عدم القدرة على الحب
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته يا أستاذي العزيز؛
في البدء اشكر لك كل الجهود التي تبذلها من أجل حل مشاكلنا، وباختصار يا أستاذي الفاضل إنني منذ فترة تصل إلى ست أو سبع سنوات كنت أعيش قصة حب جميلة وكنت أيامها في الإعدادية واستمر ذلك الحب لسنتين كانتا أجمل أيام عمري ولكن سرعان ما انتهى ذلك الحلم الجميل! وتزوجَتِ البنت التي كنت أعدها لتكون زوجة المستقبل، ووقعت تلك المحنة التي أعاني منها حتى الآن، وبعد فترة وجيزة بدأت اشعر أنني محتاج إلى حبيبة جديدة بسبب الفراغ الذي سببته حبيبتي.
وبدأت بشتى الوسائل لكي أعيش قصة حب جديدة لعلها تنسيني حبي الأول وفعلا حدث ما كنت أرجوه وعشت قصة حب ثانية ولكن بعد فترة وجيزة بدأت اشعر بالملل، وأريد أن أقيم علاقة أخرى وفعلا عشت قصة حب ثانية وثالثة ورابعة، ولكن كان شعوري أمام تلك الفتيات شعور عادي ليس مثل ذلك الشعور الذي كان ينتابني مع حبيبتي الأولى، وإلى الآن يا أستاذي الفاضل أصبحت أشعر أنني لا أستطيع أن أحب بصدق، فعندما أصل إلى ما أرجوه وأصبو إليه من الحب أحاول أن أقيم علاقة أخرى....... وهكذا.
فما أشعر به الآن هو أنني لا أستطيع أن اختار امرأة تكون هي زوجة المستقبل، فعندما أختار فتاة لتكون هي زوجة المستقبل سرعان ما ينتابني شعور بالخوف وأن هذه الفتاة ليست هي من أحلم بها وابدأ أن أتحسس عن عيوبها بالرغم من علمي أن لكل إنسان عيوب وأصبحت محتاراً في أمري ولا أدري ما أفعل؟؟
وأيضا أشعر بأنني غير قادر على تحمل مسؤولية الزواج مع أنني قادر على ذلك.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1/10/2003
رد المستشار
الأخ السائل؛
أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك بموقعنا وصفحتنا استشارات مجانين: ما تعاني منه معروف وشائع، وهو ما يمكن تسميته بعقدة الحب الأول، وهو التباس بسيط، ولكنه يكدر حياة صاحبه، فأنت تعتقد أن هناك صورة مثالية للفتاه المنشودة، ومشاعر معينة تسميها الحب، ومصدر هذه الصورة، وتلك المشاعر عندك هي حالة خاصة جدا متعلقة بمرحلة فريدة في حياتك، وشخصية محددة هي فتاتك الأولى! والحب الأول هو ألذ وهم يعيشه الإنسان، والخطير أن يبقى محبوسا فيه حتى بعد مضي العمر ومفارقة الحبيب.
ولو أنك نظرت بعقلك إلى فتاتك لوجدت أن بها عيوبا- مثل غيرها- وأن نظرتك لها وقتها كانت تمتلئ بالمثالية والرومانسية والخيال المشبوب والعواطف الجامحة التي من شأنها تضخيم المميزات، وإخفاء العيوب في حينه. ولا أعرف هل تستطيع الوصول إلى أخبار فتاتك الأولى أو رؤيتها عن بعد، ولا تندهش إذا وجدتها إنسانة أخرى شكلا ومضمونا، فالناس تتغير، ونظرتنا إلى الأمور ينبغي أن تنضج وتتسع تبعا لهذا.
لن تستطيع إقامة علاقة سوية مستقيمة مع امرأة إلا إذا دفنت أوهام الحب الأول في أعماق ذاكرتك، واكتفيت منها مثل كل الحكماء بدفء وروعة الذكريات التي تمدنا بالطاقة والحيوية شريطة ألا تتحول إلى هاجس يسيطر علينا فيجعل حاضرنا مكبلا بماضينا. مشاعر الحب الأول لا تتكرر ولن تتكرر لأنها كانت لحظة أو لقطة عابرة تغير بعدها كل شيء: نحن والطرف الآخر والظروف المحيطة، فلا تجلس تبكي على الماضي، ولا تقارن الواقع بالسراب........ سراب الأمنيات والذكريات، ومشاعر أول خفقة قلب، وانظر إلى من حولك بنضج وتوازن فلا توجد امرأة كاملة إلا في الجنة، وفي سراب الحب الأول!!!
* ويضيف الدكتور وائل أبو هندي: الأخ السائل العزيز أهلا بك وليست لدي إضافة حول مشكلتك عدا ما قاله لك أخي وزميلي المستشار الدكتور أحمد عبد الله، إلا أنني أحيلك إلى مقالٍ عن الحب منشورٍ على موقعنا تحت عنوان: الحب في الجامعة بينَ الحلم والواقع، وأهلا وسهلا بك فتابعنا بأخبارك، وشاركننا بآرائك.
ويتبع>>>>> : عاجز عن الحب الثاني سجين السراب م. مستشار
التعليق: السلام عليكم أخي الكبير وحيد، كبير لأن 14 سنة قد مرّت على الاستشارة ! أحب أن أدقق في مسألة قد أشار إليها الأستاذ د. أحمد عبد الله، وهي أنّ الحب الذي وصفته كانت بداياته في سنّ المراهقة، فترةٌ تجعل من الحب والإعجاب mystification أي عبارة عن مشاعر صوفية خرافية لا يُمكن أن تُكرر في مراحل بعدها، لسبب بسيط أن الحب والشهوة والرغبة والغضاضة أيام المراهقة ترحل وتحلّ مكانها صور أخرى وتجليات أخرى لذلك الحب ولتلك الرغبة.
فبعد أنْ عرفت فتاة حسبتها بسبب غضاضتك وطراوة مشاعرك ونزواتك، فتاة مثالية، أردت أن تعيد التجربة نفسها بالشدّة نفسها وبالتصوّف نفسه وبالأسطورية نفسها، فلم تُفلح، وها أنت تنتقل من علاقة غرامية إلى أخرى، ولا أمل... ولن يكون بالمعايير التي وضعت للحب الجديد، فقد تغيّرت شخصيّتك وتبلّد جهازك العصبي عن أحاسيس المراهقة.
فالحل هو الخروج من سجنك هذا، وسرابك هذا كما أخبرك الدكتور، وتعيش حبّا بنسخته الناضجة، التي ستكون أقل دفئا (وجنونا وسذاجة أيضا) من الحب في المراهقة، ولكنّها لا شك أكثر واقعية وأكثر صحيّة ومنطقية
أرجو أن تكون بخير... هذا إن وصلتك رسالتي هذه!