بسم الله الرحمن الرحيم
أنا طالب في الفرقة الثانية بكلية الطب وأبلغ من العمر 19 عاماً تقريباً. مشكلتي يا سيدي قد تبدو مألوفة ومكررة إلى حد ممل، لكنها كما سترى حالاً مختلفة بعض الشيء.
فبعد دخولي الجامعة بشهرين أو ثلاث العام الماضي وقعت في حب فتاة في نفس دفعتي، لم يكن بيننا أي علاقة (ولو حتى علاقة زمالة محدودة) لأنه لم يكن هناك داع لهذا أو فرصة حتى لإقامة أي علاقة، كل ما هنالك هو تبادل النظرات أو قل اختلاس النظرات من جانبي أنا فقط.
ومع هذا فقد راح حبها ينمو بسرعة ويشتعل بشدة في قلبي، كلما نكون معاً لا أقاوم اختلاس النظرات إليها، و غالباً ما كانت تتجاهل نظراتي تلك وحينها كنت أشعر بحزن شديد -يصل أحياناً إلى الاكتئاب- وإحباط وبعض من الغضب، وحتى لو لم أجدها يوماً في الكلية فإنني أجدني لا شعورياً مدفوعاً للبحث عنها وإن لم أرها فإنني أعود إلى بيتي محبطاً حزيناً بعض الشيء كأن شيئاً ما ينقصني.
ثم بعد بداية حبي لها بمدة بسيطة عرفت اسمها وأنها تسكن في نفس مدينتي وعرفت صديقاتها أيضاً (الشلة بتاعتها) بل والمدرسة الثانوية التي كانت فيها وما إلى ذلك، كل هذا عن طريق تصيد بعض المصادفات (مثلاً وقعت عيني قدراً في المشرحة على كارنيه يحمل صورتها فقرأت اسمها وعرفته ولم أنسه من حينها) وسؤال بعض الزملاء عنها بصورة غير مباشرة. وهكذا وجدتها تحتل كل جزء من تفكيري وحياتي فكلما جاءت سيرة الفتيات أو الارتباط أو الزواج أو ما شابه تقفز هي إلى ذهني وأتذكرها فوراً، بل إنني ذات مرة انتظرت في الكلية حوالي ساعة بعد انتهاء الدراسة بلا داع سوى أني كنت أنتظرها حتى تنهي درسها العملي (السكشن) حتى ألقي عليها نظرتين أو ثلاث ثم أرحل... فقط.
ماذا عن الارتباط بها والزواج منها؟ حسناً.. قبل أن تقول لي سيدي: تعرف على عيوبها فقد لا تكون فتاة أحلامك و"عين الرضا عن كل عيب كليلة وعين السخط تبدي المساوئ"..إلخ
أقول لك باختصار: هي فعلاً لا تصلح زوجة لي وأماً لأطفالي، فعلى عكس ما يقوله كل أصحاب المشاكل المشابهة (أحببت فتاة ذات خلق ودين وذلك بشهادة الجميع) فإن فتاتي للأسف ليست كذلك، فعلى الرغم من أنها محجبة إلا أنها ليست محتشمة فهي عادة -كصديقاتها- ما ترتدي ملابس ضيقة ملونة ملفتة للانتباه بشكل أكثر من اللازم، كما أنها وصديقاتها يجلسن على السلم في مدخل الكلية ويتحدثن ويضحكن بصوت عال كأنما يردن لفت الانتباه دوماً.
باختصار أشعر أنها وصديقاتها من ذلك النوع الذي قال عنه د.وائل في رده على مشكلة "عرض الأزياء والقلب الحجري" : "فمثل هؤلاء الفتيات غالباً ما يستمتعن بعقول فارغة يملئنها بمساحيق التجميل والزينة المبالغ فيها، وكل همهن لفت الأنظار وجذب الانتباه وجذب أكبر عدد ممكن من الشباب حولهن، مثل هؤلاء الفتيات لا تنتظر منهن حباً أو إخلاصاً، لأنهن لا يعبئن كثيراً بذلك بقدر ما يعبئن بملابسهن وبعدد الشباب المعجب".
