السلام عليكم
سيدي وائل؛ أنا شادي من تونس 27 سنة... صاحب استشارة تساؤلات نفسية عامة على إسلام اون لاين مند أكثر من سنة ونصف، ذكي ومثقف واجتماعي ولا أتعمد الإيذاء تلك ميزاتي ولا أظنها تتجاوز ذلك إلا بما تقوله والدتي.
مشكلتي الأساسية أنني غير قادر على العمل رغم تجربتي المفترضة مند سنوات ورغم مسؤولية الإنفاق على نفسي وزوجتي وابني الذي بدأ يكبر ونحن مازلنا نقطن في بيت حماتي
العمل لا يخرج عن أمرين إما أن أكون متحمسا ولدي دافعية لإتمامه ففي تلك الحالة تكون رغبتي شديدة في إتقانه والإبداع فيه مع الحذر الشديد من الخطأ، أو لا أرغب في العمل فأتكاسل وأتهاون ولا تنفع معي المواعظ التي أعظ بها نفسي أو المقربون.
وفي كلا الحالتين فالتواتر بطئ والنتائج غير موجودة وبعيدة جدا عن المأمول بالإضافة إلى اهتماماتي التي تتجاوز قدرتي وتضيع وقتي حتى أنني أرغب أحيانا أن أحيط بكل العلوم وأعرف كل الحضارات وأن أقارن بين المذاهب والديانات وأن أتابع كل التيارات والأفكار والأحزاب والقضايا وأن أجمع التراث الفقهي في موسوعات وأن أدرس في كل الجامعات وأنخرط في الأندية والجمعيات.
سئمت من المواعظ فهي إن كانت برفق فلا توثر في وإن كانت بقوة تشعرني بالخوف والاضطهاد، دون نتيجة ملموسة إلا وخز الضمير من غير جدوى، وسئم الناس مني ومن عدم القدرة على الاعتماد علي، قمت باختبار حسب التشخيص الأمريكي الرابع فرأيت لدي أربع اتجاهات حدية ونرجسية وسواسية قسرية وسلبية عدوانية ولا أدري هل يشكل هذا توليفة طبيعة وإن كنت لا أظن خاصة التناقض بيت الاثنين الأخريين.
أعالج مند سنة اضطراب المزاج الثناقطبي بفالبروات الصوديوم هناك تحسن والحمد لله رغم عدم قدرتي على الالتزام بأوقات الدواء بل بأوقات الصلاة لكن أسباب وجيهة تنقص ثقتي في التشخيص والعلاج فما رأيت في السنوات الست الأخيرة من هلع وهلاوس وانفصال عن الواقع وتجارب عجيبة ومخيفة واستعمالات اللغة والحروف والأرقام والألوان والنظرات بشكل غريب يبدو أكثر من مجرد اكتئاب أو هوس.
أذكر أنني كنت على يقين أنني دخلت الجنة وظننت أنني المهدي المنتظر وما هو أكثر وأكبر وأخطر اللهم لك الحمد على ذهاب كل ذلك ولكنني أخشى السقوط مرة أخرى، أحتاج إلى علاج معرفي إسلامي وعلاج تحليلي أكثر من حاجتي إلى الطب الكيميائي فالعقيدة مشوشة والإيمان في الحضيض فأنا أفكر حتى في بديهيات الدين -حتى لا أقول أشك- وأتأثر بكل ما يقال من أي طائفة وأي مشكك ناهيك عن الصلاة في غير وقتها بلا خضوع ولا خشوع وملفاتي وأولوياتي غير المرتبة.
قادر أنا على الإبداع لكنني متطلب جدا... أحتاج إلى الحرية إلى الأمن إلى الإطراء إلى الحث والتشجيع، لكنهم يريدونني سريعا ومجديا وفعالا ورجلا بأتم معنى الكلمة ويبدو أنه لا تزال أشواط كثيرة لبلوغ تلك المراتب كيف يعملون بكل راحة بال ويحبون عملهم ويكتسبون ويدخرون وينفقون على أهلهم ويشترون ما يحتاجون إليه بم يتفوقون بم يتميزون بم يختلفون، كيف أتخلص من السمنة ومن الشراهة والعادات السيئة والتوتر واللامبالاة وأمارس الرياضة وأمارس الحد الأدنى من العبادة كبعض النوافل وورد من القرآن.
تحدثت اليوم مع محمد شوقي وأخبرته كم هو محظوظ بمعرفتكم وقربه منكم واقترحت عليه صداقتي والتعاون بما أننا نعمل في نفس المجال يبدو عليه الجدية والأدب... لستم مثلنا في مصر أتحدث عن السواد الأعظم، أقصى ما أتمناه أن يتوب الله على من غفلاتي وغدراتي وفجراتي وأكون إنسانا صالحا في هذه الأمة أو المجتمع، فهل إلى ذلك من سبيل.
