مخاوف من تأخر زواج الرجل..التوافق.. والسيكولوجية
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
بداية أدعو الله أن يدخلكم فردوسه الأعلى ويجازيكم خير الجزاء على هذا الجهد وشكري الخاص للدكتور وائل على موقعه المميز.
أنا فتاة مخطوبة لشاب يبلغ من العمر 38 سنة، طبيب وأنا 26 سنة لدي مخاوف من مشكلة العادة السرية لدى الرجال واكتفاء الشاب بها قبل الزواج وتأثير ذلك بعد الزواج وحقيقة تأكدت تلك المخاوف بعدما قرأت مشكلة (استمناء الزوج ...وشكوى الزوجة) على صفحة مشاكل وحلول وقد رد عليها الدكتور الرائع عمرو أبو خليل بارك الله فيه وفيكم جميعا هي مجرد فرضية لأسوأ الاحتمالات وهذا الشيء وارد.
وما أريده هو أن أعرف حل هذه المشكلة قبل وقوعها كيف يمكنني أن أكتسب زوجي بعد زواجنا دون أن أمر بما مرت به الأخت السائلة، صراحة الأمر جد مهين بالنسبة للمرأة...... ماذا علي أن أفعل وكيف أتعامل من البداية مع زوجي خاصة وأنني أشعر أنه عاش عمرا طويلا وحيدا وهذا الشيء يخيفني أيضا نحن في البداية بعد وإن شاء الله سنكتب الكتاب خلال وقت قريب.
ويمكن من المهم ذكره أني ثقفت نفسي في هذه المواضيع كثيرا وقرأت كل المقالات للدكتور عمرو وغيره من الأطباء وأيضا المشاكل والحلول لأكتسب من خبرة الآخرين قبل أن أخوض تجربة الزواج والحمد لله أنني أقدس لغة الحوار بين الأزواج في كل المواضيع، وأريد فعلا أن أبدأ بداية صحيحة إن شاء الله لا أعرف هل يمكن أيضا أن نتحدث عن هذا الموضوع أم أنه من الأفضل ألا أعبر له عن مخاوفي أتمنى أن أجد إجابة شافية لما أريده بالإضافة إلى أنني أريد فعلا أن أعرف سيكولوجية الرجل في هذا السن طبعا في الغالب، كيف يمكن اكتسابه وما الذي يؤثر فيه ويرضيه لأتعامل معه بسهولة.
أنا بالفعل مقتنعة به وهو على خلق ودين والحمد لله وأتمنى أن أسعده ولا أريد أن أنتظر السنوات لكي يحصل التوافق الذي تتحدثون عنه أظن أن أعمارنا لا تحتمل الانتظار، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
30/09/2003
رد المستشار
الأخت السائلة أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك بصفحتنا استشارات مجانين،
قد يكون مهماً أن نعرف كل شيء عن الزواج وأن نطلع على المشاكل حتى تتسع رؤيتنا للأمور ولكن بشرط ألا يتسبب ذلك في إصابتنا بالقلق أو المخاوف من أن تقع كل مشكلة نقرؤها معنا أو نحتسب حدوثها أو نتصور أنفسنا مكان صاحبتها ونعيش حالة الألم أو المهانة التي تعيشها أو عاشتها.
إن تفاصيل كل حل يختلف مع اختلاف تفاصيل كل مشكلة ولكن هناك خطأ عاما هو الذي يجب أن نبحث عنه أو نستفيد منه في الحياة الزوجية عامة أو الحياة الجنسية خاصة وستجدين هذا الخط واضحاً في كل الردود وكل المقالات إنه التفاهم والحوار منطلقاً من أرضية الوعي والإدراك لطبيعة الزواج ودور كل من الزوجين وآليات العلاقة بينهما، مع محاولة التعرف على الطرف الآخر تدريجياً لفهمه على كل المستويات النفسية والاجتماعية والثقافية.
ويسبق ذلك بالتأكيد معرفة الإنسان لذاته ولطبيعته... حتى يستطيع تحديد نقاط الالتقاء مع الشريك الآخر لتكون هي نواة الاندماج لتكوين الكيان الجديد.. الكيان الزوجي... وتحديد نقاط التميز ولا أقول الاختلاف التي ستعطي هذا الكيان تنوعه المثمر... ويكون تميز كل طرف إضافة إليه وليس خصماً منه أو سبباً في تبعثره وتمزقه.