لا تدري سيدي مدى حزني وأنا أقول عنها ذلك ولكنها الحقيقة المرة للأسف. ثم إنني سيدي أثناء تعاملي أنا وأصدقائي مع بعض الزملاء الذين تخرجوا من نفس مدرستها لم نستطع الاندماج معهم (لسنا متوافقين أو موجتنا مش زي موجتهم) وبما أنها من نفس البيئة والوسط الاجتماعي فالأمر كذلك بالنسبة لها، ناهيك عن أني لا أظنها تبادلني نفس المشاعر بل ولا أظنها تعبأ بي أو تلاحظ وجودي أصلاً. تقريباً سيدي لست أرى لها أية ميزة سوى جمالها فقط...
أحياناً أفكر سيدي بأن الله -عزوجل- سيهديها يوماً ما وأنها ستلتزم وتصبح فتاة صالحة وحينئذ يمكنني الزواج منها ، وأنا أعلم أن هذا ممكن ( وما ذلك على الله بعزيز) ، ولكني أعلم أيضاً أنه ضرب من الجنون أن نبني اختياراتنا المصيرية على أمور مستقبلية غيبية بحتة لا يعلمها إلا الله-عز وجل- ولا نملك تقريباً منها شيئاً.
على الرغم من هذا كله لم أستطع التوقف عن حبها... نعم سيدي ولا أدري كيف، ففي بعض بعض الأحيان مؤخراً وصل الأمر لدرجة أني أفكر فيها 24 ساعة في اليوم، وفي الكلية فإني أحرص على التواجد في أي مكان تكون هي فيه، وأنظر إليها باستمرار وبإلحاح شديد قد يكون لفت نظرها، ومن أجلها قرأت العديد من الاستشارات والمقالات عن المشاكل والمواضيع المشابهة على الكثير من المواقع وعلى رأسها موقعكم المتميز، وأصبح كل همي من شبكة الإنترنت أن أعرف أكثر عن الحب والعلاقات بين الجنسين والمشاكل المشابهة لعلي أجد تفسيراً أو حلاً ما لكني لم أجد قط حالة مشابهة، علماً بأني قبل ذلك لم أكن من المهتمين بهذه المواضيع إطلاقاً،وأحياناً قبل النوم أظل أقول لنفسي:
إنها لا تصلح لك، لن تكون زوجة مثالية إنها لا تحبك إنها كذا وكذا.... ومع هذا لم أستطع نسيانها بل زاد هذا من حزني وألمي، وقد سمعت سيدي شريطاً للأستاذ "عمرو خالد" يتحدث عن "الصحوبية" أو علاقة الصداقة بين الجنسين (يقصد طبعاً تلك التي لا تلتزم بالضوابط الشرعية وليس علاقة الزمالة العادية) و ذكر أن من أخطارها أنها تكدر الحياة الزوجية للفرد حيث يظل في لاوعيه يقارن بين زوجته وتلك التي كان يقيم معها علاقة وهي مقارنة ظالمة ولا تكون أبداً لصالح الزوجة مما يؤدي إلى تعكير الحياة الزوجية وإفسادها، وأشعر أن هذا ما سيحدث معي بالضبط فأنا لا أتخيل أن أحب واحدة أخرى أو زوجة غيرها على الرغم من أني لم أقم أبداً -بفضل الله- تلك العلاقات غير الشرعية معها أو مع أي واحدة أخرى إطلاقاً.
