ضيق من حياتي وموت
السلام عليكم؛ مشكلتي لا أستطيع سردها في حالة أو كلمات ولكني سأوجزها لكم في تقسيمات وهي كالتالي: تاريخ المشكلة والأعراض والأدوية التي استخدمتها ومدى تأثيرها ثم الظروف الاجتماعية التي أدت إلى المرض وتشخيص الأطباء للحالة والأفكار الداخلية التي تتفاقم معها الحالة:
أولا التاريخ المرضي
كنت متربي في دولة من دول الخليج حتى انتقلت للعيش في مصر لكي ألتحق بالجامعة وعندما أتيت إلى مصر من اثنتي عشرة عام كنت في البداية واجهت صعوبة بالغة في التكيف مع عادات المجتمع الجديد بالنسبة لي مما أدى بي إلى الانطواء نوعا ما والسبب أنني كنت غير مستمتع بالعلاقات الاجتماعية التي خلقها لي المجتمع مع العلم أنني كنت منطوي نوعا ما في الدولة التي تربيت فيها نظرا لما فيها من من تمييز بين الجنسيات ولكن مع بلوغي مرحلة الثانوية تخطيت هذا الانطواء.
المهم وبعد وصولي لمصر وعدم قدرتي على التكيف مع المجتمع المصري بسنة جاءني أول مرض نفسي عرفته في حياتي وكان نوبة هلع تلاها اكتئاب حاد وخوف من الموت وترقب له في أي وقت فأصبحت جليس المنزل ولا أغادره وزاد اكتئابي خاصة أنني كنت غير متعود مطلقا على مثل هذه الأعراض وكانت الحياة وردية جدا وكل اعتمادي على أبي وأمي في كل شيء المهم مع الألم الذي سببته لي هذه الحالة بدأت في خلال سنة تقريبا من إصابتي بها بتخطيها بنفسي وبإرادتي وقد بدأت على مدى سنة بتخطيها تماما وذلك لاكتشافي العيب الشخصي الكامن في نفسي الذي أوصلني إلى هذه الحال حيث كان الاكتئاب في السابق قبل أن أصاب به حقيقة نوع من الترفيه والاستمتاع بحالة من الشجن إلى أن ذقته وعرفت بأنه مرض لا يلاعب من يصاب به حتى تخطيت الأزمة وذلك بمحاولة مني من عند الله حيث تعرفت على فتاة ولم أكن أحبها من كثرة مرضي إلى أن تقربت منها بالتدريج حتى أحسست لأول مرة في حياتي بالحياة الحقيقية وأحببت الحياة وتركت المرض والاكتئاب.
وقد جعل حبي لها بأن أكتشف عيوب شخصيتي الحقيقية من انسحاب وانعزال وانطوائية وعدم مسئولية ولكني يوم أن أحببتها تركتها لأنني أحسست بأنني مهان من المرض والانكسار فأول ما فعلته لحظة حبي لها وهي لحظة شفائي من المرض بأني جرحتها وتركتها حتى بالتدريج أصبحت أفكر فيها بدل ما أفكر في الهلع والخوف من الموت إلى أن شفيت تماما وأصبحت إنسان اجتماعي قادر على بناء علاقات بل وكرهت البلد التي تربيت فيها حيث أنني أحسست بقوتي هنا أكثر ورجولتي ولكني كنت أحن إليها الفتاة كل يوم في بالي وتغيرت وتغيرت وتغيرت إلى أن أصبحت إنسان مناسب حتى صارحتها بالحب وهي كذلك بعدما تركتها بسنة وأحبتني جدا ولكني فجأة داهمتني حالة جديدة ولكن لم تأتني إلا بعد أن تركتني تلك الفتاة ولكن حالتي هي التي أثرت على علاقاتي ونفسي وهي حالة من الاكتئاب ولكن اكتئاب هوسي أي أنني أتألم من الداخل جدا ولا أحس بالأشياء وأقدرها تقديرها الحقيقي مع وسواس في الشخصية بأنني إنسان ضعيف وفي كل تصرف يأتيني ألم نفسي وعدم قدرة على فعل أي شيء مهما كان بسيطا وذلك من كثر الألم والاكتئاب ولكنه اكتئاب غير مغمور باليأس والمشاعر الانتحارية لا اكتئاب بسبب أحساس داخلي بالعجز وعدم القدرة على الاندماج في أي شيء وذلك لفقداني الشعور الداخلي بالتوازن والإحساس بالأشياء مع تعاسة غامرة في نفس الوقت سعادة متضادة معها حتى أنني كرهت نفسي ولا كنت أعترف بالعلاج النفسي لأنني كنت أظن بأن أسوأ حالة ممكن تصيب إنسان هي الهلع.
