السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،
أحب أن أعرض عليكم هذه الحالة لتحليلها....
تعرفت على فتاة تبلغ من العمر 25 عامًا، وغير مرتبطة، وذلك في مجال عملي السابق وهي بطبيعتها اجتماعية فبعد أن تركت ذلك العمل كثيرا ما تدعوني على العشاء أو الغداء وتعرض علي خدماتها حتى أصبحنا صديقتين.
ولكن هناك بعض التصرفات الغريبة لفتت انتباهي لها وهي في أكثر الأوقات في حالة دعوتي أو دعوتها للعشاء أو الغداء كانت تشرب من عصيري قبلي، وبعدها تطلب مني أن أشرب منه وكذلك تتعمد مبادلة الشوك والملاعق بعد أن استخدمتها وعندما تكون مريضة بمرض معدٍ مثل التهاب البلعوم تغافلني وتبادل الشوك والملاعق بعد انتهائها منها.
وأعتقد أنها تقلدني في بعض الأشياء على سبيل المثال تقول إنها لا تحب أن تأكل كثيرا مثلي وهي على عكس ذلك، وأيضا عندما نكون مدعوين معا على الطعام تحاول تقليدي في نوعية الطعام والكمية وأكثر الأحيان تصر على طلب وجبة واحدة تشاركني فيها.
وهي تحب التسوق معي وتختار لي الملابس، وتبدي إعجابها بقوامي وفي عدد من المرات أخذت برأيها، مع العلم أنها كانت تختار لي بعض الملابس التي تتمنى أن ترتديها ولكن لا تستطيع لأنها ليست برشيقة، وبالإضافة إلى ذلك عائلتها متحفظة وهي دائما ترتدي العباءة الخليجية.
وما فاجأني أيضا عندما كنا نخرج معا دائما تدقق في مظهري وعندما تراني مرتدية شيئا من اختيارها تذكرني بأنها هي من اختارته لي. وكذلك تفاجأت بعبارة تحاول إفهامي بأنها هي من علمتني الأناقة، علما بأن الناس دائما تبدي إعجابها بذوقي قبل أن أتعرف عليها وأشتري الملابس الأرقى والأغلى من اختيارها لي. وفي مرات عديدة تذكر لي أفضالها على صديقاتها بطريقة المن.
وبعد فترة من تعرفي عليها أخبرني أحد زملائي في العمل بأن والدتها من أصل هندي، وحذرني بعدم إخبارها بذلك؛ لأنها لا تعترف بذلك لأحد، مع العلم بأن في دول الخليج توجد حالات كثيرة بالزواج من الأجنبية حتى أصبح أن هذا الشيء عادي ولا داعي لإخفائه، وما انتبهت له أثناء تسوقي معها بأنها تعامل الباعة الهنود بشدة وقسوة وبطريقة شبيهة بالشجار من أجل تخفيض السعر، على عكس الباعة من الجنسيات الأخرى.
الأكثر إثارة في الموضوع أنها تبدي غيرتها من الأشخاص الذين كثيرا ما أكون مشغولة معهم ولن أنسى تلك العبارة عندما قالت لي: (أنا أحقد على فلان لأنك دائما تكونين مشغولة معه في المؤتمر)!. وأذكر في إحدى المرات طلبت مني توصيلها إلى منزلها وسألتني هل أحبها؟، أجبتها طبعا أكيد ولماذا أكرهك!!.
وأخيرا أتمنى أن أجد تفسيرا لهذه الحالة الغريبة بالنسبة لي؛ لأني تعرفت على الكثير من الناس ومن الجنسين، ولم أجد أحدا بمثل هذه التصرفات الغريبة، وأحب أن أزيدكم من المعلومات بأني فتاة أبلغ من العمر 30 عامًا وغير متزوجة.