المضحك في الأمر سيدي أنني كنت أعلم عن ما يدعى بالمراهقة وإعجاب المراهقة وغير ذلك قدراً ليس بالقليل وذلك عن طريق الاطلاع والإنترنت، وكثيراً ما كان أحد زملائي يقول لي (أنا معجب بفتاة ذات خلق ودين وأشعر أنها ممتازة وأنها لي... إلخ) فأقول له (إن هذا هو إعجاب المراهقة وهو بسبب وجود ميل عاطفي لدينا نحو الفتيات نحب إظهاره وإفراغه على أية فتاة تقابلنا وعليك أن تتريث وتنسى الأمر و..و.و.إلخ)، وصدقني سيدي عندما دخلت الجامعة لم أكن أبحث أو أفكر بالحب أو بالزواج أو أي شيء مماثل إطلاقاً.
نعم كان لدي ذلك الميل العاطفي الفطري والطبيعي نحو الفتيات وكنت أحياناً أفكر بهن ولكن الأمر كان دائماً في الحدود الطبيعية وكنت قادراً على التعامل معه وتجاهله، ثم إني على الرغم من أني لم أكن ملتزماً قبل دخولي الجامعة إلا أني -بفضل الله- لم أكن إطلاقاً من هواة سماع الأغاني التافهة أو الكليبات والأفلام الهابطة والتي تتحدث عن الحب (بمفهومها الهابط عنه)، وكنت أعتبرها سخفاً لا فائدة من ورائه، نعم كنت أعترف بوجود الميل العاطفي تجاه الجنس الآخر ولكني كنت أعتبر ما تردده الأغاني والأفلام عن العشق والهيام والغرام مبالغات سخيفة بلهاء وهراءً محضاً بلا معنى ولا فائدة وبالتالي كنت أحجم عنها تماماً.
أود أن أضيف هنا واقعة عجيبة حدثت في العام الماضي، فبعد أن بدأت التزامي الفعلي بعد دخولي الجامعة بفترة قصيرة إلا أني قبل الامتحانات بشهرين أو أكثر أصبت بحالة من الإحباط العام والاكتئاب واللامبالاة والفتور الإيماني أدت بي إلى أن تركت الالتزام وعدت كما كنت قبله وحينها فقط... نسيتها.. نعم سيدي اختفى حبها من قلبي تماماً كأنه سحر.. ولكن بعد عودتي للكلية هذا العام عاد الحب من جديد كما كان وبغض النظر عن حالتي النفسية والإيمانية فمهما كنت سعيداً أو مكتئباً ملتزماً أو مفرطاً فإن حبها أصبح لا يغادر قلبي.
وقد نصحني أحد أصدقائي المقربين بأن أقترب منها وأقيم معها علاقة زمالة محدودة و قال لي (لو كانت فعلاً سيئة كما تقول فإنك ستتوقف عن حبها وتنساها تلقائياً بل وستنفر منها أيضاً، وقد تكتشف أنك كنت قاسياً في حكمك عليها وأنها ليست بهذا السوء وحينها يمكنك التفكير بالزواج منها) ولكني لست أظن هذا حلاً مثالياً وقد يؤدي إلى نتائج أسوأ وعلى أية حال أنا لم أكلمها إلا أربع أو خمس مرات مؤخراً وكل مرة لا تتعدى دقيقتين أو ثلاث على الأكثر في حديث عام جداً. وأرجوك سيدي لا تقل لي "انس الأمر وركز في دراستك ومستقبلك و... إلخ" كأن الأمر بهذه البساطة فلقد حاولت على مدار عامين بشتى الطرق والوسائل إلا أني لم أنجح، أحياناً كنت أنساها وأتجاهلها لمدة قصيرة (أو هكذا أظن) ثم يعود الأمر كما كان وأسوأ.
