السلام عليكم
مشكلتي هي أني أعاني من الخجل الشديد لدرجة أني لا أستطيع الجلوس في جماعة، وإذا جلست أتوقع أن يحمر وجهي أمامهم فأظل خائفة طوال الجلسة.
لقد أصبحت انطوائية وأهرب من جميع المواقف التي أتوقع فيها أن يحمر وجهي، مع أني أملك من الصفات ما لا أفتخر به.
13/8/2003
رد المستشار
الأخت السائلة حالتك هي الرهاب الاجتماعي وهو أحد الاضطرابات النفسية التي يرتبطُ فيها حدوث أعراض القلق لدى المريض أو المريضة بموقف أو مواقف معينة، وسنقوم الآن بإعطائك فكرةً مبسطةً عنه.
تبدأ عادة حالة الرهاب الاجتماعي أثناء فترة المراهقة،وإذا لم تعالَج فقد تستمر طوال الحياة، وقد تجر إلى حالات أخرى كالاكتئاب والخوف من الأماكن العامة والواسعة.
ونسمع من مرضى هذا الاضطراب شكاوى من قبيل:
* أحس حينما أكون محط أنظار الآخرين كأنني أقف على إسفنج.
* أحس حينما أتحدث أمام الآخرين أنني سأخلط الكلام ببعضه.
* أتمنى أن تبتلعني الأرض، ولا أضطر للحديث أمام الجمع من الناس ولو كان عددهم لا يتجاوز عشرة أفراد.
* لا أدري لماذا لا يمكنني الحديث، وينتابني الخوف من الخطأ، وأحس أنني سأتلعثم في الكلام حينما يسألني الأستاذ في الفصل، رغم أنني أعرف الإجابة بل أحفظها عن ظهر قلب.
* أحس أن وجهي تتغير معالمه حينما ينظر إليّ الآخرون.
* لاحظت أنني لا أستطيع في الآونة الأخيرة إمامة الناس حينما تفوتني الصلاة في الجماعة الأولى.
إذن فشبح مواجهة الناس هو الكابوس المفزع الذي يقلق تلك الفئة من المرضى؛ وهو ما يجعل بعضهم يرفض الترقية الوظيفية إذا كانت ستجعله في مواجهة أكثر من الجمهور.يقول أحدهم: "لعدة مرات رفضت الترقية في عملي؛ وذلك لأنني سأضطر أن أقود الناس وأواجههم، وذلك ما لا أستطيعه".
وليس كل قلق عند مواجهة الآخرين اضطراب رهاب اجتماعي بالطبع؛ فالخوف البسيط قبل أي لقاء اجتماعي يُعتبر أمرا طبيعيا ومقبولا، إلا أنه يصبح خوفا مرضيا إذا تعدى حدَّه، وبدأت تظهر على الفرد أعراض مثل احمرار الوجه ورعشة في اليدين والغثيان والعرق الشديد والحاجة المفاجأة للذهاب للحمام.
* فمن المحتمل أنك تعانين من واحد أو أكثر من هذه الأعراض عندما تتعرضين للمناسبة الاجتماعية التي تسبب الخوف، وفي بعض الحالات يكون مجرد التفكير في تلك المناسبات محدثا للقلق والخوف، كما أن المحاولة الجاهدة لمنع حدوث الأعراض قد تدفع المريض إلى تجنب هذه المناسبات بصورة نهائية؛ مما يكون مدمرًا للحياة الاجتماعية أيضا، وبذلك يؤدي الاضطراب إلى إعاقة الفرد وعدم قدرته على القيام بواجباته الاجتماعية.
وقد يضطر مريض الرهاب الاجتماعي إلى برمجة حياته تبعا لمعاناته؛ فنجده يحضر مبكرًا إلى أي مناسبة اجتماعية كي يتخلص من الدخول ومواجهة الجميع والسلام عليهم، أو الحضور متأخرًا جدا، كما أنه قبل حضوره أي مناسبة اجتماعية يسأل عن: عدد الحضور؟ ومن هم؟ وهل هو تحت مجهر النقد والملاحظة من قبل الآخرين؟
ومن المهم أن تعرفي أن حالة الرهاب الاجتماعي تكونُ أكثرَ حدوثًا في الذكور منها في الإناث، وعليه فإن أمامنا احتمالين الأول أن يكونَ هناك اضطرابٌ نفسي آخر، وما اشتكيت لنا منه ليسَ إلا بعض أعراض ذلك الاضطراب، وهذا ما سيستطيع الطبيب النفسي القريب منك معرفته والتعامل معه.
* وأما الاحتمال الثاني فهو أن تكونَ حالتك بالفعل مجرد رهاب اجتماعي، وهنا أتوقعُ لك أن تكونَ الحالةُ بسيطةً خفيفة الشدة (مقارنةً بما يراه الطبيب النفساني وأن تتحسني بسرعة وأتمنى على الله أن يوفقك إلى اللجوء إلى من يستطيع مساعدتك.
ولا تنسي أن أهم عوامل نجاح مثل هذه الحالات هو التعاون مع المعالج والمثابرة على أداء التمارين السلوكية التي سيطلبها منك، لأن نجاح العلاج المعرفي السلوكي يعتمد بقدر كبير على مدى دافعية المريض ورغبته في إحداث التغيير، وأهم نقطة أريدك أن تنتبهي لها هيَ أن عليك بالتوقف التام عن سلوك الاجتناب المريح الذي تعتمدينه لأنهُ لا يزيد حالتك إلا سوءًا، وفقك الله وتابعنا بأخبارك.