السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛
أسأل الله لكم خير الجزاء على هدا الموقع الهادف الذي أزوره باستمرار.. وأتمنى لكم المزيد من التوفيق والنجاح لخدمة شباب المسلم. أريد أن أذكركم أنني صاحبة مشكلة "مرة أخرى بين الوسوسة والفصام" حيث أشكر كثيرا الدكتور وائل وكل من ساهم في الإجابة عليها.
يؤسفني أن أخبركم أنني لحد الآن لا أعرف حقيقة مرضي حيت أخبرني الطبيب الذي يعالجني أنه ليس الوسواس القهري دون أن يوضح لي اسم المرض الذي أعاني منه (هل هو الفصام) كان ذلك بعد أن تلقيت إجابتكم.
أود أن أخبركم أنني توقفت عن أخد الدواء بعد تحسني وبإذن الطبيب بعيد شهر رمضان هذا العام والحمد لله بشرط محاولة للاعتماد على النفس طبقا لعبارة الطبيب. مشاكلي الآن هي أنني كثيرة التكلم مع نفسي حيت أعيد الحوارات التي أجريها مع الناس، وعدم التركيز وكثيرة السهو والتفكير بدون هدف وكثيرة التردد حيت أجد صعوبة كثيرة في اتخاذ القرارات البسيطة في حياتي.
أريد الخروج من هده الفوضى؛ لأنني خائفة من أن تتدهور حالتي للأسوأ وأن أحدث نفسي أمام الناس. لهذا السبب عاودت زيارة الطبيب بعد 4 أشهر من توقفي لأخذ الدواء، فنصحني بأخذ نفس الدواء هالوبيريدول (10 قطرات ليلا).
أنا للآن نادمة لأنني أجد نفسي قد تسرعت؛ لأنه ربما حالتي تستدعي الدواء مرة أخرى. وأيضا لأن طبيبي يسألني أسئلة محددة، حيت لا أستمر في الجلسة أكتر من 5 دقائق. وهذا يزعجني كثيرا. بالنسبة للنوم لا أجد مشكلة، أما بالنسبة للأكل فأنا أكثر منه خصوصا وأنا متوترة.
أرجو منكم أن تنصحونني وأن تجيبوا على رسالتي وجزآكم الله خيرا.
وأعتذر إن كانت عباراتي غير منضمة. لا تنسوني من خالص دعواتكم بالشفاء والهدى.
22/2/2006
رد المستشار
الأخت العزيزة... أهلا وسهلا بك وشكرا على متابعتك ...
أحسب أنني الآن أكثر اقتناعًا بأن حالتك تقع بين الوسواس القهري والفصام وبالمناسبة فقد أظهرت نتائج بحث علمي أشرفت عليه أن أعراض الوسواس القهري موجودة في 40% من مرضى الفصام، وليس معنى هذا أنني أقطع بكون حالتك فصاما، ولكنني فقط أود تشريح بعض ما تشتكين منه من أعراض وعلى خلفية إصرار طبيبك المعالج على الاستمرار على نفس عقارك القديم المضاد للذهان، والذي أيضًا تتحسنين عليه بفضل الله، وحين أسترجع ما تصفينه بأنه مشاكلك الآن (أنني كثيرة التكلم مع نفسي حيث أعيد الحوارات التي أجريها مع الناس، وعدم التركيز وكثيرة السهو والتفكير بدون هدف وكثيرة التردد حيت أجد صعوبة كثيرة في اتخاذ القرارات البسيطة في حياتي) فكثرة الكلام معه النفس واسترجاع الأحداث والتفكير دون هدف أحد أشكال الوسوسة في الوسواس القهري وتسمى بالتفكير الاجتراري Obsessive Ruminations وهي في نفس الوقت أحد أشكال أحلام اليقظة التي قد تمثل وسواسا قهريا، مثلما قد يمثل الإغراق فيها إلى حد تصديقها أيضًا عرضًا من أعراض الفصام، ونفس الكلام ينطبق على التردد فقد نراه علامة على الوسوسة وقد نراه علامة على الفصام، ولعل أوضح ما في حالتك ويشير إلى كونها شكلا بسيطا من أشكال الفصام هو استجابتك لعقار مضاد للذهان.