حسناً... تقريباً انتهيت من عرض مشكلتي وبقي أن أقول سيدي إنني متعب جداً... نعم... عامان تقريباً من الحب من طرف واحد... عامان من الحب (من بعيد لبعيد)... عامان من الألم والحزن.... عامان من الحيرة والتساؤلات اللانهائية عن كنه ما يحدث وعن كيفية التصرف فيه... كل هذا ليس بالشيء الهين أبداً، أكتب إليك سيدي أثناء الامتحانات -والتي شغلتني قليلاً عنها- وحين يصلني ردك سأكون في إجازة الصيف ولا أدري ما يكون حالي أو ماذا أفعل حينها؟
وإذا فكرت سيدي أن هذا هو وسواس الحب فأنا فعلاً مصاب بوسواس قهري على هيئة صور ذهنية تسلطية وطقوس قهرية (منذ بداية هذا العام تقريباً) وأنا الآن أتعاطى عقار "faverin" 200 ملجم يومياً منذ شهر تقريباً وقد أحدث تحسناً بسيطاً إلى حد ما.
أخيراً سيدي، بقى أن أعتذر عن طول رسالتي المفرط لكني أردت حقاً أن (أفضفض) وأبوح بكل ما في قلبي وأحكي الموضوع من كل جوانبه، وأريد منك سيدي قبل الحل تفسيراً وتحليلاً للأمر وقبل هذا كله صدراً رحباً يتسع لفضفضتي ومشكلتي.
وجزاكم الله كل خير على مجهوداتكم.
07/07/2006
وأرسلنا استشارته إلى المستشار أميرة بدران التي تأخرت في الرد... وبعد أسبوعين أرسل يقول:
أين أجد زر وقف الحب؟!!
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته...
أنا صاحب مشكلة "أين أجد زر وقف الحب؟".
أكتب إليكم بعد أن طفح الكيل وبلغ السيل الزبى كما يقولون. فقد جاءت الأجازة الصيفية ولكن الوضع لم يتحسن كثيراً وقد سئمت هذا الحال حقاً، فأنا أحبها وأريدها بجنون ولكن السبيل الشرعي الوحيد لهذا هو الزواج، فليكن الزواج إذاً، ولكن عندما أفكر بعقلي أقول لا هي لا تصلح البتة لأسباب كثيرة ذكرتها سابقاً، إذن يجب أن أنسى الأمر برمته وألقيه خلف ظهري، هنا الجزء الصعب، أحاول بشتى الطرق أن أنساها ولكني في النهاية أفشل تماما، لا أستطيع، فأنا لازلت أحبها وأريدها فماذا أفعل، إذن هو الزواج لكن ثانية لا، هي لا تصلح كزوجة، وهكذا دواليك، دائرة مغلقة مميتة لانهائية من الأفكار والهواجس والخواطر التي لا تكف عن تعذيبي -وبخاصة هذه الأيام- ليل نهار، دائرة لم تتوقف سواء في الدراسة أو الأجازة في الوعي أو اللاوعي.
دائرة لا تنتهي من الألم والعذاب والطرق المسدودة والحزن والإحباط، دائرة تقودني -بنجاح تام- للجنون والانهيار.
ما هذا الذي يحدث؟ ولماذا؟!! أهي مجرد أوهام أو حب المراهقة الأخرق؟ فلم هو إذن بهذه القوة والاكتساح بحيث يستمر لمدة عامين كاملين على الرغم من مقاومتي المستميتة له؟!!! هل أنا حقاً لا أريد التخلص منه ولا أقاومه كما ينبغي؟!! أأنا لا أريد فعلاً نسيانها؟!! فليكن في علمك سيدي أني في البداية ظللت حوالي عاماً أو أقل أنكر حبي لها ولا أعترف به إطلاقاً حتى لنفسي!!
