فتيات فتيات
أرسل هذه الرسالة ولست منتظرة الرد عليها ولكنى أكتب عسى أن أساعد نفسي في التفكير وأنا أكتب.......
أنا مشكلتي الأساسية في البنات في زماننا ده تجد الفتيات في أوضاع وأشكال كثيرة وعشان أبقى صريحة........ حلوين..... إنني لا أكف النظر على أي بنت حلوة وأحس بشيء غريب مش عارفة غيرة ولا إيه حتى بنات الإعلانات والتليفزيون والمغنيين علما بأني لست سيئة وعلى قدر ليس سيئ من الجمال ومتدينة ومحجبة ولكنى أحيانا أدخل إلى حجرتي وألبس أي لبس مما أراه وأترك شعري وأحاول أقنع نفسي أنني مثلهم وأحسن ولكن الفرق أنهم يظهرون ما عندهم..........
صدقني حاولت أن أكون مثلهم ولكن لا أشعر بنفسي سوى ما أنا عليه وللعلم أن تقاليدنا تمنع كل هذا وأنا لبسي محترم وشيك.............. المشكلة أنني أصابني إحساس بعدم الرضا عن نفسي خاصة عندما أجلس مع حبيبي وتمر فتاه ينظر إليها ويقول لي: "شايفه المزة دي؟! كأني لست فتاه مثلها..........
إنني امتنعت عن مشاهده أي كليب في التليفزيون أراهن أن هذه المشكلة ليست مشكلتي وحدي
إلى بقية.................
07/10/2003
رد المستشار
الأخت السائلة العزيزة أهلا وسهلا بك، وشكرًا على ثقتك في صفحتنا؛
الحقيقة أن مشكلتك هي واحدةٌ من المشكلات القليلة التي نجد أنفسنا واقعين في شباك التفكير فيها، وهذا ما يتناقض تماما مع قولك في أول إفادتك (أرسل هذه الرسالة ولست منتظرة الرد عليها ولكنى أكتب عسى أن أساعد نفسي في التفكير وأنا أكتب)، لأن رسالتك هذه أهم من رسائل كثيرةٍ في وجهة نظرنا نحن أعضاء فريق استشارات مجانين، أتدرين لماذا؟ لأنها تأتي أولاً: من مسلمةٍ نابهةٍ صادقةٍ مع نفسها، ومعنا حين تحكي لنا عن معاناتها، ومعاناتها من ماذا؟ من مشاعر كل أنثى طبيعية تحاول الالتزام بدينها وأخلاقها وقيمها في زمانٍ أصبح فيه الالتزام بأي شيء صعبا، إلا بمعاناةٍ نسأل الله أن يجزيك الخير عليها.
ولأنها تأتي ثانيا: في قلب أحد اهتماماتنا الحالية وهو ما أسميه فخ الصورة، ذلك الفخ الذي وقعنا فيه جميعا، فنحن كما تعرفين في العالم الحديث نعيش عصر ثقافة الصورة، حيث دخلت الصورة في كل شيء وأصبحت أحد أهم وسائل التعبير شئنا أم أبينا وأحد أهم وأنجح وسائل الإعلان والدعاية شئنا أيضًا أم أبينا، وصحيح أنك تتكلمين في إفادتك هذه عن أنواع مختلفة من الصور،بعضها صور الأجساد الحية وبعضها هو ما أشرت إليه من صور الفيديو كليب والتليفزيون، وبعضها مما لم تذكريه هو صور المجلات وإن كنا نعرف أنك أيضًا تفضلين تجنب تصفح المجلات التي تعرض أجساد الإناث ضمن أي نوع من المحتوى، ولعل ما نهتم به خاصةً في بحثنا المسمى بفخ الصورة هو الأثر الذي تتركه رؤية الصور غير الحية (بما فيها التليفزيون والفيديو كليب وصور المجلات والصحف) على الذات البشرية، ونحن نعتبر مشكلتك هذه هي أول مشكلة في هذا الملف الذي ننوي إنشاءه على صفحتنا.
