السلام عليكم،
وقع أعز صديق لي في مشكلة مع بعض الأشخاص انتهت بألم شديد خلف الرأس ورعشة في الأطراف، وحالة من التوتر والهياج، وذهب للعلاج النفسي، ويعالج منذ فترة قاربت السنتين.
ولكنه صارحني في الفترة الأخيرة بما لم يصارح به أحدا بأن هؤلاء الأشخاص وضعوا له شيئا فيما كان يشربه ويأكله عندهم، وأن الهدف كان فقده لرجولته وتحوله لشخص شاذ، وأنه سأل وبحث عما وضع له، فقال له بعض الأشخاص إن ما وضع له دماء حيض، وعنده ما يؤكد ذلك.
أريد أن أعرف، هل توجد عقاقير تحول رجلا في كامل رجولته وعقله واتزانه إلى شخص شاذ وتفقده رجولته؟ وهل دماء حيض السيدات تفعل ذلك؟.
وإن كان يوجد ما يفعل ذلك، فما العلاج؟ وإلى أي تخصص في الطب يذهب؟
أرجوكم أريد شرحا وافيا ومساعدة عاجلة؛ لأن هذا الشخص يفكر في الانتحار بشكل جدي.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
8/3/2006
رد المستشار
الابن العزيز، أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين، لم تذكر لنا كم يبلغ صديقك الآن من العمر، وباعتبار سنيكما متقاربين فإننا نخمن أنه شاب في العشرينيات من عمره، ابتلاه الله سبحانه بمرض نفسي، وطلب العلاج لدى الطبيب النفسي، ولكنه لا يزال بعد سنتين من العلاج يعتقد اعتقادا جازما بأنه "مَسقي"، وهو غالبا لم يعد يناقش طبيبه النفساني المعالج -هذا إن كان لا يزال على علاقة به- في أمر اعتقاده ذلك، وربما لا يعطيه طبيبه النفساني إن كان من نوع الطبيب الكيميائي فرصة للبوح بأفكاره باعتباره مريضا ذهانيا كما يفعل بعض الأطباء النفسانيين!.
في نفس الوقت صديقك (وربما بعض من أهله معه) يتابع الدوران في فلك أن ما أصابه إنما هو من أثر السحر المتجسد في دم الحيض، ودم الحيض مشهور كمادة يستخدمها السحرة في تدبير السحر الأسود، وكذلك فإن حكاية سقي الشاب شيئا عليه نقطة من دم الحيض مما يؤدي به إلى المرض والذبول والنحول حتى الموت هي أيضا حكاية مشهورة.
ومعنى ذلك أننا نتحدث عن شيء أو موقف يرى كثيرون في مجتمعنا أنه يمكن أن يحدث وقد يصدقون أنه حدث ويحدث، أي يمكن فعلا أن توضع نقطة حيض في كوب شاي أو غيره ويشربها الشاب، ولكن ليس هذا الاعتقاد عند الناس مؤكدا حدوثه في حالة صديقك، وليس كل إنسان مستعدا لتصديق أن حدوث ذلك -إن حدث- يؤدي إلى الأمراض خاصة تلك التي تستعصي على الشفاء، ولكن صديقك يعتقد ذلك اعتقادا يمثل بالنسبة له فكرة قد يموت لإثباتها أحيانا، وهذا نسميه في الطب النفسي فكرة وهامية.
فمن وجهة النظر المادية دم الحيض دم فاسد يمثل بيئة طيبة للميكروبات التي قد يهاجم بعضها الجهاز الهضمي، ومعنى ذلك أنه في حال ضعف مناعة الجهاز الهضمي عند شاربه ربما يتسبب في بعض أعراض اضطراب الهضم أو الإخراج، لكنه -والله أعلم- لا يسبب أمراضا لا نعرفها طبيا أو يؤثر بشكل خاص على القدرة الجنسية، ولا يؤدي إلى الشذوذ وكفى خلطا يرحمك الله.
ما أود التنبيه عليه هنا هو أنه في حال ظهور مثل تلك الفكرة الوهامية المتمثلة في الاعتقاد الراسخ الجازم غير القابل للنقاش بأن أحدا وضع للشخص -أو أطعمه أو سقاه- سما، دون أن يكون هناك أدلة منطقية واقعية محسوسة تثبت أن ذلك حدث، أي بحيث تصبح فكرة خاطئة يؤمن بها صاحبها ويعتقد فيها اعتقادا يصبغ أفكاره وأفعاله ومشاعره، فإن الطبيب النفسي يستطيع تشخيص وجود عرض الفكرة الوهامية.
ليست هناك عقاقير تفعل الأعاجيب التي ذكرتها يا صديقي، والشذوذ اختيار مرضي منذ بلوغ التكليف، يعني ليست هناك عقاقير يعطيها الطبيب النفسي بمقدورها أن تسلب الرجل رجولته أو تحوله إلى شاذ جنسيا، صحيح أن بعض العقاقير المضادة للذهان تزيد من مستوى هرمون البرولاكتين في الدم بشكل قد يسبب ضعفا في الأداء الجنسي لكن هذا الأثر الجانبي يرتبط بالجرعة ونوع العقار وهو في جميع الأحوال عابر بمعنى أنه يزول بسحب العقار أو تغييره.
ولكن ما قولك (وعنده ما يؤكد ذلك) كيف بالله سيكون عنده ما يؤكد أنه أسقي سحرا في نقطة دم حيض في مأكول أو مشروب؟ هل الحادثة مصورة بالفيديو؟ حتى هذا ليس بدليل! وماذا عن العقاقير العلاجية المضادة للذهان، هل صاحبك مستمر بعد تحسن من نوبة الهياج الأولى على علاجه العقاري الصائن؟.
أتمنى أن تشغل نفسك فعلا بمحاولة علاج صديقك؛ فأنت تستطيع بسهولة أن تفكر بطريقة سوية، فقط تعامل مع معطيات هنا والآن معملا عقلك، فصديقك يدور على الدجالين والسحرة ويؤمن أن "هؤلاء الأشخاص" يريدون به شرا وهو -وأسأل الله ألا يحدث- قد يبدأ بالهجوم إذا استشعر الخطر! تخيل ما يمكن أن ينجم عن ذلك من مشاكل! واقرأ: الشك في نوايا الآخرين: التفكير الزوراني.
صديقك يعاني من مرض ذهاني قد يكون مزمنا على الأرجح، وهو يحتاج إلى ضبط جرعة عقاره المضاد للذهان، أو ربما تغييره، كما يحتاج وأهله إلى صلة بالمعالج حتى يتمكن بفضل الله من السواء الفكري والنفسي، فينشغل بما هو فيه هنا والآن وكيف يفهمه ويتعامل معه بمسئولية كشاب جاد؟ عليك إذن أن توصل ردنا هذا إلى أهله ليخبروا طبيبه النفسي المعالج،
وفقك الله وهداك دائما للخير.