الاستمناء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وأخيرا وصلت وبعد عناء طويل، أحمد الله على ذلك؛
مشكلتي يا أخواني الأعزاء أنني أمارس العادة السرية منذ أكثر من خمس سنوات وحاولت مرارا أن أتوقف عن ذلك العمل، ففعلت بعد أن أحببت إحدى الفتيات المؤمنات ولكن ما لبثت أن عدت قبل انفصالنا حبا،
ولكن هذه المرة اختلف الوضع كثيرا فقد أخذت ترافقني أفكار تسلطية (منذ سنة) فأصبحت أفسر كل شيء في حياتي على أساس جنسي فإذا رأيت امرأة تحمل سكينا أخالها والعياذ بالله واضعة السكين في ذلك المكان وأفكار أخرى أكثر اشمئزازا (بالإضافة إلى حركات أخرى مثل تحريك الفك والأذنين) ولا أستطيع طرد تلك الأفكار وإن فعلت ازدادت أكثر وأكثر.
ولكن وحين قرأت كتاب الأخ الدكتور وائل أبو هندي (الوسواس القهري) ارتاحت نفسيتي بعدما كنت أظن نفسي أن قد هلكت وأنني لا محالة من أصحاب النار وخصوصا بعدما حاولت التوبة عدة مرات ولم أفلح.
أذكركم أنني أعاني من صداع نصفي وأرجو منكم الرد لأنني بغاية الانتظار وخصوصا أن شهر رمضان قد أصبح على الأبواب وأنا مقدم السنة على الامتحان الثانوي النهائي،
إذا لديكم أي سؤال لي، راسلوني على بريدي الإلكتروني.
دمتم برعاية الله، أخوكم المحب محمد.
15/10/200
رد المستشار
الأخ السائل العزيز، أهلا وسهلا بك وشكرًا على ثقتك بموقعنا، وصفحتنا استشارات مجانين، الحقيقة أن كل ما يتعلق بالاستمناء من الناحية النفسية والجسدية والدينية وطريق الخلاص منه، قد عرضناه من قبل في أكثر من إجابةٍ سابقة لمستشاري صفحتنا ويمكنك أن تجد كثيرًا من ذلك وأيضًا علاقة الاستمناء بالوسوسة تحت العناوين التالية:
الاستمناء وشماعة الجهل التي ذابت
الاستمناء والاحتلام والوسوسة
الاستمناء القهري أم الاستعراء القهري؟!
لبسة النساء الأثرية والاستمناء بالتخيل
وأما الأهم في إفادتك فهو أولاً ما بينته من قدرة الحب على تغيير السلوك وتمكينك من الإقلاع عن ممارسة الاستمناء ولو مرحليا وبعد خمس سنوات من الفشل في الإقلاع عنها، وذلك بالرغم من أن البنت التي كنت مرتبطًا بها كانت من الفتيات المؤمنات، وهو ما يفهم منه أن علاقتكما لم تتعد الحدود الشرعية المسموح بها أي لم يكن هناك جنس في الموضوع وإنما فقط مشاعر سامية، وهذا ما أود أن يعرفه كثيرون يعتبرون الحب حراما دون أن يفكروا في مدى ما يوفره من طاقة مفيدة إذا أحسن استغلالها في مرحلة الشباب.
وتواصل بعد ذلك قولك: (ولكن ما لبثت أن عدت قبل انفصالنا حبا)، وتعني بذلك أولا أنك عدت إلى الاستمناء رغم أنكما كنتما معا، وثانيا أن انفصالكما كان لأن كلا منكما يحب الآخر، أو هذا ما فهمناه، وهنا نقول أن معنى انفصالكما وأنتما تحتفظان بالحب يعني أنكما مررتما بمرحلة من الكرب النفسي والتوتر لأنكما اكتشفتما أن علاقة الحب القائمة بينكما لن تصل إلى الزواج، والشاهد الذي أريد إيضاحه هنا هو أن المرحلة التي انتكست فيها وعدت لممارسة الاستمناء كانت فترةُ كربٍ وضغط نفسي شديد،
ويظهر لنا بعد ذلك أيضًا ما رسبه ذلك الحدث المؤلم في حياتك (وهو ترك الحبيبة بدافع الحب!) من ظهور أعراض لاضطراب الوسواس القهري هي الفكرة التسلطية التي تحشر نفسها في وعيك لتفسير كل شيء تفسيرًا جنسيا من خلال أفكارٍ تسلطية تراها أنت نفسك مدعاة للاشمئزاز وهي على الأقل لا معنى لها كما يظهر من المثل الذي ضربته لنا في إفادتك (فإذا رأيت امرأة تحمل سكينا أخالها والعياذ بالله واضعة السكين في ذلك المكان)، وكلما قاومت أنت تلك الفكرة أو غيرها كلما ازدادت حدة وإلحاحا، ونحن عند هذه النقطة نستطيع أن نخمن وجود اضطراب الوسواس القهري الذي لا ندري كم مدته معك، لأنك حددته لنا فقط بوقت انفصالك عن حبيبتك وانتكاسك في الإقلاع عن ممارسة الاستمناء ولا نعرف نحن طبعا منذ متى حدث ذلك.
