إلى متى
السلام عليكم؛ أهنئكم على هذا الموقع البناء وأسأل الله أن يجعله في ميزان حسناتكم. مشكلتي هي أني لا أعرف معنى للسعادة نعم لا تستغربوا فأنا نشأت في بيت مليء بالمشاكل ولا يوجد توافق بين الأهل والأهم من ذلك أنه لا يوجد ثقة بالنفس وقد ورثت هذا عنهم أيضا.
والسبب الثاني أني تدينت مبكرا على ما أذكر في سن العاشرة وكنت أمكث ساعات كثيرة في المسجد ولم أعش طفولة مليئة باللعب والمرح مع أن الدين بحد ذاته متعة إلا أن الإنسان يحتاج أيضا شيئا من الترفيه لم أكن أوفيه حقه لأني بدأت منذ الصغر بحفظ القرآن الكريم وأتممت حفظه بحمد الله في الرابعة عشرة.
ولكن المصيبة أني عندما بلغت جيل المراهقة بدأت أقرأ أفكار الليبرالية والرأسمالية وبدأت أميل لهم ولأفكارهم وإن أشد ما يشدني في الليبرالية هو عدم خلط الدين بالسياسة فأنا باعتقادي هذا خلط كبير -خلط الحابل بالنابل- وهذا ما ترفضه معظم الحركات الإسلامية في عصرنا وأنا لحد الآن في حيرة كبيرة وأقصر كثيرا في مراجعة القرآن وأخاف أن يتفلت مني لا سمح الله.
إلى الآن يوجد مشكلتان: عدم الإحساس بالسعادة والثانية الحيرة بين الدين والعلمانية. الأمر الثالث الذي لا أدري أين أصنفه أفي خانة أسباب المشاكل أم المشاكل ذاتها ألا وهو عدم حب الذات بالقدر الكافي فأنا في أحيان كثيرة أفضل مصلحة الآخرين على مصلحتي ربما لكي أكسب ود الآخرين وأنا حاليا أعمل على حب ذاتي وأريد أن ترشدوني في هذا المضمار.
الشيء الثالث أني أجد صعوبة في إقامة علاقات اجتماعية ولا أتقن هذه المهارة وهذا يضايقني فأرجو أن ترشدوني إلى طرق عملية تفيدني في تكوين علاقات اجتماعية بعيدا عن التصنع والتمثيل.
الأمر الرابع أني أحب فتاة في صفي وبيننا تقارب كبير وهي تعاملني كأخ لها وأنا كذلك تربطنا علاقة صداقة قوية وأرجو أن لا يساء فهمي فأنا لم أفعل شيئا يغضب الله بل العكس تماما فأنا دوما أهديها كتب وأشرطة دينية وأدعو الله لها دوما بالهداية وخصوصا أنها غير محجبة وأنا كذلك لم أصارحها بحبي. ما أعجبني بها هو قوة شخصيتها وجرأتها وأفكارها واجتماعية لأقصى الحدود وأنا أحاول أن أكتسب منها هذه الأمور أولا لنفسي ثانيا حتى يكون توافق وأنا هنا أنظر إليها نظرة موضوعية فأنا أعلم سلبياتها وايجابيتها وأضعها على كفة الميزان أعتقد أن علاقتي بها ناضجة فهي لا تعتمد على أحلام بريئة بل على واقع ومنطق وهذا ما أفتخر به أمام نفسي.
إذا لاحظتم أن كل الأمور والمشاكل التي تواجهني هي تواجه كل شاب في مقتبل عمره للدخول إلى عالم البلوغ والنضوج، أرجو أن لا تبخلوا علي بنصائحكم وإن كان هناك ثمة شيئا خاصا تريدون أن تعلموه عني فأرجو أن تراسلوني على بريدي الإلكتروني وأذكركم بقول الله تعالى:(ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا) "سورة المائدة"
وأرجو أيضا سرعة الرد.
بارك الله فيكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
13/10/2006
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
وبعد التحية المباركة أوجه لكم تحية عطرة وخاصة لشخصكم فما أجمل نور القرآن عندما يدخل إلى قلوبنا ويجعلنا من حفظته فيأتي بك الله يوم القيامة وعلى رأسك تاج من النور، لاحظت فضل حفظ القرآن في أسلوب حديثك المنتقى..... نعم فالقرآن يصقل اللغة ويرقي الحديث.
أخي الفاضل قرأت مشكلاتك وفوجئت أنك لا تعرف للسعادة طعما بعد أن تكون قريبا من الله وحافظا لكتابه فالسعادة يا أخي لا تأتي من الخارج بل تأتي من داخلنا ومن خلال ترجمتنا لما يدور حولنا فأنت تستطيع أن تكون سعيدا لو حاولت أن تعدل أفكارك السلبية وتجعلها إيجابية.
