السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
مشكلتي الرئيسية أعتقد أنها بما يخص الخجل، فأنا بالفعل مصاب بهذا المرض، أنا أخاف من الناس، من مقابلة الناس، من معاشرة الناس في المناسبات الاجتماعية لا أحتك مع أي أحد من الناس أصدقائي قليلون حتى أن صديقي قال لي في أحد الأيام أنني كالأهبل عند مواجهة الناس، لا أعرف لماذا مع أنني مثقف إلى أبعد الحدود والمعلومات التي أمتلكها قد لا تكون عند من في مثل سني البعض يصفني بالذكاء، ثقتي بنفسي تهتز يوماً بعد يوم وأتمنى مراجعة طبيب نفسي ولكن للأسف من أين آتي بأجرة هذا الطبيب؟؟؟؟؟؟
لا أعرف أرتبك أمام الناس لا أعرف كيف أتصرف، والذي يزيد في غصتي نظر البعض لي على أنني أهبل مع أنني أفوق أي واحد من هؤلاء في أمور كثيرة ولكن في مسألة الاجتماعيات ألخم إن جاز التعبير، علاقتنا الاخوة مع بعضنا البعض عادية جداً وأخوتي طيبون ولكن لنا أخت كبيرة تظل تتعصب علينا بسبب وبدون علماً أنها هي التي تقوم بقضاء حوائجنا من طبخ وغسل............ إلخ لأن والدتي توفيت رحمها الله منذ خمس سنوات ووالدي أيضاً رحمه الله توفي منذ سنة ونصف أحس أننا الأخوة لا نحب بعضاً لا أعرف لماذا؟؟؟؟؟؟ والله نفسيتي تعبت جداً من هذا الموضوع لا أتأقلم مع الناس بسهولة أبداً ما هو الحل؟؟؟؟؟
ما هو الحل في نظركم ، كيف أغير من هذا الطبع السيئ، في العادة كثيراً ما ألوم نفسي على ما أنا فيه، أنا أحترم الناس بشكل كبير جداً هل أكون بهذه الحالة على صواب أم ماذا؟؟؟؟؟؟ وكيف أتعامل مع الذين لا يحترمونني؟؟؟؟؟؟؟؟
أنا طيب زيادة عن اللزوم والله هذه الأيام السود التي نعيش بها لا ينفع فيها الطيب هذا ما أراه الدنيا تحولت إلى غابة يأكل القوي الضعيف، وأنا لا أريد أن أكون ضعيفاً لأنني مؤمناً بالله العلي القدير فعسى الله الكريم أن يفرج همي
آسف على الإطالة لا تنسونا من الدعاء
وبارك الله فيكم.
13/8/2003
رد المستشار
أخي أهلا وسهلا بك علي موقعنا مجانين نقطة كوم؛
أخي ليسَ الأمرُ كما تظن مختصًا بالخجل، حتى وإن بدا كذلك، فما الخجلُ إلا صفةٌ تمتدُّ من الحياء المرغوب في المسلم الحق لتصبحَ حياءً في غير موضعه يا والحياءُ في الإسلام هوَ الحياءُ من الله والحياءُ من النفس ثم الحياءُ من الناس والأساسُ في صفةِ الحياء التي يربيها الإسلامُ في الناس هو أن يستحي المؤمن من الحرام والخطأ والعيب، وأما الخجلُ فنستطيعُ اعتبارهُ توسيعًا لذلك وامتدادًا له إلى الحد الذي قد يضرُّ بصاحبه أحيانًا حين يتعارضُ مع تفاعله أمام الآخرين بشكل طبيعي سليم، لكنَّ ما تعاني منه أنت ليسَ خجلاً بل هوَ اضطرابٌ نفسيٌ، نوعٌ من الرهابات اسمه الرهاب الاجتماعي.
