بعض حياتنا هاجس العنوسة والإشارات الحمراء
د. أحمد عبد الله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
* المشكلة بشكل مختصر للنشر؛
تزوجته منذ أشهر بعد محاولاته للزواج بي دامت سنوات، لكن والدتي عارضت لعدم وجود تكافؤ بيننا، نشأت بيننا علاقة ود ومن ثم حب، على الأقل من طرفه، كان كثير الاهتمام بي، متعلق بي بشكل جنوني،وأنا كان ينقصني الحب والحنان، والدي كان غائب عنا لظروف قاهرة لم يقرب عقدين من الزمن.لذا نشأنا كأيتام، والدتي عصبية، النقاش تعتبره قلة أدب، كثيرة النقد والشك، تمسكت به وتزوجنا بموافقة أهلي.
الآن لست متأكدة من حقيقة مشاعري حينها لكني اعتبرته الجزيرة التي ستريحني لكن هذا لم يحصل، المشاكل تنشب بيننا على أتفه الأسباب، كلانا عصبي المزاج وعنيد، بالرغم من أني أتنازل في النهاية، سبب المشاكل بيننا في الغالب هو أهله، فكل إجازاتنا الأسبوعية يجب أن نمضيها هناك، والده متوفي وله شقيقتان غير متزوجتان وشقيق متزوج، ومرتبط بأهله بشكل كبير، والمشكلة في والدته التي تفضله على كل أولادها، وتظلمهم ليرتاح هو،أمه طيبة إلى حد ما، أحياناً تقوم بدور الحماة،وأنا لا أستطيع الرد عليها، بسبب خوفي من جرح مشاعرها مع أن الموضوع يضايقني، عندما أحكي لزوجي يدافع عنها ويقول أني يجب أن أستوعبها،ولا يشعرني بأنه يقدر موقفي أو مشاعري.
أخبرته أن الأمور التي يوفرها لي: منزل طعام... إلخ كانت متوفرة لي في بيت أهلي، وأنا أريد أن أشعر بالحب والود... لكن لا يحرك ساكناً، ويقول أن التصرفات هي التي تعبر عن الحب وليس الكلام.
ولكن تصرفاته القليلة لا تكفيني، تصوروا إني أستطيع أن أحصي تصرفاته الجيدة، لكنها بالنسبة لي ليست كافية لنسيان إساءته لي، فهو يهددني إذا عارضته الرأي، وإذا تناقشنا في موضوع ، وطبعاً رأيه دائماً هو الصواب، وعدت وفتحت هذا الموضوع للنقاش يغضب، لأننا تحدثنا فيه في السابق، وكأن كلامه منزل. أكره الطريقة التي أتحدث بها عنه، فليس من المفروض أن تتحدث زوجة عن زوجها بهذا الشكل.
قد يكون الخلل لدي، فأنا لم أعش في بيت فيه زوج وزوجة، والمثال الوحيد الموجود أمامي هو لشقيقتي، وزوجها أتم الله عليهم، يراعيها، وإن أغضبته يراضيها، يدللها، يستوعبها، ويهديها بين الحين والآخر، أما أنا فلا، لو زعلني وقتلت نفسي من البكاء لا يفكر بمراضاتي، ولم يشتري لي منذ زواجنا حتى الآن أي هدية ، مع أني ذكرته بحديث الرسول عليه الصلاة والسلام تهادوا تحابوا. هو يؤدي الفرائض، ويأخذ من الدين ما يريده (وأنا كذلك) لكنه أكثر تطرفاً وتصلباً.
أحمد الله أني لست حامل، المشكلة عنده هو، هذا ما أثبتته الفحوصات التي أجريت منذ أشهر، لكنه لحد الآن لم يذهب لطبيب، ولا أعلم متى ينوي الذهاب. علاقتنا الزوجية فاترة، أنا لست باردة لكن لو انقطعنا شهر لا أسأل (وحصل هذا) وصرت أنظر لهذا الموضوع على أنه عبء آخر يضاف لأعباء المرأة.
هو الآن يريد أن يسافر، ورغم ارتباطي بعملي، إلا أنه يريدني أن أذهب كل يوم للمبيت عند أهله في مدينة أخرى، رغم وجود حلول وسط ترضينا كلانا، لكنه من باب العناد يرفض التطرق لأي حل آخر، وهذا باعترافه هو.
الجميع يقول أصبري وتحملي، وهناك رجال أسوء منه بكثير، لكنها حياة قد تطول وقد تقصر، وإذا كانت بدايتنا بهذا الشكل، فكيف سيكون حالنا بعد مضي سنتين على زواجنا، أعلم أني أطلت عليكم، بالله عليكم ساعدوني، وأرجوكم لا تتأخروا في الرد.
5/3/2006
رد المستشار
أعتقد أنك تنتظرين مني ردا، ولذلك لن أقضي وقتا طويلا في الاعتذار عن تأخري، أو في شكرك على تنفيذ ما طلبته منك بإرسال صياغة مختصرة للنشر غير الرسالة الأخرى التي جاءت مفصلة جدا بشكل أشكرك عليه، ومنكم لله... أجيب لكم وقت منين..؟!! أمزح!!!!!!!
سيدتي الكريمة؛ رسالتك نموذج شديد الأهمية ورسالتك وثيقة سأحتفظ بها لأنها تحمل خبرة وتجربة يعيشها قطاع كبير من نساء العرب، بل وربما المرأة في أماكن كثيرة.
