كآبة نفسية والوسواس
أخي العزيز؛
كانت حياتي مستقرة وسعيدة مع زوجي وابنتي الوحيدة وفجاءة انقلب حالي أصبحت لا أطيق زوجي ولا ابنتي وينتابني شعور بالموت كأن أحدا ما يوسوس في عقلي الباطني أن شيئًا ما يهددني بالموت.
وهذا الشعور يأتي عند النوم كثيرا وتصبح ضربات قلبي سريعة والرغبة في البكاء والشعور برجفة قوية في جسمي والتعب في جسمي، ولا أطيق زوجي وتصبح مشاجرات بيني وبينة على أسباب تافهة على أبسط الأشياء.
أصبحت حياتي مهددة بالخطر من قبل زوجي وفى هذه الفترة لا أطيق البيت أخرج من المنزل للتغيير ولكن دون فائدة أقوم بقراءة القرآن طول الوقت والأدعية حتى لا يشغلني الوسواس.
فأرجو منك سيدي الرد بأسرع وقت،
ولك جزيل الشكر والامتنان.
05/10/2003
رد المستشار
الأخت السائلة، أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك في موقعنا وصفحتنا استشارات مجانين؛
ما تعانين منه لا نستطيع وصفه بالوسواس دون أن نشرح سويا فكرتك تلك المتعلقة بأن شيئا ما يهددك بالموت والعياذ بالله، وقد ذكرنا صفات الفكرة التسلطية أو الوسواسية وكثيرًا من المعلومات عن الوساوس القهري في أكثر من إجابة سابقةٍ لنا على هذه الصفحة تحت العناوين التالية:
الوسواس القهري وأحلام اليقظة
على حافة الجنون
كرات الزئبق والوسواس
الوسواس القهري والاكتئاب
وأما ما هو أقرب للصحة في حالتك فأمرٌ آخر، هو ما يتضح من قولك في إفادتك (وهذا الشعور يأتي عند النوم كثيرا وتصبح ضربات قلبي سريعة والرغبة في البكاء والشعور برجفة قوية في جسمي والتعب في جسمي)، فهذا الوصف يعطينا إيحاءً بما يشبه نوباتٍ من القلق الشديد تسمى بنوبات الهلع Panic Attacks، وما يحدث في هذه النوبات هو إضافةً إلى مجموعة من أعراض القلق الجسدية مثل الخفقان وزيادة ضربات القلب والشعور بالاختناق وضيق الصدر وربما ألم في الصدر، وربما الرعشة وجفاف الريق، وربما الشعور بسخونة تجتاح الجسد وربما الشعور بعدم الراحة في المعدة أو البطن، وأيضًا ربما الدوار وربما الشعور بالانفصال عن الواقع أو بتغير سيئ غير مرغوبٍ فيه في الذات Depersonalization أو في الخبرة بالواقع Derealization.
ولكن هذه الأعراض تختلف من شخص لآخر، ودائما ما تكونُ تحدثُ من تلقاء نفسها وليس استجابةً لموقف محزن طارئ مثلا، وتستمر كل نوبةٍ على حدةٍ لمدة دقائق فقط، وإن كانت تطولُ عن ذلك أحيانا، كما يترتب على ذلك دائما تقريبا خوفٌ من الموت أو من فقدان السيطرة على النفس أو من الجنون، وكذلك يتباين معدل وقوع النوبات ومسارها من شخص لآخر، وهذه النوبات أكثر شيوعا بين النساء، ولكي تعرفي كل شيء عن هذه النوبات عليك بمراجعة ردودنا السابقة على صفحتنا استشارات مجانين تحت العناوين التالية:
نوبات الهلع وضربات القلب
مجرد قلق، ولا اختناق من القلق!
اختلال الإنية وخلطة القلق والاكتئاب.
ولكن إفادتك لا تعطي من أعراض النوبات أكثر من الرجفة القوية في الجسد، وتزايد ضربات القلب، والتعب، إضافةً إلى الخوف الشديد من الموت (الذي هو عرض النوبة على المستوى المعرفي أي الفكري أو الإدراكي)، وليس لدينا إذن ما يكفي لتشخيص نوبات هلع كاملة.
إذن فهي نوبات شبيهة بها، ولها في الأغلب علاقة بالاكتئاب، وهذا هو التشخيص الذي أميل إليه، وأحمد الله أن العلاج بفضل الله ممكن وميسور ولعل الاكتئاب الذي أميل إلى تشخيصه رغم عدم كفاية ما ذكرته لنا في إفادتك، لعله اكتئاب في بدايته، وكلما بدأت العلاج أفضل كلما كانت النتائج إن شاء الله أفضل، وعليك أن تستمري في المثابرة على ما قلت أنك تفعلينه (وفى هذه الفترة لا أطيق البيت أخرج من المنزل للتغيير ولكن دون فائدة أقوم بقراءة القرآن طول الوقت والأدعية حتى لا يشغلني الوسواس)، ولكن في حدود ألا يتعارض مع واجباتك كزوجة وأم.
وعليك أيضًا بسرعة اللجوء إلى الطبيب النفسي لكي يشخص حالتك، ويتفق معك على جلسات العلاج المعرفي السلوكي اللازمة لحالتك إضافةً إلى احتمال لجوئه لبعض عقاقير الاكتئاب أو القلق إن رأى ضرورةً لذلك، فاستخيري ربك وفاتحي زوجك في الأمر وتوكلي على من بيده الشفاء وحده، كان الله معك، فتابعينا بأخبارك.
ويتبع.....: نوبات الهلع والشعور بالموت مشاركة