9/3/2007
رد المستشار
الأخت العزيزة، أهلا وسهلا بك على صفحتنا استشارات مجانين وشكرا جزيلا على ثقتك، تطلبين تحليلا لشخصية صديقتك وتذكرين لنا بعض المواقف المشتركة بينكما أو بينها وبين آخرين أمامك وبعض ما سمعت عنها من زميلك في العمل، ولو طلبت منا أن نحللك أنت شخصيا دون أن نكونَ مأسورين في حدود ما وصلنا من سطورك الإلكترونية فإننا سنقرُّ بعجزنا، ونحن في حالة طلبك تحليل صديقتك حالنا أصعب لأننا مأسورون لا فقط بما وصلنا من سطور إلكترونية وإنما مأسورون أيضا بمنظورك أنت ورؤيتك الشخصية للأمور، أليس كذلك؟
إذن فما سأحاول تقديمه هنا ليس أكثر من انطباع عن بعض المواقف التي وصفتها أنت لنا قد يصح وقد يخطئ، والله أعلم، خاصة أن هناك بعض الغموض في المواقف التي ذكرتها لنا، كذلك هناك ما أختلف معك بشأنه كما سأبين لك بعد قليل، ولكن سأبدأ بالتساؤل حول الموقف الأول كما جاء في وصفك:
قد يفهم من أن صديقتك تلك تتعمد مبادلة الشوك والملاعق بعد أن استخدمتها وأنتما تأكلان معا، قد يفهم أنها تود إظهار حبها الشديد لك أو تبين لك كيف أنها تعتبر أنكما شخص واحد، ولكنني لا أفهم في نفس هذا السياق قولك إنها عندما تكون مريضة بمرض معدٍ مثل التهاب البلعوم تغافلك وتبادل الشوك والملاعق بعد انتهائها منها، فهل هي تتعمد الإيذاء لك؟ أم أنها تود لو مرضت هي أن تمرضي مثلها؟ أرجو أن توضحي!
بعد ذلك تأتين على ذكر مواقف تكادُ كلها تكون طبيعية بين صديقتين إلى حد كبير باستثناء حديثك عن كونها تمتن أحيانا عليك، ومن ذلك أنها تقلدك وتحب التسوق معك وتختار لك ما تحب أن تلبس ولا تستطيع، والشخصيات التي ترتبط بأصدقائها إلى هذا الحد كثيرا ما تكون قد عاشت ولا زالت تعيش واقعا به قدر كبير من الحرمان، ربما، ومن ثمَّ تعوض ذلك الحرمان والإحساس بعدم الأمان بالارتباط بصديق/صديقة ارتباطاً شديداً لدرجة أنه قد يكون مزعجاً، وتفسر كل تصرف فيه بعد ولو كان بسيطا في ضوء خبراتها السابقة المليئة بالفقد أو الحرمان، وأعني هنا ما أشرت إليه بقولك إن الأكثر إثارة في الموضوع إنها تبدي غيرتها من الأشخاص الذين كثيرا ما تكونين مشغولة معهم وإنها قالت لك: أنا أحقد على فلان لأنك دائما تكونين مشغولة معه في المؤتمر!، أي أنه تصرف خانق من فرط ما ينم عنه من الغيرة، لكنني هنا أقول لك قد يكون هذا عيبا بها هي غيارة وهذا عيبها، لكن أذكرك بقول الشاعر العربي:
أتَطلب صاحباً لا عيبَ فيهِ؟! *** وأيُّ الناسِ ليسَ لهُ عُيوبُ؟!
واقرئي لتعرفي عن الصداقة وما تعنيه:
أشك في صديقتي
وأما كونها تمتن عليك أو تمتن على صديقاتها أمامك فأمرٌ أحسب أن النقاش معها فيه واجبٌ قبل أن تقلقي بشأنه، فأنا أشعر أنك أكثرُ قلقا مما قد تستدعيه مواقف كالتي وصفتها من صديقة، وقد يفهم مَنُّها عليك على أنه نوعٌ من أنواع محاولة الاحتفاظ بالشخص وإن أساء صاحبه الوسيلة أو التعبير كما يحدث عادة عند أصحاب النفوس العالية عندما يمتن عليهم أحد غير الله عز وجل.. لكنني أصر أنك أكثر قلقا من اللازم ما زلت.
وأحسب أن صديقتك تلك بها مزايا لك أكثر من العيوب، وأنك ربما تكسبين أكثر لو بينت لها ما يضايقك من تصرفاتها، وبقي أن أنبهك إلى ما أختلف معك فيه وهو ما يعبر عنه سؤالك وأيضا غيبتك لها حين وصفتها بأنها هندية الأصل فهل هي سبة في مجتمعكم البحريني؟، وهل الباعة الهنود غير عابري سبيل يرتزقون في بلدكم الذي أنعم الله عليه برزق وفير؟
من الواضح أنك تناسيت تماما قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى))، وهو حديث صحيح أخرجه أحمد، والبيهقي وأبو نعيم، وهل كلنا نسينا ذاك الحديث لنلصق الصفات أو السمات بالمسلمين على أسس عرقية؟ ألا نؤمن بأن تفعيل الإسلام في النفس يطهرها؟ راجعي نفسك وزميلك وكفا عن اغتياب الناس، كذلك حاولي مفاتحة صديقتك في ما ترتابين منها فيه،
وإن شاء الله يكونُ كل خير، وتابعينا بالأخبار الطيبة.