ولكني ذهبت وعرضت نفسي على الطبيب ولكني كنت عاجزا عن وصف ما بي وكتب لي فورتين اوراب وبركينول وزاد عني الهوس والاكتئاب وعدم إحساسي الداخلي بنفسي أو ذاتي حتى أنني أتذكر بأنني كنت أتمنى حالة من الهلع لكي ترجع لي توازني وإحساسي بالخوف حيث أنني كنت لا أحس بهذه الأشياء حتى غيرت الطبيب والعلاج وقال لي الطبيب الجديد أنني أحتاج إلى جلسات تفريغ نفسي بالإبر قبل أن يصف لي الدواء لأنني أحتاج إلى تفريغ نفسي أكتر من احتياجي للدواء وفعلا جلسنا تسع جلسات وقال لي أنني مصاب بالاكتئاب وأحتاج إلى خمس حبات من التفرانيل 25مج وفعلا بعد أخذي للتفرانيل تحسنت تماما تماما وأخذته مدة السنتين بل وعرفت أنني كنت أصلا مريض من بعد شفائي من دون طب لنوبات الهلع وأن شفائي هذا ما كان إلا تعودا على المرض مما ظننته شفاء حتى تخرجت وكنت قد تركت التفرانيل بعدما واظبت على علاج أسمه إفيكسور لمدة أسبوعين وتركته لأنني لم أكن أحتاجه ولم أذهب للطبيب وحقيقة كنت قد شفيت تماما تماما.
وفي فترة علاجي أحسست بالحنين لمن أحب حيث أنني عندما هلت علي بوادر الشفاء كنت أتصالح مع نفسي وأقول لها بأنني أحب هذه الإنسانة من كل قلبي وفعلا كنت قد رجعت لها ومع أخذي للتفرانيل كنت أنسانا طبيعيا تماما حيث كنت أحس بأشياء في داخلي جميلة لم أكن أدركها حتى تحولت العلاقة إلى علاقة نصف وليس كل جنسية علاقة جنسية ولكني كنت لا أهتم كثيرا بالجنس وكان ولازال عندي عقدة داخلية لا أستطيع مصارحتها بها وهي أنني كنت سمين جدا حيث كان وزني 125 كيلو إلى أن جئت هنا للدراسة ونزل كل وزني عدى الترهل الواضح للثديين بشكل فظييع جدا ولكني كنت البس من اللبس ما يداري هذا العيب وفجأة بعد العلاقة النصف جنسية بيني وبينها أي تباوس ولمس من تحت الملابس وبعد تبطيلي للدواء وكنت خاطبها أثنائها عندما تحولت العلاقة إلى علاقة شبه كاملة عدى أني أبقي على عذريتها وجدت نفسي متألما من الداخل بسبب موضوع الثديين هذا ولم أستطع أن أشلح من فوق وعرفت هي ولكن ليس بشكل كامل ولكني بدأت أنفر منها وأصبحت لا أطيق رؤيتها وكأنها مسؤولية ثقيلة على كاهلي وخاصة بعد تبطيلي للدواء بما يقرب السنتين ووجدت نفسي لا أرغب في التقرب منها ولحظة إحساسي بقرب زفافي منها كنت أجد نفسي لا أستطيع أن أربط نفسي بزوجة وكان السبب ألم داخلي من موضوع الترهل هذا ولكني كنت أتناساه.