ولذا فإنه لا يصلح السؤال كيف لا يتكرر لي ما حدث لصاحبة المشكلة خاصة وأن خطيبيك يعيش لفترة طويلة وحده... لأننا عندما نوضح حالة هذا الزوج في هذه المشكلة فنحن نتحدث عن حالة بعينها ليس من حق أحد أن يعممها أو يسقطها على أحد لأن هذا يخص هذه الملابسات بذاتها أي لا يصح أن نضع تقول أن كل من تأخر به سن الزواج بالضرورة يمارس العادة السرية وقد اعتاد عليها، وبالتالي سيمارسها بعد الزواج ولن يتخلص منها إلا بعد سنوات عندما يتحقق التوافق بينه وبين زوجته.
لا توجد قاعدة بذلك ولا يمكن أن يتم التفكير في الأمور بهذه الصورة، وبالتالي فلا يصبح هناك موضعٌ لسؤال مثل كيف نتحدث في هذا الموضوع أو كيف أعبر له عن مخاوفي... لأنها ليست قضية عامة أو أحداث طبيعية مثل ليلة الزفاف مثلاً يصبح مستساغاً الحديث عنها أو الحوار حولها، ولا يوجد شيء اسمه سيكولوجية الرجل في سن الثامنة والثلاثين أو كيف يمكن اكتسابه وإرضاؤه.
ولكن يوجد كما أسلفنا القواعد العامة التي تحكم العلاقة بين أي رجل وأي امرأة في أي سن وتحت أي ظروف التفاهم والحوار وبذرة الحب التي يرعاها الطرفان بهدوء وبصبر حتى تنمو شجرة وارفة الظلال يستظل الزوجان في حمايتها ويأكلان من ثمرها. قد يكون من المناسب هنا أن نتحدث عن قواعد عامة في التعامل بين الزوجين منطلقين من رؤيتنا لهم ككيان زوجي جديد يتكون من طرفين يندمج جزء مشترك فيه ويظل جزء متميز فيه.
1- الاحترام والإعجاب المتبادل المستمر بين الزوجين والذي لا يسأم كل طرف في التعبير عنه للطرف الآخر وينتهز كل فرصة لذلك... إن كلمة الإعجاب والمديح يظل لها وقع في نفس الزوج والزوجة مهما تكررت ومهما مرت السنين فلا يضن بها أحد على شريك حياته.
2- ألا يحاول طرف أن يغير الطرف الآخر أو أن يكون هذا هو هدفه في علاقته معه... بل تتكون لديهما إرادة مشتركة في أن يغير كل طرف نفسه من أجل زيادة مساحة الاندماج وتقليل مساحات التميز والاختلاف فلا يتصور طرف أنه يربي الآخر أو يعوده على ما يحب أو أن الطرف الآخر لابد أن يتغير أو يتوافق معه أما هو فلا يتغير... أو يتصور أنه قد شرح طبعه أو احتياجاته للطرف الآخر وعلى الطرف الآخر أن يبادر بتغيير نفسه أو الاستجابة لاحتياجاته إذا كان يحبه حقاً... إن الحب عاطفة متبادلة وينتج عنها أفعال مشتركة بإرادة متوحدة من الطرفين فلا يصح أن يتصور طرف أنه سيستطيع أن يغير طرف أو أن على الطرف الآخر أن يتغير... أو يتصور الطرفان أن الاختلافات بينهما ستنتهي تماماً ليتوافقا تماما فهذا أمر مستحيل ولا يمكن حدوثه.
3- سياسة الخلاف... الخلاف أمر وارد ولابد أن يحدث ولذا فلابد أن نحدد سياساته وآراءه قبل أن يقع حتى إذا ما وقع كان لدينا قواعدنا الحاكمة التي لا توسع هوة الخلاف وتحوله إلى أزمة مستحكمة لا حل لها.
* أن يكون الخلاف نبيلاً بمعنى أن يكون الخلاف بدون إيذاء... بدون ضرب تحت الحزام، لا يهين فيه أحد الطرف الآخر ولا يجرحه من أجل الانتصار في هذا الخلاف... فيكون الأمر في حدود سبب الخلاف والوصول لحل له دون أن يكون الخلاف سبباً مثلاً في الطعن في الرجولة... فتقول المرأة للرجل... أن تصرفك هذا ليس تصرف الرجال أو لا يتسم بالرجولة في موقف بسيط أو حتى كبير وبالمثل لا يقول الرجل للمرأة أنت لست امرأة أو أنثى أو تصرفك هذا لا يتسم بالأنوثة من الأساس.