والرهابُ يجيء من الرهبة، والرهبة غير الخجل، صحيحٌ أن أعراض الرهاب تبدو في الظاهر كأنها أعراضُ خجلٍ شديد، لكن هذه الأعراض ما هيَ إلا أعراض القلق الشديد، سواءً في حالة الخجل أو في الرهاب، ولعل هذا هو سببُ خطأ بعض الناس في التفريق ما بينهما.
وأما جوهرُ الرهاب الاجتماعي فهوَ الخوف من تقييم الناس للشخص المريض، وليسَ الأمرُ هنا خجلاً ولا حياءً من الوقوع في العيب أو الخطأ أو الحرام أمام الناس، وإنما يتعلق القلقُ في حالتك بكيفَ يقيمني الناس وهذا هوَ ما تعاني منه، أنتَ تخافُ أن يقيمكَ الناسُ فيظلموكَ! ولعل اللَّبْسَ بين الحياء الشرعي المحمود في الإسلام هو السبب في تأخر كثيرين عن طلب العلاج.
فمجتمعنا بوجه عام قبل سلوك الحياء حتى وإن كانَ في غير موضعه، ورغم أن من مفسري الحديث من بينوا الفرق بين الحياء الشرعي السوي وبين ما هو ضعف مذموم فإن معظم الناس لا يدركون الفرق، فمثلاً قال الحافظ ابن حجر في شرحه لحديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قوله: "والحياء شعبة من الإيمان" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم الحياء في اللغة تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب به، وفي الشرع خلق يبعث على اجتناب القبيح، ويمنع من التقصير في حق ذي الحق، لهذا جاء في الحديث الآخر: "الحياء خير كله"، ولكن استعماله وفق الشرع يحتاج إلى اكتساب علم ونية، فهو من الإيمان لهذا، ولكونه باعثًا على فعل الطاعة، وحاجزًا عن فعل المعصية، ولا يقال: رب حياء يمنع عن القول الحق أو فعل الخير؛ لأن ذلك ليس شرعيًّا.
وقال الحافظ أيضًا: "قال عياض وغيره: إنما جعل الحياء من الإيمان وإن كان غريزة؛ لأن استعماله على قانون الشرع يحتاج إلى قصد واكتساب علم، وأما كونه خيرًا كله ولا يأتي إلا بخير فأشكل حمله على العموم؛ لأنه قد يصد صاحبه عن مواجهة من يرتكب المنكرات ويحمله على الإخلال ببعض الحقوق، والجواب أن المراد بالحياء في هذه الأحاديث ما يكون شرعيًّا، والحياء الذي ينشأ عنه الإخلال بالحقوق ليس شرعيًّا بل هو عجز ومهانة".
قلت في إفادتك يا أخي من أينَ لي بأجرة الطبيب النفساني؟ وأنا أقولُ لك أنك لابدَّ - بعد احتياجكَ لله – محتاجٌ لمساعدة من طبيبٍ نفساني، واعلم أن علاقتك بالطبيب النفساني التي ستكونُ بمثابة عبءٍ مادي كبيرٍ عليك كما بينت في إفادتك، هذه العلاقةُ قد تطولُ وقد تقصر أي قد تستنزفُ منك مالاً كثيرًا وقد لا تستنزفُ الكثير من المال، والفيصل في كل ذلك هو أنت وكيفية التزامك بما يقوله الطبيب، لأنك قد تستطيع بعد ستة جلسات علاج معرفي، وبعض العقاقير التي تساعد في تقليل الأعراض الخارجية للقلق، لكنَ الأساسَ في العلاج هوَ العلاج المعرفي السلوكي الذي يقومُ جوهرهُ على التعرض التدريجي للمواقف التي تهابها وتخشاها، مع امتناعك التام عن الاجتناب، ويمكنكَ إذا كنتَ نشيطًا أن تنجزَ البرنامج العلاجي في عدة أشهر، أتمنى أن يوفقك الله والسلام عليكم ورحمة الله.
ويتبع >>>>: الحياء الشرعي، والرهاب المرضي! م