الاسترجاز وأصل الشعور بالذنب بعده
تساؤلات حول عذريه الفتاة
عزيزي الدكتور أشكرك جزيل الشكر على رحابة صدرك وعلى ردك السريع لمشكلتي والله يعلم أن قولي في رسالتي السابقة (العادة وآلام البطن) والتي عرضت على الصفحة بعنوان "الاسترجاز وأصل الشعور بالذنب بعده!"، وقلت فيها (لا أريد إرسال الرد عن طريق البريد الإلكتروني بل عرضها) التي اعتبرتها جرأة مني أدت إلى الاستفزاز لم أقصد بها الإهانة لكم أو لموقعكم المحترم.
فأرجو أستاذي المحترم أن تقبلوا اعتذاري وأسفي الشديد وأعتذر عن الإطالة، ولكن لدي بعض التساؤلات التي أرجو منكم الإجابة عليها فيما يخص نبضات البطن والزيادة في الوزن التي أرسلتها لكم في الرسالة السابقة، فهل هذه الحالة نادرة وهل تحتاج إلى تشخيص طبيب؟ وهل التغير في شكل الفرج (كبره) والشفرتين (صغرهما) آسفة على التعبير ما له علاقة بذهاب عذرية الفتاة،
وأشكركم جزيل الشكر على إيضاح كل ما هو مفيد للقارئ وعلى تعاونكم.
05/10/2003
رد المستشار
الابنة العزيزة، أهلا وسهلا بك وشكرًا على متابعتك؛
الحقيقة أننا عندما عبرنا عن استغرابنا من طلبك بأن ننشر الرد على الصفحة وألا نرسله على بريدك الإليكتروني كنا بمنتهى الصدق مندهشين من ذلك الطلب، كما وسوس لنا الشيطان بأنك ربما كنت من العابثين، ولعلنا لهذا السبب قسونا عليك قليلا، لكننا في نفس الوقت صدقناك القول بأن ما نلمسه فيك من جوانب الخير والصلاح أكبر مما قد يُـرَى فيك من جوانب السوء! ورغم ذلك فإننا نعتذر لك علنا على الصفحة عن تلك الوسوسة الشيطانية التي لا ذنب لنا فيها خاصةً وأننا استعذنا بالله من الشيطان الرجيم وقمنا بكاتبة رد وافٍ على سؤالك، وخاصةً أيضًا وأن إحدى أصدقاء صفحتنا قد لامتنا فيك، وسترين مشاركتها قريبا على الصفحة.
وأما بخصوص نبضات البطن تلك فإنك تجعليننا في منتهى الحيرة لسبب بسيط هو أننا أطباء قبل أن نكونَ أطباء نفسيين، والبطن عندنا تفسر إلى نموذج معرفي يختلف عما تفسر به لديك، ولو أنك نائمةٌ على سرير الكشف أمامي كطبيب، لسألتك أين تحسين النبضات، وساعتها ستشيرين أنت إلى مكان ما في ما تسمينه أنت بطنك يمتد من جبل العانة حتى تحت نهديك، فتجعلين ورطة الطبيب أقل عمقا ويبدأ في التفكير في أعضاء حشوية وأجهزةٍ لا تدرين أنت بها، وفي عضلات وفي عظامٍ وفي أوعية دموية وأشياء أخرى كثيرة.
وبالرغم من ذلك فإنني سأقول لك ما لم أكن أنوي قوله رغم أنه تشكل نظريا في عقلي أثناء الإجابة الأولى، فبينما قمت في إجابتي التي ظهرت على الصفحة بإرجاع الأمر إلى أنه انعكاس إما للشعور بالذنب وإما لاحتقان الحوض، فقد كانت تعتمل في رأسي منظومة فهم أخرى أكبر تتعلق بالإرجاز Orgasm وبالفرق بين الإرجاز الناتج عن عملية جنسية طبيعية كاملة لك فيها شريك حلال وبين الإرجاز الناتج عن الاسترجاز وهو عملية جنسية تشبه الطبيعية لكنها ليست طبيعية.