يا أخي الله اصطفاك من بين رفاق عمرك وهذه الهداية رزق لا يناله الجميع فتذكر طفولة نبينا الحبيب عليه أفضل الصلاة والسلام فكان هادئا لا يلعب مع الأطفال ويختلي بنفسه ويتأمل ويتعبد... الخ وأنت تعلم بطفولته وأعتقد أن ذهابك للمسجد منذ صغرك رزق لا تندم عليه فطوبى لشاب نشأ في طاعة الله... نعم من حقك تلعب وتمرح كباقي الأطفال ولكن هل منهم من حفظ القرآن؟؟ لعبوا ومرحوا وسعدوا وأخذوا حق طفولتهم ولكنك أنت الرابح.... أخي ما عليك سوى أن تفخر بطفولتك وتعتز بها وعش الآن واقعك ولا تفكر بالمرحلة السابقة إلا أنها مرحلة إيجابية وقد صنعت فيها شيئا للغد (وهذا نوع من التفكير الإيجابي).
أخي أعتقد أن مشكلتك تتلخص في عدم الثقة بالنفس، ولكن الثقة بالنفس مكتسبة وتتطور ولم تولد الثقة مع الإنسان حين ولد فهي ليست وراثة، فهؤلاء الأشخاص الذين تعرف أنت أنهم مشحونون بالثقة ويسيطرون على قلقهم، ولا يجدون صعوبات في التعامل والتأقلم في أي زمان أو مكان هم أناس اكتسبوا ثقتهم بأنفسهم، أخي إن عدم الثقة بالنفس سلسلة مرتبطة ببعضها البعض تبدأ:
أولا: بانعدام الثقة بالنفس
ثانيا: الاعتقاد بأن الآخرين يرون ضعفك وسلبياتك.. وهو ما يؤدي إلى
ثالثا: القلق بفعل هذا الإحساس والتفاعل معه.. بأن يصدر عنك سلوك وتصرف سيئ أو ضعيف، وفي العادة لا يمت إلى شخصيتك وأسلوبك وهذا يؤدي إلى
رابعا: الإحساس بالخجل من نفسك.. وهذا الإحساس يقودك مرة أخرى إلى نقطة البداية.. وهي انعدام الثقة بالنفس وهكذا تدمر حياتك بفعل هذا الإحساس السلبي اتجاه نفسك قدراتك
أنت لا تكره ذاتك بحبك لمصالح الآخرين ولكن ينقصك الثقة في نفسك بأنك سوف تنجح وتبرر ذلك بأنك تريد أن تقربهم منك.. يمكن ولكن في الأساس أي إنسان لا يكره لنفسه المصلحة ولكن يتخوف من اتخاذ أي خطوة نحو النجاح، لكن جيد أنك قررت التوقف عن جلد نفسك بتلك الأفكار السلبية، والتي تعتبر بمثابة موت بطيء لطاقاتك ودوافعك؟
إذا اتخذت ذلك القرار بالتوقف عن إيلام نفسك وتبدأ بالخطوة الأولى، تحديد مصدر المشكلة، أين يكمن مصدر هذا الإحساس؟؟
وأعتقد من خلال إفادتك أن المصدر يتحدد في النقاط الآتية:
حرمانك من ممارسة طفولتك بما فيها من لعب ومرح.
للأقارب و الأصدقاء دور في زيادة إحساسك بالألم.
شعورك بأنك تبدي مصلحة الآخرين عنك وخوفك من الفشل في كسب ودهم ومن الممكن من خلال حوارك مع النفس أن تتوصل إلى أسباب أكثر، ولكن كن صريحا مع نفسك ولا تحاول تحميل الآخرين أخطائك، وذلك لكي تصل إلى الجذور الحقيقية للمشكلة لتستطيع حلها، فحاول ترتيب أفكارك، استخدم ورقة قلم واكتب كل الأشياء التي تعتقد أنها ساهمت في خلق مشكلة عدم الثقة لديك، تعرف على الأسباب الرئيسية والفرعية التي أدت إلى تفاقم المشكلة، البحث عن حل.
بعد أن توصلت إلى مصدر المشكلة..أبدا في البحث عن حل.. بمجرد تحديدك للمشكلة تبدأ الحلول في الظهور... اجلس في مكان هادئ وتحاور مع نفسك، حاول ترتيب أفكارك...
ما الذي يجعلني أسيطر على مخاوفي وأستعيد ثقتي بنفسي؟
- إذا كان الأقارب أو الأصدقاء مثلا طرفا أو عامل رئيسي في فقدانك لثقتك.. حاول أن توقف إحساسك بالاضطهاد ليس لأنه توقف بل لأنه لا يفيدك في الوقت الحاضر بل يسهم في هدم ثقتك ويوقف قدرتك للمبادرة بالتخلص من عدم الثقة.
- أقنع نفسك وردد بكل مشاعر الثقة: من حقي أن أحصل على ثقة عالية بنفسي وبقدراتي.
