الفصام
تعبت فجأة في بداية النصف الثاني من الترم وكنت أبكي بدون سبب وأضحك بدون سبب، وعندما يسألني أحد أقول أفتكر وكلما يتكلم أحد أظن أنه يتكلم على وعندما ذهبت لدكتور نفسي قال عندي الفصام وأعطاني Apexidone 3mg،
أريد أن أعرف ما هو الفصام وهل يمكن أن يؤثر علي مستقبلا
وشكرا.
08/10/2003
رد المستشار
سؤالك عن الفصام هو في الحقيقة واحدٌ من أسئلة الطب النفسي التي نستطيع أن نعتبر الإجابة عليها ناقصةً مهما كانت مستفيضةً، ولكن ذلك قد لا يعني الكثير بالنسبة لك، ولا نقصد منه إلا أن نقول لك أولاً أن هناك شروطا لكي يتم تشخيص حالةٍ ما على أنها اضطراب الفصام، وهذه الشروط أو المعايير التشخيصية ليست متفقا عليها تمام الاتفاق، فمن بينها مثلاً أن يكونَ عمر الاضطراب ليس أقل من شهرٍ كامل (وذلك حسب التصنيف العالمي الأخير) تظهر فيه الأعراض المميزة للفُصام، أو ستة أشهر (حسب التصنيف الأمريكي الأخير).
معنى ذلك أن الفصام كتشخيص كثيرًا ما يختلف عليه بين الأطباء النفسيين حتى في المدة اللازمة لظهور واستمرار الأعراض، بالرغم من ذلك فإن اضطراب الفصام حقيقةٌ موجودة نراها ونلمسها لكننا لم نصل بعد إلى فهم كامل لها أردت أن أقول هذه المقدمة لك لكي أبين لك أن الفصام بحر واسع ولا يستطاع الرد على سؤالك كله مهما حاولنا، لأن الحقيقة هي أن اضطرابك إن كان فصاما بالفعل، سيكونُ فصامك أنت أي أن علاماته وأعراضه رغم أنها ستتشابه مع أعراض مرضى آخرين، إلا أنها ستحمل جزءًا كبيرًا منك أنت وما هو منك يخصك بالتأكيد، ونحن لذلك نفضل أن نرجع إلى سؤالك القصير لنأخذ منه ما ينبغي الرد عليه أي أننا سنتحدثُ عما ظهر عليك من أنت أعراض وردت في إفادتك ومدى صلاحيتها لأن تشكل ما يسمح بتشخيص اضطراب الفصام.
أول ما جاء في إفادتك هو الإشارةُ إلى أنك كنت في بداية النصف الثاني من الترم، وهنا لا ندري هل الترم الأول أم الترم الثاني؟ هل في بدايةِ ترم ما؟ أم قرب امتحانات ذلك الترم؟ لم توضحي لنا مع الأسف مع أن هذا مهم لمعرفة ما إذا كنت مقبلةً ساعتها على الامتحانات بوصفها فترةُ شدةٍ وكرب حياتي Life Stressor لأن وجود مثل هذه الشدة عند بداية ظهور الأعراض يحمل إشارةً إلى مآل طيب بشكل أو بآخر.
بعد ذلك قلت (وكنت أبكي بدون سبب وأضحك بدون سبب)، وهنا تشيرين إلى أعراض اضطراب المشاعر ولكنها لديك لا تبدو من النوع الذي يقلق لأنها وإن بدت غير ملائمة للموقف أحيانا Inappropriate Affect إلا أنها تختلف عن التبلد في المشاعر Affective Flattening وهو الأسوأ مآلاً، بعد ذلك تقولين (وعندما يسألني أحد أقول أفتكر)، وأنت هنا تشيرين بشكل أو بآخر إلى أنك كثيرًا ما كنت تشردين، ولا تنتبهين جيدا لما حولك، وهذا على الأغلب جزءٌ من الارتباك Perplexity، الذي يشيع خاصةًَ في المراحل الأولى للفصام (لكنه لا يصح أن يعتمد عليه لبناء التشخيص الأكيد لاضطراب الفصام)، وهذا الارتباك كثيرًا ما يؤدي إلى اعتقاد المريض بأن المواقف اليومية العادية تحمل معنى أو معان خاصةٍ، عادةً ما تكونُ معانٍ سوداوية، ويُـقْصَدُ بها الفرد ذاته، وهذا هو عبرت عن حدوثه معك بقولك (وكلما يتكلم أحد أظن أنه يتكلم على).
