السلام عليكم،
أشكر لكم جهودكم الجبارة التي تسعى لحل مشاكل الشباب العربي، الذي امتلأ رأسه تفاهات وخرافات.
مشكلتي ببساطة أن هناك شخصا مزعجا داخل رأسي، يتكلم ويغني ويلح في بعض الأحيان لدرجة تصيبني بالجنون، أقوم كل يوم صباحا، فأجده يغني، كنت أظن في البداية أنني سمعتها بالأمس، واليوم رأسي يرددها بشكل طبيعي، ولكن هذه المشكلة تحدث معي يوميا، كل يوم أستيقظ لأسمع ذلك الشخص يغني، ويا ليته يغنيها كاملة، بل إنما هو مقطع واحد، مدته لا تزيد عن الثانيتين، يرددها ويرددها ويرددها، لدرجة تصيبني بالقرف، قد يكون بيتا شعريا أو نشيدا، لم أسمعه كثيرا، أو لربما سمعته مرة واحدة، وهو يتردد في رأسي، وإن كنت أعتبره بيتا شعريا غبيا، أو أغنية سخيفة.
هذا صباحا.. أما خلال النهار فأفكار أخرى؛ مثلا أنت أحمق، أنت أحمق، أنت أحمق... وتظل هذه الفكرة، ثم فكرة أخرى، بعضها يمدحني وبعضها يذمني، بل وفي بعض الأحيان يتكلم أصدقائي في موضوع، وتأتي على رأسي فكرة سخيفة، أو رد غبي، وأنا أعرف أنه قد يكون علي وليس لي، ولكن يلح علي ذلك الشخص، قلها، قلها، قلها، قلها، قلها، قلها، حتى أقولها، وينتهي الوضع بأن أكون وضعت نفسي في وضع محرج أو...
لم أكن أعاني من هذا كثيرا، ولكن منذ 4 سنوات تقريبا، مرت في منزلي أيام سوداء، قدر فيه رزقنا وتداينا لكي نكمل حياتنا، في تلك الفترات كنت أبكي لوحدي لفترات طويلة، وزاد حقدي على أبي لأنه سبب ما نحن فيه، بسبب قراراته الخاطئة، وكانت الفكرة الوحيدة التي تمر في رأسي هي: أنت فقير، أنت فقير، أنت فقير، أنت فقير، أنت فقير؛ حتى كرهت الفقر، وكرهت نفسي، وكرهت الفقراء، بدون أي سبب!!
والآن أحاول أن أحفظ القرآن، ولكن عندما أنتهي من حفظ جزء معين من القرآن بشكل صحيح وأسمعه، وأتأكد من حفظه أعود لنفسي وأقول: عد وسمع، فإنك نسيت جزءا من حفظك، فأعود وأسمّع، وأسمّع، وأسمّع، وأنت تعلم كم هذا مضجر.. طبعا، أنت أدرى بالأفكار التي تخطر على البال، والتي لها علاقة بالدين، ولقد خطرت وألحت على رأسي، وأخجل أن أذكرها هنا..
لا أدري يا دكتور ما الذي يحصل، كنت أظن هذا عاديا ويحصل مع أي شخص، ولكنني أدركت خطئي عندما تكلمت مع شخص أثق به عن هذه الأفكار، وقال لي إن هذا ليس طبيعيا، فكتبت لكم هذه الرسالة، لا أدري ما الذي يحصل؟ وهل هذا هو الوسواس؟ وهل من علاج؟ وهل هو مكلف؟
حالتي المادية سيئة، وأنتم أول من ألجأ إليه قبل أمي وأبي.. وجزاكم الله خيرا؛ لأنكم نورتم أبصارنا وبصائرنا، وحللتم مشاكل شبابنا، مهما كانت صغيرة أو تافهة في نظر بعضنا،
وجعل الله هذا في ميزان حسناتكم، وجزاكم خيرا في الدنيا والآخرة،
آمين.
15/3/2007
رد المستشار
الابن أو الأخ العزيز (فنحن لا نعرف عمرك لأنك لم تذكره لنا) ونخمنه حول العشرين والله أعلم.
ومثلما لم تذكر عمرك لم تذكر لا بلدك ولا مستواك التعليمي ولا جنسك، حتى إنما استنتجنا أنك ذكر من خلال حديثك عن نفسك، ولا نعرف أيضا هل أنت طالب في مرحلة الدراسة أم أنهيت تعليمك؟ وهل تعمل، أم مثلك مثل كثيرين؟ وكأن الحيرة التي تنتاب الطبيب النفسي عندما يقرأ كلماتك ينقصها أن تزيدها أنت إبهاما بإغفالك ذكر تلك المعلومات المهمة، على أي حال يبدو أن علينا أن نعلم بعضنا ماذا يجب أن يقال للمستشار النفسي خاصة إذا كانت الاستشارة إلكترونية كما هو الحال الآن، وليتك قرأت شروط إرسال الاستشارات إلى مجانين.