- من حقي أن أتخلص من هذا الجانب السلبي في حياتي.
- ثقتك بنفسك تكمن في اعتقاداتك: في البداية احرص على أن لا تتفوه بكلمات يمكن أن تدمر ثقتك بنفسك. فالثقة بالنفس فكرة تولدها في دماغك وتتجاوب معها أي أنك تخلق الفكرة سلبية كانت أم إيجابية وتغيرها وتشكلها وتسيرها حسب اعتقاداتك عن نفسك... لذلك تبنى عبارات وأفكار تشحنك بالثقة وحاول زرعها في دماغك.
انظر إلى نفسك كشخص ناجح وواثق واستمع إلى حديث نفسك جيدا واحذف الكلمات المحملة بالإحباط ،إن ارتفاع روحك المعنوية مسؤوليتك وحدك لذلك حاول دائما إسعاد نفسك.. اعتبر الماضي بكل إحباطاته قد انتهى.. وأنت قادر على المسامحة، اغفر لأهلك.... لأقاربك لأصدقائك لنفسك ولطفولتك، ابتعد كل البعد عن المقارنة أي لا تسمح لنفسك ولو من قبيل الحديث فقط أن تقارن نفسك بالآخرين... حتى لا تكسر ثقتك بقدرتك وتذكر إنه لا يوجد إنسان عبقري في كل شيء.
فقط ركز على إبداعاتك وما تتميز به وعلى أيمانك بالله وتميز قدرك عنده وحاول تطوير هواياتك الشخصية... وكنتيجة لذلك حاول أن تكون ما تريده أنت لا ما يريده الآخرون... ومن المهم جدا أن تقرأ عن الأشخاص الآخرين وكيف قادتهم قوة عزائهم إلى أن يحصلوا على ما أرادوا... اختر مثل أعلى لك وادرس حياته وأسلوبه في الحياة ولن تجد أفضل من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، مثلا في قدرة التحمل والصبر والجهاد من أجل هدف سام ونبيل وهو إعلاء كلمة الله تعالى ونشر دينه.
أخي إن النقص الزائد في الثقة بالنفس يعود مباشرة إلى ذاكرة غير منتظمة فالعقل يشبه البنك كثيرا، إنك تودع يوميا أفكارا جديدة في بنكك العقلي وتنمو هذه الودائع وتكوِن ذاكرتك حين تواجه مشكلة أو تحاول حل مشكلة ما فإنك في الواقع الأمر تسأل بنك ذاكرتك:
ما الذي أعرفه عن هذه القضية؟...
ويزودك بنك ذاكرتك أوتوماتيكيا بمعلومات متفرقة تتصل بالموقف المطلوب وبالتالي مخزون ذاكرتك هو المادة الخام لأفكارك الجديدة، أي أنك عندما تواجه موقف ما... صعبا... فكر بالنجاح، لا تفكر بالفشل استدعي الأفكار الإيجابية... المواقف التي حققت فيها نجاح من قبل... لا تقل: قد أفشل كما فشلت في الموقف الفلاني... نعم أنا سأفشل... بذلك تتسلل الأفكار السلبية إلى بنكك... وتصبح جزء من المادة الخام لأفكارك.
حين تدخل في منافسة مع آخر، قل: أنا كفء لأكون الأفضل، ولا تقل لست مؤهلا، اجعل فكرة (سأنجح) هي الفكرة الرئيسية السائدة في عملية تفكيرك. يهيئ التفكير بالنجاح عقلك ليعد خططاً تنتج النجاح، والتفكير بالفشل يهيئ عقلك لوضع خطط تنتج الفشل. لذلك احرص على إيداع الأفكار الإيجابية فقط في بنك ذاكرتك، واحرص على أن تسحب من أفكارك إيجابية ولا تسمح لأفكارك السلبية أن تتخذ مكانا في بنك ذاكرتك.
أخي عندما تتمتع بالثقة بالنفس فانك سوف تجد لنتفك قيمه ذاتيه وروحيه تتحدى بها أي مشكلة نفسية كانت أو اجتماعية وتنجح في علاقاتك وتصبح أكثر نجاحا، وبالنسبة لعلاقاتك العاطفية فهي مشاعر نبيلة ولعلك سببا في هدايتها إلى طاعة الله ولكن المهم أن تكون تلك العلاقة فيما يرضى الله وأن لا تعلق نفسك بما لا تستطيع، والله الموفق.واقرأ أيضاًً:
الثقة بالنفس: ممكنة إن شاء الله
انعدام الثقة بالنفس مشكلتي
الثقة بالنفس: كن واضحا وصريحا ومحددا
عدم الثقة لا فى النفس و لا فى الآخر م
عدم الثقة بالنفس: تأقلمٌ أم قلق واكتئاب؟
ويتبع>>>>>>>>>: أنت على مفترق طرق!! م