وتستطيع أن تجد على صفحتنا استشارات مجانين كثيرًا من المعلومات عن اضطراب الوسواس القهري بأشكاله المختلفة وأيضًا عن العلاج منه، وذلك بالنقر على العناوين التالية:
على حافة الجنون
كرات الزئبق والوسواس
الوسواس القهري والاكتئاب
الوسواس القهري وأحلام اليقظة
ما هيَ الم.ا.س.ا؟
إلا أن في إفادتك إشارةٌ إلى حركات تصفها أنت لنا باعتبارها أفعالاً قهرية حين تقول بين قوسين: (بالإضافة إلى حركات أخرى مثل تحريك الفك والأذنين)، ونحن لا نستطيع الحكم على هذه الحركات لأنها تبدو لنا شبيهة بالحركات التي تحدث في اضطراب العرات Tic Disorder أو اضطراب توريت، وهو أحد اضطرابات نطاق الوسواس القهري، وهذه العَرَّات تمثلُ مشكلةً تشخيصية صعبةً في كثيرٍ من الأحيان؛ لأن العَـرَّات تشعرُ المريضَ بعدم قدرته على منعها رغم ما تسببه له من الإحراج ومن انتقادات الناس؛ وهناكَ إلى جانب العَـرَّات في نسبة لا يستهانُ بها من مرضى هذا الاضطراب أفكارٌ أو صورٌ أو نزعاتٌ وسواسيةٌ تحشرُ نفسها في ذهن المريض بالضبط كأفكار اضطراب الوسواس القهري التسلطية؛
ومن ناحية الصورة المرضية لاضطراب توريت فإن العَـرَّةَ أو اللازمة الحركية تعنى حركةً مفاجئة متكررةً وغيرُ منتظمةٍ في مجموعةٍ معينة من العضلات وهيَ في شكلها تشبه الحركات الطبيعية للإنسان لكنَّ الذي يجعلها اضطراباً هو تكرارها رغم محاولة الشخص أن يتوقف عنها وإحساسه بأنهُ مضطرٌ لفعلها ليتخلص من إحساس جسدي بالضيق ينتابهُ ويشتدُّ عليه كلما حاول الكفَّ عن تكرارها؛ وغالبًا ما تحدثُ اللازمةُ في مجموعة العضلات الصغيرة حول العين أو النصف السفلي للوجه أو العضلات الأكبر في الرقبة أو غيرها؛
وقد تأخذُ أي شكلٍ من أشكال الحركات البشرية بسيطًا كالرمش بالعين أو (طرفة العين Eye Blinking) أو هَزِّ أو رَجَّةِ الكتف Shoulder Shrugging أو هَـزِّ أو رَجَّــةِ الرأس أو الرقبة Neck Jerking؛ وقد تكونُ أكثرَ تركيبًـا كتعبير وجهٍ معين مثل تكشيرِ قسمات الوجه Facial Grimacing وقد يكونُ ذلك التعبيرُ غيرَ لائقٍ اجتماعيًّـا مما يتسببُ في الإحراج للشخص أو لأهله؛ ومن العرات الحركية المركبة أيضًا ضربُ النفس والقفزُ والوثبُ على قدمٍ واحدةٍ (الحجل)، وإن كانت الحدود بينَ العرات الحركية البسيطة والمركبة ليستْ واضحةً دائمًا.