أهلا بك أينما وكيفما كنت على أي حال، وشكرا على ثنائك الطيب، وأعود إلى الحيرة التي ذكرتها، وأذكر لك سببها؛ فقولك إنك تسمع ذلك الشخص في وعيك يستلزم من أي طبيب نفسي أن يستفهم منك أكثر عما تقصده بأنك تسمع؛ فهل أنت تسمع صوتا في أذنيك مثلما تسمع صوت صديقك مثلا وهو يكلمك؟ أم أنك تقصد بالسمع شيئا آخر؟
ثم ماذا تقصد بالإلحاح أيضًا؟ هل هو إلحاح صوتي عليك من ذلك الذي تصفه بالشخص المزعج يشعرك بأنك مدفوع لأن تطيعه؟ أم هو إلحاح فكري يشعرك بأنك مدفوع لأن تطيع الفكرة بالفعل؟
ثم هل هو شخص آخر فعلا؟ أم أنها أفكارك أنت تسمعها في رأسك وليس في أذنيك؟ هل الصوت الذي يغني ذلك المقطع الذي وصفته هو نفسه الصوت الذي يقول أوصافا مثل أنت أحمق أو أنت فقير؟ أم أنهما صوتان مختلفان؟
بعبارة أخرى:
هل العرض الذي تصفه لنا أفكار تسلطية Obsessive Thoughts (أي وساوس Obsessions) أم هي أصوات السب Insulting Voices (أي هلاوس Hallucinations)؟ والفرق كبير بين الاثنين، ويمكنك أن تقرأ ما يقودك إليه الرابط التالي لتعرف أين نقف الآن لأننا لا نعرف إجاباتك على ما سبق من أسئلة:
بين الوسواس القهري والفصام: نسخة مجانين!
مرة أخرى بين الوسوسة والفصام متابعة
ليس مجرد أنك ترى الأصوات سخيفة بكاف للقطع بأنها عرض اضطراب الوسواس القهري، فيمكن أيضا أن يكونَ الفصام؛ لأن المهم هو تحديد ما إن كان صوتا أو فكرة لأن الشائع في مرضى الوسواس القهري هو أن تكون أفكارًا وليس أصواتا، وأنت غير محدد في وصفك، فكونك تعزو الحادث معك لشخص في رأسك يشير أكثر إلى اضطراب الفصام لأن مريض الوسواس القهري يوقن تماما أن مصدر أفكاره هو عقله هو وليس شخصا آخر.
وكذلك فليس معنى ما تشير إليه بقولك: "طبعا، أنت أدرى بالأفكار التي تخطر على البال، والتي لها علاقة بالدين، ولقد خطرت وألحت على رأسي، وأخجل أن أذكرها هنا..."، ليس معنى ذلك أيضًا أن اضطرابك وسواس قهري وليس فصاما؛ لأن الأفكار الكفرية أو التجديفية (سب المقدسات) يمكن أصلا أن تحدث لكل بني آدم بما في ذلك المكتئبون والمصابون بالفصام، وكل الناس بما في ذلك من نعتبرهم أصحاء نفسيا، وإن كانت عادة ما تكون عابرة تزول بسرعة وينساها صاحبها، وأما إلحاحها فيمكن أن يحدث في مرضى الفصام ومرضى الاكتئاب وكذلك مرضى الوسواس القهري، ولعلك ترجع إلى إجابتنا السابقة الأفكار الكفرية: ذلك صريح الإيمان.
وأحسب أن معاناتك بدأت منذ وقت يسبق ما تعرضت له الأسرة من ضائقة مالية، وإنما زاد الكرب الأخير من حدة الخلل النفسي الذي تعانيه عافاك الله.
وباختصار:
أنت بحاجة إلى عرض نفسك على أقرب الأطباء النفسيين، وكن مستعدا لرحلة علاجية قد تطول، وبإمكانك أن تلجأ -في حالة ضيق ذات اليد كما تشكو- إلى إحدى العيادات النفسية الملحقة بأي من الجامعات، وعليك أن تلتزم وتتابع،
كما ننتظر منك توضيحا لما سألناك عنه من معلومات عنك وعن ذلك الشخص، وأهلا بك دائما.
ويتبع>>>>>>>: شخص داخل رأسي: بين الوساوس والهلاوس مشاركة