السلام عليكم ورحمة الله
أولا أريد أن أشكر كل العاملين على هذا الموقع الجيد الذي يقدم خدمة جليلة للأمة وبالأخص نافدة استشارات مجانين. جزاكم الله خيرا وأتمنى لكم الاستمرارية.
أنا فتاة أبلغ من العمر 25 سنة متدينة والحمد لله، منذ حوالي سنتين حصلت على وظيفة مدرسة لتعليم الثانوي. في مرحلة التكوين لهذه المهنة بدأت مشكلتي بحيث أصبحت أنظر إلى زميلاتي نظرات غريبة وكأني أميل إليهن جنسيا، هذا الأمر أزعجني كثيرا وأشعرني بالذنب وتأنيب الضمير، إضافة إلى هذا كنت أتخيل أشياء غريبة مثل أنني مكبلة بالسلاسل وأصبحت لي أظافر طويلة والشياطين من حولي.
فسرت ما يحصل لي بأنني ربما أكون مسحورة، عن ذلك قرأت كتابا صغيرا فيه أذكار لدفع السحر وأنواع السحر التي من بينها السحر الأسود، تلاوتي لهذا الكتاب زادت من مشكلتي حيت بدأ يجول في خاطري أفكار بأنني سأصبح ساحرة وسأتلاعب بالقرآن إضافة إلى أفكار سيئة عن الله سبحانه وتعالى وعن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة الكرام، هذه الأفكار عذبتني كثيرا كانت مثل الجبال توضع فوق رأسي وكلما حاولت التخلص منها ازدادت في رأسي.
لقد أصبت بالحيرة والذهول لا أعرف ماذا أفعل وكيف أتصرف ويخجلني أن أقول إنني فكرت في الانتحار عندها. خلال أسبوع أصبحت منطوية وشاحبة وكثيرة الصمت أصارع الأفكار السيئة، صديقتي لاحظت التحول في طباعي فسألتني عن ذلك فعانقتها بشدة فأخبرتها بما يحصل معي وأنا أبكي فنصحتني بأن أسافر إلى أهلي لكي يعتنوا بي، فعلت ذلك وأخبرت أهلي، عند ذلك أخذني أخي إلى طبيب نفسي.
زرت الطبيب وأخبرته بأنني أتخيل بأن الشياطين تأتي إلي ولم أخبره بالوساوس عن الله الذي تسيطر علي. عندها أعطاني دواء اسمه هالوبيريدول آخذ منه 5 قطرات ليلا إضافة إلى نصف قرص من أقراص إكوانيل. عند أخذي للعلاج لم أشعر بتحسن كبير حيث استمرت معي الأفكار الرهيبة عن الله.
في رمضان كنت أصلي وأسأل الله أن يغفر لي ويهديني، بعد رمضان عزمت أن أتجاهل هذه الأفكار وأن أعتبرها من الشيطان، عندها تحسنت أحوالي وتحسنت أكثر عندما قرأت في مجلة إسلامية حديثا للنبي صلى الله عليه وسلم معناه أن رجالا أتوا إليه يشتكون من أفكار سيئة عن الله فحمد الرسول صلى الله عليه وسلم الله أنهم ردوا ذلك إلى الوساوس.
عندما شعرت بهذا التحسن تخليت عن أخذي للدواء وبعد 3 شهور عادت إلي تلك الوساوس والأفكار السيئة عن الله وفي ديني التي كنت أحاول جاهدة طردها بكثير من الأذكار دون جدوى فساءت أحوالي كثيرا حيث أصبحت أشعر بالعجز واليأس، عند ذلك أقنعوني أهلي بمعاودة زيارة الطبيب النفسي الذي أعطاني الدواء نفسه هالوبيريدول لكن بجرعة أكبر وهي 10 قطرات ليلا. مرت علي الآن 9 شهور وأنا مواظبة على الدواء، حيث أشعر بتحسن لا أقول إن الأفكار لا تأتيني ولكنني أتجاهلها.
