طول الطريق
بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
وأود أن أقول لكم جزاكم الله خيرا على مجهودكم الكبير في مناقشة قضايا الشباب والأسرة والذي أسأل الله أن يبارك لكم فيه ويتقبله منكم.
أما عن الأمر الذي كنت أود أن أستشيركم فيه أني طالب مصري أتممت الفرقة الرابعة بكلية الطب في مصر والحمد لله أني مجتهد في دراستي ولي بفضل الله نشاط طلابي ودعوي في كليتي ولكن مشكلتي أني خلال هذه السنة الدراسية بدأ ينتابني شعور بالملل وإحساس أني لم أحقق المراد من دراستي حيث أحس أن الطريق ما زال طويلا حتى أنهي دراستي فقد تبقى لي الفرقة الخامسة والسادسة والامتياز لأتخرج ممارس عام يستلزم على بعدها أن أحضر الماجستير أو الزمالة وما زال الطريق مستمرا...
وخلال هذه الفترة لا أجد في ظل الدخل الزهيد الذي سأحصل عليه إلا أن أكون معتمدا على والدي بصورة رئيسية في دعمي.. أعلم أن هذا ليس عيبا بل انه نعمة أن منحني الله أبا مهتما بشئون أبنائه ويشجعهم على العلم والتعلم ولكن إلى متى سوف أكون طالبا.. إلى متى ستكون قراراتي المحورية في حياتي كإكمال دراستي والسفر للخارج والزواج معتمدا على الوضع المادي لوالدي مع العلم أننا مرتاحين ماديا وأن لوالدي لا يمانع بتاتا من مساعدتي.
فكرت كثيرا في العمل خلال الدراسة وعرض على عمل في مجال صيانة الكمبيوتر خاصة أني افهم فيه إلى حد ما وللأسف بدخل أكبر من الدخل الذي سأحصل عليه لو عملت نائبا أو معيدا في الكلية ولكن عندما استشرت بعض الناس الذين يكبروني علما أخبروني أن هذا ليس مجالك ولا يضيف إليك لا من الناحية العلمية أو الناحية الدعوية على اعتبار أنه مجرد عمل مؤقت سوف أتوقف عنه عندما أتعمق في دراستي وإن نظرتي للموضوع هي نظرة مادية فحسب وبدلا من أن آخذ علما جديدا إن الطب عميق بدرجة كافية لشغل الوقت أخبروني أيضا أني لا يجب على أن أستعجل المسئولية والهم وأن أستمتع بعمري ووقتي الآن ولا أشغل نفسي بهذه الأمور من الآن وإن كنت أعلم أن بعض هذه الآراء تحمل في طياتها الأسباب التي جعلت من شباب اليوم شبابا غير متحمل المسئولية وينتظر حتى يبلغ الخامسة والعشرين أو أكثر حتى يبدأ بالإحساس أنه الآن أصبح مسئولا.
أرجو أن تفيدوني في أمري هذا وأن تعرضوا لي حلا لكيفية جعل الشباب يفيق وينضج من غير أن يكون ذلك مرتبطا بعمره أو بسنته الدراسية لأن هذا الأمر يشغل كثيرا من الشباب حتى أساعدهم وأساعد نفسي على النهضة بنا وبأمتنا.
وجزاكم الله خيرا
01/09/2006
رد المستشار
صديقي
إن الطريق الذي اخترته هو بالفعل طريق طويل، وبالتالي فإن من العبث أن تتذمر من طبيعة ما اخترت بادئ ذي بدء... ولكنك وقعت في نفس الخطأ الذي يقع فيه كثير منا والذي يسبب تذمرنا ومللنا وعدم إحساسنا بالجدوى حين لا ننتبه له..
الخطأ الجسيم هو الاعتقاد بأن تحقيق الهدف هو الشيء الأهم أو الوصول إلى نهاية الطريق.. في الحقيقة المهم في الأمر هو المشوار في حد ذاته وكيف ستشكل نفسك ومن ستصبح من خلال التعامل مع الطريق ومصاعبه... الرياضي في الألعاب الأوليمبية مثلا يتدرب ثمان ساعات يوميا ولمدة أربعة سنوات على الأقل من أجل أداء يستغرق عدة دقائق أو عدة ثوان وقد يكلل بالنجاح أو بالفشل (الحصول على ميدالية أو عدم الحصول عليها) ولكن الإنسان الذي يتشكل وينتج من هذا الجهد هو القيمة الحقيقية في الموضوع وإلا كان كل هؤلاء الرياضيين مجرد مرضى عقليين.
ليس هناك ضير من العمل في مجال الكمبيوتر إذا كان هذا شيئا يشبعك ويسعدك ويشعرك بالتحقق والاستقلال... وإذا تطلب التعمق في دراستك أن تنحي هذا جانبا لحين فلا ضير من هذا أيضا.. كل ما تتعلمه وتمارسه سوف يفيدك بشكل أو بآخر في حياتك.
إذا كان اعتمادك المادي على والدك شيئا متاحا، فلا ضير من السماح لوالدك بمتعة العطاء لك ولمستقبلك ولكن هذا لا يعني أن تكون شخصا اعتماديا... المسئولية لا تعني أن تكون مستقلا ماديا فحسب... المسئولية أيضا تعني أن تؤدي عملك في كلية الطب على أكمل وجه وأن تعتبر أنه وظيفة وأن أجر الوظيفة هو ما يدفعه والدك من مصاريف لدعمك أثناء فترة الدراسة.
من الواضح أن لديك رغبة في الإنجاز والاعتماد على النفس وهذا شيء عظيم ونموذج يحتذى... ويمكنك أن تكرس تفكيرك وطاقتك من أجل أن توازن ما بين دراستك وكسب المال الذي يشعرك بالمسئولية والاستقلال والنضج... يجب أيضا أن تستمتع بكل هذا... ليس صحيحا أن هذا مجرد هم وأن المسئولية شيء ثقيل ويمنعك من الاستمتاع كما يوحي لنا كلام الناس المعتاد سماعه ولكنهم على الأرجح يحاولون مساعدتك وإن كانت فكرتهم ليست بالضرورة هي الصواب...
والشيء بالشيء يذكر: لماذا تفكر في الطريق المعتاد والذي هو غايته العليا أن تكون نائبا ثم معيدا ثم مدرسا ثم أستاذا في الكلية.. لماذا تريد هذه المناصب إذا كنت لا ترى أن لها جدوى حقيقية من الناحية العملية والحياتية.. لا بأس من أن تأمل في وتحظى بهذه المناصب ولكن لا أعتقد أنها يجب أن تشكل منتهى آمالك لأنها مجرد عناوين... كم من أستاذ ذي شهادة ومنصب ولم يرقى إلى أعلى من مستوى الحيوان الناطق، وكم من شخص حصل على الدكتوراه وأصبحت مجرد ورقة يضعها في برواز أنيق على حائط في غرفة ما...
ابحث عن الشيء أو الأشياء التي تعتبرها أنت مجدية لك كإنسان وليس كطبيب فقط.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب.
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الابن العزيز أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين وشكرا على ثقتك، ليست لدي إضافة بعد ما تفضل به مجيبك المستشار علاء مرسي غير أن أحيلك إلى قراءة بعض ما كتبه لنا طلبة الطب عن معاناتهم وبعضهم تكلم بالضبط عما تكلمت عنه فاقرأ:
حيرة متفوق ، بين الطب والسعادة !
طالب الطب ، ورحلة الأهوال !
الوسواس الطبي
طالبة الطب وحدوتة التركيز
وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعنا بأخبارك.