كم آلمني أن يكون طبيبك المعالج من نوع الطبيب النفسي الكيميائي الذي يمثله معظم أطبائنا النفسيين مع الأسف، في حين يحتاج المريض النفسي بشدة إلى من يسمعه وإلى برنامج علاج نفسي واجتماعي جنبا إلى جنب مع العلاج العقاري، والحقيقة أن التدخل العلاجي متعدد الأوجه هو الأسلوب الأنجع في علاج حالات الفصام، وبلادنا ومجتمعاتنا التي يفترض أنها مجتمعات تراحمية حسب ثقافتنا مع الأسف تكاد تفقد تلك الميزة أو تلك التي أحسبها فضيلة وفريضة وهي أن يكون لكل المجتمع دور في علاج أفراده ولكل فرد دوره في علاج آفات المجتمع بما في ذلك الأطباء النفسيون، ولكن للأسف نجد أن معظم الأبواق التي يتحدث منها المهتمون بعلاج الاضطرابات النفسية معظمها لا تحمل للناس إلا كلاما عن العقاقير.
وليس هذا تقليلا من شأن دور تلك العقاقير من جانبي، بل العقاقير من أهم دعائم علاج تلك الحالات، وإنما أقصد التنبيه إلى أهمية التدخل العلاجي النفسي الاجتماعي وإلى أن وصول مجتمعاتنا إلى الصورة التي تنزلق إليها مع العولمة قد يفقدنا ميزةً ما تزال بقاياها بيننا تجعل المآل المرضي لحالات الفصام في بلادنا أفضل منه في الدول الأغنى والأعلى على سلم التقدم العلمي.
والحقيقة أنني طبقًا للانطباع الذي وصلني عن حالتك أتخذ موقفا قد يكون مفاجئًا بالنسبة لك فبينما تقولين أنت بأنك نادمة لأنك ربما تسرعت بالرجوع إلى طبيبك وأخذ العقار مرة أخرى، وأرى أنا أن طبيبك النفسي ربما تسرع –غالبا تحت إلحاح منك- بأن أوقف لك العقار حتى ولو بشرط محاولة للاعتماد على النفس طبقا لعبارة الطبيب كما قلت، فالحقيقة أن إيقاف العقار يجب أن يسبقه كثير مما لا أحسب أحدا من الأطباء النفسيين يستطيع فعله في دقائق خمسة يسأل فيها أسئلة محددة.
معنى هذا يا أختي أنك إن لم يتوفر لك من يقدم لك العلاج النفسي الاجتماعي والمعرفي والدعم المستمر فلا أنصح بقطع العقاقير، على الأقل قبل أن تكملي المراحل الحرجة في حياتك كأن تلتحقي بعمل أو أن تتزوجي وغير ذلك.
أما محاولة الاعتماد على النفس تلك ودون علاج مناسب فأراها في منتهى الخطورة، وأنا أقول ذلك رغم إقراري بأن عباراتك في هذه المرة منظمة وقدرتك على إيصال ما تريدين أفضل كثيرا من المرة السابقة.
وفي النهاية أنصحك بألا تخافي من العقاقير النفسية، وفي نفس الوقت ألا تفرِطي في الاعتماد عليها وحدها في مجابهة المرض اتقاءً للتعب فلابد من العلاج النفسي المعرفي الاجتماعي كما بينت لك، هداك الله ووفقك وأنعم عليك بالشفاء وأنا في انتظار أخبارك الطيبة.
ويتبع>>>>>>>>>> : مرة أخرى بين الوسوسة والفصام م1