أعتذر عن الإطالة والإزعاج كنت أحب أن أساعدك فأضفت رقما جديدا إلى قائمة المشاكل التي تردك فأعانك الله.
شادي
13/3/2006
رد المستشار
وعليكم السلام ورحمة الله، أشجيتنا والله يا "شادي"، أهلا وسهلا بك على مجانين، أزعجني أني أخرت قراءة إفادتك حتى ليلة العشرين: من صفر 1927، ومن مارس 2006، صحيح أنني أتعبني تصحيح الدال إلى ذال كثيرا، لكنني أحب أهل المغرب العربي والذين أسميهم "المغاربة" دون تمييز، ومثلي ابن عبد الله يحبهم، حتى أنه كتب على مدونات مجانين : في مديح المغاربة ، يا ترى قرأتها؟
حضرتك أول حاجة وأهم حاجة تحافظ على مثبت المزاج الذي تتناوله أي فالبورات الصوديوم، وربما تحتاج أحيانا إلى بعض مضادات الذهان عندما تحدث لك الخبرات العجيبة الغريبة التي وصفتها كدخول الجنة وكونك المهدي المنتظر –هدانا الله في زمن الفتنة إن عشناه- مثل هذه الخبرات تحتاج إضافة مضادات الذهان إلى مثبتات المزاج، يعني ببساطة وحمد لله على الابتلاء تقبل أنك تحتاج إلى بعض المواد الكيميائية لتضبط حالك وتتحسن أحوالك بدل الاكتئاب الثقيل الطويل أحيانا، والانفلات الذهني أحيانا أخرى.
نأتي بعد ذلك إلى حكاية اتجاهات الشخصية، حضرتك فعلا قد تكونُ لديك تلك التوجهات التي ربما تبدو لذهن المراقب من الخارج متناقضة لكنها بفضل الله ونعمته كثيرا ما تكونُ داخل سلوك الكائن الحي متماشية مع بعضها، وأظن العلاقة بين السمات الوسواسية القسرية، والسمات الحدية أو الاندفاعية بالأحرى علاقة وثيقة، وكذلك العلاقة بين ما يسمى بالسمات بالسلبية العدوانية -والتي تعتبر من غير المتفق عليه كتشخيص اضطراب شخصية قائم بذاته- وبين الرغبة في الإتقان، هي أحيانا تكون سلوكا سلبيا عدوانيا تجاه صاحبها ورؤيته للكون ولنفسه، وهذا رأيي الشخصي، فسماتك الوسواسية أو القسرية أعلى ولكنها اجتمعت مع عقلية فذة الذكاء وابتليت بشهوة الرغبة في المعرفة، وهي كما ترى أشياء كلها يمكنُ أن تقود صاحبها إلى نجاحات متتالية في حياته، وقد تقوده إلى سقطاتٍ أو كبوات بين النجاحات وقد يكون هذا حالك لكن اكتئابك البادي يمنعك من رؤية كل شيء إيجابي في حياتك مع الأسف، كما أن توليفة السمات والشهوة السابقة الذكر يمكنُ أن تقود إلى اكتئاب شديد، أتمنى ألا يصيبك، وكلها متداخلة مع شكلٍ من أشكال البط الوسواسي القهري الذي قد يوجد مواكبا لكثير من الحالات كما ستقرأ في المقال.
جرب أن تتبع برنامجنا للإصلاح العلاقة مع الأكل والجسد وتحاور معنا واقرأ كل الوارد في صفحة البدانة والنحافة، واعلم أننا نطور برنامج علاج معرفي سلوكي لإصلاح العلاقة بالجسد معكم هنا على مجانين، ومع مرضانا الحقيقيين في ممارستنا الإكلينيكية، فتعاون معنا وإن شاء الله ستصل.
حكاية العلاج التحليلي فعلا قد تكونٌ مهمةً ولكن إضافة إلى العقاقير العلاجية التي سأذكر لك مجموعاتها حسبما وصلني من انطباع إليكتروني، وأحسب أن المحللين كثيرون في بلدكم فاختر المتدينين منهم.
أنت تحتاج إلى عقاقير لتثبيت المزاج ومنع نوبات الهوس -المختلط غالبا- والمصحوب بأعراض ذهانية، وتحتاج عقاقير لتحسين الاكتئاب والوسوسة، إضافة إلى العلاج المعرفي السلوكي الذي إن شاء الله يحررك من قوتهما عليك، ويجب أن تجد من يستطيع تقديم العلاج المعرفي السلوكي المناسب لك حيا لا إليكترونيا، بارك الله فيك، وحيّ الله المهندس الأخ الأصغر محمد شوقي، الذي ما زال معنا يسندنا وينجدنا من حين لحين، وأرجو أن تفعل ما نصحتك به وتابعنا بأخبارك يا "شادي" القيروان.
ويتبع>>>>> : بطء وسواسي أم اكتئاب وسواسي أم ماذا ؟ م