المهم أصبحت أنفر وأنفر من العلاقة ورفضت الجنس إلا في حدود العادة السرية وخاصة بعد أن هاجمتني نوبة من الهلع وأنا معها حتى أنهيت العلاقة الجنسية نظرا أيضا لأن طبيعتي لا تتركب مع الخطأ حتى تخرجت وبدأت في رحلة البحث عن عمل وبعد سنة من تخرجي فسخت الخطبة نظرا لفشلي في البحث عن عمل ولم أكن أملك شقة حينها وعندما فسخت الخطبة المصيبة الكبرى أني لم أكن حزينا على فسخ الخطبة بل جاءني أحساس بأن حياتي ستمشي نحو الأفضل وظللت ثلاث سنوات كل يوم أتذوق المر للبحث عن عمل بالإضافة إلى أن طبيعتي ليست من النوع الذي يستطيع أيجاد قوت يومه ويتحمل المهانات في سبيل اللقمة حيث أنني بطبيعتي ليس لي طموح إلا طموحات طفولية غبية مثل أن أكون مشهور أو رجل أعمال وبالتالي لم أفعل قدر استطاعتي لبناء مستقبل وكنت عندما أجد عملا لم أكن أستطيع الاندماج فيه والدخول في بحره بل كنت أفرح قليلا لإرضاء الجانب العاطل عندي وما أن ينفي فرحتي بعد إشباع الجانب الوظيفي حتى أجد بأنني لا أستحق هذا العمل حتى يئست تماما من الحصول على وظيفة محترمة وكان هذا على مدة ثلاث سنوات في الغربة ولكن مع أبي وأمي إلى أن جاءني المرض التالي وهو ما بعثت إليكم لأجله ألا وهو كالتالي:
التاريخ:
من عشرة شهور البداية كانت انسحاب تدريجي من جميع علاقتي الاجتماعية وزهد وعزلة حيث أجد أن لا فائدة من الكلام أو النشاطات المفرحة ومن التفاعل مع الناس ثم ناوبتني حالة هلع ولكن من نوع مختلف حيث كان مدتها عشرة ساعات متواصلة وشعور قاتل بالكآبة واليأس تماما من الحياة إلى أن ذهبت إلى طبيبي ووصف لي خلطة من الأدوية حيث شخص الحالة على أنها هلع مع اكتئاب ووصف لي الزولام نصف حبة وحبتين فلوزاك ونصف تفرانيل وواحدة بوسبار وفي اليوم الرابع من تناولي وجدت نفسي لا أدري بنفسي حيث أصبت بحالة من الخفة وعدم الشعور بوجودي أصلا وبإحساس قاتل بالمرض والتشنج حيث كان مخي مليء مليئا بالخوف من نفسي ومن كل شيء وأن الحياة انتهت هنا والآن في هذه اللحظة وأصبحت لا أغادر المنزل وشعور قاتل بالكآبة الحقيقية التي لم أعهد مثلها.
المهم طبعا قطعت العلاج بعد يومي الرابع وأخذت فترة الأسبوع لكي أستعيد توازني من هذه العقاقير حتى استعدت جزء بسيط من التوازن ولكني أصبح عندي عقدة حقيقية من العقاقير وأصبحت في المنزل دائما وأنظر لكل من حولي بأنهم في عالم وأنا في عالم حتى خضت رحلة البحث الداخلي في الذات وعيوبها لكي أصل إلى السبب ولكن هيهات وأصبحت خائفا باستمرار من كل شيء حتى نفسي والأكل والنوم وكل ما يتعلق بالحياة من الاستيقاظ صباحا حتى تعقدت تماما من الطب النفسي بسبب عدم استطاعتي تقبل فكرة أنني مريض ثانيا إلى أن مضى ستة شهور على حالتي هذه وكانت أعراضها غير أعراض نوبات الهلع التي أعرفها وذلك كالتالي نزول التنفس مع أحساس بالخفة في الجسد والخواء وعدم قدرة عقلي على استيعاب الأشياء ولا على التفاعل مع أي شيء وخوف وضيييييييييييق غريب والقلب نبضه خفيف جدا في أثناء هذه الحالة وبالتالي تمعني هذه الحالة عن النزول والاختلاط حيث أنني أصبحت لا أستطيع الاختلاط بالأغراب أبدا وأحس بأنني تعبي الداخلي مكشوف للجميع. وأصبحت متربصا لها.