وحتى بعد أن اعترفت به لنفسي فإني ظللت أقاومه بشدة، وصدقني سيدي لا تتصور لحظة أني كنت سعيداً بهذا الحب وأعيش في دور عنترة وقيس وروميو، إطلاقاً، فأنا لم أجن من وراءه إلا الحزن والاكتئاب والانشغال فقط ، لذا كنت أحاول التخلص منه حقاً ولم أستسلم إلا في الشهور الأخيرة من العام الماضي فقط، عندما انهارت قوتي ومقاومتي واستسلمت تماماً، ثم لو كان هذا حب مراهقة فلماذا أنا فقط دون جميع زملائي؟!! لا أحد منهم يعاني مما أعانيه إطلاقاً فأقصى ما يجدونه هو إعجاب عابر فقط بهذه الفتاة أو تلك لا يلبس أن يختفي بأسرع وقت، هل أنا مراهق أبله لهذه الدرجة؟!! ولو كان حباً حقاً فلماذا جاء في وقت غير مناسب مع فتاة غير مناسبة؟! والأدهى لم توحش وخرج عن السيطرة هكذا؟!! كل ما أريده هو إنهاء هذا الوضع بأي شكل، وبأي ثمن.
آسف على الإطالة سيدي، ولكني بحاجة للفضفضة عما يدور بداخلي من أفكار وصراعات كي لا أنفجر، و لعلك تجد لي تفسيراً وحلاً مناسباً.
وفي النهاية لا يسعني إلا أن أعبر عن شكري الجزيل وامتناني العظيم لكم إذ أنكم تتحملون رسائلنا ومشاكلنا و(مصايبنا) - والتي تضيق بها صدورنا وصدور من حولنا من أصدقاء وغيرهم- بصبر جميل وصدر رحب بل وتبذلون قصارى جهدكم للمساعدة لوجه الله فقط -أحسبكم كذلك ولا أزكي على الله أحداً- وأسأل الله بصدق أن يتقبل هذا العمل منكم ويجعله في ميزان حسناتكم يوم القيامة.
وجزآكم الله خيراً.
21/07/2006
وبعد أن تأخرت الأستاذة أميرة بدران في الرد كثيرا رغم وضوح معاناة صاحب المشكلة وقمنا بإرسال المشكلة إلى أحدث المستشارين الأستاذة سها إبراهيم مزيد أرسل يقول:
أين أجد زر وقف الحب؟
بسم الله الرحمن الرحيم
سيدي الفاضل،... السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
فقد سبق وأرسلت لكم مشكلتي في يوم 7/7/2006 (من شهرين تقريباً) بعنوان "أين أجد زر وقف الحب؟" ثم أرسلت تعقيباً آخر بعدها بأسبوعين ولكن حتى الآن لم يصلني أي رد إطلاقاً، سيدي أنا أعلم مدى انشغالكم وضيق أوقاتكم وكثرة أعبائكم والتزاماتكم (أعانكم الله عليها) ولكن شهرين!!! هذا كثير!! لا أدري حقيقة إن كانت رسالتي وصلت أصلاً أم أنها ضاعت سهواً أو بسبب خطأ إلكتروني ما وعلى أية حال لا تدري سيدي كم أنتظر ردك بفارغ الصبر فالحال تقريباً على ما هو عليه إن لم يزدد سوءاً إذ أني لم أستطع نسيان فتاتي بعد ثم إني قد سمعت الكثير من الآراء و المقترحات (من كل شكل ولون) ولكني لازلت حائراً تائهاً (بالمناسبة الدراسة ستبدأ بعد أسبوعين و سأراها ثانية في الكلية ولازلت لا أدري بعد ماذا سأفعل)، وعلى أية حال أنا مش (زعلان) منكم بس أنا (هازعل بجد) لو لم يأتني رد قريباً إذ إني أحتاج المساعدة حقاً وجزاكم الله خيراً.
ملاحظة: إذا كانت نص المشكلة والذي أرسلته سابقاً قد ضاع فعلاً فأرجو أن تخبرني عن طريق الإيميل كي أرسله ثانية.
01/09/2006
رد المستشار
السـلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أخي المعذب بالحب، مرحبا بك ثانية ودائما.