وأما العَرَّات الصوتية فينطبقُ عليها نفسُ التعريف إلا أنها تكونُ أصواتًا لا حركاتٍ جسدية ويمكنُ أن تكونَ بسيطةً كصوت التنخم ( تنظيفُ الحنجرة Throat Cleaning) أو التنحنُح Barking أو التنشق Sniffing أو الهسهسة Hissing أو صوت نباح الكلب مثلاً أو قد تكونُ مركبة بحيثُ تصدرُ عن الشخص كلمات مفهومة وكثيرًا ما تأخذُ شكلَ السباب أو الكلمات البذيئةِ ومن الشائع أيضًا استخدام كلماتٍ غامضةٍ في كثيرٍ من الأحيان أو تكرار الأصوات أو الكلمات التي تصدرُ عن الشخص نفسه، فإذا كان الشخص يعاني من لوازم حركية فقط أو لوازم صوتية فقط فإن تشخيصه يكونُ اضطراب العَـرَّات المزمن Chronic Tic Disorder؛
أما إذا اجتمعت العَـرَّات الحركية مع العَـرَّات الصوتية في مريض واحد سواءً في نفس الوقت أو في أوقات مختلفة فإن تشخيصهُ يكونُ اضطراب توريت ومن المهم هنا أن أشيرَ إلى أن هناكَ ثلاثةُ أنواع على الأقل من اضطرابات العَـرَّات أكثرها انتشارًا هو النوع العابر الذي تحدثُ فيه لوازم حركية أو صوتيةٌ ينطبقُ عليها التعريف السابق لكنها لا تستمرُّ أكثرَ من سنة من الزمان وأما النوع المزمن فلابد أن تطولَ مدة الاضطراب فيه عن سنة وأن تكونَ العَـرَّات فيه إما حركيةً أو صوتيةً فإن اجتمعت العَـرَّات في الحركة والصوت فقد أصبح التشخيصُ هو اضطراب توريت.
وكثيرًا ما يجدُ الطبيبُ النفسيُّ نفسه في حيرةٍ لا تشخيصية فقط وإنما علاجية أيضًا لأن علاجَ اضطراب العَرَّات الحركية أو اضطراب توريت مختلفٌ من الناحية الكيميائية عن علاج اضطراب الوسواس القهري فقد أثبتت التجاربُ العلمية في الطب النفسي أن العَرَّات الحركيةَ تعالجُ باستخدام العقَّـاقير التي تقلل نشاط الناقل العصبي الدوبامين؛ بينما يعالجُ اضطراب الوسواس القهري باستخدام العقَّـاقير التي تزيدُ من كمِّ أو تأثير ناقلٍ عصبيٍّ آخر هو السيروتونين، والحقيقةُ أن هناكَ تشابهًا لا يمكنُ إغفالُهُ بينَ الاضطرابين من حيثُ الأعراض القهرية حتى في المرضى الذين لا يعانون من أفكارٍ أو صورٍ وسواسية؛
أيْ أنَّ توقعَ الأطباء النفسيين لوجودٍ علاقة بيولوجيةٍ بينَ الاضطرابين كانَ من المفترض أن يُـثْبِـتَـهُ تجريب العقاقير الدوائية بحيثُ يستجيبُ مريضُ أيٍّ من الاضطرابين لنفس العقَّـار؛ ولكن ذلك لم يحدثُ للأسفْ خاصةً في المرضى الأكثر عددًا وهم الذين يعانونَ من لوازم صوتية أو حركية غيرُ مصحوبةٍ بأفكارٍ أو صورٍ وسواسية؛ ولكن الذي ظهر إلى حد ما في الدراسات التي أجريتْ على مرضى اضطراب الوسواس القهري الذينَ يعانونَ من أعراض لوازم حركية إضافة إلى أعراض الوسواس هوَ أن هذه المجموعة من المرضى ربما تستجيبُ لكلا النوعين من العقَّاقير إذا استخدما سويًا أي أن المريض يأخذُ عقارًا يزيد السيروتونين وعقارًا يضادُّ الدوبامين.
وتقول لنا بعد ذلك أن قراءتك لكتابنا (الوسواس القهري) قد أراحتك ونحن نحمد الله سبحانه أن وفقنا لكتابته ونشره، ونسأل الله أن ينفع به المسلمين في كل مكان، ولكن الأهم من أن تستريح وتشعر بالأمل بفضل الله بعد قراءة الكتاب هو أن تسارع باللجوء إلى أقرب الأطباء النفسيين من مكان إقامتك لأن الوقت حرج.
وأنت تقول في آخر إفادتك: (أذكركم أنني أعاني من صداع نصفي، وأرجو منكم الرد لأنني بغاية الانتظار وخصوصا أن شهر رمضان قد أصبح على الأبواب وأنا مقدم السنة على الامتحان الثانوي النهائي)، فأما الصداع النصفي أو الشقيقة فاضطراب يتم علاجه بنجاح إن كان بالفعل كذلك فليس كل ألم يصيب أحد نصفي الرأس صداعا نصفيا كما يمكنك أن تعرف من خلال قراءة الرد التالي على صفحتنا:
الصداع النصفي: الشقيقة والمجتمع والشيخ
وأما أنك متعجل فنحن معك في التعجل في طلب الشفاء ولكن من عند من يستطيعون مساعدتك عليه، فعليك باستخارة ربك ثم عرض نفسك على أقرب الأطباء النفسيين، وأهلا بك دائما فتابعنا بأخبارك.