صعوبات اجتماعية
السادة المحترمون موقع مجانين، الشموع التي تضيء ظلام الجهل؛
بداية أشكركم على جهودكم الجبارة التي تبذلونها لتطوير علم النفس الإسلامي وتقديم الاستشارات التي يفتقدها مجتمعنا العربي أشد الافتقاد، فما أشد حاجتنا إلى علماء متنورين أمثالكم يخاطبون الناس بلغة العقل والعلم وينشرون الوعي في هذا المجال الحساس والحيوي للغاية. لا أظن أن كلماتي ستكفيكم قدركم من الشكر والمديح لذلك سأكتفي بالقول أن الله أعلم بما أكنه لكم من إعجاب وتقدير وجزاكم الله كل خير.
هذه رسالتي الأولى لكم، لكنني ومنذ أن تعرفت على موقعكم كتبت لكم عشرات الرسائل التي لم أرسلها، لأنني كنت دائماً وبحمد الله أعثر بطريقة أو بأخرى على أجوبة لأسئلتي الكثيرة، غالباً في موقعكم. والحقيقة أيضاً أن الوقت القصير المتاح لإرسال الرسائل كان أكبر معيق لي!
ما أريد طرحه عليكم هو ليس مشكلة فعلية، لقد مررت بالعديد من المشاكل والظروف الصعبة وتجاوزتها والحمد لله وأنا الآن في وضع أفضل بكثير من السابق، ومع ذلك هناك بعض المنغصات التي ما تزال تعكر صفو حياتي:
لقد عانيت في فترة المراهقة من صعوبة في التكيف مع وضعي كأنثى. عائلتي مؤلفة من خمس فتيات أنا الثانية بينهن، ووالدي رجل مثقف لكنه عصبي وميال إلى العزلة والكآبة، وكنت أنا المفضلة لديه باعتباري أقربهن إليه من حيث الطباع والتفكير، إلا أن أسلوبه الصارم وغير المتفهم أحياناً جعلني أبتعد عنه شيئاً فشيئاً وأشق طريقي بنفسي، ووقتها لم أكن أشعر أنني أنثى، ولا حتى أعترف بذلك.. لأن الأنثى في نظري وقتها كانت المخلوق الضعيف المحتاج لمساعدة الآخرين وتحيط به القيود الاجتماعية والدينية من كل الجهات. وزاد الأمر سوءاً تلك النظرة الدونية التي تشربتها من أبي تجاه كل ما يمت للأنوثة بصلة من نشاطات كالفنون النسوية وموديلات الملابس والشعر وما إلى ذلك.
عانيت كثيراً خلال تلك الفترة لدرجة أنني صرت أتمنى التحول إلى رجل! بسبب ظروفنا المادية السيئة دخلت العمل في وقت مبكر (19 سنة) وبحمد الله تمكنت من شق طريقي بصعوبة شديدة إلى أن وصلت الآن إلى وظيفة محترمة جداً في منظمة دولية. وصرت أقوم بنشاطات مختلفة حققت لي الكثير من أحلامي، وتعرفت من خلالها على شاب ودامت صداقتنا خمس سنوات إلى أن خطبنا من شهرين. لكن الطريق التي قطعتها إلى أن وصلت إلى هذا النجاح الحالي كانت صعبة وقاسية، فقد عانيت خلال تلك الفترة من Stress (كرب) شديد أوصلني إلى الإصابة بالوسواس القهري والاكتئاب وبعض نوبات الهلع.
تعالجت عند طبيب وصف لي دواء يحتوي سيرترالين واستمريت في العلاج حوالي سنة ونصف. العلاج كان مقتصر على الدواء ولم يرافقه أي علاج سلوكي أو معرفي، لأن كان الطبيب يعتقد أن الدواء وحده سيفي بالغرض. الآن تلاشت كل تلك الأعراض السابقة، لكن ما زلت أعاني من بعض السلوكيات المزعجة:
- أنا عصبية جداً ومزاجية، ومزاجي يتأثر كثيراً بالهرمونات، فهو يسوء جداً خاصة في الأسبوع الذي يسبق الدورة الشهرية، ويتحسن جداً بعد أي ملاطفة أو مداعبة من خطيبي لدرجة أنني أحياناً أشعر وكأنني متعلقة به إلى درجة زائدة عن الحد (مثل الإدمان).
- ما زلت أنظر تلك النظرة الدونية إلى مجتمعات ونشاطات النساء وأشعر بتوتر شديد إذا اضطررت للمشاركة في أي من هذه النشاطات مثل حضور حفلة عرس. وفي الحقيقة أنا غالباً أتصرف مع الجميع بطريقة جدية وجافة و"رجولية" في بعض الأحيان.
- مهاراتي الاجتماعية ضعيفة إلى حد ما.
- ليس لدي حلول وسط: إذا لم أكن سعيدة فإنني أقع مباشرة في دوامة الحزن والإحباط.