أخي في البداية نتفق بأن لا يوجد ما يسمى زر الحب فالحب مشاعر ليست بأيدينا لنتحكم فيها ولكن قد نغير نحن من تفكيرنا لنعدل ما ينبغي تعديله.... ولكن دعني أدخل بين ثنايا سطور رسالتك لكي أشاركك الفكر... معا.
(السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... أنا صاحب مشكلة " أين أجد زر وقف الحب؟". أكتب إليكم بعد أن طفح الكيل وبلغ السيل الزبى كما يقولون. فقد جاءت الإجازة الصيفية ولكن الوضع لم يتحسن كثيراً وقد سئمت هذا الحال حقاً) هل سئمت الحب أم سئمت من تحب أم سئمت الظروف برمتها؟؟
(فأنا أحبها وأريدها بجنون ولكن السبيل الشرعي الوحيد لهذا هو الزواج، فليكن الزواج إذاً، ولكن عندما أفكر بعقلي أقول لا هي لا تصلح البتة لأسباب كثيرة ذكرتها سابقاً، إذن يجب أن أنسى الأمر برمته وألقيه خلف ظهري) وهل تلك الظروف يا أخي غير كافيه لإقناعك بصعوبة الاستمرار بهذا الحب الأعرج؟؟؟.... عفوا.... نعم اسميه ذلك لأنه لن يستمر في طريقه الذي يرضى الله ويرضى المجتمع ويرضى الضمير.
(هنا الجزء الصعب، أحاول بشتى الطرق أن أنساها ولكني في النهاية أفشل تماماً، لا أستطيع، فأنا لازلت أحبها وأريدها فماذا أفعل؟) هل يصعب عليك أخي أن تقنع ذاتك بأمر واقع ولا سبيل من تغييره؟؟ وما هو السبيل الذي فعلته لكي تنساها؟؟ هل صارحتها بما تفكر فيه؟؟ وما موقفها نحوك؟؟؟ لا حل سوى الزواج بها إن كانت إرادتك ضعيفة لهذا الحد أو كنت تستطيع تكييف الظروف لصالحك (إذن هو الزواج لكن ثانية لا، هي لا تصلح كزوجة،) وتعود لكي تؤكد صعوبة الزواج منها!!! برغم أنه السبيل الوحيد لاستمرار الحب الذي يرضى الله وترضاه.
(وهكذا دواليك، دائرة مغلقة مميتة لانهائية من الأفكار والهواجس والخواطر التي لا تكف عن تعذيبي -وبخاصة هذه الأيام- ليل نهار، دائرة لم تتوقف سواء في الدراسة أو الإجازة في الوعي أو اللاوعي، دائرة لا تنتهي من الألم و العذاب والطرق المسدودة والحزن والإحباط، دائرة تقودني -بنجاح تام- للجنون والانهيار. ما هذا الذي يحدث؟ ولماذا؟!!).
أخي الفاضل أشعر بمتاعبك والتي تخلقها أنت لنفسك برغم أنها متاعب الحب الذي لا إرادة لنا فيه فنحن نعم لا نمتلك أزرارا لمشاعرنا الموجهة لمن نحب ولكن أنتبه هناك حدا كالشعرة التي تفصل بين قوة الإرادة التي تضعف أمام العواطف وبين التحكم في الإرادة ذاتها بمعنى أننا عندما نحتاج إلى شيء كبشر مهما كان هذا الاحتياج ولا نشبعه نشعر بضيق وتوتر ونظل نشعر به ويزيد كلما تأخرنا في إشباعه ونخلق حولنا دائرة من التوتر والقلق والعذاب طالما لم نشبعه وما أن يتم إشباعه نهدأ إلى أن نبحث عن احتياج جديد يخلق لنا توتر جديد، وأنت للأسف لا تستطيع أن تشبع هذا الاحتياج بما أحله الله وهو الزواج وذلك لأسباب قويه تمنعك وهذه الأسباب تسارع رغباتك وتكاد تدمرك، أذن ما السبيل؟؟
يجب أن نوقف هذا الصراع المميت الذي يدور بين رغباتك وبين أسباب صعوبة تحقيق الحب التي تطاردك، يحب أن تقوى تلك الشعرة الفاصلة بين الضعف والاستسلام وبين التحكم... هل فهمت ما أقصد... لنكمل ما تقول....(أهي مجرد أوهام أو حب المراهقة الأخرق؟ فلم هو إذن بهذه القوة والاكتساح بحيث يستمر لمدة عامين كاملين) لا تتهم حب المراهقة بأنه اخرق بل أن حب المراهقة حبا صادق مجرد من أي مصلحة ولكن فقط لا يستمع إلى صوت العقل والمنطق فيكون أهوجا لكن حقيقيا وميزته أنه يتغير وسريع التقلب.
