السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
منذ أن كنت صغيرة لن أستطيع الحفاظ علي صداقاتي بالآخرين، وأنا من طفولتي كنت خجولة، ولا أستطيع التأقلم مع الآخرين، وكنت في كبت سببه الأسرة وتحكماتها، وخوفي من أن أفعل شيء يغضبهم مني، وبالرغم من ذلك فكانت أمي شديدة الشك بي!!
وعندما دخلت الجامعة أحسست أني في عالم آخر، وكانت هذه أول مرة أختلط بالناس، ولكن لم يكن عندي خبرة بالتعامل مع الآخرين، فكان هناك من يريد التقرب مني وبعد أن يحدث التقارب يحدث كثرة التباعد عني بقدر الإمكان إلا من قليلين،
فكلما أغير من طريقة معاملتي مع الآخرين يحدث نفس الشيء،
وأنا أريد عمل صداقات جديدة وأحتفظ بها وألا أشعر بهذا النفور.
8/2/2007
رد المستشار
الأخت السائلة العزيزة، أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك في صفحتنا استشارات مجانين، عمرك كما أشرت يزيدُ عن الحادية والعشرين، أي أنك تجاوزت فترةَ المراهقة، لكنك كما يتضح من إفادتك وبياناتك، لم تنجحي في القيام بواجباتك النفسية إبان تلك الفترة، وبالأخص القدرة على تحديد الهوية، وتحديد من أنا بالنسبة لنفسي ومن أنا بالنسبة للآخر، على اختلاف نوع ذلك الآخر، (ولاحظي أنك لم تحددي لنا نوع الأصدقاء الذين تقصدينهم في إفادتك)؛
كما أن من الواضح أنك لا تنجحين في استكمال علاقة حميمة مع من هم في نفس سنك الآن، ربما لنفس السبب، معنى كلامي هو أن ما كان يجب أن تتعلميه وأن تتجاوزيه في فترة المراهقة لم يتم لا تعلمه ولا تجاوزه، لأسباب لا نستطيع إرجاعها كلها لتحكم الأهل بكل تأكيد، لأن معظم أسرنا العربية كذلك، خاصة في ظروف الأعاصير الثقافية والتكنولوجية والإيديولوجيات المغرقة في الخواء التي تجتاح تلك المجتمعات.
المهم يا عزيزتي أن شك الأم مهما بلغ لا يصح أن ينتج ما نتج عنه في حالتك كما تقولين، إلا إن كان شكا مرضيا أي واصلا إلى حد اضطراب الوسواس القهري أو الاضطراب الزوراني، وكلاهما اضطرابان نفسيان، كانا سيلزمانها بالعرض على الطبيب النفسي، ولا أريد أن أستطرد في الدفاع عن أحد لا أعرفه، ولكنني فقط أذكرك بأنك كنت خجولةً بطبعك، وأن أهلك إن لم ينتبهوا لزيادة ذلك عن الحد المفروض فهم مقصرون بالتأكيد.
وأنصحك فيما يختص بمرحلة المراهقة المشاعر المتضاربة أثناءها، والواجبات التي يجب على المراهق القيام بها، وكذلك دور الأهل حين يكون متهما، وأيضًا عن كيفية إقامة علاقات لتعرفي عن كل ذلك: أنصحك أن تقرئي من على صفحتنا الردود السابقة التالية:
كيف أتعامل مع مراهقتي؟
كيف أواجه مراهقة ابنتي؟!
مشكلات المراهقة
فن العلاقات: وعي غائب، وفريضة ضائعة
كيف نهزم الخجل ونحبُّ الأصدقاء!؟
كيف أكسب الأصدقاء؟
على أي حال يا أختي السائلة، ليس المهم هو الأسباب الآن على الأقل، لأن ما تحويه إفادتك مدعاة لقلقٍ حقيقي، خاصةً ذلك الشعور بالنفور الذي تحسينه من الآخرين تجاهك، برغم حدوث التقارب الذي مازال وسيبقى يقلقنا ما ترمين إليه به، فنحن في حالةٍ من العجز عن معرفة أبسط الأسئلة: مثل هل هو تقارب معنوي أم، أكثر من ذلك، وهل مع أصدقاء من الذكور أم من الإناث، وتحت أي مسمى حتى؟ هل تحت مسمى الحب أو تحت مسمى الصداقة؟
المهم أن المراد أولاً هو أن تقومي بسرعة باستدراك ما فاتك من خلال العلاج النفسي الذي يستطيع تحديد نوعه طبيبك النفساني المتخصص الذي يتولى علاجك ككائن واقعي حي، لا ككائن إليكتروني، مثلما هو الحال الآن.
ولكي لا أبقي في نفسي شيئًا ، فإنني ألوم فيك عدم إحسانك للكتابة باللغة العربية وأنت في هذا السن وتعليمك فوق الجامعي، فكثير من حروف المد كان ضائعا، فضلا عن استهلالك الإفادة بتركيبة نحوية لا تصح إذ تقولين (منذ أن كنت صغيرة لن أستطيع الحفاظ علي صداقاتي بالآخرين)، ولا يصح بعد منذ التي تحملنا إلى الماضي أن نستخدم لن التي تدل على المستقبل الذي هو في علم الله.
لذلك عليك أن تعلمي أن جزءًا كبيرًا من مستقبل كيانك النفسي، يعتمد بعد إرادة الله وتوفيقه على قيامك بما يجبُ أن تقومي به من علاج نفسي لتعديل المفاهيم وتغيير السلوكيات،
وأهلا وسهلاًً بك دائما فتابعينا بأخبارك.