- أشعر بالفزع عندما لا أتمكن من السيطرة على الوضع الذي أنا فيه، مثلاً عندما لا أستطيع التحكم في وقتي لسبب ما أو عندما يفرض علي أحد خياراً لا أقبل به، وهذا الفزع يتحول إلى غضب.
- وفي النهاية مهارات إدارة الغضب لدي ضعيفة لكنني أسعى إلى تطويرها بمساعدة كتاب مختص.
أرجو ألا أكون أطلت عليكم وأن يتسع صدركم لرسالتي، أكرر شكري العميق وامتناني لجهودكم المخلصة، جعلها الله في ميزان أعمالكم.
والسلام عليكم
15/09/2006
رد المستشار
صديقتي
قد تكون عصبيتك الناتجة عن اضطراب الهرمونات قبل وأثناء الدورة شيئا طبيعيا ومحتملا وإنما قد تزيده حدة نظرتك الدونية لكل ما هو أنثوي.. عليك أن تتقبلي وبصفة نهائية أنك امرأة وأنثى وأن هذا شيء عظيم وأن والدك وبعض الرجال في المجتمع لا يدرون أنهم بدون هذه التفاهات النسوية قد لا يقدرون على مواصلة الحياة بشكل مريح...
كيف بحياة دون فنون المنزل والتي تتخصص فيها النساء (وبعض الرجال)؟؟ وكيف بحياة رجل بدون المشاركة والاندماج الروحي مع امرأة ولو حتى على مستوى الصداقة فقط؟؟ وكيف يمكن أن توجد قوة في الرجل بدون قوة المرأة؟؟؟ وكيف يفسر هؤلاء الرجال الجهلاء هرمونات الأنوثة التي هي جزء لا يتجزأ من تكوينهم وهرمونات الذكورة التي هي جزء لا يتجزأ من تكوين الأنثى؟؟؟
صعوباتك تكمن في أنك ما زلت تعتنقين هذه المعتقدات العقيمة الجاهلة التي تقول أن المرأة ضعيفة أو أن الرجل أفضل من المرأة مع أن الله خلقهما من نفس واحدة ليكملا بعضهما البعض وليجدا في بعضهما السكن والمودة والرحمة.
من ناحية أخرى، يجب أن تنتبهي إلى أن المرونة قوة وذكاء وأنهما لازمان لإدارة الغضب وإدارة الحياة عامة.... تقولين: "ليس لدي حلول وسط: إذا لم أكن سعيدة فإنني أقع مباشرة في دوامة الحزن والإحباط" وتقولين أيضا أنك تحبين المسير في الجبال.. ماذا لو واجهتك عقبة في طريقك على الجبل أو أدى بك الممشى إلى هوة سحيقة؟ ألن تعدلي من مسارك من أجل سلامتك والوصول إلى هدفك؟؟ بالطبع سوف تعدلين مسارك وهذا بديهي ولكن كيف تصرين على عدم اللجوء إلى حلول وسط في الحياة مع أن "خير الأمور الوسط"؟
ثم الحزن على ماذا والإحباط من ماذا؟؟ ولماذا يصل بك التصلب وعدم المرونة إلى الفزع والغضب لأسباب بسيطة مثل عدم المقدرة على السيطرة على الوقت؟؟ ليس من الممكن أن تسيطري على كل شيء في حياتك بدون مرونة... السيطرة على النتيجة أهم من السيطرة على كل خطوة من الخطوات... فمثلا في عملك إذا ما أردت طباعة شيء ثم تعطلت الطابعة، فمن العبث الإصرار على استخدام هذه الطابعة في وجود طابعات أخرى تعمل، أليس كذلك؟
مهاراتك الاجتماعية سوف تتحسن وعلاقتك بخطيبك سوف تزدهر إذا ما تركت هذا التصلب ومرنت نفسك على المرونة والتقبل... بدون هذا سوف تخلقين من نفسك ما تكرهينه في النساء... فكرى في الأمر.. لقد فعلت جزءًا من هذا فعلا وآن الأوان لتصحيح الوضع.
وفقك الله وإيانا لما فيه الخير والصواب
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي الابنة العزيزة أهلا وسهلا بك على موقعنا مجانين وشكرا على ثقتك، ليست لدي إضافة بعد ما تفضل به مجيبك المستشار علاء مرسي غير أن أحيلك إلى قراءة حكايتين من حكايات أصحاب مجانين إحداهما هي : لأنني بنت : فقدت طعم الحياة مشاركة7 وتابعي سلسلتها حتى تصلي إلى أصل المشكلة لأنني بنت: فقدت طعم الحياة، والحكاية الثانية هي حكاية بهدلة التي أصبحت منار، وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين فتابعينا بأخبارك.
ويتبع >>>>>>>>>: صعوبات اجتماعية : لأنني بنت! م