(على الرغم من مقاومتي المستميتة له؟!!! هل أنا حقاً لا أريد التخلص منه ولا أقاومه كما ينبغي؟!! أأنا لا أريد فعلاً نسيانها؟!!) كنت أتمنى أن تذكر لي محاولاتك في النسيان.... وتسألني بما لا يستطيع الإجابة عنه غيرك....!
فليكن في علمك سيدي أني في البداية ظللت حوالي عاماً أو أقل أنكر حبي لها ولا أعترف به إطلاقاً حتى لنفسي!! وحتى بعد أن اعترفت به لنفسي فإني ظللت أقاومه بشدة، وصدقني سيدي لا تتصور لحظة أني كنت سعيداً بهذا الحب و أعيش في دور عنترة وقيس و روميو، إطلاقاً، فأنا لم أجن من وراءه إلا الحزن والاكتئاب والانشغال فقط، ما هذا الحب الذي لا يحقق لصاحبه السعادة برغم صعوبته؟؟؟ إن كان هذا الحب لا يسعدك ولا تجنى من وراءه سوى الحزن؟ فلمَ أنت متمسك به أو بالأحرى لما تتمسك أرادتك به؟؟ أم أنك تحزن لأنه لا يمكن تحقيقه واستمراره؟؟ هل تشعر معها بسعادة؟ وهل تبادلك المشاعر كما تحبها؟ حدثني يا أخي لماذا كنت تقاومه؟ هل لأنك كنت تتوقع صعوبته؟؟
(لذا كنت أحاول التخلص منه حقاً ولم أستسلم إلا في الشهور الأخيرة من العام الماضي فقط، عندما انهارت قوتي ومقاومتي واستسلمت تماماً) ولماذا انهارت بعد كل هذا العناء والمقاومة العنيفة؟؟ ولماذا تصف هذا الحب بالمعركة التي تدور بداخلك؟؟ وما أصعب مقاومة هذه المشاعر؟
(ثم لو كان هذا حب مراهقة فلماذا أنا فقط دون جميع زملائي؟!! لا أحد منهم يعاني مما أعانيه إطلاقاً فأقصى ما يجدونه هو إعجاب عابر فقط بهذه الفتاة أو تلك لا يلبث أن يختفي بأسرع وقت).
أخي حتى لا تشعر بالأسى والاختلاف فهناك ما يسمى الفروق الفردية ولا تقارن نفسك بمن حولك حتى إذا كانوا في نفس عمرك فلكل إنسان شخصيته وظروفه التي أحب أن تكلمني عنها بوضوح.
(هل أنا مراهق أبله لهذه الدرجة؟!!)هل من يحب الآن يوصف بالأبله؟؟؟ لا بالطبع ولكن مشكلتك هو سوء الاختيار وضعف الإرادة، ولو كان حباً حقاً فلماذا جاء في وقت غير مناسب مع فتاة غير مناسبة؟! والأدهى لم توحش وخرج عن السيطرة هكذا؟!!