ما نقصده عبارات جارحة ينتهي الخلاف ويظل أثرها في النفس غائراً فإذا ما تعددت الخلافات وتعددت الجروح الغائرة وصلنا إلى طريق مسدود لا رجعة فيه حيث لا يمكن أن تلتئم النفس أو تهدأ حيث أصبحت ممزقة مهترئة.
* قد يبدو هذا الأمر مثل سابقه ولكنني أقصد به شيئا مختلف وهو محدودية وموضوعية الخلاف بمعنى ألا يكون الخلاف مزحة لفتح مواضيع أخرى أو أسباب خلاف أخرى فإن كنا قد اختلفنا بسبب تأخر في ميعاد فلا داعي للحديث عن الطعام الذي احترق والمصاريف الزائدة بحيث تختلط الأمور وتتسع بدون سبب واضح ويضيع سبب الخلاف الأصلي الذي بدأ به الأمر ويتحول الأمر إلى معركة شاملة يحاول فيها كل طرف أن يشحذ كل أسلحته من أجل إيذاء الطرف الآخر.
* ألا يتدخل في الخلافات أي طرف خارجي سواء بأن نحكي لـه أسرار خلافاتنا أو ندخله طرفاً فيها ونتعود أن ننهى خلافاتنا بأنفسنا... ونعطي لأنفسنا وقتاً وفرصة للتفاهم فلا نتخذ قراراً ونحن منفعلين أو نصر على الوصول للحل في ذروة الخلاف أو يفضل أن نتباعد زمنياً ومكانياً كل في غرفة ونهدأ بعض الساعات ثم يبدأ الحوار مرة أخرى وقد هدأ الانفصال قليلاً وفكر كل طرف في موقعه... نتعود على ذلك فلا يتدخل أحد في حياتنا... لأن تدخل الأهل يفسد أكثر مما يصلح... لأن كل طرف يتدخل بخلفيته وأغراضه النفسية التي لا يدريها أحد ولذا ربط القرآن الكريم بين الحكمان وبين إرادتهما في الإصلاح، لأنه أمر قد لا يتوفر في هؤلاء الحكام.
بسم الله الرحمن الرحيم: ((وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً)) صدق الله العظيم "سورة النساء الآية 35".
4- أن يدرك كل طرف أنه مهما عرف الطرف الآخر أثناء الخطوبة أو عقد الزواج فإنه مع إغلاق الباب على الزوجين بعد الزفاف وحياتهما تحت سقف واحد فسيكتشف كل طرف منهم شخصاً آخر غير الذي يعرفه فلا يفاجأ بذلك ولا ينزعج فهذا أمر طبيعي فلابد أن يعد نفسه له ولا يعتبر أن الطرف الآخر قد خدعه أو أظهر لـه صورة أخرى لأن هناك تفاصيل كثيرة في حياة كل واحد منا لن يعرفها أحد إلا بالمعاشرة المباشرة... فطريقة نومنا وصحونا وعاداتنا الدقيقة والتفصيلية في الطعام، وعند الغضب بل وعند الفرح... تفاصيل كثيرة ستكتشفها في شريك حياتنا علينا أن نعود للبنود الثلاثة السابقة حتى نستطيع أن نتعامل معها.
5- مهم إدراك أن حب الخطوبة غير حب العقد غير حب الزفاف غير حب ما بعد الإنجاب غير حب سنوات العِشرة الطويلة... لكل طبيعته ومشاكله فلا نحاول أن نمد فترة حب إلى فترة أخرى لأن كل فترة لها ملابساتها وظروفها وأحداثها... التي تجعل الحب يتطور ويتحول إلى شكل جديد فلا يتصور أحدهم أن الحب قد انتهى... فالحقيقة أنه موجود ولكن مهم أن ندرك وجوده حتى لا يختفي عندما لا نهتم به لأننا لا ندرك وجوده فحب الكلمات المعسولة والرومانسية في الخطوبة غير حب اللحظات الجميلة والفسح ومواقف الأنس في عقد الزواج... غير حب شهر العسل الذي تعبر اللحظات الحميمة الساخنة عنه غير حب الاشتراك في المسؤولية عن الطفل الذي وصل غير حب العشرة الطويلة والمشاركة في رحلة الكفاح بعد سنوات الزواج.
إنها قواعد عامة تحتاج إلى من يفهمها ويعيها حتى يعيش سعادة حقيقية في الزواج شعارها: بسم الله الرحمن الرحيم ((مِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)) صدق الله العظيم "سورة الروم الآية 21".
وفي النهاية نشكرك على مشاركتك، وندعوك إلى متابعتنا دائما، وأهلا بك مرة أخرى، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.