ولكنني أود بدايةً لكي لا تتوهي معي أن أحدد الإجابة على القسم الأول من متابعتك تلك في ثلاثة نقاط:
النقطة الأولى: هي أنك خلطت في تعبيراتك بين شيئين أحدهما هو الألم والذي أشرت إليه في العنوان (العادة والآم البطن)، والآخر هو النبضات الغريبة (وأصبحت أشعر بنبضات غريبة في البطن)، ولم توضحي لنا إن كانت مؤلمةً أم غير ذلك، وهي في الأغلب غير مؤلمة، وربما تكونُ عكس ذلك، فأما الألم أو الآلام فلا نستطيع إرجاعها إلا لحدوث احتقان في منطقة الحوض Pelvic Congestion، وأما النبضات الغريبة فسوف نقول لك رأينا فيها بعد قليل.
والنقطة الثانية: هي الشعور بزيادة الوزن، وأنا أيضًا أرجعه إلى نفس التفسير السابق، أي إلى حدوث احتقان في الحوض، ولكنني في نفس الوقت أستطيع أن أقول لك أن من بين ما هو مرتبط في ذهن الفتاة المعاصرة بالشعور بالذنب والقبح، شعورها بأنها أصبحت ثقيلة الوزن، بسبب الربط اللاواعي وغير الصحيح بين زيادة وزن الجسم وبين فقدان الجمال وهو ما ستجدين عنه الكثير في مقالنا على هذا الموقع تحت عنوان:
رؤية المرأةِ لجسدها من منظور اجتماعي
هل البدانة مرض.
وأما النقطة الثالثة: فتتعلق برأينا في اختلاف الإرجاز الطبيعي Natural Orgasm عن الإرجاز المفتعل Induced Orgasm من خلال الاسترجاز Masturbation، وما أقوله لك هنا أستند فيه إلى ما سمعت من مريضاتي النابهات وهن يعالجن مما سمينه إدمان الاسترجاز، ومن المفيد في هذا السياق أن أقول لك أن العلم المتقدم جدا جدا لا يملك حتى وقت كتابة هذه السطور تفسيرًا لما هو الإرجاز ولا كيف تأتي اللذة المصاحبة له، كما لا توجد دراساتٌ علميةٌ تستطيع الوصول إلى أكثر من مجرد أن النشوة المصاحبة للإرجاز هي أقصى ما يستطيع الجهاز العصبي تحمله، وأن الإرجاز يختلف من أنثى إلى أنثى وأنه يختلف أحيانا في الأنثى نفسها ما بين مرةٍ ومرة.
ولا تفسير لذلك كله أكثر من فروق فردية Individual Differences لتفسير اختلاف امرأة عن أخرى، وفروق سياقية أو محيطية Contextual Differences لتفسير الاختلافات ما بين إرجاز وإرجاز في المرأة نفسها ما بين مرةٍ وأخرى، والمهم أن أسرار الإرجاز ما تزال خافيةً على العلماء، ولكي نعود إلى الفرق بين الإرجاز الطبيعي والإرجاز الاسترجازي، فإنني سأشرح لك أيضًا آلية الإرجاز الحركية لكي تغوصي معي في فهم جسدك الأنثوي المليء ما يزال بالأسرار.
فإذا تخيلنا أننا ننظرُ إلى الآلية الحركية للجهاز التناسلي الأنثوي أثناء الإرجاز، فإننا سنجد كما سيبين لك الشكل الذي يظهر لك على هذه الصفحة، سنجد أننا نستطيع تشبيهه بدورق مطاطي مقلوب يوجد الرحم في أعلاه ويمثل جسد الدورق وتوجد فتحة المَـهْبِل في أسفله وتمثل رقبته الطويلة، ولما كان هذا الدورق من نسيج حي من صنعة الخالق عز زجل، فإنه أثناء الإرجاز وأثناء الفترة التي تليه (ربما وأحيانا والله أعلم) يقوم بعملية مفادها شفط محتويات الرقبة، جاذبا النطفة إلى أعلى لكي تسافر عبر الرحم ثم عبر قناة فالوب لتلتقي بالبويضة التي تنتظرها، ويحدث ذلك من خلال انقباضات تحصل في الدورق وهي أكثر في جزئه العلوي وهو الرحم فعنقه وهكذا، وبتطبيق أبسط قواعد الفيزياء فإن نتيجة هذه الانقباضات المتلوة بانبساطات هيَ خلق ضغط بالسالب Negative Pressure نتيجة للفراغ الذي ينشأ داخل الرحم فيصبح صعود النطفة أسهل.