أريد أن أسألكم:
هل أنا مصابة بالوسواس القهري؟
وما هي أسباب الإصابة بهذا المرض؟
هل هو اختبار من الله لثبات المؤمن؟
هل سيحاسبني الله على تلك الأفكار علما أنني ما زلت أواظب على الصلاة؟
إلى متى أستمر على أخد الدواء؟
علما بأنني أؤجل فكرة الزواج إلى حين أشفى تماما؛ لأن من تقدموا إلي لا يتقبلون فكرة أنني أتعالج عند طبيب نفسي. وهل الزواج يمكن أن يساعدني لتجاوز هذه المحنة؟
لدي مشكلة أخرى وهي أنني فقدت الثقة في نفسي، وأصبحت مسلوبة الإرادة وكسولة بعدما كنت نشيطة وحيوية (مثلا لم أعد أواظب على أذكار الصباح والمساء وتلاوة القرآن) من قبل هذا الذي أصابني. هل الخمول والكسل الذي أعاني منه هو من جراء المرض النفسي أم من قلة صبري ومقاومتي للمرض؟ فأنا أريد أن أسترجع شخصيتي وأن أمارس حياتي بطبيعية.
أرجو منكم أن تفيدوني وتقدموا لي النصيحة وأن تجيبوا على رسالتي وأعتذر إن كنت قد أطلت عليكم.
شكرا جزيلا. أختكم في الله
1/2/2005
رد المستشار
الأخت العزيزة "غ.ر"،
أهلا بك وبكل أهلنا في المغرب الحبيب، أعانك الله على مصابك وألهمك الصبر عليه، وعلى الغموض الذي أجدني مضطرا إليه في إجابتي عليك، إلا أن نصيحتي الأهم هي ألا تكرري الاستجابة لرغبتك في ترك العقاقير التي تتحسنين عليها، إلا أن تناقشي طبيبك النفسي المعالج في الأمر وحتى تصلي معه إلى فهم كامل لرؤيته لحالتك أو اضطرابك النفسي ومساره ومآله المرضي، ودور استمرارك على العقاقير في علاجه والوقاية منه.
أول ما اشتكيت منه وفسرته بأنه سحر، كان على أغلب الظن هو البداية فعلا، ورد فعلك على الطارئ النفسي الأول وهو شعورك بالميل الجنسي تجاه رفيقاتك أثناء مرحلة التكوين، كان رد فعلٍ مفرطا في شدته، فانزلقت في التأنيب المفرط لذاتك، وبدأت تتخيلين كما يفهم من قولك: "كنت أتخيل أشياء غريبة مثل أنني مكبلة بالسلاسل، وأصبحت لي أظافر طويلة والشياطين من حولي"؛ فأنا كطبيب نفسي هنا أشعر بحاجة لإجابة تساؤلات كثيرة قبل أن أكمل:
(فليست واضحة هنا جملة "كنت أتخيل" لأنني لا أدري هل كنت تعرفين أثناء التخيل أنك تتخيلين وهذا طبيعي، أم كنت لا تعرفين أثناء التخيل أنه تخيل، وبالتالي تصدقين وتعيشين خبرة نفسية كاملة -ولكنها فقط غير موجودة في الواقع بالنسبة للآخرين- أي أنها خبرة شعورية معرفية كاملة بالنسبة لك أنت فقط لكنها منافية للحياة الواقعية، وهنا يصبح اسم التخيل للتكبيل بالسلاسل والأظافر الطويلة والشياطين حواليك، يصبح هلاوس بصرية Visual Hallucinations وغير واضح لي إن كانت مصحوبة بهلاوس سمعية Auditory Hallucinations أم لا؟)، كل هذه يا أختي استفسارات تستدعيها كلماتك في وصف خبرة التخيل، وهذا ما ركزت عليه في شكواك للطبيب النفسي الذي فحص حالتك العقلية، وبالتالي جعلته يفكر في عرضٍ ذهاني Psychotic Symptom، وأحسب أنه سألك وأجبته بما جعله يختار لك أحد أقوى مضادات الأعراض الذهانية وهو عقار الهالوبريدول، وبالفعل استرحت عليه، خاصةً أنه أيضًا قد يحسن الأعراض الاكتئابية المصاحبة لأعراض الذهان في بدايتها.
