لم أشعر بحنان..!؟
بسم الله الرحمن الرحيم؛
أود أن أشكركم في البداية علي مجهودكم الكبير جزاكم الله عن كل هؤلاء خيرا، لن أطيل عليكم فقد نشأت في أسرة علاقة الأب بالأم متوترة فمنذ نعومة أظفاري ولا أشعر بالدفء والاستقرار في بيتنا حتى صارت لي عقدة من الزواج وقررت عدم الزواج ولكن عندما كبرت وفهمت ذهبت نفسي إلى الزواج كباقي البشر علاوة على أني وجدت فيه طريقا للخروج من بيتنا وأحببت شخصا داخل نفسي ولم تقم بيني وبينه علاقة وفي ذلك الحين تعرفت على صديقة غيرت محور حياتي فقد أحبتني حبا شديدا وكانت تحنو علي جدا حتى ظننت أنها (قليلة الأدب) لأني لم أعتد علي رؤية هذه الأشياء في بيتنا وتركتها لرفض منزلي صداقتها لأنهم لا يفضلون العلاقات الوطيدة بالأصدقاء.
إلى أن ذهبت وعشت في مدينة أخرى بها جامعتي فوجدت تعامل كل الفتيات مع بعضهم حانيا جدا فأدركت أن المشكلة في بيتنا وليست في الناس وتعرفت على صديقة كانت تكبرني ب3 أعوام وكانت حنونة جدا لدرجة أني أحسست أني في الجنة وأنا معها ولكنها كانت في العام الأخير وكنت في العام الأول ومنذ تلك الفترة بدأت تتضح لدي معالم المشكلة فقد بدأ ت أنجذب بسرعة لكل فتاة أشعر أنها يمكن أن تحنو علي وأشعر أني أبحث عنه عند أي شخص وفي المقابل أحاول لفت أنظار الصديقات حتى يحببني ومن ثم أعذبهم بحبهم لي.
كان ذلك في بعض الأوقات ولكن العام في الموضوع أني بدأ يتكون لدي شخصيتان الحانية الحبوبة في مدينتي الجامعية والعصبية التي لا تطاق في منزلنا، اشتدت الأزمات في منزلنا في عامي الجامعي الثالث حتي وصلت لانفصال أبي وأمي ولكنهم عادا سريعا المهم أني في إحدى حواراتي مع والدي في تلك الفترة أحسست بالضغط الشديد فانفجرت في البكاء الهستيري والعويل الذي لم أستطع إيقافه ولأول مرة أشعر بحنان أمي علي فقد احتضنتني طوال الليل ولم أنم ليلتها إلا بمهدئ وأصبت بالاكتئاب الشديد.
وبعدها بشهور تمت خطبتي ولكني لم أشعر بحنانه فترة الخطوبة قلت جايز مش عارف يظهره وتم كتب الكتاب وبدأت أحدثه عن معاناتي وعن احتياجي الشديد له ولحنانه فيستجيب أحيانا وأحيانا وعندما تطور بيننا الحديث بدأت أصف له كيف أحتاج حنانه بالحركات والكلمات فاستجاب وجاء في اليوم التالي واحتضنني وقبل رأسي كثيرا على غير عادته ولكن ذلك لم يدم ولم أعد أقوى على تذكيره باحتياجي لحنانه كل حين فقد عشت طيلة 20 عاما مع والدتي وكانت أقرب الناس لي لم أخبرها بذلك إلا عندما أردت الانفصال عنه لأني لم أجد فيه عيبا سوى جفافه وقلة اهتمامه فاضطررت لإخبارها ولم أخبرها وجها لوجه بل كتبت لها خطابا فبدأت هي بالاهتمام بي وكسبتها هي وبدأت أكسر حاجزي معها فأحتضنها عندما أعود من السفر ولكنها أوقات ويرجع الحال إلى ما هو عليه، والمشكلة أني تصيبني نوبات من الاكتئاب كل حين عندما أتخيل حياتي المستقبلية وأنها امتداد لخط الجفاف الذي عشته فهل وصلت لمرحلة المرض النفسي.
26/05/2006
رد المستشار
الأخت السائلة الكريمة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
مرحباً بك على موقعنا، ونشكر لك ثقتك فينا، ونتمنى من الله أن نكون أهلا لها.. أما عن مشكلتك يا صديقتي، فهناك بعض الأمور التي لابد أن نتفق عليها أولاً ثم نحلل أو نوصف ما تعانينه وهذه الأمور تتمثل في الآتي:
1- إن الحصول على الحنان والحب، مطلب شرعي لكل بني أدم.