وهناك فرق كبير واختلاف شاسع بين ما كان عليه حال الناس قبل طغيان ثقافة الصورة، فرغم أن الأجساد الحية الحلوة كانت موجودة طبعا منذ أن خلق الله البشر وإن لم تكن بهذا العري أو الستر المغوي الذي نراها عليه الآن بالطبع إلا أن ما تفعله الصورة في عصرنا الحالي في وعينا وإدراكنا لذواتنا وذوات الآخرين من حولنا هو فعل متشعب وعميق، ولذلك شاع عدم تقبل الجسد وعدم تقبل صورته في معظم فئات الناس خاصةً في صغار السن وفي البنات بالطبع أكثر مما هو في الأولاد، وسنكتفي هنا بتنبيهك إلى أن أسوأ ما فعلته الصورة (خاصة صورة جسد المرأة) هو أنها قلصت من مساحة الخيال الجميل الذي كان يحتل مساحة مهمة جدا، لم تعد تحتفظ بجزء منها إلا الفتاة المحجبة.
وننبهك أيضًا إلى أن الصورة رغم كونها تعبيرًا عن لحظة لا تتكرر أبدًا بالنسبة لصاحبة الصورة وقت التقاطها، إلا أنها تستقبل دائما أبدًا من الآخرين على أنها تمثل جسدًا حيا يمكن أن يكونَ أو أن يعتبر مثالاً يحتذى، أي أن الصورة رغم أنها تعكس لحظةً سكونية لا تتكرر أبدًا في الحقيقة، إلا أنها قد تمثل بالنسبة للرائي لحظات عذاب طويلة (قد تمتد سنوات معه) لا ذنب له فيها إلا رغبته في أن يكونَ أو تكونَ كالتي في الصورة، ولكي لا نبتعد بك عن حالتك في تفاصيل فلسفية ستقرئينها قريبا على موقعنا.
فإننا سنعود إلى إفادتك لنناقشها نقطةً نقطة، فأنت بمنتهى البراءة تقولين: (إنني لا أكف النظر على أي بنت حلوة وأحس بشيء غريب مش عارفة غيرة ولا إيه حتى بنات الإعلانات والتليفزيون والمغنيين علما بأني لست سيئة وعلى قدر ليس سيئ من الجمال ومتدينة ومحجبة، ولكنى أحيانا أدخل إلى حجرتي وألبس أي لبس مما أراه وأترك شعري وأحاول أقنع نفسي أنني مثلهم وأحسن ولكن الفرق أنهم يظهرون ما عندهم)، ونحن لا نرى في ما تفعلينه إلا تعبيرًا عن أزمة الطبيعي أن تمري بها، وأن تؤجري عليها من الله، لكننا نخاف من جزئيتين
إحداهما تظهر في هذا الجزء من إفادتك وهي أنك تشكين في جمالك، وتحاولين إقناع نفسك بأنك جميلة!! طبعا مقارنةً بالكاسيات العاريات، وتبدين كمن يجول بخاطرها أحيانا أن تنزع الحجاب وهو ما يتضح من قولك (صدقني حاولت أن أكون مثلهم ولكن لا أشعر بنفسي سوى ما أنا عليه)، وهنا أجد نفسي مضطرًا أن أحيلك إلا رد سابق على صفحتنا استشارات مجانين بعنوان: نقاب فعباءة فبنطلون!! إحترس من حواء، لتعرفي منه الغرض من الحجاب.
ونكتفي هنا بأن نشير إلى أن الجمال الذي يتلقاه الرجل من المرأة يزداد كلما ازدادت سترا وليس العكس! وهذه مفارقة لا يدري بها الكثيرون، وأنك باتخاذك الستر إنما تثرين الخيال الجمالي لدى من يراك، وكل امرأة نابهة العقل تعرف ذلك، فلا داعي إذن للشك في قدرتك على إبراز جمالك وقت ما تشائين ولمن تشائين مادام حلالا، وليس في ما تفعلينه في حجرتك شيئا حراما!
نصل بعد ذلك إلى أكثر الأجزاء حساسية بالنسبة لك في إفادتك وهو قولك (المشكلة أنني أصابني إحساس بعدم الرضا عن نفسي خاصة عندما أجلس مع حبيبي وتمر فتاه ينظر إليها ويقول لي : (شايفه المزه دي؟! كأني لست فتاه مثلها)، وسنقسم ردنا عليك هنا إلى قسمين:
يتعلق الأول بعدم رضا الأنثى عن صورة جسدها، والثاني بسلوك حبيبك هذا الذي لا ندري هل له وصف آخر أم لا(كخطيب أو زوج مثلا!!).