وجاءت قراءتك لكتابٍ عن السحر بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير المنهك، فإذا أنت تنتابك الوساوس المؤلمة، وشعرت بالعجز عن التصرف، ثم كان أن قيض الله لك صديقتك التي أشرت إليها وكان أن قدمت لك بالفعل مساعدة كبيرة، وساعدك أخوك أيضًا، وكان ما كان من عرضك على الطبيب المتخصص، وأحسب هنا أن ما كان باديا من سوء حالتك النفسية ساعد في إقناع وتشجيع الجميع على التصرف السليم، والحمد لله.
تسألين أنت عن اضطراب الوسواس القهري، وأتكلم أنا عن بدايات اضطراب الفصام، وذلك لأنني لا أستطيع الفصل في أمر تلك الوساوس التي انتابتك؛ فمن الممكن جدا أن تكونَ جزءًا من أعراض الفصام أو إيذانا ببدايتها، كما يمكنُ أن تمثل اضطرابا منفصلا، وإن كانت في حالتك تبدو أقرب إلى الاحتمال الأول، والحقيقة أن مساحة تشخيصية كبيرة ما تزال ملتبسة على مستوى عمل الطبيب النفسي بين الوسواس القهري والفصام، وبالعامية المصرية (مش ناقصة إن حضرتك تخبي عن طبيبك).
بمعنى آخر:
إن إرجاعك تلك الوساوس إلى الشيطان وكتمك لها وإحجامك عن ذكرها لطبيبك بالتالي، هذا التصرف وهذا التفسير وإن مكنك من تجاهلها -وهذا أمر محمود- فإنه حرم طبيبك النفسي ربما من الرؤية الكاملة، وبالتالي تكونين أنت مقصرةً في حق نفسك، وأنصحك هنا بقراءة الروابط التالية وتجدين فيها إجابة على عددٍ من أسئلتك وبيانا للحيرة التشخيصية بين الوسواس والفصام:
بين الوسواس القهري والفصام: نسخة مجانين!
الأفكار الكفرية: ذلك صريح الإيمان
وأما أنك تحسنت فهذا ما يشير إلى أن الأمر يتعلق بالذهان أكثر من تعلقه بالوسواس القهري، وإن كان لا ينفي إمكانية بقاء تلك الوساوس معك مثلما هو حادث، وإن وجدت نفسك أقدر على عدم التأثر السلوكي بها، بينما أنت قابلة للخلاص منها إذا صارحت طبيبك المعالج، فأضاف لك أحد عقاقير الوسوسة أي الم.ا.س أو الم.ا.س.ا
تنتظرين أنت إيقاف العلاج، وأنا لا أستطيع الفصل أصلا في التشخيص، وبالتالي لا أستطيع الفصل في: كم يلزمك البقاء على العقار للوقاية من انتكاس الاضطراب؟
وأحسب أن فكرة تأجيل الزواج فكرة في غير محلها؛ فمن حقك أن تتزوجي، وأن تجدي من يقبل بالزواج منك وبفكرة العلاج النفسي والمتابعة مع طبيب نفسي، ولا أوافقك على الانتظار حتى يتم دفن الأمر ونسيانه تماما، إلا إذا كان هذا هو رأي طبيبك النفسي المعالج باعتباره الأكثر قربا من مجتمعك والأكثر علما بنوع اضطرابك. وأما نحن في استشارات مجانين فننتظر منك معلومات أكثر عن الحالة، وإجابة دقيقة على ما طرحناه من تساؤلات خلال ردنا عليك. وأهلا وسهلا بك دائما.
ويتبع>>>>>>>>>> : مرة أخرى بين الوسوسة والفصام م