2- إنك عانيت من الجوع العاطفي في الصغر، وهو مايجعلك تحتاجين له بشراهة في الفترة الحالية.
3- إن العواطف والمشاعر علاقة تبادلية، تحتوى على الأخذ والعطاء، فلكي نأخذ لا يكفى أن نعبر عن كوننا نحتاج، ولكن لابد أن نعطى لنجعل الأخر يستطيع تقديم العطاء.
4- أن لكل إنسان طريقته في التعبير عن الحب والحنان، فليس معنى أنك لا تحصلين على احتضان أو تقبيل الأخر إنه لا يحبك أو لايحنو عليك، فالحب، والحنان يمكن التعبير عنهم بعدة طرق منها:
أ- التعبير الجسدي أو الاحتضان والتقبيل والتربيط، وغيرها.
ب- التعبير اللفظي والذي يتضمن كلمات الحب والود والتقرب و....
ج- التعبير عن طريق السلوك الإيجابي، فيعبر الشخص عن حبه وحنانه عن طريق اجتهاده في تلبية متطلبات من يحب، ويقف بجواره، ويسعى جاهدة بكل تصرفاته إلى إسعاد الأخر، من خلال سلوكيات، ربما يختفي فيها التعبير اللفظي.
إذا اتفقت معي على ما سبق فتعالي ندخل إلى صميم مشكلتك، والتي تتمثل في رغبتك في الحصول على الحنان والحب، ولكن .....
دون أدنى مجهود، اللهم إلا الكلام الذى يعبر عن الاحتياج، وهذا في حد ذاته لا يكفي، كما أن مفعوله كما ترين لا يستمر سوى أيام قليلة، ثم يعود الأفراد لطبيعتهم، فيعبرون بالطريقة التي اعتادوا عليها.
فالمسألة تحتاج منك إلى إظهار تلك المشاعر من جانبك، حتى يظهر الأخر مالديه، بوصفها استجابة تبقى لفترة أطول، وتصبح مثل أمر متفق عليه،" فسوف أمنحك الحب، ثم انتظره منك" إنها أولى قواعد التواصل الإنساني، فكل منا يستمد طاقته من الأخر، فلا تلعبي دائما الدور السلبي، الذى يقف فيه الفرد ينتظر الآخرين، ويظل واقفاً أعطوه أو حرموه، والنتيجة في أغلب الأحيان عدم الشبع، والخروج دون تحقيق علاقة متكاملة.
صديقتي نحن نصنع أحياناً كثيرة تصرفات الآخرين ومشاعرهم نحونا، فتعلمي حبيبتي كيف تعطى، تعلمي كيف تعبري، سوف يسهل ذلك عليك المهمة، وسوف تشجعين الآخرين على التعبير عن مشاعرهم لكي كما يرونك تفعلين معهم.
لن أقول لك لقد أخطأت مع خطيبك لأنك حملته جوعك العاطفي، وطالبته بقضاء حاجتك للعاطفة تلك التي تكونت عبر سنوات عمرك، لأنني لا أميل للنظر للجانب السلبي، ولكن هيا انظري معي للجانب الإيجابي والذي عرضتيه أيضاً ضمن ثنايا عرضك لمشكلتك، وهو ما ظهر من أمك من حنان وود حينما أخبرتيها بما تحتاجين له، فظهرت كما لم تظهر من قبل، وسهرت معك، وحتى لو عادت إلى طريقتها السابقة بعد قليل فهذا معناه أننا نملك أن نغير الآخرين بتعبيرنا لهم، ولكن ليس التعبير اللفظي فقط، ولكن بالحب والعطاء أيضاً، فمن يقول أن الحب لا يباع ولا يشتري كاااذب، لأن للحب ثمن يمكننا شرائه به ألا وهو "الحب".
حبي تحبي، عبري للآخرين عن حبك يعبرون، اعطفي عليهم يعطفون............ تعلمي كيف تحبين، فهو تعلم وتدريب، ففي كل فقرة من رسالتك تقولين، صديقة أحبتني، حنت عليَّ.. ولم تقولي أحببتها أو حنوت عليها، أعطي لتأخذي.
أما عن أعراض اكتئابك فهي بالطبع نتيجة لحالة الاحتياج التي تعيشينها، وأعتقد أنها لم تصل للحد المرضي، وعليك بالعلاج، والذي يتضمن الاندماج، والعطاء، والرغبة في الآخرين ليس للأخذ منهم فقط، ولكن للعطاء أيضاً. وسوف تتخطين أحزانك، واكتئابك، وفقك الله، ورزقك بالزوج الصالح، ووالينا بأخبارك.
ويتبع ........ : الباحثة عن الحنان مشاركة