وهذا العرض الأخير هو ما نسميه بالتأويل الوهامي Delusional Interpretation لسلوكيات الآخرين، وهذا أحد المعايير التشخيصية المهمة لتشخيص اضطراب الفصام، وهو ما استند إليه طبيبك النفسي (الذي تظل رؤيته لك ورأيه في حالتك هي الأصح والأقرب للحقيقة طالما أنه رآك وسمعك)، خاصةً وأنك لم تحددي لنا مدى استمرار هذه الأعراض، ولا كم ظلت معك ولا حتى هل ما زالت إلى الآن أم أنها اختفت؟؟؟!
المهم أن إفادتك بعد ذلك لا تشير إلى أكثر من تناولك لعقار الأبيكسيدون Apexidone 3mg tab ، ولم تذكري لا الجرعة ولا مدى استجابتك للعقار بالتحسن، ولا شيئا عن تأثيره عليك، وهذا مع الأسف جانب مهم من المعلومات كنا بحاجةٍ إليها لكي نرد عليك بتصورٍ أشمل، وسؤالك بعد ذلك (هل يمكن أن يؤثر علي مستقبلا؟؟).
هو سؤال يتعلق بالمآل المرضي لاضطراب الفصام، والمآل غيبٌ برمته لابد أن نكونَ كمسلمين مؤمنين بذلك، وكل ما يستطيعه الطبيب النفسي هو أن يأخذ بعض علامات الحالة نفيها (أي حالتك أنت إن كان طبيبك ما يزال على نفس التشخيص)، من التاريخ المرضي لها ولأسرتها وكذلك من العلامات التي ظهرت عليها ومدة استمرارها وهكذا، لكي يستطيع أن يقول كلاما غير أكيدٍ عن المآل المرضي، ومعنى هذا أننا نحتاج إلى معلومات لكي نرد عليك، ولكنني أولا أحيلك إلى قراءة إجابات سابقة على صفحتنا استشارات مجانين لتعرفي منها بعض المعلومات عن الفصام، ولكي تري كيف أن طالبةً في كلية الطب تذاكر وتنجح مع أنها شخصت مرةً باضطراب الفصام وذلك تحت العناوين التالية:
نقاب فعباءة فبنطلون!! إحترس من حواء
أسمعهم ولكن من يصدقني: نحن نصدقك ولكن!
اكتئاب أم فصام وهل هناك احتمالات بارانويا؟
الـزَّوَرُ (البارانويا) أنواع ، فأيّ الأنواع أنت؟
الفصام المزمن وأعراضه السالبة م
وأما البشرى التي نحب أن نهديها لك، كتحية بمناسبة زيارتك لصفحتنا المجنونة استشارات مجانين، فهو أن أحد أهم المؤشرات على مآل جيد لاضطراب الفصام (إن كانت حالتك فصاما!) هو أن يبدأ المريض علاجه مبكرًا وهذا والحمد لله حدث معك، فأنت الآن كما يتضح من سؤالك لنا على الإنترنت، غالبا قد استعدت ذاتك تماما، ولديك قدر ممتازٌ من الاستبصار Insight وكل هذه مؤشرات جيدة إن شاء الله تعالى، وأهلا وسهلا بك دائما وتابعينا بأخبارك.