أما التفكير الداخلي والأفكار والأعراض النفسية كانت كالتالي حالة شك ديني في الذات الإلهية إلى أن عرفت أن هذا في حد ذاته مرض والإحساس بعدم وجود رب والاستيقاظ فجرا على خزعبلات وتخاريف داخلية مثل ما معنى يد من أنا؟ أين أنا هل أنا سأتزوج ويكون لي بيت هل أنا أموت أم أتجنن ثم أنا م بعد الصلاة وهذيان التخاريف لأستيقظ على اكتئاب قاتل ما معنى الحياة وهكذا مما أقعدني في المنزل والفرق بين هذه الحالة وحالة الهلع السابقة التي أسردتها أن حالة الهلع السابقة كانت تأتي ثم بعد أن تذهب يعود الإنسان إلى حياته الطبيعية تماما هذا بالإضافة إلى اختلاف الأعراض أن حالة الهلع تأتي مع تعرق وخوف لمدة نصف ساعة بالكثير أما هذه لا تأتي مع التعرق وسرعة النبض ثم الإحساس بالراحة لأنها تأتي بخفة في الجسم وأرى أفكاري لا أتحملها أصلا مثل لا أستطيع حتى سماع أي صوت عندما تأتيني وأظل في تخاريف حيث بالكاد أستطيع تحريك رجلي وقدمي بالإضافة إلى حالة من الاستغراق في عيوب الذات الشخصية وعدم الإحساس الداخلي بكياني والقدرة على التعايش مع الأمور والاندماج حيث أجد أن حديثي الداخلي لنفسي هو الذي يغلبني.
ثم يأتيني الإحساس بعدم القدرة على التنفس وتخاريف ولا أستطيع التفكير وقتها أو التفاعل مع طفل حتىّ! مما أقعدني في المنزل وجعلني لا أستطيع النزول إلا مع أحد من أهلي وألا أحس بالخوف لأني أصبحت متيقنا بأني غير قادر على السيطرة على نفسي حتى ذهبت إلى طبيبة نفسية في الإسكندرية هنا وحكيت لها ما أعاني من اكتئاب وخوف من كل شيء وعدم الإحساس بذاتي مما أفقدني القدرة على التحكم في نفسي وأفكاري وأصبحت جليس الفراش حتى شخصت حالتي بأنها اعتلال في المزاج مع قلق نفسي مزمن ووصفت لي ستابلون ثالث حبات أنا اعلم أنه خفيف جدا بالنسبة لحالتي هذه وأخذته وهدأ جزء بسيط من الأعراض.
وبعد شهرين أشرت عليها أنا بالسيبرام وقالت لا مانع خذه فهو يعالج الهلع والأعراض الاكتئابية التي تعاني منها وأخذته ولي الآن قرابة الستة أشهر وأنا أخذه ولكن المشكلة انه فعلا بدأ يعالج نوعا ما يعالج الأعراض الانسحابية وحالة الخوف والاكتئاب ولكني لا زلت لا أحس بمحمد أو بأنا الداخلي حيث أن الدواء عالج الأعراض الجانبية للمرض الأصلي ولكنه لم يعالج الإنسان الداخلي لأني أحس بأنه في أول شهر للدواء كان يوجد شخص يهينني من الداخل ويحقر بي حتى أنني بعد استعمالي للدواء وخاصة مع انعدام ميلي لأي علاقة عاطفية ولا أعلم هل هذا بسبب المرض أم عيب في من الداخل حيث أنني أتذكر أنني عند لحظة الجنس كنت أحب هذه اللحظة ولكني كنت أعاني داخليا لا أعلم لماذا وكنت أنفر من العلاقات الحميمة بعد مرضي هذا.
وقرأت كم مقالة عندكم للشواذ وجاءني وسواس بأني قد يكون سبب مرضي هذا أنني شاذ والعياذ بالله ولكني أدركت حقيقة نفسي نوعا ما والحمد لله ولكني أشك بأنني مصاب بالفصام وذلك بسبب عدم ميلي إلى العلاقات الاجتماعية العاطفية خاصة وأحس بالكره لها برغم حبي السابق لها جدا بالإضافة إلى خوفي الشديد من الأعراض التي تفقدني تفكيري هذه وأظن بأنها أعراض ذهانية وخاصة مع عدم احتمالي لي شيء عندما تأتيني هذه الحالة وأحس بضيق وعدم قدرة على تحديد معالم نفسي حيث أكون غارقا تماما والدواء عالج الأعراض الاكتئابية والانسحابية والهلع نوعا ما ولكنه قضى تماما على الرغبة الجنسية والميل العاطفي أصلا وقضى على الإحساس الداخلي للذات.
