بعمقٍ لأنك أعدتني لقراءة مشكلة تلك البنت الأصلية أسيرة الفكر والصورة وكنت قد أوجزت في التعليق عليها، لانشغالي منتظرا متابعة صاحبتها معنا، ولما لم تتابع نسيناها فذكرتنا أنت، ذلك أنك لمست مشهدا مكتوبا في تلك المشكلة وفسرته بما رأيت ممن كانت خطيبتك –على الأرجح- وهو ذلك الانزعاج من بعض مناطق الجسد الممتلئة خلقة في الإناث، ومن الشائع بينَ المراهقات أن يتكونَ لديهن رفضٌ لبعض مناطق الجسد خاصةً منطقة الأرداف والفخذين، وليست لدينا دراساتٌ عربيةٌ اهتمت بهذا الأمر للأسف إلا أن ما نسمعهُ من الفتيات العربيات في صالات الحمية والصالات الرياضية يشيرُ إلى التنامي المستمر لهذه الظاهرة، كما أن معطيات الدراسات الغربية تشيرُ بوضوحٍ إلى ذلك فقد قفزت نسبة عدم الرضا بين النساء بين عام 1981 وعام 1987 عن حجم منطقة الفخذين من 64% إلى 57% وعن حجم الردفين من 45% إلى 65% وعن حزام الحوض من 43% إلى 80% وعن الخصر والبطن من 22% إلى 80%، ومن النساءِ أيضًا عندما سئلنَ "من أي منطقةٍ من أجسادهن يردن أن يفقدنَ الدهن ليقللنَ حجمَها؟" حسب دراسة عام 1981 من أجبنَ بأنهنَّ تردنَ إنقاص حجم الأرجل (20%) أو الوجه (9%) أو الثديين (6%) أو الذراعينِ أو من كل مناطق الجسد (6%)، ولاحظ أن ذلك في الغرب وقبل طغيان ثقافة الصورة التي نعيشها.
نقطة أخرى في منتهى الأهمية هي أننا في مجانين لا نملك إلا تصديق صاحبة السطور الإليكترونية في أنها بدينة ما دامت تقول أنها بدينة، وليس هناك ما يمنع مريضة قهم عصبي مصابة بتحريف في صورتها العقلية لجسدها من أن تشتكي لنا من أنها بدينة، لا أدري لماذا ألح علي ذلك الخاطر، ولكن الرعب البادي في كلمات صاحبة المشكلة الأصلية أشعرني بأنها ليست كما تصف نفسها بدينة، وبالمناسبة فإن التعرض لحمية منحفة (رجيم) مزمن أو مفرط الحصر يمكنُ أن يجعلنا نرى أجسادنا أو مناطق منها في غاية البدانة بينما الواقع غير ذلك، سعدت بمشاركتك وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين.