الهجرة
سلام عليكم؛
إحنا عائلة مرتبطة جدا وخصوصا في أوقات الأزمات ومن العائلات حسنة التربية والأخلاق والناجحين كلنا في حياتنا العملية نجاح باهر.. كل أخواتي مهاجرين خارج مصر وأبي علي المعاش حاليا وأمي متوفاة من كذا سنة.. رحمها الله.
سؤالي هو يصح سفري وهجرتي للخارج وخصوصا أن كل إخوتي مهاجرين واحتمال رجوعهم مصر ضئيل جدا وأبي يعيش لوحده وشبه رافض الزواج بعد وفاة أمي؟
سبب طلبي السفر للخارج وهجرتي هو بحثا عن استكمالي الدراسة في جامعة كبيرة بالخارج واشتغالي بوظيفة أكسب منها خبرة ونوع من تحقيق الذات أني أكون عالم أو باحث كبير وده استحالة تكوينه هنا في بلدي.. خصوصا في الأوضاع الحالية اللي مستحيل تغييرها..
وكذلك رؤيتي للوضع السيئ في بلدي من الناحية الأخلاقية والاقتصادية وتأكدي التام أن المستقبل في بلدي أسود.. ده غير المعاناة اللي أعانيها من تعاملي مع الناس في بلدي والأمراض الأخلاقية والتلوث في تفكيرهم أصبح شيئا عاديا ومعتادا... وأكيد ديه موش الحياة اللي أنا عايز أعيشها أو أربي فيها أطفالي...
من الناحية الأخرى... إحساسي بتأنيب الضمير قوي في حالة سفري.. ودائما أسأل نفسي.. افرض أبوك تعب أو مرضَ مرضا شديد.. مين حياخد باله منه؟! بالرغم أن حالته الصحية كويسة حاليا بالنسبة لسنه.. لكن احتمال المرض وارد طبعا.. ونقطة أخرى.. بالرغم من أنه اجتماعي جدا وله أصحاب كثير.. سفر جميع أولاده للخارج وعدم وجودنا بجواره قد يؤذيه نفسيا.
أتمني أجد عندكم الحل اللي يرضي ربنا.
9/3/2007
رد المستشار
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أدعو الله أن يسهل لك جميع أمرك لأنك سهلت علي إجابتك عندما سألتني عن الحل الذي يرضي ربنا وأحسبك تعرفه أكثر مني. أتذكر الرجل الذي ذهب يبغي الجهاد في سبيل الله فسأله الرسول عليه الصلاة والسلام هل لك والدان قال نعم قال فاذهب فجاهد فيهما؟ في تحليل موقف هذا الشاب نقول أن دافعه للجهاد قد يكون غنائم المعارك أو إعلاء كلمة الله يعني هدف ديني وآخر دنيوي مثل الدراسة والتخصص والمال وفي كلا الحالتين نصحه الرسول عليه الصلاة والسلام باختيار بديل بر والديه هل تعرف لماذا؟ لأن بر الوالدين هدف أسمى وأوسع ويؤدي لكسبهما معا في ذات الوقت.
أنت تعرف أن بر الوالدين مقرون بطاعة الله وأنه باب من أبواب الجنة يعني لو أعانك الله وفزت ببر والدك فقد هيئت لنفسك مدخلا طيبا للجنة دون أن تنسى نصيبك من الدنيا فمن المعروف أن أجر بر الوالدين معجل أيضا في الدنيا فنراه بركة في الرزق القليل وتيسير لأمور دون أسباب واضحة.
كان الله في عونك وعون جميع من هم في مثل حالك من الشباب الساعي وراء أسباب الحياة الواضحة بالنسبة لنا من علم وعمل على ما تعانيه منطقتنا من مشكلات اقتصادية واجتماعية لكن الحل لن يكون أبدا بفرارنا من السفينة الغارقة -وإن شاء الله لا تكون غارقة- وبموضوعية ما زلنا نرى ناجحين في بلادنا رغم كل الظروف الصعبة فالوضع ليس أسود كما تقول قد يكون فقط صعب نتيجة أمور كثيرة لا نغفل منها ضعف إعدادنا وتلك حكاية أخرى.
قد تكون فرص العمل والنجاح في الخارج أسهل ولكن ثمنها غالي انه فقدان للشعور بالألفة والانتماء, شعور ماسخ بالغربة رغم التمتع بميزات الشوارع المنظمة وغياب الاختناقات المرورية. وعند الاختيار بينك وبين والدك أعطي صوتي لوالدك على ألا تفعل ذلك مرغما بل احمد الله أن رزقك هذه الفرصة دون إخوتك واعلم أنها مهمة ليست سهلة.
يقال في الصحة النفسية أن وجود فلسفة عامة للحياة يجعل تحقيق الصحة النفسية أسهل لأنه يخلص الفرد من الكثير من الصراعات ويجنبه الوقوع في إحباطات غير ضرورية فانظر هل فلسفتك في الحياة "عيشني النهار ده وانسَ بكرة؟" عندها إذن يجب أن تسافر ووالدك له رب اسمه الكريم اتركه يدبره مدبر الكون.
هل فلسفتك أنك إنسان كريم تقدر المعروف وترغب في رده وترى أن الأمور المعنوية أكثر قيمة وأهم من الماديات التي تزول لأسباب مختلفة منها زوال الحياة نفسها عندها ابق قريبا من والدك وانتظر بركة رضاه في الدنيا أو الآخرة أو فيهما معا.
ويتبع >>>>>>: أهاجر أم أراعي والدي؟أنت وفلسفتك مشاركة