وصدق الله العظيم إذ يقول: (َلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى) صدق الله العظيم سورة آل عمران: 36. فهل لنا أن نتخيل أن الإرجاز الاسترجازي لأنه يكونَ منقوصا ومختلفًا عن الإرجاز الطبيعي، فإنه قد يُتْلى أحيانا بمشاعر كالتي تشتكين منها؟؟ ربما، والله أعلم.
وأما إذا أردنا أن نصعد إلى تأملات أعلى في ما يحدثُ بعد ذلك فإننا نذكرك أولا بأن كل خلية من خلايا جسدك تحمل طابع أنثويا، يختلف عن طابع خلية الرجل (نعم فليست خلية الأنثى كخلية الذكر) وهذا أيضاً شأن أجهزتك العضوية وعلى الأخص جهازك العصبي...
وعلينا أن نتذكر هنا فارقا كبيرًا بين دور الرجل في علمية التكاثر وهو الدور قصير الأجل المحدود جداً، وبين دور المرأة الذي قد يطول إلى تسعة أشهر تخضع فيها المرأة إلى كائن جيني يتشكل داخلها، فتظل حالتها الفيزيولوجية دائمة التأثر به والإناث لا تبلغ تمام نموها إلا بعد أن تحمل مرة أو أكثر فإذا لم تلد تصبح أقل اتزانا وأكثر عصبية، وهذا الجملة الأخيرة نتاج أبحاث علمية، غير أن الفصل في أمر ما هو ناتج عن التغيرات الفيزيولوجية التي تحرم منها من لا تحمل، وبين ما هو ناتج عن الآثار الاجتماعية والنفسية لعدم الحمل ما يزال غير ممكن حتى الآن.
المهم أنني أقدم لك كل هذا التقديم لكي أقول لك أن الإرجاز عند المرأة جزءٌ أكثر أهميةً من إرجاز الرجل في عملية الخلق، أو لنقل أكثر ارتباطا بمدى زمني أكبر على الأقل في حدود علمنا، وأن تأثير الإرجاز الطبيعي على جسد الأنثى قد يختلف عن تأثير الإرجاز الاسترجازي يضاف إلى ذلك بالطبع أن الإرجاز الطبيعي يحدث في جو من العلاقة الحميمة والحب، وتتبعه تغيرات فيزيولوجية أيضًا طبيعية وتتسم بالكمال، بينما الإرجاز الاسترجازي يحدثُ وأنت خائفة (من الله ومن كل حي)، وعادةً ما تحتاجين إلى مجهود عضلي وذهني قبله.
وكثيرًا ما ينتج عنه احتقان وتغير في شكل وكيان أعضائك التناسلية الخارجية والداخلية على حد سواء، وكثيرًا ما تعجزين عن الاسترخاء الكامل بعده، وهكذا ولا أستطيع الخوض أكثر من ذلك، لسببٍ بسيط هو أنني لا أعرف أصلا إن كان إرجاز المرأة دائما بطعم إرجاز الرجل أم لا، وليست هناك غير آراء في هذا الموضوع، يصل من يقرؤها أحيانا إلى حد القول بأن لكل امرأة طريقة في الشعور بإرجازها أو في التعبير عنه ربما. وما يلي ليس كلاما علميا فهو انطباعي الشخصي، وهو ما أستطيع أن أفسر من خلاله تلك النبضات الغريبة التي تتحدثين عنها، فقد سمعت قبل أن أتلقى إفادتك تلك من تشتكي من نبضات غريبة تحدث بعد الاسترجاز وبعضها يكونُ ممتعا وبعضها يكونُ مقلقًا أو غير مصحوب يمشاعر محببة على الأقل.