حيث أنني أحس دائما دائما بحلقة مفقودة في نفسي من الداخل وفيها ألم داخلي باني حقير أو لا اعرف كيف أوصف حقيقة أو كأنني إنسان جبان لا يستطيع العيش والانخراط في المجتمع حيث أنني أصبحت إنسان اعتمادي على الآخرين من أهلي ولا أحس بمسؤولية بأنني يجب أن اعمل أو يكون لي مستقبل ليس هذا بسبب اليأس ولكن بسبب الاستغراق في الاهتمام بالذات وعيوبها حيث أعاني من تشوه تام في صورة الذات وأحس بأن ما ستشخصه على انه هلع يا دكتور أرى أن هذا الهلع هو عرض جانبي لمرض أخر ولا أعلم ما هو يا دكتور حيث أنني لا أثق بهذه الطبيبة بتاتا بسبب أنني أنا الذي أشرت عليها بالسيبرام والحمد لله تحسنت 40% تقريبا إلا أنني لا زلت يأتيني وسواس داخلي بأنني لست رجل وله الحق في العيش والزواج وهذه الأشياء بل شاذ أو جبان هكذا والله الموفق يا دكتور وائل لأنني معجب بأفكارك لدرجة أنني شككت انك كنت مريض نفسي حيث أنني وجدت تعمقك في فهم المرض والإحساس به بدرجة المجرب ولا تؤاخذني وشكرا.
فأرجوا الإجابة عن تساؤلي هل هذا الدواء المناسب لحالتي لأنني لم أثق بهذه الطبيبة الا بسبب أنها تكتب الأدوية الخفيفة التي أستطيع تحملها وهل أنا مصا بانفصام أم ماذا بالضبط يا دكتور وائل وشكرا جدا، وأرجو من قراءتك لحالتي إشارتك لي بالدواء المناسب وسوف أرجع لها وأشور عليها به يا دكتور وشكرا.
ملحوظة: بعد تزويدي للجرعة من شهرين لحبيتين سيبرام وذلك بسبب أنني أحسست بحالة من الانسحاب جاءتني الأعراض التالية حالة يأس مع نعاس ثم تتلوها بثواني قليلة حالة من الاكتئاب والخوف ونفس الأعراض وتفكير اكتئابي عام في الحياة حيث أحس بأنني لا فائدة من الكلام حيث أحس بأن حالتي استقرت عند التفكير الاكتئابي وليس الاكتئاب أي لا فائدة من العمل وما معنى نجاح وخوف واستثارة من الأصوات العالية وشك ديني باستمرار ولكن ليس وسواس لا يقين تقريبا بسب الذات الإلهية والعياذ بالله وبأنني مظلوم في هذه الحياة ولا فائدة من مراجعة طبيبي وهكذا
أنتظر إجابتكم
وشكرا.
29/09/2006
رد المستشار
أخي العزيز "محمد"
تحية طيبة لك ومعذرة لتأخري في الرد عليك لسببين أحدهما أن رسالتك طويل جداً والمفاهيم فيها غير واضحة بل ومتداخلة في بعضها، والسبب الثاني هو وصول استشارتك لي في شهر رمضان المعظم حيث يتزاحم فيه العمل مع المرضى -وهو عبادة بالنية- مع العبادات الجسدية والنفسية الرمضانية الموسمية.
المهم بعد هذا الاعتذار، أرجو أولاً أن أوضح مفهوم الاكتئاب الهوسي المختلط وأحياناً نطلق عليه: "الاضطراب الوجداني الثنائي القطب-الحالة المختلطة" Bipolar I Disorder Mixed State، وفيه يجمع المريض بين حالتين نفسيتين متناقضتين في نفس الوقت أو قد يفصلهما دقائق أو ساعات أو أيام قليلة، -وقد يكون الوقت الفاصل بين الحالتين النفسيتين المتناقضتين عدة أشهر أو سنوات وهنا لا تكون الحالة مختلطة، بل حالة هوس أو حالة اكتئاب بصورة منفصلة- وتستطيع أن ترى أحد هؤلاء المرضى حزيناً مكتئباً منطوياً منسحباً فاقداً للرغبة في الحياة وبلا أمل في الحياة شاعراً بالظلم والهم والغم وسواد في سواد ثم فجأة تجد نفس المريض ضاحكاً مبتسماً.