فأما قولنا في عدم الرضا عن صورة الجسد: ففي مثل هذا المناخ الذي تعيش فيه المرأة في أيامنا هذه، والذي تتجه فيه مقاييس الجمال المعروض في الصورة بشكل دائب نحو ما لا تستطيع المرأة الطبيعية الوصول إليه من مقاييس دقيقة للجمال اللهم إلا في نسبة الخمسة بالمائة من النساء حسب الدراسات الغربية كما ذكرت لك من قبل، وذلك فقط حسب الوزن والحجم، ولو أننا أدخلنا معايير الجمال بالنسبة للوجه والشعر مثلاً فستقل النسبة عن الواحد بالمائة، في مثل هذا المناخ تصبح محاولة المراهقة للوصول بصورة جسدها إلى المستحيل بعيد المنال، ويصبح عدم رضاها عما تراه في المرآة إذا نظرت لصورتها هو رد الفعل الطبيعي وليس رد الفعل المريض.
فمثلا بعد سن الثامنة عشرة فإن أكثر من80% من النساء في الدول الغربية غير راضيات عن صور أبدانهن، وعادة ما يرين أنفسهن أضخم وأقبح من الحقيقة وهو ما أشرت إليه في آخر سطور إفادتك بقولك (أراهن أن هذه المشكلة ليست مشكلتي وحدي، إلى بقيه...)، وأحيلك هنا إلى إجابة سابقة لنا على صفحة مشاكل وحلول للشباب تحت عنوان: أسطورة الريجيم ".. ووهم "فتاة الغلاف"، فستعرفين منها كيف تعقدين الصلح مع ذاتك وجسدك.
وأما قولنا في سلوك حبيبك (الذي نتمنى أن تكونَ علاقتك به في الإطار الشرعي)، فإنه في الواقع قد يفسر على عدة وجوه منها ما هو حميدٌ مثل أنه يريدك أن تهتمي بمظهرك أكثر، أو أنه يريد وعدا بذلك أو أنه يريد لفت نظرك لشيء ما مثلاً، ومنها ما هو بمثابة الضوء الأحمر الذي ينبغي أن تنتبهي له لكي لا تقعي في شراك دوامة لا خلاص منها بعد الزواج، مثل أن يكونَ يحاول تقليل ثقتك بنفسك تجاهه من خلال مقارنتك بالأخريات أي أنه يعتبر تكسير المجاديف (كما تقال بالعامية) أسلوبا للتعامل معك أو أن يقول أنه رغم أنك لست على نفس القدر المشار إليه في تلك "المزة" إلا أنه يريدك وكأنه يقول لك رضينا بال...، أو أنه يريد منك الالتزام بصورة جيد معينة عليك ألا تفقديها بعد الحمل والولادة مثلا.
أو أنه يعلمك منذ البداية أنه ليس ممن يغضون البصر، وأنه لن يسمح لك بأن يقل جمالك عن مستوى معين!، المهم أن عليك أن تعلمي أن انتهاجه لهذا الأسلوب إذا استمر فيه يعني أنه الأمر سيزيد بعد الزواج، فإذا كان الأمر جارحا لك بهذا الشكل الآن فإنه سيكون أكثر جرحا وإيلاما بعد الزواج.
إذن فما يحب عليك الآن بدلا من الشعور بالإحباط واللجوء إلى جلد الذات أن تعربي له بوضوح وبمنتهى الجدية عن رغبتك في معرفة مقصده من مثل تلك التعليقات، وأن تعربي له بوضوح أيضًا بغض النظر عن رده الذي غالبا ما سيكون اعتذاري اللهجة والمحتوىـ عن ما تستنتجينه من تلك التعليقات، وبوضوح أيضًا عليك أن تسأليه عن مدى أهمية غض البصر في رأيه كمسلم، ولعلنا نجد قبل ذلك من المفضل أن تقرئي الإجابات السابقة على صفحتنا استشارات مجانين والتي تتعلق بأسس اختيار شريك الحياة وأيضًا بالقواعد العامة للتعامل بين الزوجين، وذلك تحت العناوين التالية:
اختيار شريك الحياة هل من ضابط
السن المناسب للزواج
مدافع عن حقوق المكتئبين
التوافق بين الزوجين : قواعد عامة
وفي النهاية نسأل الله لك ثباتا على قيمك ومبادئك، وأن يوفقك الله في الوصول إلى الرضا عن جسدك وعن ذاتك، وأن يكونُ حبيبك زوجا مناسبا إن شاء الله
وأهلا وسهلا بك وتابعينا بأخبارك فنحن في انتظار متابعتك وفي انتظار البقية التي وعدتنا بها.
ويتبع>>>>>: فخ الصورة : أول الملف م