قصة الفتاة محدودة العلاقة بالناس والرجال، تنكب على دراستها، وتحفظ عرضها وتنتظر أن يجود عليها الزمان بالسعادة التي تستحقها، ثم حين تصبح غرضا لطلب الرجال تبدأ في المفاضلة بينهم، ولغياب الملكة أو المهارة أو الخبرة التي تستطيع بها أن تختار ولتشوش المعايير والموازين والمقاييس فإنها تسقط غالبا في شد وجذب بين عدة توازنات هي واضحة في رسالتك الأصلية:
طرف الأهل وهو في حالتك عبارة عن أمك التي جعلتها الظروف تلعب دورا مزدوجا لغياب والدك عن المشهد، والأم في تلك الظروف إما أن تنحرف، أو تصبح سلبية تترك الأمور تجري دون تدخل أو تصبح مثل أمك تحاول السيطرة على الأحداث حتى لا تفلت، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
وطرف ضغوط المجتمع ونظرته لمن يتأخر زواجها، وهو ضغط لو تعلمون رهيب ينظر للفتاة غير المتزوجة، وكأنها أبرص أو معيوب، أو من ذوي الاحتياجات الخاصة!!! وكأنها السبب في هذا التأخر فيلومها، وقد يرثى لها، وقد... وقد....، وهذا حديث يطول.
طرف من يتقدم من الرجال، والرجال عندنا – غالبا – يفكرون في الزواج مثلما يفكرون في غيره، هل قلت: - "يفكرون"!؟!!
أعتذر.. أقصد لا يفكرون في الزواج كما لا يفكرون في سواه، أي أن الأصل إنهم لا يفكرون، ونظرة تأمل بسيطة تكشف عن خلل جذري وعميق في نظرة الرجل العربي المسلم -أتحدث عن الأغلبية الساحقة– إلى المرأة، وإلى الزواج، وأنا أعجب لمن يفلت من هذه العثرة، وذلك المرض، عجب لمن نجا من هذا التخلف!!! كيف نجا؟!!
كيف والكثير مما حولنا يشن حربا على صحيح الدين وأصوله، وحياة العقل، وعالم الرشد، ويستبدل هذا وذاك بنمط من الحياة سقيم، وشكل للدين هو مادة تشبه "النيجاتيف" في علاقته بالصورة!!! ما علينا.. دعينا نكمل.
الرجل يتقدم راغبا، والفتاة مضغوطة تخشى العنوسة والأهل يرفضون فتعاند، أو يوافقون فتستسلم، وعلى خلفية قلة الخبرة في عالم الرجال تكون جاهزة جدا لتقمص دور الضحية التي ستشكو في المشهد التالي من قسوة زوجها أو من غدر الزمان أو من أي شيء آخر!!!
سيدتي؛ يوميات تعاستك هي من جهة حصاد اختياراتك لشخص إما غير مناسب لك من الأصل، أو إنه يحتاج منك لخطة وتدبير غير الذي تعاملينه به تماما.
هل قلت لك أن الرجال لا يفكرون؟!! دعوني أكمل للإنصاف وأقول أن النساء يمارسن التفكير أكثر، ولكنه غالبا تفكير سقيم، وحسابات خاطئة ونتائجه مدمرة عليهن، وعلى كل الأطراف!!
فالمرأة عندنا تعتبر نفسها مستحقة للسعادة هكذا لأنها امرأة، ولأن الله قد كلف الرجل بإسعادها، والقيام بشئونها، وهو في الظاهر سلطان ومتسلط، وفي حقيقة الأمر "عبد" تسترقه باسم الدين، وتنتظر منه الراحة والنفقة والاسترخاء والعاطفة والاحتواء، وأن يأخذ رأيها، ويكشف لها تفاصيل حساباته البنكية...الخ.
طيب لماذا يفعل هذا كله؟!! وفي مقابل ماذا؟!
منتظر أن يفعل هذا لأنه "الرجل"، وفي مقابل الجنس والطبخ والتنظيف لمن تطبخ وتنظف أصلا، فهل هذا ميزان عدل أو عقل؟!!
هل أنا ألومك؟! حاشا وكلا.. أنا أتحدث إليك لأخلص إلى أن زوجك إنسان جاهل بذاته –مثلنا جميعا– وجاهل بمعنى الرجولة والزواج، مثلما أنت جاهلة بمعاني الزواج، وعالم الرجال، وأمامك أن تستسلمي لدور الضحية والتعاسة، وأمامك أن تصبي عليه الكراهية الخفية أو المعلنة بوصفه الشيطان الأكبر في حياتك، وأمامك أن تضغطي للحصول على الطلاق فتحصلين عليه، وأمامك الطريق الأصعب الذي لا مفر منه، وهو أن تبدئي في معرفة ذاتك، وفي معرفة: يعني إيه راجل؟! وكيف تفكر هذه المخلوقات العجيبة؟ وكيف يمكن كسب رجل، والاستيلاء على عقله، وتحريك مشاعره، فرصة رائعة للتدريب، ولن تخسري شيئا طالما لم يحدث حمل، وأرجو ألا تغامري بالحمل قبل أن تستقري في حياتك مع زوجك، ولا تقولي لي بربك: أريد أن أصبح أما مثل الأخريات، فقط عالجي الأمر خطوة خطوة.