بل وشديد التألق يحكي النكات الساخرة ويتحدث في المفيد وغير المفيد، المهم ألا يتوقف عن الكلام، وذلك فقط بعد عدة ساعات أو أيام وقد يتهكم على الآخرين وينتقدهم نقداً لاذعاً مؤلماً، وفي هذه اللحظات السعيدة بالنسبة للمريض تزداد الرغبة في الحب والجنس أيضاً وتصبح الحياة وردي وبمبي وبكل الألوان المبهجة في الحياة، لذلك يصبح المريض سعيداً بهذه المرحلة من حياته، ولكنه قد يفقد في هذه المرحلة الكثير من الأصدقاء لنقده وتهكمه وتطاوله على الآخرين أو لتجاوزه لحدود اللياقة في المعاملات، وقد تزداد حدة هذه المرحلة فيصاب المريض ببعض ضلالات العظمة والقوة أو الاضطهاد فيشعر أنه أذكى من الناس أو أنه في مصاف الأنبياء والصفوة من البشر إذا كان متديناً قبل مرضه!!!.
وهذا يفسر اختلاف المزاج والفكر والسلوك لديك في شكل نوبات تحب فيها الجنس الآخر، بل وتبني علاقات تصل للرغبة في إتمام الزواج والرغبة في ممارسة الجنس مع من تحب، أما موضوع الشذوذ الذي تفكر فيه فأنت بعيد عنه تماماً، ولكنك عندما يداهمك الاكتئاب تفقد الاهتمام بمن تحب وتفقد الرغبة في الجنس والحب والزواج وتنسحب وتنزوي وتصبح منطوياً كارهاً الجلوس مع الناس حتى المقربين إليك منهم، وقد يزيد الرهاب الاجتماعي والمخاوف ونوبات الهلع والتردد والوساوس على المريض في مرحلة الاكتئاب ويشعر أنه ضائع الذات وعديم القيمة والفائدة، غير قادر على التفكير، ولا أمل له في المستقبل ولا معين ولا نصير له في الحياة، وأن الموت أحياناً أفضل بالنسبة له من الحياة، ويلوم المريض نفسه على أشياء تافهة صدرت منه - لا تستحق اللوم على الإطلاق من وجهة نظر الشخص العادي، وهذه المرحلة من أسوأ المراحل في حياة المريض المصاب بالاضطراب الوجداني ثنائي القطب، والطبيب النفسي الماهر هو الذي يجعل مريضه يجتاز هذه المرحلة بأخف الأضرار، وهذا بالطبع يحتاج إلى تعاون من المريض نفسه كي يجتاز هذه المرحلة بسلام ويسر، وهذا يفسر لك اختلاف الأدوية التي وصفها لك الأطباء من أوراب فورت، وهو مضاد لذهان الهوس عند إصابتك بحالة الانبساط والسعادة بصورة مرضية غير طبيعية وملفتة لأنظار من حولك، ثم فلوزاك وتفرانيل كمضادين للاكتئاب عندما أصبحت مكتئباً ومنطوياً وتعساً، وكذلك الإيفكسور كمضاد جيد للاكتئاب، أما البوسبار والزولام فهما للهلع والمخاوف المصاحبين للاكتئاب، ولكن هذه الخلطة من الأدوية قد لا تناسب بعض الحالات كما حدث معك.
أما جلسات العلاج النفسي فهي مفيدة في معظم الاضطرابات النفسية وبالذات إذا كان المريض واضحا وصريحا مع معالجه النفسي، ولا يحاول أن يكذب على نفسه وعلى طبيبه المعالج، لأن وصول المريض إلى فهم حالته وبوضوح، ومعرفة ما قد يساعد على حدوث انتكاسة مرضية له، وكيفية إجهاضها مبكراً، وبالذات لمن يعانون من الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، ويريدون بالفعل الوصول إلى فهم مرضهم وذواتهم وعلاج الأعراض النفسية التي يعانون منها؛ هم جميعاً المحصلة والغرض من الذهاب للطبيب النفسي طلباً للعلاج والشفاء.