وأنا أفسر ذلك بأنه إما نوع من رد فعل الأعضاء التناسلية الداخلية على الإرجاز الذي لم يحدث بصورةٍ طبيعية أو أنه تفكك لإرجاز يحدثُ على مراحل فاقدًا صلته بالنظام الأصلي الطبيعي لجسد الأنثى الذي تعرض لتعامل بطريقة غير طبيعية أثناء الاسترجاز.
وهناك أيضًا من حدثنني قبلك عن آلام تحدث أحيانا في المبايض، ولم أستطع إرجاعها إلا إلى أنها بسبب احتقان الحوض، ولكنني لم أستطع التوغل في تحليل ذلك إلا اليوم، وألخص الكلام بأن استجابة جسدك للإرجاز الاسترجازي قد تكونُ مختلفةً عن ما لم تجربيه من قبل وهو الإرجاز الطبيعي مع زوجك إن شاء الله، وأدعو الله أن يجعله لك في الحلال أحلى من كل تصوراتك.
ونصل بعد ذلك إلى القسم الثاني وغير المفهوم من متابعتك إذ تقولين (وهل التغير في شكل الفرج (كبره) والشفرتين (صغرهما) -آسفة على التعبير- ما له علاقة بذهاب عذرية الفتاة)، وأجد نفسي هنا معتبرًا أنك تتحدثين عن بعض الانتفاخات في الفرج التي تنتج عن طريقتك في ممارسة الاسترجاز، وإن كان المفترض أن الشفرتين جزء من الفرج فإذا انتفخ انتفختا، ولكننا نحب أن نطمئنك إلى عدم وجود علاقةٍ بين تغير الشكل الخارجي للفرج بوجه عام وبين العذرية ولكن الطريقة التي يمارس بها الاسترجاز يمكن أن تكونَ لها علاقة بعذرية الفتاة، ولطمأنة مخاوفك عليك أن تراجعي الروابط التي أحلناك إليها في ردنا الأصلي عليك الاسترجاز وأصل الشعور بالذنب بعده!.
وبعد ذلك نقول لك أن بإقلاعك عن هذه العادة السيئة أو تقليل مرات لجوئك لها، سوف يعيد كل شيء فيك إلى طبيعته بإذن الله تعالى، وليس هنالك ما يستدعي القلق، وعليك أن تتذكري أيضًا أن الاسترجاز عند من أحلوه من فقهاء المسلمين إنما أحل لضرورة وليس باعتباره استجلابا للمتعة، وتعريف الضرورة هو أن تكوني مهددة فعلا بالفاحشة، وأن اللجوء إلي الاسترجاز يكون كأكل الميتة للمضطر، فلا يصح أن يصل الاسترجاز لدرجة العادة، ثم لماذا لا نحاول أن نقلل الشهوة بالنصائح المذكورة في الإجابات السابقة وخصوصًا ملء الفراغ والبعد عن المهيجات – فليس من المنطقي أن تثيري شهوتك ثم تبيحين لنفسك إطفاءها بالاسترجاز، ثم أن هناك ميكانيكية طبيعية خلقها الله لتفريغ الشهوة وهي الاحتلام في أثناء النوم، "وهذا سيقوم بالمطلوب إلى حد كبير".
وتظل الكلمة الأخيرة في الموضوع: ملء الفراغ، وحسن الصلة بالله، وعدم المبالغة في الشعور بالذنب عند الاضطرار الحقيقي للفعل، ودعاؤنا الأخير: اللهم اجعل هوانا تبعا لما يرضيك، وطهرنا من كل فاسد وخبيث لا يرضيك، واشغلنا بما يرضيك، وأرضّنا بما يرضيك، وأهلا بك دائما فتابعينا بأخبارك.
ويتبع>>>>> الاسترجاز وأصل الشعور بالذنب بعده مشاركة1