هل تسأل إن كان حبا؟ الحب لا يأتي إلا برغبة منا ولكن لا نختار من نحب فليس بأيدينا ولكن الإرادة قد تجعله بأيدينا، وأريد أن أوضح لك شيئا هاما: أخي الحب ليس بالمعنى الذي تعتقده أنت فالحب لا يأتي إلا مع العشرة والأيام والمواقف التي نتذكرها مع من نحب الحب كالشجرة التي تكبر يوما بعد يوما إذا تم الاعتناء بها ولكن ما أنت فيه ما هو سوى مشاعر من الاهتمام والميل والرغبة والتي يضخمها لك الشيطان حتى توصلك لما أنت فيه لتوهمك بأنك لن تستطيع الاستغناء؟؟ فيقذف الله بالحب الحقيقي بمجرد أن يحدث الرباط المقدس، فقل لي... ما هي المواقف المثالية أو التضحية أو المواقف الإيجابية عموما التي تذكرها بينك وبينها؟؟؟
(كل ما أريده هو إنهاء هذا الوضع بأي شكل، وبأي ثمن.) أخي بيدك لا بيدي أحد ولكن دورنا أن نوجهك نحو التفكير السليم وننبهك بأنك لا تفكر بطريقة صحيحة فتفكيرك الخاطئ هو الذي يدفعك نحو السلوك الخاطئ أعد برمجة تفكيرك وعدل منه لان صوت المنطق والواقع يناديك وأنت تريد غلق الباب أمامه بحجة أنك لا تستطيع، أخي قوي من أرادتك جيدا ولا تعود نفسك المتمردة اللحوحة أن تغلبك (آسف على الإطالة سيدي، ولكني بحاجة للفضفضة عما يدور بداخلي من أفكار وصراعات كي لا أنفجر) ونحن هنا لنستمع لك ونوجهك ولا تعتذر عن الإطالة فمرحبا بك.
(ولعلك تجد لي تفسيراً وحلاً مناسباً) إعادة التفكير وتعديله:
قم بإحضار ورقه وقلم وأقسمها بعمود من المنتصف، في الخانة اليمنى قم بكتابة أضرار هذا الحب ومساوئه وسلبياته وفى الخانة اليسرى قم بكتابة مزايا هذا الحب وإيجابيته وما حققه لك من سعادة، وأنظر إلى ناتج تفكيرك فالخانة التي بها نقاط أكثر تعبر عن تفكيرك، فهذا التمرين يضعك أمام المرآة لترى نفسك.
قم بوقفه مع تلك النفس حتى لا تضيعك فيما بعد فإن ملكتك ضاعت إرادتك في كثير من المواقف وليس الحب فقط وإن ملكتها كنت أنت مالك ما تريد وما يريده المنطق والواجب والضمير فأنتبه ما هذا سوى محك... حاذر أن توقع في براثن الضعف.
(وفي النهاية لا يسعني إلا أن أعبر عن شكري الجزيل وامتناني العظيم لكم إذ أنكم تتحملون رسائلنا ومشاكلنا ومصايبنا) - والتي تضيق بها صدورنا وصدور من حولنا من أصدقاء وغيرهم- بصبر جميل وصدر رحب بل وتبذلون قصارى جهدكم للمساعدة لوجه الله فقط -أحسبكم كذلك ولا أزكي على الله أحداً- وأسأل الله بصدق أن يتقبل هذا العمل منكم ويجعله في ميزان حسناتكم يوم القيامة. وجزاكم الله خيراً. ابنكم المعذب).
ألهمك الله الصواب وحسن التصرف وبوركت يا أخي وأرشدك الله إلى حسن السبيل وأستعن بالله والجأ إليه أثناء الليل والنهار فهو مغير ما في القلوب واجعل حب الله هو قوتك واملأ به قلبك فهو السبيل فحب الله وذكره هو طب القلوب ودوائها.
ويتبع........: أين أجد زر وقف الحب م