السلام عليكم؛
منذ أربع سنوات مات شخصان قريبان لي على أثر مرض السرطان رجل في بطنه وامرأة في الثدي وكنت أتتبع أخبارهم وهم على فراش المرض وصدمت بوفاتهم بنفس اليوم وبعدها أصبت بصدمه نفسية شديدة، وبعد وفاتهم بيومين أو ثلاثة أحسست في كتمة وضيق في الصدر شديد جدا وحزن شديد جدا وأتت هذه الحالة لي وأنا جالسة في أمان الله فجأة، وأصبحت بعد هذه اللحظة دائما ببكاء وحزن والدنيا من حولي رخيصة ولا أحس بملذاتها وكل شيء جامد من حولي وإذا رأيت أطفالي من حولي أحسست بالحزن أكثر وأكثر
وكثير من القراء الشرعيين قالوا أن لديك حالة حسد وبدأت أتعالج بالقران الكريم ونعم بكتاب الله ولكن حالتي مستمرة ومكتئبة وبعدها ذهبت إلى أطباء نفسيين ولا يحضرني حاليا أسماء الأدوية التي تناولتها واستمريت شهرين لم تحسسن حالتي مع أوجاع في بطني فذهبت إلى دكتور باطني ونصحني باستخدام مستحضر سبرام واستمريت عليه لمدة سنة ونصف والحمد لله تحسنت حالتي وتم شفائي بعد إذن الله.
وحملت وأنجبت وبعد ولادتي رجعت حالة الوسواس القهري من ناحية المرض الذي سبق وأن ذكرته وأتوهمه دائما وعدت لمراجعة الطبيب النفسي ووصف لي مستحضر فلوزاك مصنع بالسعودية والآن لي عشرة أيام أستخدمه مع زناكس ولا أحس بأي تحسن وأحس بتشنجات تأتيني على يديَّ ورقبتي مع توتر في القولون خصوصا وقت النوم.
شاكرة لك وأرجو الرد على تساؤلي لأني في ضيقة لا يعلم بها إلا الله وهل ما أعاني منه اكتئاب أم حسد ؟؟
وهل أنا بحاجه إلى العلاج النفسي أم لا؟؟؟
22/4/2006
رد المستشار
الأخت العزيزة:
أهلا وسهلا بك على مجانين وشكرا على ثقتك، أحسنت وصف التاريخ المرضي وكذلك وصف الحالة العارضة الحالية، وأما ما أتمنى أن تحسنيه الآن فهو: الصبر على الم.ا.س حتى يُمحى الوسواس، عشرة أيام لا تكفي ليعمل عقَّار الم.ا.س.ا وإنما نحتاج للصبر لأسابيع قد تطول.
ما تصفين أنه حدث لك عقب تعرضك لخبرة اثنين من أقربائك –رحمة الله عليهما- وهما يصارعان داء السرطان حتى يموتا قد يكونُ ضمن حدود معينة رد فعلٍ طبيعي، ولكنه في حالتك زاد بعض الشيء عن الحد وصاحبته بعض الأعراض الجسدية للقلق والاكتئاب، ويبدو أن الخوف من الموت لديك أخذ طابعا اكتئابيا وتم علاجك فقط بالعقاقير لأنك لم تحسني المتابعة مع الطبيبين النفسيين، والحمد لله أن كتب لك التحسن بالاستمرار على عقَّار السيتالوبرام إلا أن ذلك التحسن كان منقوصا لأن العلاج الصحيح لحالة كحالتك تلك كان لابد أن يتضمن الجانب المعرفي السلوكي، والذي يتضمن تعليمك وتدريبك على كيفية التعامل مع فكرة التهديد بالموت أو الخوف من الموت وكذلك كيفية عدم الوقوع في شرك التجنب أو شرك الأفكار الاجترارية الاكتئابية.
وأما ما حدث في الفترة التالية لعملية الولادة ففيه إلى جانب وجود استعداد نفسي معرفي لديك ظهر في شكل خبرة مرضية سابقة ولم يتم التعامل معه بالشكل اللازم معرفيا وسلوكيا، فيه إلى جانب ذلك جانب بيولوجي حيث أن من المعروف أن الحالة النفسية للمرأة كثيرا ما تكونُ بعد الولادة مذبذبة وضعيفة المقاومة وكثيرا ما يحدث اكتئاب أعراضه مختلطة وربما حتى ذهان.
أحسب أن تقييم حالتك من قبل طبيبك المعالج كان إن شاء الله تقييما طيبا وما وصفه لك من عقًّاقير يمكن أن يساعدك كثيرا على التحسن، لكنني أنصح بأن تفاتحيه في أمر حاجتك إلى علاج معرفي سلوكي لتتمكني من التخلص من هذه المشكلة بآثارها كلها ولكي لا تبقي عرضة لتكرارها بإذن الله، ولك في الروابط التالية كثير مما يفيدك إن شاء الله:
فاقرئي على استشارات مجانين:
تخيلات الموت والعزاء
خوف الموت المرضي
رهاب الموت
هلع واكتئاب وسواس الموت
واقرئي من:
ملف المرأة.
ذهان ما بعد الولادة.
المرأة والاكتئاب.
وأما مسألة الحسد، ففصل القول عندنا فيه أنه أمرٌ غيبي نؤمن به كمسلمين، ولكن لا أحد يستطيع الجزم في حالة بعينها بأنها ناتجة عنه، هذه واحدة، وأما الثانية فهي أن ما لدينا الآن في عالم الشهادة هو حالة خليط من أعراض الاكتئاب والقلق تالية للولادة والتعامل مع ما هو في عالم الشهادة يجبُ أن يكون بمعطيات عالم الشهادة، وقد بينا رأينا هذا في أكثر من موضع، ولكن باختصار لن يكون علاج التهاب حلق طفل الذي نحسبه محسودا بالرقية وإنما سيكون بالبنسلين أليس كذلك؟
واصلي إذن علاجك وتابعي مع طبيبك النفسي مع ضرورة تعريفه برغبتك في الحصول على العلاج المعرفي السلوكي، حفظ الله لك مولودك وبارك لك فيه وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعينا بأخبارك.