أخي وبلدياتي "محمد" من المهم أن يثق المريض النفسي في كفاءة وخلق طبيبه المعالج وإلا فعليه أن يذهب لغيره حتى يجد من يثق به ويستمر معه، فهذا المرض غالبا ما يكون مزمناً، ولا أنصح من يعاني منه: بكثرة تغيير الأطباء المعالجين؛ لأن الطبيب نفسه يحتاج عددا من الجلسات ليتفهم طبيعة مريضه ومدى تأثير العقاقير النفسية عليه، وكذلك ليتفهم كل الظروف المحيطة والمؤثرة على المريض؛ وليشعر المريض أيضاً بعدم الحرج في ذكر كل ما يضايقه ويؤلمه في أكثر الأمور الحياتية دقة وحساسية لطبيبه المعالج دون أدنى خجل أو إحساس بالإحراج.
أما كونك مرتاح في استخدام استابلون وأحياناً السيبرام معه عند زيادة إحساسك بالاكتئاب، والعقاران كما قلت أنت من أدوية الاكتئاب الخفيفة؛ فهذا يدل على أن الاكتئاب الهوسي لديك من النوع الثاني البسيط الذي يسهل علاجه والتحكم فيه، ولا يحتاج إلى احتجاز المريض بإحدى المصحات النفسية في معظم الحالات، وإن كنت بحاجة إلى أحد مثبتات المزاج ولو بجرعة صغيرة، وأقترح في حالتك عقار "التوباماكس" بجرعة صغيرة جدا مساءً يومياً ولتكن نصف حبة 25 ميلليجرام، يمكن زيادتها بعد فترة من الوقت -قد تصل إلى أسابيع- وبتدرج شديد جداً نظراً لحساسيتك للعقاقير النفسية، ومن مميزات هذا المثبت للمزاج – وهو بالمناسبة من مضادات الصرع الجديدة - أنه يقلل الشهية، وبالتالي يمنع زيادة وزن المريض.
أرجو منك أخي "محمد" ألا تشغل بالك على الإطلاق بموضوع تهدل أو ترهل ثدييك بعد أن قل وزنك؛ لأن بعض الأدوية النفسية وغير النفسية لها دور في ذلك وبالذات الأدوية التي تؤدي إلى زيادة هرمون الحليب Prolactine في كلا الجنسين، مثل مضادات الذهان، وبعض أدوية ارتفاع ضغط الدم وكذلك نجدها في الكثير من المرضى الذكور البالغين المصابين بتليف الكبد نتيجة البلهارسيا و/أو الالتهاب الكبدي بي أو سي، وهم كثر في مصر، فلا تضيفن لهمومك هماً لا لزوم له، ولا أعتقد أن أي فتاة عاقلة ستكون زوجة لك في المستقبل ستشغل بالها بشكل ثدييك، أما لو تعبك انشغالك "بترهل ثدييك"، وهذا العرض من "اضطراب التشوه الجسدي"–
وبالمناسبة هو من طيف اضطرابات الوسواس القهري– فما أكثر انتشار عمليات التجميل هذه الأيام لتصغير وتكبير كل شيء في أجسام الذكور والإناث البالغين على السواء، وبالطبع كطبيب نفسي لا أشجع هذه الطريقة على الإطلاق في علاج مثل هذه الوساوس المرضية.
وخلاصة القول هي أنك محتاج لطبيب نفسي تثق به وبعلاجه، وتداوم على زيارته بصورة دورية كل شهر أو أقل أو أكثر كما تستدعي حالتك المتغيرة من وجهة نظر طبيبك المعالج، والذي سيكون بالنسبة لك كالمرآة التي ترى فيها صورتك على حقيقتها وليس كما تحب أن تراها أنت من وجهة نظرك، وذلك حتى تصل إلى درجة من الثبات النفسي والنضج تجعلك ناجحاً أو لنقل مؤدياً لعملك الذي تسترزق منه في حياتك وبعد ذلك يأتي الزواج وتكوين الأسرة بإذن الله، وأحب أن أقول لك أخي الغالي أن الكثير من الفنانين والعلماء بل والأطباء العالميين المبدعين كانوا مصابين بهذا الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، ولم يمنعهم هذا الاضطراب أبداً عن الإبداع في خدمة البشر، فأكثر ما يميز أصحاب هذا الاضطراب النفسي هما: العاطفة الجياشة وحب العطاء للغير.
واقرأ أيضًا:
الاضطراب الوجداني الثنائي القطب (الثناقطبي)
نوبات الهوس: جزء من اضطراب أشمل
هل أنا شاذ ؟ فخ الوساوس والاكتئاب
وأهلا وسهلا بك دائما على مجانين.